السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
دردشات في سياسة أمريكا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 دردشات في سياسة أمريكا وأفكارها

 

قال الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [البقرة: 120-121]


بين يهود والمسلمين حالة عداء أبدية


إن عداوة اليهود للمسلمين منذ فجر الإسلام، تأمّل يهود أن يخرج نبي منهم، ولأجل ذلك سكنوا حول المدينة المنورة، لكن النبي e كان عربيا خلافا لأمانيهم وتوقعاتهم على أن يكون منهم، وأنهم لم يعودوا بظلمهم خير أمة أخرجت للناس بل أصبح المسلمون (العرب) بإيمانهم بنبيهم محمد e خيرَ أمة أخرجت للناس، فأخذ المسلمون بإيمانهم بالله ورسوله وحسن طاعتهم لله، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقوامة على الأمم، الخيريةَ على باقي الأمم والشعوب، وانتصر الإسلام على القاصي والداني، وعاش اليهود في كنف الدولة الإسلامية أينما كانت وخصوصا في الأندلس واحتضنت الدولة العثمانية يهود الأندلس المعروفين بيهود الدونمة بعدما طردوا من الأندلس حين حكمها النصارى.


استاءت أوروبا من معاملة اليهود وظهر ذلك في قصة تاجر البندقية حيث بان جشع اليهودي وإصراره على أخذ دينه من لحم المدين، وكانت أوروبا قد هاجمت المسلمين في الحروب الصليبية، وتم إخراج المسلمين من الأندلس بعد تشرذمهم واختلافهم، وجاءت حقبة الاستعمار التي استقوى الكفار بها على المسلمين بعد أن نجح الغزو الفكري والثقافي لبلادهم.


وجد الغرب ممثَّلين بالإنجليز في اليهود أداةً لإشغال العرب المسلمين عن دينهم ووحدتهم بتمكين اليهود من فلسطين وطرد أهلها منها وإقامة دولة لليهود لتبقى الشغل الشاغل للمسلمين تشغلهم عن إصلاح أنفسهم، ورأى اليهود حاجة الغرب لهم ليبقوا طليعة له لرصد أوضاع المسلمين وإشغالهم عن رعاية أنفسهم، فاستغل اليهود حاجة الغرب لهم لإشغال المسلمين عن أنفسهم. وأقام الغرب زيادة على ذلك دويلات حول فلسطين بحكامٍ ولاؤهم للكفار ومؤيدين لاحتلال اليهود لفلسطين تحت شتى المسميات الوهمية مثل الوطنية ومكافحة الاستعمار والتحرر والاشتراكية والثورية، وما كان ذلك إلا من أساليب التحكم بمصير المسلمين وإدارة صراع الكفار فيما بينهم على بلاد المسلمين، وما مكن الكفار من هذا كله إلا حال المسلمين وذلك حين ضاع الوعي الفكري والسياسي والفقهي وزاغ الهدف عند المسلمين، وأصبح عند بعض المسلمين شبه من المُسَلَّمات أن الصهيونية العالمية (اليهود) يحكمون العالم، وهذا يريح الحكام المدعومين من الغرب، فكأنهم أوحوا بأن كيف يكون لهم القدرة على محاربة من يتحكم بالعالم! وهذا الزعم يدعم سياسة الغرب بتوجيه التهمة لغيرهم فهم براء من جرائم اليهود وجرائم حكام بلاد المسلمين، ويستغلون عداوة اليهود للمسلمين في تثبيت هذا الادعاء، واليهود بدون دعم الغرب وحمايته لا يستطيعون البقاء في بلادنا ولا في غير بلادنا، حتى وعلى حالنا الذي لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا لا يستطيعون!.


أمريكا ويهود من يحكم من؟


أمريكا رئيسة الغرب هذه الأيام يحكمها الزنابر البيض الأنجلو سكسون أصحاب الثروات الطائلة، فهم يعيّنون ويختارون من يتقدم ويتصدر واجهة الحكم، وبعد ذلك يتركون إجراءات طقوس الانتخابات تجري في طريقها، لقد حاول اليهود إخراج بولارد من السجن، ولم يستطع أحد من الرؤساء طوال ثلاثين عاما من إخراجه من السجن أو تخفيف الحكم عليه، وبعد أن خرج من السجن لم يكن باستطاعته مغادرة الولايات المتحدة إلا بعد خمس سنوات من خروجه من السجن. أين اللوبي الصهيوني الذي لا يستطيع إخراج سجين أو ترتيب العفو عنه؟، قد يستطيع اللوبي اليهودي التأثير في القرارات الثانوية في السياسة الأمريكية التي يمكن تصنيفها من الدرجة الثانية التي لا تؤثر في قواعد السياسة الرئيسية للنظام، وقد يستغل اليهود بعض الحالات التي لا تستطيع إدارة الحكم الإعلان عنها لأنها تمس قرارا رئيسيا في سياستهم، مثل ضرب سلاح جو كيان يهود لسفينة التجسس ليبرتي في حرب الأيام الستة سنة 1967 لإغراقها لأنها كانت تتجسس عليهم، وسجلت بدء اليهود للحرب رغم وعدهم لرئيس أمريكا جونسون بإرسال وفد إلى واشنطن للتفاوض مع وفد مصري لحل الأزمة بالتفاوض. إلا أن قول الحقيقة يقوض سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، فسكتت على جراحها، وبقي أمام الرأي العام العربي ما روجته حكومة مصر أن الأمريكان كانوا يتجسسون على مصر وساعدوا اليهود في الحرب، والدليل سفينة التجسس ليبرتي ووجودها في البحر بين مصر وكيان يهود، وهي كانت تتجسس على اليهود.


اليهود والنصارى... جذور الإفساد في الأرض


إن صياغة قسطنطين لما وصل إليه من النصرانية ودمجها بتصوراته الوثنية أنتج التصور الكنسي للنصرانية التي تشكل بعض أفكار الغرب عن الحياة، وقد أصبح رئيسا للكنيسة بعدما انتصر على منافسيه بفضل تحالفه مع الحزب المسيحي في صراعه على عرش الإمبراطورية الرومانية، فصاغ التصور الكنسي للنصرانية الذي حكم أوروبا ردحا من الزمن إلى أن جاء ما يعرف لديهم بعصر التنوير، وكما أن اعتراف الكنيسة بالعهد القديم يجعل الغرب وبشكل دائم رغم كرههم لليهود يدّعون أنه تربطهم باليهود وحدة الثقافة والفكر والدين، وهذا لا يذكر إلا باستحضار عداوتهم للمسلمين والتأكيد على الصراع الحضاري والسلاح الدامي مع المسلمين، وقد روج الغرب أن الإسلام دموي قام بحروب لا حصر لها، مع أن الحقيقة خلاف ذلك، وكثير من المسلمين المفتونين بالثقافة الغربية يردد مقولتهم ظانا أنه وقف على نقيصة في الإسلام، فيتفلسف في نشر هذا الادعاء، يقول الدكتور الألماني يورجن تودنهوف - بتصرف - "وهو يتحث عن كتابه لماذا تقتل يا زيد، ويبرهن أن الغرب هو من استخدم العنف غير المبرر ضد الآخرين فقد قتل في الحروب الصليبية أربعة ملايين، وفي حقبة الاستعمار خمسين مليوناً وفي الحرب العالمية الأولى والثانية سبعين مليوناً، وقتل من اليهود ستة ملايين وفي العراق مليوناً ومئتي ألف". وكما أنه قتل في أفغانستان وباكستان العدد الكبير من الناس، وفي سوريا يساعد بشار الأسد ويمنع وصول الأسلحة النوعية للمعارضة، واستعماله طائرات (الدرون) في اليمن ومساعدته لليهود على قتل أهل فلسطين، إضافة إلى ملايين الناس الذين استعبدهم ونقلهم إلى العالم الجديد، وإبادتهم للهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين. والمسلمون في حروبهم على مدى أربعة عشر قرنا لا يذكر عدد من قتلوا بالنسبة لما قتل الغربيون إذ لا يتجاوز ذلك واحداً بالألف أو أقل.


ما بعد حكم الكنيسة! حكم العلمانية، جذور الجشع الرأسمالي


ومن أبرز المنظرين لما بعد حكم الكنيسة هوبز وجاك روسو، ويكاد كل منهما يكون نقيضا للآخر؛ هوبز يرى أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، القوي يأكل الضعيف، فأصل العلاقة بين الناس هي الصراع على لقمة العيش والشر متأصل في النفس البشرية، الحرب والخوف هما سيدا الموقف، وهما الحال الدائم للإنسان، وهوبز صاحب الحق الإلهي للحاكم وتفرده بالسلطة المطلقة وعلى الناس السمع والطاعة، أما روسو فهو يرى أن الإنسان طيب بطبعه ومسالم لكن الدين أفسده والملكية غيرت طباعه، فحيازة الملكية أوجدت الطبقات بين الناس وأحدثت الصراع بينها على حيازة الثروة، والدين (الذي هو التصور الكنسي للمسيحية الذي صاغه قسطنطين والرهبان) قد أفسد الحياة، فلا بد من التخلص منه، ويرى روسو أن الدولة نشأت بعد تكون الملكية الخاصة، فانقسم المجتمع إلى طبقة الملاك وطبقة العمال، وخاف أصحاب الثروات على ممتلكاتهم من العمال، حيث إن العمال قد رأوا أن لهم حقا في أموال الأغنياء وأنهم قادرون على أخذه، فاستبقهم الأغنياء وعمدوا إلى إنشاء الدولة وأشاعوا أن الدولة ستحقق العدل والمساواة بين أفراد المجتمع، وأن الناس عامة سوف يختارون الحاكم من بينهم، فتوهمت الطبقات الدنيا أنها مشتركة بحكم نفسها فهي تختار من يحكمها ومن يشرع لها لتحقيق مصالحها، فأذعنت واندمجت في لعبة الحكم، والحقيقة هي أن الدولة قد أُنشئت لحماية مصالح أصحاب الثروة.


ولا ضير أن يُترك المجال مفتوحا أمام الناس لجني بعض الأموال تكثر أو تقل ليظهر أنها حسب الجهد والمثابرة وأن الفرص مفتوحة أمام المجتهدين، وهذا هو الحاصل في الدول الرأسمالية أصحاب الثروات هم من يعين الحاكم بطريقة غير مباشرة حيث إن عامة الناس ينتخبون من يقدم لهم، وقد ألبسته الدعاية الانتخابية الحلة المناسبة لطلب الجماهير وأصحاب الثروات، يوجهون وضع القوانين لحماية مصالحهم، حتى إن أفلاطون في مدينته يضع حراساً للديمقراطية لحمايتها واستمرار سطوتها، وكذلك الرأسماليون فإنهم يقومون بأي عمل تحت ذريعة حماية مبدئهم وإن خالفوا ما يدعون من أنظمة وقوانين. وما تحدث عنه سنودون هو بعض مما يقوم به نظام الحكم في أمريكا، فالمبدأ الرأسمالي قائم على تحقيق المنفعة للطبقة الأقوى القادرة على توجيه المجتمع والتحكم به، والقيم المدعاة عندهم في آخر سلم الأولويات ولا يسمح لأحد أياً كان تغيير أسس هذا النظام.


والكنيسة ما زال لها دور في تكوين الشخصية الغربية (خصوصا بما يتعلق بعلاقة الغرب بالمسلمين حيث إن الإسلام والمسلمين هم التحدي الحقيقي لحضارتهم والإسلام من هددهم في عقر دارهم) وتصورها عن الحياة بالرغم من فصل الدين عن الحكم، وكانت الكنيسة قد حكمت أوروبا بتسلط وتجبر رجال الدين الكنسي بتحالفهم مع الأباطرة والملوك، وألزموا الناس بتصور عن الحياة من عند أنفسهم ردحا من الزمن.


الزنابر البيض البروتستانت حكام أمريكا


بعد الحرب العالمية الثانية تزعمت الولايات المتحدة العالم الغربي وتجد أن التفرقة العنصرية أساس في نشأتها واستمرار حياتها، وفي عمرها القصير رغم تبجحها بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لم يسمح إلا لمن هو من الأنجلو سكسون البروتستانت ليجلس في كرسي الرئاسة، ويقال إن جون كندي كان كاثوليكيا من أصل أيرلندي هو الوحيد الذي سمح له أن يعتلي كرسي الرئاسة ولم يكمل فترة حكمه الأولى، ولسبب ما تم قتله في حادثٍ لفّه الغموض ولم يفصح عن ملابساته إلى اليوم، وكما أنه تم قتل أخيه روبرت وهو يستعد لخوض الانتخابات الأولية.


انتخب أوباما لفترتين (وهو يعتبر عندهم زنجيا) وهو يقترب الآن من إنهاء الفترة الثانية من الحكم وهو نصف أبيض؛ أمه بيضاء ووالده مسلم من كينيا ذو أصول أفريقية، وهو قطعا من خارج النخبة البيضاء الأنجلو سكسون إلا أن موجهي السياسة الأمريكية رأوا ضرورة تنصيب رئيس من أصول أفريقية، لإجراء مسحة لبعض التغير في واجهة الحكم وتصنُّع النزاهة ونضوج المجتمع الأمريكي وتخلُّصه من العنصرية، فرشح رئيس ملون من أصل أفريقي، مع أن العنصرية تعشعش في زوايا المجتمع الأمريكي أينما نظرت، وتظهر بأبشع ما يكون في معاملة الشرطة للسود، والرئيس الأمريكي محكوم بالأنظمة والقوانين الدستورية التي تحدد صلاحية مؤسسات الحكم المتعددة، ومنضبط بأجهزة الحكم المكونة لإدارته التي يحكم الرئيس من خلالها ويلتزم بتحقيق الخطط والسياسات المعدة ممن سبقه من الرؤساء وإدارات الحكم السابقة أو ما تم إقراره بعهده من تلك المؤسسات، ومهما كان الرئيس فذّا فإنه لا يأخذ القرارات بصفة فردية، وإن كانت له ميزة ترجيح القرارات واتخاذها واختيار البدائل، ويختار المرشح للرئاسة بقدرة كافية ليقود إدارة الحكم مع الملاحظة أن المنصب نفسه يعطي الرئيس قوة وميزة على من حوله فتجد أن أوباما رغم ما يحلو لكثير من التسريبات الصحفية بوصفه بالضعف والحيرة تجده من أشدهم وأكثرهم بطشا بالمسلمين في مصر وسوريا واليمن، ولسان حال إدارته يقول إنه استلم الحكم ومصر وسوريا ترزحان تحت نفوذ الولايات المتحدة فلن يخرج من الحكم إلا وهما تحت نفوذ الولايات المتحدة مهما بلغت التكاليف البشرية، لذلك فالقتلى مسلمون والبلاد التي تحرق هي بلاد المسلمين، وقد أمعن في حماية بشار الأسد ومنع التدخل العسكري لصالح الثوار (المعارضة) في سوريا ولم يصنع شيئا من ناحية إنسانية للحد من بطش بشار الأسد في الناس باستعمال الطيران والبراميل المتفجرة واستعمال الأسلحة الكيماوية، ولم يوافق على الأماكن الآمنة على حدود تركيا لإيواء الفارين من الذبح ومنع الأسلحة النوعية (المدافع وصواريخ الكتف أرض جو وغير ذلك) من إيصالها للثوار وحافظ على استمرار الصراع وإطالة أمده بكلفة بشرية عالية فقط ليتسنى للولايات المتحدة إيجاد الوضع المناسب لحفظ مصالحها وبقاء حاكم عميل يأتمر بأمرها، ليسلم المنطقة لمن يأتي خلفه كما استلمها خاضعة لنفوذ الولايات المتحدة ولا قيمة لحياة مئات الآلاف من المسلمين، ومن أبسط الشعور الإنساني، لو كانت فعلا هناك إنسانية عند الدول المتنفذة في ساحة السياسة العالمية لمنعت بشار الأسد من استعمال الطيران بحرق وقتل الناس ولما تمكن من الحصول على السلاح والدعم العسكري، ولمنعت الأسد من ضرب الناس بالبراميل المتفجرة، ومُنع من استعمال الطيران كما منع صدام حسين من ضرب الأكراد كمثال، لكن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية شريك في قتل المسلمين للحفاظ على مناطق نفوذها في بلاد المسلمين ولا يهمها الثمن الإنساني خصوصا أن حطب النار هم المسلمون.


منصب الرئيس، ونائب الرئيس، ولكن من يصنع السياسات ويدير شئون العملاء على الحقيقة؟


إن اختيار المرشح الرئاسي يخضع لمعايير وشروط ومحاذير، فبالرغم من الموافقة على أوباما فقد اختير بايدن نائبا له وهو مخضرم في السياسة الأمريكية ويكاد يكون شريكا أو عرابا راعيا لأوباما ضمانا أن لا يأتي أوباما بأي تصرف غير محسوب!. ويلاحظ أنهم حين أرادوا إقالة نكسون وقد ثبت تجسسه على المرشح الديمقراطي ومخالفته لقواعد نظامهم، يلاحظ أنهم أولا أقالوا نائبه سبيراغنيوا، فهم لسبب ما لا يريدون للرجل أن يكون رئيسا لهم فأقالوه باتفاق معه واختاروا جيرالد فورد نائبا لنكسون، ثم استقال نكسون ليصبح جيرالد فورد رئيسا لهم، ومثال على أن نائب الرئيس قد لا يكون على اطلاع على خفايا السياسة الأمريكية يشرح نكسون في كتابه الفرصة السانحة كيف خبر سياسة الولايات المتحدة مع أصدقائها (عملائها)، بتصرف يقول في صفحة 145 "يغضب الأمريكيون عندما تضطر إحدى الدول الصديقة (الحكام العملاء) نتيجة لضغوط داخلية أن تعارض سياستنا، ويمكن أن نضرب مثلا آخر بالفلبين، فقد عبرت لمضيفي الفلبيني أثناء زيارتي للفلبين عام 1953 (وهو نائب لرئيس الولايات المتحدة) عن قلقي من خطبة ألقاها أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفلبيني هاجم فيها سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وقد أكد لي مضيفي أن هذا العضو مشايع جدا لأمريكا (عميل)، وعندما قلت له إن هذه طريقة غريبة لإظهار تأييده لأمريكا أجاب قائلا: إنك لا تفهم السياسة الفلبينية، إن (روشتة) النجاح في الفلبين هي أن تلعن الأمريكيين وتدعو الله أن لا يذهبوا بعيدا". وحتى إنه لم يكن يفهم بعد السياسة الأمريكية مع أنه نائب للرئيس. بمعنى أوضح إن الولايات المتحدة متفقة مع عملائها أن يظهروا لها العداء حتى يدلسوا على شعوبهم ليظنوا أن حكامهم يحاربون الاستعمار وهم في حقيقتهم خدام مخلصون للاستعمار، ويستمر بالقول في صفحه 147 "علينا أن نتقبل في بعض الأحيان رفض أصدقائنا في العالم الإسلامي لبعض تصرفاتنا التي تسبب لهم حرجا سياسيا في بلادهم، فيجب ألا يزعجنا أن تضطر الظروف أصدقاءنا (عملاءنا) أن يتفوهوا بعض السباب ضدنا إرضاء لأعدائنا (الشعوب)". في مقالة لجاكسون ديل في الواشنطن بوست بتاريخ 2016/5/29 مترجمة في جريدة الغد الأردنية بتاريخ 2 حزيران سنة 2016 بعنوان: أمريكا تعطي مصر عربات... والقاهرة تعطيها صفعة في المقابل، يقول الكاتب وبتصرف: سلمت الولايات المتحدة هذا الشهر الدفعة الأولى من نحو 762 من العربات المقاومة للألغام والمحمية من الكمائن MRAP لمصر دون مقابل (كأن الولايات المتحدة جمعية خيرية توزع تمراً وماءً سبيلاً عن روح أبيها!) ويأتي ذلك فوق مبلغ 1،3 مليار دولار ويرفض البيت الأبيض تعليق هذه الهدايا على شرط تحسين سجل مصر القبيح في مجال حقوق الإنسان." ويرى الكاتب "أن المشكلة في هذا هي أن الدعم الأمريكي للجيش المصري يخدم تدمير العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، ويجري في الأثناء سحق مؤيدي الديمقراطية وحقوق الإنسان وحلفائنا الطبيعيين العلمانيين، وتجري تغذية المصريين بدعاية تصف الولايات المتحدة بأنها راعية لمخطط ضخم لتقسيم وتدمير البلاد." الكاتب إما أنه مثل نكسون في بداية حياته السياسية لم يكن يعلم دهاليز السياسة الأمريكية وأسلوبها بافتعال العداوة بينها وبين عملائها ليدلسوا على شعوبهم ويظهروا أنهم أعداء للاستعمار وهم عملاؤه المخلصون، (مثل الخميني وعبد الناصر والسادات وحافظ الأسد وبشار الأسد وحسني مبارك والسيسي)، أو أنه يسوق ويدلس على الناس سياسات الولايات المتحدة التي تتظاهر بالبراءة والإنسانية، مع أن من يشتغل في السياسة والصحافة يعلم أن دعوة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان والديمقراطية ما هي إلا سبيل لتحقيق مصالحها وأنها لا تقيم وزنا للقيم ولا للمبادئ أمام تحقيق منافعها، ولا وزن للعلمانيين العرب عندها إلا بقدر ما يخدمونها، وهي لا تنفع أحداً إلا بقدر ما تمص من دمه وترميه جيفة تأبى الوحوش الاقتراب منه لنتن جيفته.


ولم يعد خافيا على أحد صداقة السيسي لأمريكا وأنهم هم من جاءوا به ليخدم مصالحهم وأن هذه الهدايا والمليارات لكي يستطيع الرجل القيام بمهمته على أكمل وجه، رغم ما فعل وما زال يفعل فلا ترف عين الساسة الأمريكان لفعله فلا وزن ولا كرامة بأعينهم لمن قتل أو سجن في مصر، وكان وزير خارجية مصر السابق صادقاً جدا إلا أن حصافته قد خانته حين وصف علاقة مصر بأمريكا بعلاقة الزواج بين المسلم والكافر. مَن الرجل ومَن المرأة، قطعا مصر هي المرأة؟ فأبعد من منصبه وكان عليه أن يقول كما قال السيسي إن علاقة مصر مع الولايات المتحدة علاقة استراتيجية؟ حقوق الإنسان والديمقراطية هي للاستهلاك الدعائي ما دامت مصالح الغرب ونفوذهم مصونَ الجانب وإذا كان بعض معاني الديمقراطية البسيطة أن يحكم المسلمون (العرب أنفسهم بأنفسهم فإن هذا يعني بداية التخلص من الاستعمار وأعوانه ووصايته التي لا يجوز أن يصلها المسلمون لأنها بداية التحرر من التبعية للغرب).

 


أكذوبة الديمقراطية، وخدعة الانتخابات


يقول أوباما: الديمقراطية ليست انتخابات فقط "نحن نعلم أن الديمقراطية ليست انتخابات فقط بل هي نظام الحكم في المبدأ الرأسمالي، وهي تنفي أن يتدخل الجيش في سياسة البلاد وتمنع البطش والاستبداد والتسلط، ولا تجعل القوة بيد الحاكم، وتفصل بين السلطات ولا يتغول الحاكم على القضاء ولا على الجيش فتصبح وظيفته حماية الحاكم وقتل وسجن الناس وتعذيبهم".


الديمقراطية التي يصنعونها في بلادنا رغما عنا هي هذا الاستعمار الجديد والقديم الذي يتحكم في مفاصل الحكم والاقتصاد في بلادنا (في مفاصل الحياة كلها) بواسطة منتفعين أعانهم على كرسي الحكم وغرس حولهم علمانيين بصفة قضاة وصحفيين وعسكر وشرطة يخدمونه بلا وعي ولا كرامة، باستبداد وبطش وتسلط يخلف الفقر والمهانة ونهب خيرات الشعوب... هذه هي ديمقراطية الغرب التي يروج لها الاستعمار وأعوانه.


الآن في الانتخابات الأولية لحصر مرشحي الأحزاب للانتخابات الرئاسية ما يلفت النظر في الحزب الديمقراطي هو تقدم امرأة، السيدة كلينتون، ورجل يهودي، السناتور سندرس، وكلاهما مطلوب ليظهر في زحمة الانتخابات الأولية تلميع وجه المجتمع الأمريكي وديمقراطيته؛ امرأة ويهودي يتنافسان على ترشح الحزب الديمقراطي؟، أوروبا قد حكمتها النساء ويحكمها الآن بعض النساء، والمرجح أن تُنتخب السيدة كلينتون ليظهر انتفاء التمييز بين الرجل والمرأة، وترشح اليهودي ليظهر أن الفرصة أمام الجميع مفتوحة ليصل إلى أعلى المناصب إن كان زنجياً أو امرأة أو يهودياً؟ وخلف الستار الزنابر البيض الأنجلو ساكسون هم من يحرك خيوط اللعبة ومن يعين الرئيس، حتى وجود ترامب في سباق الرئاسة ضمن ما يلعبه هؤلاء المتنفذون، حتى هذا المخبول يمكن أن يكون رئيسا نظريا بتسويق فكرة الحرية المطلقة في تكافؤ الفرص أمام التمتع بالحقوق، مع أن حظ الحزب الجمهوري بعد مصائب بوش الابن الاقتصادية والعسكرية والقتل في صفوف الجيش الأمريكي في حرب أفغانستان والعراق تراوح مكانها كما حصل مع مكين رغم الفرق بين الرجلين. فلا ضير من وجود ترامب في السباق حتى لو نجح فلن يغير شيئاً في فلسفة الحكم والتحكم به وبأساليبه.

 


أوباما في صندوق الزنابر البيض!


هل يستطيع أوباما أن يتصرف خارج الصندوق - أي خلاف ما رسم من أهداف وسياسات لصيانة مصالح ونفوذ الولايات المتحدة - لقد استطاعت إدارة أوباما إلى حد ما ترميم الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة نسبيا أو تم وقف تردي الاقتصاد بعد الأزمة الاقتصادية التي ورثها من سلفه وسحب الجنود من العراق وأفغانستان وأوقف نزف دمائهم ونزف تكاليف الحرب وأبقى على نفوذهم السياسي، وقد جذر الاحتلالُ العسكري الأمريكي الفتنةَ الطائفية في العراق، وقتل الأمريكان أكثر من مليون ومئتي ألف من أهل العراق، وبزّ أوباما سابقيه من الرؤساء الأمريكان بقتل المسلمين والبطش بهم في العراق وأفغانستان وفي اليمن وباكستان والصومال... باستخدام - الدرون - الطائرات الموجهة عن بعد بدون طيار، ونظمت إدارة أوباما خروج مبارك من كرسي حكم مصر وجاءت بالسيسي وزين له وتم دفعه لقتل المسلمين وهتك أعراضهم بغير سابقة في مصر وفي العالم، وفي سوريا أمريكا هي التي تحمي بشار الأسد وجماعته، وتمنع أي أسلحة نوعية أن تصل إلى المعارضة، يقول أحد البريطانيين: لقد جئنا بروسيا لتقوم بما لا تستطيع القيام به أمريكا، لا تستطيع قصف المدنيين بالطائرات، أما بوتين فهو يتبجح أن سلاح الطيران الروسي يقوم بالتدريب وأن تجربة الأسلحة الروسية في سوريا سوف ترفع نسب مبيعاتها.


من يسكن البيت الأبيض لا يخرج عما يرسمه أساطين النفوذ والسلطة من أصحاب الثروات الطائلة! إن كان (مثقفاً) مثل أوباما أو (ملقناً) ممثل سينمائي من الدرجة الثالثة مثل ريغان! فهو يحكم ضمن مبادئهم وأعرافهم وإن تخطى ذلك فهو يقال أو يستقيل بتفاهم، إن النفعية والتطفل على الشعوب الأخرى والعنصرية للبيض أمر مفروغ منه، والبطش بالشعوب الأخرى واستغلالها واستعبادها أمر طبيعي لا ضير فيه؛ فالإنسانية وحقوق الإنسان والديمقراطية للرجل الأبيض، والمبدأ الرأسمالي منافعه للرجل الأبيض وسيئاته لبقية العالم، فهو كالخمرة فيها منافع وسيئاتها أكبر من نفعها.


في العراق وضعت الولايات المتحدة دستورا على أساس الطائفية من جهة وعلى أساس العرق (الإثنية) من جهة أخرى، هل يقوم الحكم في بلادهم على هذا الأساس، للكاثوليك مرشحون والبروتسانت مرشحون وللأرثودوكس مرشحون ولليهود مرشحون وللهنود الحمر مرشحون...الخ؟


حينما واجه الأمريكان المسلمين وجها لوجه في العراق وأفغانستان رغم الفرق الشاسع بين الطرفين كادت قوة الولايات المتحدة أن تُسنتنزف فجاء أوباما وسحب القوات وأحجم عن إرسال قوات كبيرة رغم اشتعال الحرائق في ساحات نفوذها، فالوكلاء والدرون والمخابرات يقومون بمهام الدفاع عن مصالح ونفوذ الولايات المتحدة!


ماذا فعلت أمريكا في أفغانستان وفي العراق؟ وماذا فعلت أمريكا في منطقة الشرق الأوسط بعد الربيع العربي وقد فاجأت الأحداث الجميع وكان توريث الحكام المستبدين لأبنائهم قد نجح في سوريا، فنام الاستعمار على أذنيه وقد ترك عملاءه يهيئون أبنائهم لخلافتهم في الحكم ليستمر حال العالم الإسلامي على حاله كما شكله الاستعمار منذ أكثر من مئة عام تقريبا، وقد بدأ الضعف يظهر في العالم الإسلامي قبل ذلك بقليل وبدأ الكفار يقضمون أطرافه إلى أن استطاعوا إسقاط الدولة العثمانية في نهاية المطاف وصنع دويلات بإدارة حكم استعماري؛ السلطة والقوة بيد مندوب الاستعمار، حاكم من أهل المنطقة لُفِّقت له شرعية زائفة وأحيط به منتفعون معه ليحموه ويقيموا إدارة استعمارية وظيفتها خدمة المستعمر وإهلاك أهل البلاد.


ويلاحظ أن الولايات المتحدة وضعت استراتيجية غير مكتوبة في العالم الإسلامي تعتمد النقاط التالية:


- إجهاض الربيع العربي بحيث لا تكون نتائجه لصالح الناس.


- اتخاذ الأساليب الكفيلة بوأده مهما كانت التكلفة البشرية.


- الاحتفاظ بنفوذها السياسي والثقافي والعسكري والحفاظ على العملاء (الأصدقاء).


- عدم تمكين المسلمين من حكم أنفسهم واختيار من يحكمهم بإرادتهم.


- الإسلام هو الإرهاب والدعوة لتكييف الإسلام مع الثقافة الغربية.

 

 

وكانت الأدوات لتحقيق ذلك:


- العلمانيين من أبناء المسلمين المروجين للثقافة الغربية.


- الحكام صنائع الغرب بعد سقوط الدولة العثمانية؛ عائلات وثوار وتيارات فكرية


- التضليل السياسي والغزو الثقافي.


- الإعلام والتعليم والوسط السياسي، الإعلام والصحافة والقضاء ومناهج التعليم والحكم المباشر بالنظام الرأسمالي.


- جهل المسلمين بالشريعة الإسلامية، الإفراط والتفريط.


إن ما يخيف الغرب هو أن الترتيبات التي وضعها للمنطقة الإسلامية بعد سقوط الدولة العثمانية والتي أوجدت هذه الدويلات؛ تركيا وسوريا ولبنان والأردن والعراق...الخ والتي أوجدت أيضا كيان يهود، إن ما يخيفه أنها في تفكك ويلوح في الأفق شرعية أخرى قد حارب الاستعمار مجرد ذكرها طوال مئة عام، وكان قد عمل على القضاء عليها وهي الخلافة التي تحكم بالشريعة الإسلامية وتحقق العدل والإنصاف للناس؛ الكافر منهم والمسلم.


قد يكون الغرب قادراً على إبطاء عملية التفكك هذه أو السيطرة مؤقتا على توجيهها، إلا أنه لن يكون قادرا على منع أهل المنطقة من حكم أنفسهم بأنفسهم وبما تمليه عليهم عقيدتهم، أي لن يكون الغرب بقادر على منع المسلمين من الحكم بالإسلام، بالرغم من لعب الغرب وأعوانه على الانقسامات الطائفية والعرقية التي كانت من صنعهم وتدبير دهاقنتهم.


وهذا يُحمّل المسلمين الواعين على حقيقة دينهم أنه الرحمة والهداية للعالمين، عبءَ العمل لتعريف المسلمين بدينهم وحسن طاعة الله ورسوله e، ومكافحة قوى الشر والطغيان المتمثلة بالغرب ومن يعمل معهم، والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية ونشر الإسلام في أرجاء المعمورة لحفظ كرامة الإنسان المؤمن والكافر على السواء، أمام أحكام الشريعة المسؤولية فردية، ولا حظوة لأحد على أحد، الإسلام يعلّم ثم يحاسب.


﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم سلامة

3 تعليقات

  • Khadija
    Khadija السبت، 02 تموز/يوليو 2016م 20:54 تعليق

    أدامكم الله سندا لخدمة هذا الدين .. وسدد رميكم وثبت خطاكم .. ومكنكم من إعلاء راية الحق راية العقاب خفاقة عالية .. شامخة تبدد كل المكائد والخيانات والمؤامرات.. اللهمّ آمين، إنه نعم المولى ونعم النصير..

  • ام عبدالله
    ام عبدالله السبت، 02 تموز/يوليو 2016م 20:49 تعليق

    بارك الله فيكم

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 02 تموز/يوليو 2016م 17:31 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع