الخميس، 24 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

شعار "الموت لأمريكا والموت لـ(إسرائيل)" في الميزان

 

لقد حاول الغرب وعملاؤه من المفتونين بالحضارة الغربية طمس بعض المفاهيم والحقائق الشرعية التي تجعل الأمة الإسلامية تنطلق من إيمانها معتزة به في معترك الحياة، عاملة بما يمليه عليها الشرع في وضوح من الفهم لما طلبه منها ربها سبحانه وتعالى، إلا أن الغرب وعملاءه حاولوا حرف ذلك الفهم وطمس تلك الحقائق حتى تظل الأمة الإسلامية متخبطةً تائهةً، بحيث لا تفكر إلا كما يريد الأجنبي ولا تفهم الإسلام إلا بما يتفق مع حضارته ونظرته للحياة.

 

ومن هذه المفاهيم والحقائق التي سعى الغرب لطمسها وسخر لها من عملائه من يتقن فن الخداع والتضليل مفهوم الجهاد، فقد استبدلوا مصطلحا الممانعة والمقاومة بمصطلح الجهاد، وشتان شتان بين المقصود الشرعي للجهاد الذي أمر الله به وهو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله ودحر المحتلين وتطهير بلاد المسلمين منهم، وبين مقاومة وممانعة لا تعني مطلقا إزالة المحتل كلياً - ككيان يهود مثلاً - بل تكتفي بعدم التطبيع معه ومنعه من أخذ المزيد من بلاد المسلمين، ورضيت جل الجماعات المسلحة إن لم يكن كلها ونقصد الإسلامية منها، رضيت بهذه المصطلحات كي لا يقول عنها الغرب ومنظمات حقوق الإنسان، إن هي نادت بالجهاد - كمصطلح شرعي قرآني من منهاج النبوة - أنها جماعات دينية أصولية متطرفة لا تؤمن بالتعايش مع الآخر!!

 

وهذه هي الهزيمة بعينها، فمن يقبل التنازل عن المفاهيم الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة، واستخدام تلك المصطلحات التي لا تؤدي المعنى الشرعي على أكمل وجه إرضاءً للغرب ومسايرة له فهو منهزم، ولو صرخ بأعلى صوته مدعيا البطولات.

 

وهاكم أيضاً شعاراً تصرخ به إيران منذ قيام النظام الجمهوري الغربي فيها وعممته على جماعاتها وأحزابها وهو شعار "الموت لأمريكا والموت لـ(إسرائيل)"!

 

إن هذا الشعار لم يأت مصادفةً ولا بحسن نية، بل هو شعار مصنوع بعناية لحرف أنظار الأمة عن الإجراء الصحيح ضد كيان يهود وضد كل مستعمر أجنبي لبلاد المسلمين؛ فمع ادعاء هؤلاء وخاصة الحوثيين في اليمن بأن مسيرتهم قرآنية وشعارهم قرآني إلا أنهم لا يستطيعون أن يبرهنوا على صحة ذلك الشعار الذي كان الأصح أن يكون معبراً عن موقف شرعي عملي لا مجرد شعار، أليس المطلوب شرعاً من المسلمين حين يحتل الكفار بلادهم القيام بالجهاد الشرعي وهو القتال لدحر ذلك الاحتلال وذلك الاستعمار؟ والدعاء بالموت لا يعبر عن ذلك الموقف الشرعي العملي بل يفرغه من محتواه ويضلل عنه، فلماذا لم يقل هؤلاء في شعارهم "الجهاد ضد أمريكا أو الجهاد ضد (إسرائيل)"؟!! هذا إن كانوا ينطلقون من الإسلام ومفاهيمه القرآنية، وقد صرح بعض قادة إيران وبعض قادة هذه الجماعات أيضاً أن هذا الشعار ما هو إلا مجرد شعار مرحلة ولا يعني إعلان الجهاد ولم يقتل أمريكياً ولا (إسرائيلياً).

 

بينما نسمع إعلام هؤلاء الذين يقاتلون في سوريا أو في اليمن أو في العراق ونراهم يقاتلون المسلمين فإن إعلامهم يصم آذاننا بمصطلح الجهاد وينزل آيات الجهاد على من يقاتلونهم، في الوقت الذي لا يجرؤون فيه على استخدام هذا المصطلح في شعارهم ضد أمريكا وكيان يهود.

 

ثم لو دققنا في شعارهم "الموت لأمريكا الموت لـ(إسرائيل)" نراهم يصفون به دولتين، أي أنهم يعنون دولة أمريكا ويدعون عليها بالموت، وبالتالي نفهم من ذلك ماذا يقصدون من شعارهم الموت (لإسرائيل) أي دولة (إسرائيل).

 

وهذا الشعار يعني أنهم يعترفون أن كيان يهود الغاصب أصبح في واقعه دولة شرعية مثله مثل أمريكا، وهو وإن سلمنا جدلاً أنه في واقعه دولة، إلا أنه عند المسلمين دولة غير شرعية، لأنها دولة قائمة على ما اغتصب من بلاد المسلمين وهي فلسطين، وقد نتجاوز عن ذلك تنزلاً حيث يمكن أن توضع كلمة (إسرائيل) بين قوسين احترازاً من شرعنة ذلك المصطلح وحتى يظل ممقوتاً عند المسلمين، مع أن الأولى أن يقال كيان يهود فـ(إسرائيل) ليست دولة حقيقية وهي أشبه بقاعدة عسكرية حيث تستمد وجودها وقوتها من الغرب الكافر وعلى رأسهم أمريكا.

 

وفي الأخير: إلى من أصبح لديهم هذا الشعار ديناً يصرخون به آخر الخطب بشكل جماعي مع الخطيب في المساجد، بحجة البراءة من الكفار وكأنهم لم يجدوا في القرآن الكريم آياتٍ يتبرؤون بتلاوتها آخر الخطبة من الكفار أجمعين؟! أو كأنهم يعلّمون الأمة كيفية البراءة من الكفار ويعتبرون ترديد شعارهم هذا فرضاً يميز بين الموالي للكفار والمتبرئ منهم؟! مع أن رسول الله e وآل بيته عليهم السلام وصحابته الكرام رضوان الله عليهم لم يفعلوا ما يفعلون، فلماذا يبتدعون ومن يتّبـعون؟!

 

ومن التناقض المخزي أنهم يوالون روسيا الكافرة ويباركون جرائمها بحق المسلمين في الشام ويشرعنون لتدخلها الإجرامي هناك ويشكرونها عليه ويقولون إن تدخلها هو لنصرة الحق! ولم يبق إلا أن يصفوا قتلاها بالشهداء وعليهم يترحمون؟! بينما يسمون تدخل غيرها في بلاد المسلمين عدواناً؟! وهذا من فضح الله لهم لو كانوا يعلمون.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المؤمن الزيلعي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع