- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
بل أكبر خدعة في التاريخ هي أن دولتكم دولة الشريعة والحكم بما أنزل الله!!!
في سلسلة من التغريدات على صفحة عيسى الغيث الرسمية على موقع التواصل الإلكتروني تويتر (سى ان ان العربية 2016/06/26) قال عضو مجلس الشورى في السعودية، إن "الخلافة" تعتبر أكبر خدعة في التاريخ الإسلامي، وقد ألقى عضو الشورى (المبجل) الملامة على "تربيتنا في المنزل وتعليمنا في المدرسة ووعظنا في المسجد وخطابنا في الإعلام كله تلقين، ولا يقبل الحوار". ففي رأيه الذي تم تلقينه إياه "أن الخلافة بعد (الخلافة الراشدة الحقيقية)، هي مجرد (ملك عضوض أموي وعباسي) أو (احتلال عثماني) واليوم (داعش)."، ولولا الخوف من غضبة أبناء الأمة لنال لسانه وقلمه من الخلافة الراشدة الحقيقية، ولانضم لأقزام العلمانية في بلاد المسلمين الذين لم يسلم تاريخ الأمة وحضارتها وحتى إسلامها من أقلامهم المأجورة، والذين أعملوا سكاكينهم في تاريخ الأمة وشوهوه، وهاجموا تاريخ الأمة المشرق وأبرزوا ما أراد أسيادهم المستشرقون أن يبرزوه. ولقد أراد السيد عضو الشورى من أولياء نعمته أن يعمدوا إلى مناهج التعليم في مدارسنا فيشوهوها أكثر ويبينوا لأبنائنا أن الخلافة أكبر خدعة في التاريخ، وأن يطلبوا من خطباء ووعاظ المساجد التوقف عن ذكر مآثر الخلافة وعن ذكر هارون الرشيد والمعتصم وعمر بن عبد العزيز ويا حبذا لو توقفوا عن ذكر قاهري التتار قطز وبيبرس وعن محرر القدس صلاح الدين الأيوبي وغيرهم من القادة العظام في دولة الخلافة!!
يا سيد عيسى! إن أكبر خدعة في التاريخ هي أن دولتكم هي دولة الشريعة والحكم بما أنزل الله، ومن كبائر خداعكم مجلسكم هذا الذي تخدعون الناس به وتقولون إنه مجلس للشورى، وهو مجلس ليس له من اسمه نصيب وليس له صلاحيات مطلقا، أي أنه مجلس شكلي لتجميل صورة النظام، اللهم إلا أن يُسمح له بتقديم بعض المقتراحات التي يجب أن ينظر فيها مجلس الوزراء، ناهيك عن أنه مجلس معين وليس منتخبا.
أما كذبتكم أنكم دولة الشريعة فهي بحق أكبر خدعة في التاريخ، وإن كانت قد انطلت على الناس لفترة من الزمن فقد انكشفت الخدعة ولن تنفعكم مناهج التعليم ولا وعاظ المساجد وخطابكم الإعلامي الزائف؛ فقد أصبح نظامكم أوهن من بيت العنكبوت، وما هي إلا مسألة وقت ويذهب نظامكم المبتدع إلى واد سحيق، ليقوم نظام الخلافة الذي هو نظام الحكم في الإسلام الذي ارتضاه الله لهذه الأمة.
وإننا نقول للسيد عيسى: نعم إن الخلافة ما بعد الراشدة تحولت إلى ملك عضوض سواء أكانت في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني، ولكنك لم تقل لنا في أي خانة وضعت نظامكم الملكي هذا؟!، هل وضعته في خانة الملك العضوض أم الملك الجبري، إلا إذا توهمت أنه خلافة راشدة على منهاج آل سعود! لقد عدد النبي ﷺ المراحل التي ستمر به الأمة الإسلامية؛ فكانت النبوة ثم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ثم الملك العضوض الذي انتهى بهدم دولة الخلافة العثمانية والتي على أنقاضها أقام الغرب الكافر دول الضرار تلك في بلاد المسلمين ومن ضمنها دولتكم التي حاربت الدولة العثمانية بمعونة الإنجليز وخرجت على خليفة المسلمين وحاربت المسلمين بحجة أنهم أهل بدع وشرك، وولغت في دمائهم واستباحت حرماتهم... ولتراجع كتابكم تاريخ نجد لابن غنام الذي أرّخ لغزوات ابن سعود وكأنها جهاد يقوم به الموحدون ضد أهل الكفر والشرك. لقد ابتليت الأمة بهذا النظام الذي ابتدع بدعة ما كانت أبدا في تاريخ الإسلام عندما أوجد سلطتين؛ واحدة لأمور الحكم والسياسة والسلطان بيد ابن سعود، وثانية لأمور الفتوى والشريعة في يد ابن عبد الوهاب، ولا أخفي عليك سرا إن قلت لك، لقد استطاعت دولتك تلك أن تدجل على الناس في بلاد الحرمين وفي خارجها لوقت طويل موهمةً إياهم أنها دولة الشريعة والحكم بما أنزل الله، ولقد ساعدها على ذلك تلك الدول المجاورة كمصر والعراق وسوريا وغيرها التي أبعدت الدين بالكلية عن الدولة والسياسة وتبنت العلمانية في أبشع صورها، كما ساعدها أيضا تطبيق أحكام الحدود وإن كان بشكل مبتور وانتقائي، ولكنه أوهم البسطاء في الأمة أنكم تحكمون بالإسلام.
ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الخلافة الأموية أو العباسية أو العثمانية التي وصفتها بالاحتلال، لأن الدولة التي نبتغيها ونسعى إليها هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهي الدور الأخير من الأدوار التي عددها النبي ﷺ لهذة الأمة، وهي بالطبع لم توجد بعد، فلا هي دولتكم ولا هي خرافة تنظيم الدولة المسخ المشوه، ومع ذلك فإن المسلمين لا يتبرؤون من تاريخهم المجيد ويتيهون به على الدنيا بأسرها، ويفخرون بأن دولتهم كانت منارة الدنيا وشمسها المشرقة التي أضاءت جنبات الدنيا وكان الشرق والغرب يحسب لها ألف حساب، بل كان ملك فرنسا يخاطب خليفة المسلمين في اسطنبول موقِّعاً خادمكم المطيع، وفي الوقت نفسه يعلمون جيدا أنه كانت هناك بعض الإساءات وبعض الانحراف وبالذات في مسألة البيعة والشورى في اختيار الخليفة، ولكن لم يكن في الدولة أحكام تطبق غير أحكام الإسلام لا في الاقتصاد ولا في العلاقات الخارجية، فأين أنتم من تلك الدولة؟! إنها لمقارنة ظالمة أن تقارنوا بدول الملك العضوض، لقد استطاع السلطان عبد الحميد الذي كان في أشد حالات الدولة العثمانية ضعفا أن يقف سدا منيعا أمام مخططات الصهيونية في فلسطين، بينما سقطت فلسطين تحت سمعكم وبصركم، فماذا قدمتم لها غير مبادرة هزيلة ذليلة أسميتموها المبادرة العربية تعترفون فيها بكيان يهود الغاصب وتقرون له بشرعية وجوده واحتلاله لفلسطين، والمقابل أن يرضى عنكم يهود ويتنازلوا عن بضعة أشبار احتلوها في عام 67؟! وأين أنتم من صرخات الثكالى والأرامل والأيتام في سوريا؟! لم نسمع أحدا من أهلنا الثكالى في سوريا أو بورما أو العراق أو غيرها من بلاد المسلمين المنكوبة يصرخ واسلماناه، فأين أنتم من المعتصم؟!
أما دعوتكم يا سيد عيسى لمراجعة التراث التي تقول إنه مملوء بما يخالف الكتاب والسنة نقلا وعقلا، ومراجعة أفكار العلماء المعاصرين، فهي دعوة جيدة ومطلوبة إن خلصت النوايا وصحت العزائم، وإن كان الدافع لها مرضاة الله ورسوله وليس طلبا لرضا الغرب وأمريكا، والتهجم على تاريخ الأمة وتشويه تاريخها، وحذف الأحاديث التي تبين فرضية الخلافة كنظام للحكم، وسأذكر لك بعضا منها لعلك تهتدي إلى أنّ القضية ليست في: هل الخلافة الأموية أو العباسية أو العثمانية خلافة حقيقية أم أنها ملك عضوض؟، وإنما القضية هي أن الخلافة فرض والعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامتها واجب على المسلمين والتفريط في ذلك والقعود عنه إثم عظيم يعذب الله عليه في يوم الحساب، يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا ملك ولا سلطان.
روى مسلم عن طريق نافع، قال لي ابن عمر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» والبيعة لا تكون إلا لخليفة لا غير. فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم، أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة. وروى مسلم عن أبي حازم قال: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبيِّ ﷺ، قَالَ: «كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ»، قَالُوا: فَمَا تأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»، وروى مسلم أن النبي ﷺ «قال مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ».
فالأمر بطاعة الإمام أمر بإقامته والأمر بقتال من ينازعه قرينة على الجزم في دوام إيجاد خليفة واحد.
وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على لزوم إقامة خليفة لرسول الله بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم، وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة على إقامة خليفة من تأخيرهم دفن الرسول ﷺ عقب وفاته واشتغالهم بنصب خليفة له، مع أن دفن الميت عقب وفاته فرض، ويحرم على من يجب عليهم الاشتغال في تجهيزه ودفنه الاشتغال في شيء غيره حتى يتم دفنه، وقد تأخر دفن الرسول ﷺ ليلتين مع إجماع الصحابة على عدم إنكار ذلك ومع قدرتهم على دفن الرسول ﷺ، فكان ذلك إجماعًا على الاشتغال بنصب الخليفة عن دفن الرسول، ولا يكون ذلك إلا إذا كان نصب الخليفة أوجب من دفن الميت. فكان إجماع الصحابة دليلا صريحا وقويا على وجوب نصب الخليفة.
فهلا نفضت يدك من هذا النظام الذي اخترعه آل سعود، وانضممت إلى الصوت العالي في الأمة المُطالِب بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تَبيّن لك أنها فرض وأي فرض بل هي تاج الفروض؟.
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله الشريف – بلاد الحرمين الشريفين
3 تعليقات
-
بارك الله فيكم
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم