الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أوضاع المسلمين ليست بخير!

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّـهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّـهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعداً عَلَيهِ حَقّاً فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ * التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ * ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ﴾ [التوبة: 111-113]

 

إنها بيعة العقبة الثانية التي أقام بها رسول الله e الدولة الإسلامية بهؤلاء الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، أسياد هذه الأمة أصحاب رسول الله e.

 

كانت بيعة العقبة الثانية عقداً وعهداً بين رسول الله e وبين الأنصار رضي الله عنهم، الذي أسلموا في السنة الحادية عشرة والثانية عشرة من بعثة رسول الله e، ولم تكن بيعة للدخول بالإسلام، بل كان الجميع مسلمين والحمد لله، كانت بيعة على الحكم ونصرة رسول الله e، وحمايته وتمكينه من الحكم بما أنزل الله عليه وأمره به ولنشر الإسلام والسمع والطاعة في المنشط والمكره.

 

وقد أقام رسول الله e الدولة الإسلامية في المدينة المنورة منذ أن وصلها على العقيدة الإسلامية، وجعل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي الأساس الذي تقوم عليه حياة المسلمين، وكان محور قوتهم الالتزام بشرع الله وحسن تطبيقه، وسبب ضعفهم التغشية التي حدثت لفهمهم لشرع الله الحنيف وبلبلة الثقة بالإسلام مما أدى إلى ضعف الفهم وضعف الالتزام بالإسلام.

 

وفي بيعة العقبة الثانية قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله e: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: «أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ». قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: «الْجَنَّةُ»، قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ...

 

وهذا عهد وعقد بين الله تبارك وتعالى وبين المؤمنين أن الله اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، لتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كله لله، وكلمة الذين كفروا السفلى، ولتحقيق دين الله في الأرض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

 

والله تبارك وتعالى واهب الأنفس والأموال ومالكها وله المنة والفضل، فقد كرم الإنسان وجعل له أن يختار بين الضلالة والهدى، فمن بايع وارتضى الثمن - وهو الجنة - ووفى ما عاهد الله عليه، هم المؤمنون الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة. وهذه البيعة في عنق كل مسلم ما دام يؤمن بالله ورسوله، ولا ينقض عقدها إلا بالخروج من الإسلام، ومن يريد أن يعود إلى الكفر وقد خرج منه؟

 

﴿التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ﴾.

 

هذه صفات المؤمنين الذين وفوا ما عاهدوا الله عليه وصفات من يوفي عهد الله ويخلص عبادته ونصرة دينه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

 

فحين لا تكون الدولة الإسلامية قائمة ولا الشريعة الإسلامية مطبقة، والناس لا ينعمون بحياتهم تحت ظل حكم الله، يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، وإقامة الدولة الإسلامية التي تنفذ وتطبق شرع الله تبارك وتعالى، بالرحمة والرأفة والهدى على منهاج رسول الله e، إذ إن إقصاء الشريعة الإسلامية عن تنظيم شؤون حياة الناس هو رأس المنكر ورأس كل بلاء، والدعوة لإقامة دين الله وتطبيق شرعه هو أس كل معروف ورأس كل خير.

 

أما المسلمون اليوم فهم يجمدون هذه البيعة، كمن لا يريد أن يدخل مع الله في عهد ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ...﴾ وعلماء السوء يفرغون هذه الآيات من مفهومها ومن مدلولها، ويزينون لحكام بلاد المسلمين سوء أعمالهم، ويقرونهم على إقصاء الشريعة الإسلامية عن الحكم وتنظيم شؤون حياة الناس بالشريعة الإسلامية، كمن يبيع بآخرته دنيا غيره. والمسلمون شذر مذر متفرقون ضعاف لهم أكثر من خمسين دويلة حكامها لا يحكمون بشريعة الله ولا يمتثلون لأمر الله ورسوله.

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ﴾ الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين وليس لوشائج القربى والدم، ولا لأي كان، فحين يجعل المسلمون ولاءهم لغير الله ورسوله والمؤمنين، يتسلط عليهم عدوهم ويحكمهم أشرارهم ويستحر فيهم القتل والتنكيل كما هو حاصل هذه الأيام، في بلادهم وفي غير بلادهم في فلسطين وفي العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي مصر وفي الصومال وفي ميانمار وفي أفريقيا الوسطى، لا يرقبون فيهم إلا ولا ذمة، بأيدي الكفار وبأيدي أبناء المسلمين، وذلك لعدم الإخلاص بطاعة الله سبحانه ورسوله e وتطبيق الشريعة الإسلامية وتنظيم شؤون حياة الناس بالأحكام الشرعية...

 

 عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي e أنه قال: «لتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ، عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ، تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ»

 

ومعنى الحديث وقد شبه الإسلام بسلسلة ذات عرى متداخلة ببعضها بعضاً يصعب فكها، وشبه الفك بالنقض الذي يحتاج إلى مجهود، ويبدأ النقض (الفك) بعروة الحكم بإقصاء الشريعة الإسلامية عن الحكم، والحكم هو المظلة الحامية للمسلمين، وهو القوة التي تمثل المسلمين وترعاهم، فإذا ذهب الحكم بما أنزل الله يكاد يذهب الإسلام ويصبح ضعيفا لا شوكة له ولا حامي ولا معين، وقد استمر الحكم بالشريعة الإسلامية إلى أن أبعد السلطان عبد الحميد الثاني عن الحكم رحمه الله، ولم تعد أيٌّ من بلاد الإسلام تحكم بما أنزل الله، مع أن الحكم بما أنزل الله من مقتضى الإيمان بالله ورسوله، ومن واجب المسلمين الحكم بشريعة الله، والحذر من مخالفة أمر الله ورسوله والحكم بالقوانين والأنظمة الوضعية، لقوله تبارك وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [النساء: 65]. وقوله أيضا: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 49-50].

 

ويقف نقض عرى الإسلام عند الصلاة وهي آخر حصن (عروة) يحتمي فيه المسلم، فإذا تركها أو نقضها فهو في خطر. والتمسك بالصلاة وأداؤها على وجهها، كفيل بإعادة تمسك المسلم والالتزام بالإسلام، فالحكم بما أنزل الله فرض كفرض الصلاة، لا بد من الانتباه للصلاة والحكم لأنهما السياج الحامي للمسلم والإسلام.

 

 فأوضاع المسلمون ليست طبيعية أي أنهم لا يعيشون حياة إسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية، وهذا لا يعني أن المسلمين (كفار) لا سمح الله، بل يعني أن الأنظمة والقوانين التي تطبق وتنفذ عليهم ليس لها علاقة بالإسلام، فهي قوانين وضعية رأسمالية وضعها الكفار...

 

فنظام الحكم والنظام الاقتصادي الرأسمالي الاستعماري ونظام القضاء والتبعية السياسية والسياسة الداخلية، كلها حسب النظام الرأسمالي بالإدارة الاستعمارية، وقد ترك الناس يصلون ويصومون تحت الرقابة، وترك قانون (النظام الاجتماعي) الأحوال الشخصية إلى حد ما يطبق حسب الشريعة الإسلامية، ذرا للرماد في العيون لأن المسلمين لا يتصور أن يقبلوا بالزواج على غير الشريعة الإسلامية أو أن يقبلوا بترك الصلاة، وحال المسلمين تحت الحكم الشيوعي يوضح أن المسلمين في غالبيتهم لم يتركوا الصلاة رغم البطش والملاحقة من الشيوعيين.

 

المطلوب من المسلمين هو العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، والعمل لإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بشرع الله وتوحد المسلمين وترعاهم وتحفظ دماءهم وبلادهم وتنصفهم على منهاج رسول الله e.

 

ربنا اغفر لنا إسرافنا في أمرنا وارحمنا وارحم والدينا وارحم المسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع