- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
حتمية وحدة الأمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين ومقيم صرح الإسلام العظيم محمد بن عبد الله النبي المصطفى الكريم وعلى من نهج نهجه وسار على طريقته إلى يوم الدين... أما بعد،
منذ ثمانية وتسعين عاما أُسقط درع الأمة الذي يذود عنها مكرَ الفجار وكيد الكفار بهدم دولة الخلافة العثمانية، ولا يخفى من حال المسلمين ما ترتب على فقدانهم لجُنّتهم من احتلال وتشرذمٍ حيث سقطت جل الأقطار في البلاد الإسلامية ومنها العربية في براثن الغرب الكافر المستعمر.
كما لا يخفى ما أسفر عن أفول شمسها من تقطيع لجسد الأمة الواحد تقطيعا سياسيا وجغرافيا جديدا وفق المنظور الأوروبي الذي لم يُشهد له مثيل. وما انجر عن ذلك من بسط لهيمنة أرباب النظام العالمي الجديد على كل شيء فيها ومن تقاسم للنفوذ في كافة أرجائها.
وقد سعت هذه القوى الرأسمالية الاستعمارية الكبرى إبان إحكام قبضتها إلى وضع خطط جهنمية في وجه كل نزعة تحررية لتثبيت سيطرتها وبقائها في أمة الإسلام وإدامة هيمنتها عليها والحيلولة دون تحررها بعودتها إلى دينها ووحدتها وقوتها.
ولقد نشبت انتفاضات وثورات عديدة في العالم الإسلامي لقلع الاستعمار ومجابهة الاحتلال الأجنبي الغاصب قُبيْل وبعد القضاء على دولة المسلمين من الوجود لاسترداد سلطان المسلمين المغتصَب ودحر مخططات الكفار المستعمرين، ثم ها هي أمة الإسلام اليوم في الساحات والميادين تنادي بتطبيق شرع ربها، تونس ومصر واليمن فليبيا وجرح القلب سوريا، ومن ثم السودان فالجزائر والمغرب الأقصى على الأبواب، إذ إن قطار الثورات الأخيرة الذي اجتاح المنطقة العربية مؤخرا ليبرهن أن للوعي السياسي دورا حاسما في الصراع القديم الجديد بين أمة الإسلام المغتصبة ومستعمرها.
لذلك كان السؤال الواجب الإجابة عليه هو كيف لهذه الأمة أن تلفظ الاستعمار وعملاءه؟
إن إقامة الخلافة الراشدة الجامعة لشتات المسلمين وشعثهم، المانعة لكل مكر يتربص بهم هو السبيل الوحيد لحياة أمة الإسلام من جديد حيث ستَصهر كيانات الأمة السياسية المصطنعة في كيانها الجامع الكبير تحت حكم رجل واحد، خليفة المسلمين، وهي التي ستقضي على دساتير الكفر وستتبنى دستورا إسلاميا صِرفا.
وبذلك تتخلص من كل المعاهدات الجائرة مع الاستعمار وتلغي كافة الاتفاقيات المبرمة معهم وخاصة العسكرية، وبذلك تتخلص من أذناب المستعمر وأدواته، كما ستعزل الوسط السياسي الخائن العميل وستعمل على إبطال تأثيره قلّ أم كثر وستقطع اتصاله بالغرب. كما ستقضي دولة الخلافة المرتقبة على العمالة السياسية والفكرية من خلال منع أي عمل سياسي على غير أساس الإسلام.
إن إقامة هذه الدولة هو الضامن الوحيد لعودة تمتع المسلمين بخيراتهم ومقدراتهم المنهوبة التي يمتصها الغرب اليوم.
إن دولة الخلافة هي الوحيدة القادرة على القطع مع الاستعمار وكنس عملائه وإلغاء مرسوماته وطرد شركاته العالمية الناهبة شر طردة من بلاد الإسلام، وهذا لا يتم الا بانضمام أهل القوة من الجيوش وأصحاب الموقف والإرادة إلى صفوف الأمة والاستجابة إلى تطلعاتها المنبثقة عن عقيدتها بنصر وحماية المخلصين المُعَدين لمهام الحكم والسياسة إخوانهم في حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، السائر على المنهج الرباني فنبايع خليفة من شأنه أن يجعل دولة الإسلام حاضنة المسلمين هي المتحكمة في الشأن الدولي والسياسة الدولية وهيكل علاقاتها، وهو الذي سيحرك الجيوش لتحرير الأقصى من براثن يهود الغاصبين، وهو الذي سيقتص للمسلمين في بورما وهو من سيسترد تركستان الشرقية إلى حاضنة الإسلام، إذ هو كما قال الحبيب المصطفى «جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».
وهذا ما يرعد فرائص الغرب الذي جرب الخلافة السابقة وعلم مكانتها السامقة كما أنه يعلم جيدا - دونما ريب - أنها ستقوض هيمنته السياسية والاقتصادية على العالم كله وستلقي برأسماليته العفنة وديمقراطيته الزائفة ومدنيته الخاوية إلى هاوية سحيقة بلا عودة، لذلك نجده لا يتورع ثانية في محاربتها والحيلولة دون ظهورها قدر استطاعته.
إن أمة الإسلام لا محالة إذا ما قطعت دابر القنوط والتشاؤم وأدركت أن مصيرها بيدها ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ وعملت بوعي واستنارة في الفكر نحو إقامة دولتها - الخلافة الراشدة - فإن الله لن يفردها عملها وستكون العاقبة لها بإذنه تعالى.
إن وحدة الأمة الإسلامية أضحى ريحها يملأ الأفق وإن قيام دولة الخلافة هو مسألة وقت لا غير، كما أن الاستخلاف والتمكين والعزة والسنا والرفعة آت لا مناكفة في ذلك، وإن العمل لاستئناف الحياة الإسلامية ومبايعة خليفة فرض عين في عنق كل مسلم ومسلمة يحرم التقصير فيه ويجب العمل له حتى ينزع الله الذل عنا وحتى نعود سيرتنا الأولى؛ خير أمة أخرجت للناس.
قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الطالب أحمد اللطيف
وسائط
1 تعليق
-
إن إقامة الخلافة الراشدة الجامعة لشتات المسلمين وشعثهم، المانعة لكل مكر يتربص بهم هو السبيل الوحيد لحياة أمة الإسلام من جديد