- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخلافة حقيقة ربّانية وليست فكرة خيالية يا فيصل!
عندما أرسل الله لنا محمداً e بدين الإسلام وأرسل معه كتابه وهو القرآن آمنّا به وصدّقنا تصديقا جازما بما فيه، ومما أخبرنا به عزّ وجلّ في كتابه على لسان نبيّه بأن اﻻستخلاف سيكون للذين يُستضعفون، وبأنّهم سيرثون الأرض بعد أهلها، وسيمكّن لهم دينهم الذي ارتضاه لهم، وليس هناك غير دين الإسلام سيُمكّن له في الأرض، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. [النور: 55]
عندما سمعنا كلام الله لنا وصدّقنا به قمنا بكل صدق وأمانة ندوس الصعاب ونشق الأمواج وننحت لنا طريقاً بين الصخور ونهدّ الجبال هدّاً بعزائم ﻻ تكلّ وﻻ تملّ، نعمل لإيجاد تلك الحقيقة وعيوننا إلى السماء تنتظر الوعد الذي وعدنا به ربنا وربك في كتابه الذي ﻻ يأتيه الباطل بين يديه وﻻ من خلفه، تنزيل من حكيم خبير.
إننا نرى من تعدهم أمريكا بالتمكين لهم وتنصيبهم حُكّاما خدما لها، فتجدهم ﻻ يكلّون وﻻ يملّون يقتلون الناس وينتهكون الأعراض ويدنّسون المقدسات، يهلكون الحرث والنسل، مقابل وعد كاذب ومزيف مملوء بالدمّ! من شرذمة بشرٍ ملكوا المال والقوة، ومع ذلك يعملون بكل طاقتهم لتحقيق وعد بشري.
إن الوعد الذي نعمل من أجله هو وعد من الله تعالى، مسطّر في كتابه العزيز، نقرأه كل يوم، بل إن أحدنا ينام ليلا وهو عنده أمل أن يستيقظ على وعد الله لنا بنصره وقيام سلطانه، فإن كنت غير مصدق فاقرأ كتاب الله العزيز الحكيم، لعلك تحجم عن تقديم قول العلمانيين والغربيين على قول الله ووعده!
إن تحقيق الوعد لا يتطلب منّا إﻻ إيماناً بالله وبكل ما أخبرنا به في كتابه، وعملاً صالحاً يتوافق مع ما وعدنا به، فنحن نصدّق قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: 5-6]، ونصدّق قوله رسوله الكريم e: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر بادية وحاضرة إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر»، ويقول e أيضا في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره من أئمه الحديث «..ثم تكون خلافة على منهاج النبوة..» هذه الأدلة وغيرها كثير ذكرت وعد الله لنا بالتمكين، هذا وأذكرك يا د. فيصل كم من الحضارات والأمم التي حاربت الحق أزالها الله ودمّر عروش حُكّامها، ومكّن للمستضعفين واستخلفهم في الأرض، يا د. فيصل أين عاد وإرم ذات العماد، وأين ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، أين فرعون وهامان، وأين السلاطين التي كانت تجوب الأرض طوﻻً وعرضاً، ألم يهلكهم الله ويمكّن للمستضعفين في الأرض من بعدهم؟ لعلك تقول هذا في زمن الأولين، أذكرك أين ابن علي الذي أغلق المساجد وحارب دين الله؟ في أي شارع يعيش ينتظر مصيره الذي لن يجد مفرّا منه، أين مبارك والقذافي الذي أعدم دعاة الخلافة أمام طلابهم، لقد مات شرّ ميتة! وقد أبصرته ليريك الله آياته في إنهاء وجود الطغاة ودكّ عروشهم، كما أبصرنا جميعاً جسد فرعون الذي نجّاه الله من الغرق ليكون آية وعبرة لمن يعتبر، فقال عز وجلّ: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.
من هي أمريكا والغرب أمام تلك الشعوب والأمم التي أزالها الله تعالى، يا د. فيصل؟ والله لوﻻ الخيانات والعمالة من حكّام المسلمين وأبواقهم من الإعلاميين والكُتاب وعلماء السلاطين لما رأيت لأمريكا وأوروبا أثراً، إن أبقاك الله حيّا سترانا نجول عواصم الغرب وديارهم نبحث عن كلّ من آذى المسلمين، وسترى راية العزّة والرحمة ترفرف فوق عواصم من تدافع عنهم، وكأني أنظر إليك وقتها وأنت تعضّ أصابع الندم ولا تجد حولك بريطانيا أو قطر أو حتى أمريكا.
وأخيراً أتوجه إليك بنصيحة، قبل فوات الأوان: قدّم في مقالٍ وفي برنامجك اعتذارا للأمة عن الخطأ الذي ارتكبته، لكي تجد لك حُجّة تُحاجج بها الأمة لكي تعفو عنك، ها أنا أقول إن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ علي الدقس (أبو مصعب)