- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
تصريحات وزير الشؤون الدينية تتماهى مع الحرب على الإسلام
طالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية نصر الدين مفرح بإعداد مناهج دينية تنبذ (الغلو والتطرّف والإرهاب)، وقال في تصريحٍ لـ"باج نيوز" إنّه يعكف على تنفيذ مطلوباتٍ وطنية، أبرزها تحجيم خطابات الكراهية في المنابر، وحثّها على بث روح التعايش واحترام الآخر. وأضاف "وضعنا تصوّراً لتوحيد المرجعية الإسلامية للمسلمين عبر سلسلة من الورش والمؤتمرات، ومن ثمّ خطاب الانتقال بخطابٍ موّحد متسامح لأهل الملل، ومن ثم لمن سواهم من أهل الحضارات، لترسيخ قيم التعايش المنشود". (باج نيوز)
إن موجة تغيير المناهج بإعداد مناهج دينية تنبذ (الغلو والتطرّف والإرهاب) في بلاد المسلمين، هي موجة اجتاحت معظم العالم الإسلامي مرورا بأرض الحرمين وفلسطين ومصر وغيرها، وكانت مسؤولة مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية إلينا رمانسكي قد صرحت في العام 2003 بأنه "لا توجد فسحة من الآن فصاعدا للكراهية وعدم التسامح والتحريض، ونحن نحاول أن نعيش معا، وأي منهاج دراسي لا يسير في هذا الاتجاه يجب تغييره". وفي 2016/9/20 عقدت اليونيسكو مؤتمراً لمنع التطرف العنيف، من خلال التعليم، بالتعاون مع معهد "المهاتما غاندي" للتعليم من أجل السلام والتنمية المستدامة في نيودلهي، وكان من مخرجاته أنه (لا بد من معالجة مسألة تغيير المناهج التربوية في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى التي تشهد ازدهارا للأفكار المتطرفة بعقلانية ووعي).
كلام وزير الشؤون الدينية يتماشى مع تصريحات أعداء الإسلام ويوحي أن هناك تطرفا وإرهابا في المناهج الدينية القديمة، كأنما جيء به ليكنس المناهج الدينية من مؤثرات (التطرف)، ومن كل ما يشجع على (الإرهاب) والعنف، فما هي حقيقة هذا (التطرف والإرهاب) والعنف؟
إن عبارات، التشدد والتطرف، والتعصب والإرهاب، والأصولية، غالبا ما تساق ليوصف بها المسلمون حتى باتت كلمتا (الإرهاب والتطرف) رديفتين للإسلام، وبات التزام المسلم بأحكام دينه يجعله موصوما بالإرهاب، وكل من يرفض الحضارة الغربية بكل أشكالها ويعمل على أن يكون الإسلام وحده ديناً وتشريعاً وقانوناً في بلاد المسلمين، هو أبو الإرهاب! في مقابل ذلك أطلقوا عبارات أخرى مثل الاعتدال والوسطية، والتساهل والتسامح، والمرونة وتقبل الآخر، والديمقراطية، واحترام رأي الأغلبية...، وغالبا ما تساق هذه العبارات ليوصف بها المسلمون ممن يحملون الدعوة إلى الحضارة الغربية، ويقبلون بها بديلاً عن الإسلام، ولا يضيرهم أن يفصل الدين عن الحياة وأن يحكم بنظام الحكم الديمقراطي الرأسمالي.
لذلك تعد دعوة الوزير لمناهج دينية متسامحة وغير متطرفة، وتنبذ الإرهاب هي دعوة تأتي في سياق الحرب العالمية على الإسلام والمحاولات المستمرة لوصمه بـ(الإرهاب والتطرف)، وتصويره على أنه دين يشجع على العنف والقتل وسفك دماء الأبرياء، وكان الأولى بوزير الشؤون الدينية أن يقيم الحجة على كل العالم ويبرهن أن الإسلام دين لا يحتاج إلى تعديل ولا إلى تغيير، وأنه الحق المطلق من عند رب العالمين.
ولعمرى إنه لجحر الضب الذي حشر فيه من سبق من دويلات سايكس بيكو لتعديل المناهج الدينية؛ ففي مصر تم حذف بعض الآيات والأحاديث بحجة أنها تشجع على (التطرف والإرهاب)! وحذفت بعض الدروس التي تتحدث عن الصحابة وشخصيات من التاريخ الإسلامي بحجة أنها تحرض على العنف والتطرف، حيث حذف درس القائد صلاح الدين الأيوبي للصف الخامس الابتدائي، وحذفت ستة فصول من قصة عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي، بدعوى تنقيح المناهج من كل ما يحرض على العنف والتطرف، كما تم حذف فقرات تتهم كيان يهود بــ (الإرهاب)... والمقام لا يتسع هنا لذكر أمثلة من كل الدول التي حصل فيها تغيير في المناهج.
أما تكريس مفهوم التعايش السلمي، والترويج للروابط الوطنية فهدفه ضرب الرابطة العقائدية الإسلامية التي تفرض الانتماء إلى أمة الإسلام التي لا تعترف بأي انتماء غيرها ولا تقبل بالحدود التي خطها الاستعمار.
كان يجب على الوزير المدافعة عن رابطة العقيدة الإسلامية، ويعلنها لكل العالم أنه لا يمكن انتزاع العقيدة الإسلامية من نفوس وعقول المسلمين، وأن يعمل لتعزيز هذه الرابطة المقدسة بكل وسيلة وأسلوب.
أما ما ذكره الوزير عن منابر التعايش واحترام الآخر، وتوحيد المرجعية الإسلامية لخطاب متسامح مع أهل الملل والحضارات، لترسيخ قيم التسامح، فإن ذلك يعارض الحقائق الشرعية والواقعية.
فالصراع بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، هو صراع دائم ومستمر إلى يوم الدين، قال تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217]. ففي هذه الآية إخبار من الحق سبحانه وتعالى عن استمرارية الصراع، ودوام عداوة الكفار للمسلمين، وأن هؤلاء الكفار لا ينفكون عن هذه العداوة حتى يردوا المسلمين عن دينهم. وهذا أيضا يدلل على حتمية الصراع، وقوله تعالى: ﴿إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾ فبعد أن أخبرنا الله جل وعلا، عن دوام عداوة الكفار لنا أتبع ذلك بقوله: ﴿إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾ وهو استبعاد لاستطاعتهم، وإيذان بأنهم لا يردون المسلمين عن دينهم، وفي هذا بشارة بانهزام الكفر وأعوانه.
إن مرد دعوة التعايش والتسامح في هذا المقام يتزامن مع إعلان الدولة المدنية، نظاما للحكم في السودان والتي تتبنى دستورا يعبر عن قيم ومعتقدات وأعراف المواطنين، وفي اكتساب الحقوق على أساس المواطنة، وعدم التمييز بين المواطنين لا بسبب الدين أو المذهب أو الطائفة أو الثقافة أو العرف، وفي كفالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واحترام التعددية والتنوع، وهي دعوة صريحة لعلمانية الدولة.
وكان لزاما على وزير الشؤون الدينية أن يدعو لنظام الحكم في الإسلام باعتباره الحق المبين، فالغاية من إنزال الكتاب هي تطبيق الحاكمية، لذلك لا ينبغي أن يحكم إلا بشرع الله.
وعلى هذا فالمواطنة ستحلّ محل الدين في صياغة التصورات والأفكار وإقامة العلاقات في السودان، ومنها تستنبط القيم والسلوك والعادات، وعلى أساسها تحدد الحقوق والواجبات بعيداً عن الدين أو أي فكر أو ثقافة تعارض هذه الفكرة، حيث يُعمل على إذابة كل الأفكار والانتماءات العقائدية والعرقية... فهل أدركنا خطر ما يدعو له وزير الشؤون الدينية؟! رغم أن المواطنة ليست فكرة ينبثق عنها نظام، ولذلك سيكون النظام الذي ابتدعه الغرب الكافر وجعله ديناً يفرضه على الشعوب والأمم، هو النظام الذي يدعو له وزير الشئون الدينية، وهو الديمقراطية الرأسمالية!
فليرعوِ وزير الشؤون الدينية في السودان ويَثُبْ إلى رشده، ويترك تصريحاته المبطنة بالعداء للإسلام، والترويج للروابط الفاسدة، والدعوة إلى تعميمها في المناهج والمنابر.
كتبته لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار – أم أواب
وسائط
1 تعليق
-
جزاكم الله خيرا في ميزان حسناتكم ان شاء الله