السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
السودان... كذبة اسمها الاستقلال!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

السودان... كذبة اسمها الاستقلال!

 

 

دأبت الحكومات التي اعتلت سدة الحكم بعد الاحتلال الإنجليزي في السودان، على اتخاذ اليوم الذي أُعلن فيه خروج المحتل؛ والذي يوافق 1956/1/1م، يوم فرح واحتفال، حيث سُمِي هذا اليوم؛ بيوم الاستقلال، وأصبحت الحكومات تتخذ هذا اليوم عطلة رسمية في كل البلاد، ثم تأمر الهيئات الرسمية، والمدارس، ودور الحكومة، برفع علم السودان، على كل المباني.

 

فما حقيقة هذا الاستقلال؟ ومن روَّج له؟ ولو سلمنا جدلاً بالمصطلح فهل نحن حقيقة مستقلون؟

 

قيل إنَّ الاستقلال ضد الاستغلال، أي أن يكون البلد حراً مستقلاً عن أي قيودٍ من أي جهة خارجية، ويعبر عن ذلك بالتحرر من قيود (المستعمر) العسكرية والسياسية والاقتصادية...الخ. وهذه المعاني إذا كانت حقيقية، فلا جدال في جمالها وسموّها وروعتها، إذ إن النفس البشرية جُبِلت على كراهيةِ قيود الذُّل والهوان والظلم سواء أكان من القريب أم من البعيد، ولكن جمالها ورونقها لا يكون عبارة عن كلمات جوفاء خاوية، يدندن بها البعض، أو يتشدق بها البعض الآخر، بل في الأصل أن تكون المعاني تعبر حقيقة عن الواقع الذي يحسه الإنسان، في محيطه وبيئته، والذي يتفاعل معه بطبيعته وسجاياه، لا مُضَللاً ولا مُسْتَحْمَراً.

 

ولكننا نجد أن كلمة (استقلال) تعني (طلب القلة)، وكلمة (استعمار) تعني (طلب العمران).

 

فهل وقع الناس لخدعة ومكر طوال 61 عاماً يرددون كلمات تخالف ما أرادوه؟.

 

إنَّ مفهوم الاستقلال وضع لتقسيم الأمة وتفرقتها، عبر الدعاوى الوطنية والعنصرية، بقاعدة فرق تسد، والتعزي بأعلام خرقاء، صنعها المحتل الإنجليزي باتفاقية سايكس بيكو 1916م، لتصرف الناس عن راية النبي عليه الصلاة والسلام، ولمحاربة مشروع الدولة الإسلامية، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وتمكيناً للكافر ومساعدته في نهب خيرات المسلمين، وإقصاء شريعة رب العالمين، وتركيزاً للمفهوم الخطير حق تقرير المصير، الذي شرعن له الرئيس الأمريكي ودرو ولسون في خطاب النقاط الـ14 التي عُرفت بمبادئ ولسون عام 1918م، ليكون خنجراً مشهوراً يهدد كل بلاد الإسلام فلا يسلم من شره بلد.

 

كلمة الاستقلال تعمد واضعها لخداع وتضليل الأمة كما خدعها بالقصص الساخرة التي كانت تدرس لأبناء السودان في المرحلة الابتدائية ولم يفطن لها أحد إلا متأخراً، مثل (طه القرشي مريض)، (ومحمود الكذاب) و(أندرو والأسد)...الخ، فكلمة (الاستقلال) لا تعني العزة ولا الكرامة ولا تعني طرد العدو؛ إنما تعني طلب القلة، والتقليل يراد به تقسيم الأمة وتفرقتها، بدل أن تكون أمة واحدة، موحدة في دولة واحدة، تصبح دويلات وطنية ضعيفة لا قوة لها ولا قرار.

 

ولو سلمنا جدلاً بأن الاستقلال تم بإخراج العدو الإنجليزي المحتل، فهل نحن الآن مستقلون؟ فلو كان كذلك، فماذا يفعل دونالد بوث المبعوث الأمريكي في السودان، ولماذا يلتقي بمن يريد؟ ويقرر ما يريد؟ ويأمر بما يريد دون أن يمنعه أحد؟!!

 

ولماذا برغم خروج المحتل الإنجليزي بجيوشه من السودان منذ ستين عاماً، إلا أننا نحس ونشاهد ونلاحظ أننا ما زلنا مقيدين، فلماذا لم نتذوق طعم الانعتاق الكامل من الاحتلال؟

ولماذا لم يصل السودان إلى مستوى الدول المتقدمة صناعياً واقتصادياً وسياسياً برغم غنى هذا البلد؟

 

لماذا لم نستطع أن نبني دولة موحدة قوية؟

 

ولماذا برغم الموارد الضخمة، والثروات العظيمة، التي يتمتع بها السودان، إلا أن حكامه ما زالوا يتوسلون المساعدات من الدول الأخرى؟

 

لماذا كل يوم تزداد قروض السودان دون أن تنقص، ولماذا تضيق المعيشة، ولماذا ينهار الجنيه، ولماذا تفشل المشاريع الكبرى التي تعتبر من أنجح المشاريع على مستوى العالم؟

 

لماذا ميزانية الدفاع والأمن كل عام تفوق ميزانيات الصحة والتعليم، والبيئة، مع أننا لا نقاتل عدواً واضحاً فعلياً؟

 

من كل هذه الأسئلة يتبين أن هناك مشاكل حقيقية يمر بها السودان، منذ خروج المحتل الإنجليزي إلى اليوم، مما دعا كثيراً من السذج إلى القول بأن زمان حكم المحتل خيرٌ من الحكومات التي جاءت بعده، مع أن هذا القول مردود، لأن النفوس الكريمة العزيزة ترفض أي نوع من أنواع الإذلال والاستغلال سواء أكان من المحتل الغربي أم من أبناء البلد. ولكن العدو الإنجليزي لم يكن ساذجاً كحكام المسلمين اليوم، ليترك الثروات والخيرات التي تتمتع بها بلادنا دون أن تمتد إليها أياديه سواءً بالحيل والمكر، أو بالتدخل السافر الواضح.

 

وهذا الذي يكشف بوضوح كيف أن المحتل الغربي القديم أو الجديد، خرج بشكل درامي، بجيوشه ثم غيَّر جلده في احتلال ثقافي وفكري؛ حيث ضمن أن أفكاره وطرق عيشه هي التي تسيطر على حياة الدول والأمم المحُتلة؛ ففي الجانب الفكري والثقافي حيث جعل كثيراً من السياسيين والأحزاب يتبنون فكره، فعملوا على حماية ثقافته، والدفاع عنها باستماتة، مثل الديمقراطية وحرياتها الأربع، والعقد الاجتماعي ونظرياته...الخ، كما حرص الاحتلال الإنجليزي على أن يقيد الأمم اقتصادياً، حيث ربط البلاد المحُتلة، بفكرته الرأسمالية في الاقتصاد، وبمؤسساته المالية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، كما ربط البلاد بعملته، لتتأثر بها، لتحافظ تلك البلاد على قوة عملته، وتدافع عنها وتحميها من الانهيار، وحتى يكون متحكما في أسعار صرف عملات الدول الضعيفة، فلا تتحرر من قيوده، ولا تتعافى إلا بإذنه، وفي السياسة الخارجية ربط الدول الْمُحتلة بما يسمى بمنظمة الأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية؛ حتى يظل متحكماً في كل القراراتِ لهذه البلاد، وحتى يظل رافعاً العصا في وجه كل من تحدثه نفسه بالتحرر والانعتاق من قيوده، وقطع أياديه الملوثة بالقتل والبطش والنهب، فلذلك ظلت هذه البلاد في حالة استنزاف من العدوان الغربي بكل أشكاله الجديدة والقديمة، الاقتصادية والسياسية، إذن بعد كل هذه القيود، والشِراك، التي نصبها العدو، ليؤخر نهضة هذه البلاد الإسلامية، وليجد العاملون للتحرير من أفكار الكافر وثقافته، عقباتٍ وصعوباتٍ تعرقل عملهم وتفشل سعيهم.

 

إذن الاستقلال كان جريمةً ولم يكن تحرراً؛ إنما غيَّرَ به العدو المحتل وبدل بالموظفين الإنجليز، موظفين آخرين موالين له، لكن من أبناء البلد، يحافظون على مصالحه ونفوذه، ويصرفون الأمة عن مشروع وحدتها وقوتها الذي هو مطلبٌ شرعيٌ.

 

والعلاج يكون بكنس كل مشاريع الغرب مثل الاستقلال، والاستعمار، وأفكار الحرية، والديمقراطية، والسوق الحر، وصندوق النقد والبنك الدوليين...إلخ، وفضح خطط المحتل الغربي، وقطع كل أياديه في بلاد المسلمين، ومحاربة أفكاره، وثقافته الاستعمارية، وفضح عملائه، وإسقاط أنظمته، ولا يكون ذلك إلا بتبني الإسلام باعتباره نظاماً سياسياً، يكفر بكل قيود المحتلين وينعتق منها، والإسلام هو الوحيد الذي يحوي المخرج لهذه الأمة العظيمة، بوصفه نظاماً سياسياً متميزاً يعبر عن عقيدة الأمة، وأهل السودان جزء من الأمة، كما للإسلام القدرة على مد كل الخطوط الحياتية للناس؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ونحوها، بالمعالجات والحلول للمشاكل، كما يقدم فهما راقياً وفكراً مستنيراً، يقنع الناس ويطمئن أنفسهم ويوافق فطرتهم، لينهضوا به، وبتطبيق هذا الإسلام في السياسة والاقتصاد عبر دولته الخلافة، تطبيقاً، فعلياً لا بشعاراتٍ وأمنيات، عندها يكون التحرر حقيقياً، ويكون الاحتفال بخروج الاحتلال بكل أنواعه احتفالاً صادقاً مميزاً؛ حيث نحكم بلادنا بأنفسنا ونتمتع بخيراتنا في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فلا غش ولا تضليل، ولا تجار للسياسة، ولا سماسرة للحروب. قال تعالى: ﴿...أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 55].

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد جامع (أبو أيمن)

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

1 تعليق

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع