الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
عدوى تغيير المناهج المدرسية... مصادفة أم إملاءات؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عدوى تغيير المناهج المدرسية... مصادفة أم إملاءات؟!

 

 

 

أعلنت عدد من الدول العربية عن إجراء تعديلات وتغييرات على مناهجها المدرسية، وكان من بين الدول التي أصابتها عدوى تغيير المناهج لهذا العام: فلسطين والجزائر والمغرب والأردن، مع الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها هذه الدول تعديلات على مناهجها، وقد أثارت هذه التعديلات جدلاً كبيراً في صفوف الرأي العام، خاصة على مواقع التواصل الإلكتروني، حيث اعتبر الكثيرون أنها تتصادم مع قيمهم وهويتهم الإسلامية، إضافة إلى احتوائها على العديد من الأخطاء المطبعية والتعليمية، فهل موجة التعديلات في المناهج التي تجتاح العالم العربي في وقت متزامن هي من قبيل المصادفة؟! وما هي طبيعة هذه التعديلات؟ وما هو الهدف منها؟ هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في السطور التالية.

 

إن موجة تغيير المناهج التي اجتاحت العالم العربي في الفترة الأخيرة خاصة في الدول التي حصلت فيها ثورات الربيع العربي لم تكن من قبيل المصادفة، فقد جاءت استجابة لإملاءات الدول الغربية ولا سيما أمريكا، تحت التلويح بعصا قطع التمويل والمساعدات عن هذه الدول، فعلى سيبل المثال وقعت الأردن في عام 2013 اتفاقية مع الوكالة الأمريكية للتنمية، للحصول على منحة تمويل لتطوير التعليم لخمس سنوات، بقيمة إجمالية بلغت 235 مليون دولار أمريكي، كما وقعت اتفاقيات متشابهة مع دول أخرى كالمغرب والسلطة الفلسطينية وغيرهما، وكانت مسؤولة مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية "إلينا رمانسكي" قد صرحت في العام 2003 بأنه "لا توجد فسحة من الآن فصاعدا للكراهية وعدم التسامح والتحريض، ونحن نحاول أن نعيش معا، وأي منهاج دراسي لا يسير في هذا الاتجاه يجب تغييره". وقبل أيام قليلة وبالتحديد في 2016/9/20 عقدت اليونسكو مؤتمراً لمنع التطرف العنيف من خلال التعليم بالتعاون مع معهد «المهاتما غاندي» للتعليم من أجل السلام والتنمية المستدامة في نيودلهي، وكان من مخرجاته أنه «لا بد من معالجة مسألة تغيير المناهج التربوية في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى التي تشهد ازدهارا للأفكار المتطرفة بعقلانية ووعي».

 

أما لماذا جاءت هذه التعديلات في هذا الوقت بالذات، فلأن العالم العربي يشهد حراكاً شعبياً للتغيير، وقد بدأت الأصوات تتعالى فيه مطالبة بتطبيق الإسلام وقطع يد المستعمرين ولا سيما في الشام، ولذلك تستخدم الدول الغربية المناهج كوسيلة لإيجاد جيل من أبناء المسلمين منسلخ عن عقيدته وقيمه وأخلاقه الإسلامية، جيل يتربى على العلمانية وفصل الدين عن الحياة، جيل يتبنى أفكار المستعمر وينادي بها، والناظر في طبيعة التعديلات والمواد التي المناهج الجديدة يدرك هذا بوضوح.

 

لقد تمحورت تعديلات المناهج الجديدة حول ثلاثة أمور هي:

 

1- التطرف و(الإرهاب) ومحاولة ربطهما بالإسلام: حيث صدرت عدة تصريحات للقائمين على قطاع التعليم، وكذلك لبعض الوزراء في الدول التي حصل فيها تغيير في المناهج، بأن التغيير كان لتنظيف المناهج من مؤثرات التطرف ومن كل ما يشجع على (الإرهاب) والعنف، ومن هذه التصريحات على سبيل المثال ما قاله نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين د. جواد العناني: "أن الحكومة الأردنية ليست خجلة من تعديل المناهج، فنحن نريد مراجعة المناهج لأننا اكتشفنا أن في بعضها ما يحفز على (الإرهاب)، وشدّد على أنّ المناهج يجب أن تعلّم «الطلبة الحب والتجانس لا أن يحمل السيف ويبدأ بالقتل»، ومنها أيضاً ما جاء في بيان صادر عن وزارة التربية المغربية قالت فيه "إن التعديلات جاءت بناء على تعليمات الملك المغربي محمد السادس للحكومة بضرورة مراجعة مناهج التربية الإسلامية وبرامجها في مختلف مستويات التعليم لتكريس قيم الاعتدال والتسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية".

 

إن هذا المحور يأتي في سياق الحرب العالمية على الإسلام والمحاولات المستمرة لوصمه بـ(الإرهاب) والتطرف، وتصويره على أنه دين يشجع على العنف والقتل وسفك دماء الأبرياء، حتى باتت كلمتا (الإرهاب والتطرف) رديفتين للإسلام، وبات التزام المسلم بأحكام دينه كارتداء المسلمات للحجاب والنقاب، وإطلاق الرجال للحاهم علامات دالة على (التطرف والإرهاب)، وذلك نتيجة الدعاية الإعلامية والتشويه المتعمد للإسلام، والذي تمارسه وسائل الإعلام والسياسيون والمفكرون الغربيون، فقامت بعض الدول الغربية وأتباعها من الأنظمة في بعض دول العالم الإسلامي بحظر ارتداء الحجاب والنقاب في الأماكن العامة ولا سيما في المدارس والجامعات، وفرضت عقوبات وغرامات على من ترتديهما، وحرمت الكثيرات من الطالبات من متابعة دراستهن لارتدائهن الحجاب أو النقاب، وكذلك حظرت هذه الدول على الرجال إطلاق لحاهم وفرضت على من يطلق لحيته غرامة، وفي هذا الإطار تمت إزالة صور الرجال الملتحين ووضع صور لرجال حلقت لحاهم في المناهج الجديدة ولا سيما للصفوف الابتدائية، وتم كذلك إزالة صور النساء المحجبات ووضع صور لنساء غير محجبات يرتدين ملابس على الطريقة الغربية ويضعن مساحيق التجميل.

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل كان من ضمن التعديلات في الدول المذكورة وفي غيرها من الدول التي سبقتها في اتباع سنن الغرب، أنه تم حذف بعض الآيات والأحاديث بحجة أنها تشجع على (التطرف والإرهاب)! بل تم أيضاً حذف بعض الدروس التي تتحدث عن الصحابة وشخصيات من التاريخ الإسلامي بحجة أنها تحرض على العنف والتطرف، كما في التعديلات التي أجريت في مصر بعد الثورة حيث حذف درس القائد صلاح الدين الأيوبي للصف الخامس الابتدائي، وحذف ستة فصول من قصة عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي، بدعوى تنقيح المناهج من كل ما يحرض على العنف والتطرف، وإخماد الأصوات التي تروج جزافا أن الإسلام انتشر بحد السيف. والمقام لا يتسع هنا لذكر أمثلة من كل الدول التي حصل فيها تغيير في المناهج.

 

2- قضية فلسطين والعمل على ضرب علاقة الأجيال الناشئة بها، والسعي إلى جعل وجود كيان يهود أمراً عادياً، خاصة في ظل الاتفاقات الخيانية التي وقعتها الأنظمة المتخاذلة مع هذا الكيان المجرم: حيث كتب "إسرائيل" بدل فلسطين في بعض المقررات الدراسية، كما حصل في كتاب الجغرافيا بالجزائر، مما أثار حفيظة الشعب الجزائري المسلم، فخرج إلى الشوارع محتجاً وأحرق نسخ هذا الكتاب، فيما بررت الوزارة بأن ذلك كان نتيجة خطأ مطبعي وقامت بسحب الكتاب، فهل يُعقل أن يكون الأمر خطأ في مثل هذه القضية؟! وكما حصل أيضاً في التعديلات التي أجرتها الأردن على مناهجها الدراسية عام 2014 حيث طال التعديل المنهاج الرديف (دليل المعلم) الذي يوزع على المعلمين، حيث تم شطب كلمة فلسطين من بعض الخرائط التوضيحية بمادة الجغرافيا للصفوف الإعدادية، ووضع كلمة "إسرائيل". كما تم حذف درس عن القدس وآخر يشيد ببطولات الطيار الأردني فراس العجلوني الذي كان أول طيار عربي يقصف كيان يهود، وفي إطار إرضاء كيان يهود طال مقص الحذف في المناهج المصرية فقرات تتهم كيان يهود بــــ (الإرهاب) في كتاب التربية الدينية للصف الثالث الإعدادي. هذا عدا عن الترويج للاتفاقيات الخيانية التي وقعتها الأنظمة مع دولة يهود، كما أدخل مفهوم السلام إلى هذه المناهج.

 

3- تكريس الرابطة الوطنية وتنشئة الأجيال عليها: إنهم يسعون من خلال هذا المحور إلى أن يغرسوا في نفوس أبناء المسلمين الانتماء إلى التراب وقطعة القماش التي وضعها المستعمر، لا الانتماء إلى أمة الإسلام التي لا تعترف بالحدود والسدود بينها، وفي هذا الإطار نراهم يركزون على مفهومي الوطن والمواطنة، ويضعون دروساً وأناشيد تتغنى بالوطن ومن يسمون بالقادة والرموز فيه، ويضيفون ما يسمى برموز "السيادة الوطنية" كالكوفية مثلاً في المناهج الفلسطينية، وفوق هذا وذاك يركزون على ضرورة أداء الطلاب تحية العلم وترديدهم النشيد الوطني لبلادهم ويصدرون تعميمات للمدارس بهذا الخصوص.

 

فهل ينجح الغرب في تدمير عقول أبناء المسلمين وحشوها بأفكاره العفنة؟ وهل يتمكن من كسب هذه الجولة في الحرب على الإسلام؟!

 

إن الاحتجاجات وردود الأفعال الغاضبة التي صدرت من المعلمين وأولياء الأمور ضد تغييرات المناهج الجديدة، لتؤكد على خيرية هذه الأمة، وأنها تمرض ولا تموت، وأنه لا يمكن انتزاع العقيدة الإسلامية من نفوس وعقول أبنائها، وأنهم لم ولن يقفوا يوماً موقف المتفرج من أية محاولة للمساس بدينهم وثوابتهم، ومهما استعمل المجرمون من أساليب ووسائل في سبيل القضاء على الإسلام والمسلمين فإن الله سيجعل كيدهم في نحورهم بإذن الله. ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أختكم براءة مناصرة

 

 

3 تعليقات

  • om raya
    om raya الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2016م 16:10 تعليق

    جزاكم الله خيرا و بارك جهودكم

  • Khadija
    Khadija الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2016م 15:31 تعليق

    أدامكم الله سندا لخدمة هذا الدين .. وسدد رميكم وثبت خطاكم .. ومكنكم من إعلاء راية الحق راية العقاب خفاقة عالية .. شامخة تبدد كل المكائد والخيانات والمؤامرات.. اللهمّ آمين، إنه نعم المولى ونعم النصير..

  • إبتهال
    إبتهال الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2016م 14:43 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع