- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيهما أحق بالاتباع
دستور أسس على تقوى من الله أم على أهواء الرجال؟!
جاء في كتاب نظام الإسلام لمؤلفه الشيخ العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى، أن كلمة القانون اصطلاح أجنبي ومعناه عندهم الأمر الذي يصدره السلطان ليسير عليه الناس، وقد عرّف القانون بأنه (مجموع القواعد التي يجبر السلطان الناس على اتباعها في علاقاتهم)، وقد أُطلق على القانون الأساسي لكل حكومة كلمة الدستور. وقد عرّف الدستور بأنه القانون الذي يحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها ويبين حدود واختصاص كل سلطة فيها. أو هو (القانون الذي ينظم السلطة العامة أي الحكومة ويحدد علاقتها مع الأفراد ويبين حقوقها وواجباتها قِبلهم وحقوقهم وواجباتهم قِبلها).
والدستور في الدنيا له مصدران لا ثالث لهما؛ إما من البشر ويتم وضعه من قبل البرلمانيين المشرّعين، ويؤخذ من العادات والتقاليد، أو من رب البشر.
كشف وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري، عن إعداد كافة المستندات المهمة لصياغة دستور البلاد بما في ذلك تجهيز قانون لصياغته ينص على الأحكام المنظمة لصياغة دستور ناجح، وقال عبد الباري في ورشة حول الانتقال الديمقراطي التي نظمها التحالف الديمقراطي للعدالة بنادي الشرطة، إن الاستراتيجية القانونية جاهزة وفي طور المراجعة وسيتم طرحها للمواطنين ومناقشتها بكل الولايات دون خوف. وأشار إلى أن الدساتير السابقة لم تكن ملزمة لأي شخص لأنها كتبت بواسطة أفراد ومجموعات.
والآن للأسف كل دساتير البلاد الإسلامية لا تقوم على أساس عقيدة الإسلام العظيم ولا تمت لها بصلة رغم أن غالبية أهلها مسلمون ويتحرقون ويتشوقون لتطبيق أحكام دينهم! فعلى سبيل المثال، هناك دول ذات أغلبية سكانية من المسلمين وتنص دساتيرها على أن الدولة علمانية ديمقراطية أو على أنها دولة محايدة دينياً ليس لها دين رسمي، وهذه الدول: كتركيا، السنغال، ألبانيا، بوركينا فاسو، كوسوفو، مالي، أوزبيكستان، تشاد، غينيا - كوناكري، قرغيزستان، كازاخستان، أذربيجان، بنغلاديش، طاجيكستان، تركمانستان. ولكن يحول الكافر بمعونة حكام المسلمين دون تطبيق نظام ينبثق من عقيدة الإسلام العظيم، والنبي عليه الصلاة والسلام قدوتنا وضع أول وثيقة كانت بمثابة دستور عندما أقام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة وجاء الخلفاء من بعده وتبنوا من الأحكام ما يلزمهم في تسيير أمور الدولة.
عندما كان دستور هذه الأمة الكريمة مستنبطاً من كتاب ربها وسنة نبيها عليه الصلاة والسلام وكانت تسير على منهج الله تعالى، كانت أمة عظيمة الشأن مهابة الجانب تأمر فتطاع، تعيش استقراراً وطمأنينة في كل مجالات الحياة، كيف لا وهي تحكم بكتاب ربها الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم خبير. متسيدة الأمم وقائدة لها، تجوب العالم حاملة هذا الخير لتنشره وتخرج الناس به من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، وكانت قبلة للعلم والعلماء، تملك الجامعات العريقة التي خرّجت العباقرة الذين ما زالت مؤلفاتهم تدرس إلى يومنا هذا، وكانت وجهة لكل الناس ترعى شؤونهم، بل كانت عوناً للدول فيستغاث بخليفتها لحل المشكلات العضال، دولة إنسانها عزيز يعمل له ألف حساب.
ولكن عندما أُزيح هذا الدستور من سدة الحكم بهدم الدولة الإسلامية دولة الخلافة وبعد أن قضى عليها المتأسلم مصطفى كمال مجرم العصر أصبحنا أمة مفعولاً بها، في ذيل الأمم، تنقاد لأرذل خلق الله كحاطب الليل، لا تدري تأخذ أحكام دستورها من هذا أو من ذاك! وكلها مصدرها عقول البشر الناقصة، وأصبح التخبط من أهم السمات التي تميزنا. وأصبح للكافر علينا سلطان نأخذ منه ونسير في ركابه كالذي يتخبطه الشيطان من المس، فزج بنا في غياهب النظام الرأسمالي العلماني الذي بنيت عليه كل دساتير البلاد الإسلامية، وصار للكافر سلطان عليها، دستور علماني نقل هذه الأمة من العزة والسؤدد والغنى إلى الذل والفقر والصغار والتبعية، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾.
ولن تعود لهذه الأمة مكانتها وعزتها وسؤددها إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله دستوراً ونبراساً يهتدى به.
ولكي نطلق على أي دستور أنه إسلامي لا بد أن يشتمل هذا الدستور على قواعد أساسية وهي:
- العقيدة الإسلامية وحدها هي أساس الدولة في كيانها وأجهزتها ومحاسبتها.
- السيادة للشرع لا للشعب.
- السلطان للأمة، تُنيب بعقد البيعة عنها رجلاً عدلاً "خليفة للمسلمين" يطبق عليها الإسلام، ويحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد.
- نصب خليفة واحد فرض على المسلمين.
- خليفة المسلمين يتبنى أحكاماً شرعية بقوة دليها، لا بالأغلبية، يسنها دستوراً وقوانين.
وقد أعد حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله وقلب الأمة النابض مشروع دستور مكون من 191 مادة، لدولة الخلافة، نضعه بين أيدي المسلمين - وهم يعملون لإقامة دولة الخلافة، وإعادة الحكم بما أنزل الله - ليتصوروا واقع الدولة الإسلامية، وشكلها وأنظمتها، وما ستقوم بتطبيقه من أنظمة الإسلام وأحكامه.
وهذا الدستور هو دستور إسلامي، منبثق عن العقيدة الإسلامية، ومأخوذ من الأحكام الشرعية، بناء على قوة الدليل، وقد اعتُمِدَ في أخذه على كتاب الله، وسنة رسوله، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي.
وهو دستور إسلامي ليس غير، وليس فيه شيء غير إسلامي، وهـو دسـتـور ليس مختصاً بقطر معين، أو بلد معين، بل هو لدولة الخلافة في البلاد الإسلامية، بل في العالم أجمع، باعتبار أن دولة الخلافة ستحمل الإسلام رسالة نور وهـدايـة إلى العالم أجمع، وتعمل على رعاية شؤون الناس، وتطبيق أحكام الإسلام.
وإن حزب التحرير يقدّم هذا المشروع إلى المسلمين، ويسأل الله أن يكرمهم، وأن يعجّل بتحقيق غاية مسعى المؤمنين في إقامة الخلافة الراشدة، وإعادة الحكم بما أنزل الله، ليوضع هذا المشروع دستوراً لدولة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله تعالى.
﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان