الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الخبث يخرج من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخبث يخرج من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر

 


طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة خبر القيام باحتجاجات في أماكن عديدة على قرار ترامب بمنع المسلمين فقط من سبع بلاد إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى القرارات الأخرى العنصرية والمتحيزة عرقياً أو دينياً، فخرج الكثير من الناس إلى الشوارع معترضين على هذه القرارات، بل وقد صرح الكثير من المثقفين والسياسيين أن مثل هذه القرارات لا تخدم أحداً سوى المسلمين الذين كان عندهم شك في أن الغرب يحمل شيئاً من الرقي الفكري والتميز في التعامل وقبول الآخر، كما أن الغرب كانوا يعتبرون مبدأهم وما قام عليه مقدساً لا يستطيع أحد تجاوزه أو تخطيه بشكل سافر، حتى انصدم المضبوعون وأصبحوا لا يعلمون كيف يدافعون عن مبدئهم وماذا يقولون، فاكتفوا بإلقاء اللوم على ترامب، وليس على المبدأ الذي نسجه البشر بتمردهم على شريعة الخالق الباري. وعليه فهناك أمور يجب أن تكون من البديهيات والمسلمات العقلية:


الأول: إن من خرج إلى الشارع وندد بهذه القرارات لم يكن دافعه حب الإسلام وأهله، أو إقراراً بصحة هذا الدين، أو حتى إقراراً بالفضل الذي قدمه الإسلام للأمم، بل لو سألت أحداً من الذين خرجوا: لماذا خرجت؟ لأجابك بكل وضوح: إن هذه القرارات لا تخدمنا ولا تخدم مبدأنا، ومنهم من سيتلطف فيقول: إن هؤلاء الممنوعين من دخول الولايات المتحدة ليس لهم ذنب، وهم فارون من "الإرهاب" ويريدون القدوم هنا من أجل العيش الكريم في بلادنا وتحقيق أحلامهم. الحقيقة أن الغرب لا يزال يثق بمبدئه ويراه الأفضل والأصلح للناس، فيدعون إلى شد الرحال إلى بلادهم من أجل العيش في أحضان مبدئهم، وهو حقيقة وكر الذئب الذي قتلهم ودمر بلادهم وشرد أهلها وجعلهم لاجئين. فهل هذه الجموع تقرّ ولو بشيء بسيط أن الإسلام هو الأصح وهو الذي يجب أن ينظم للناس حياتهم؟ كلا، لم يخرج من هذه الجموع أحد يقر بذلك، وسلوكهم لا يفهم منه ذلك. كما أن هناك من المسلمين من خرج مندداً بهذه القرارات - وهو يعي أو لا يعي- بأنه يطالب بأن يبقى الحال على ما كان عليه من قبل، بأن يبقى النظام كما كان من قبل، فهل هذا بوعيٍ منهم أم هو تقليد وسير مع التيار من غير تفكير في الموضوع من جميع جوانبه؟


الثاني: الأمر المستغرب هو قيام دور الإعلام الغربي وكذلك العربي بتضخيم الاحتججات، ما يعني أنه يراد تجييرها لخدمة فكرة، ألا وهي أن الناس ينادون ويثقون بنظامهم وعدله، ويقررون أن الإسلام دين فردي لا علاقة له بنمط الحياة ولا يؤثر في المجتمع والدولة، بل يقتصر على القيام بالعبادات! الإعلام نفسه الذي كان وما يزال يبرر قرارات حكام الغرب بمنع المسلمات من ارتداء الحجاب ومن مزاولة مهنهن باللباس الشرعي، وحتى منعهن من ارتياد المراكز التعليمية كالمدارس والجامعات بالحجاب. إن الإعلام يكشف عن أنيابه وأقلامه، فإذا قام أحد بالالتزام بالإسلام أو بالدعوة إلى تطبيقه يصفه بالتخلف والانحطاط إذا تعلق الأمر بهذا الدين العظيم، أما إذا قام أحد مثل أولاند أو ترامب بالدعوة إلى قمع الإسلام وتعميق الرأسمالية الجشعة العفنة، فيجد لهم مبررات كثيرة وحججاً قانونية، حتى على تجاوزهم مبدأهم نفسه، فكيف يكيل بمكيالين مختلفين؟! بئس من يستمع له ويؤيده في تناقضه.


الثالث: ما قد يجهله أو يتجاهله الكثيرون هو أن سيد البيت الأبيض قد انتُخب من قبل الملايين من سكان الولايات المتحدة، فما قد صرح بأنه سيفعله عندما كان يخوض المعركة الانتخابية لم يغيره أو يبدله، وانتخب رغم تصريحاته العنصرية والمعادية للإسلام بتصويت ديمقراطي حسب النظام الرأسمالي الأمريكي الذي خرج الناس مدافعين عنه؛ لقد أخبرهم قبل فوزه بأنه إذا فاز سيقوم بهذه الأمور وغيرها، فلماذا انتخبته الملايين (أكثر من 40 مليون أمريكي)؟!

 

 

ولماذا لم نسمع أحداً يخرج إلى الشارع مطالباً بعزله وإقالته من منصبه بسبب تعديه على مبادئ الدستور؟ وما أكثر ما سمعنا من الناس القول بأنها أربع سنوات فقط وتنقضي، ولن ننتخبه مرة أخرى، أليس هذا مما يثير السخرية؟!


الرابع: تصريحات المثقفين والسياسيين وإنكارهم قرارات ترامب التي أصدرها ونفذوها هم! إن تصريحاتهم لا تعدو قولهم له إن القرارات التي اتخذتها ليست خطأً من حيث الجوهر والمعنى، لكن يجب أن لا تكون بهذا الوضوح والسفور بل بشكل آخر سلس ومخفي، يحمل طابعنا الخبيث الماكر، وقولهم بأن قراراته تتعدى الدستور فهذا لأنها يجب أن تغلف بغلاف القوانين والدستور الذي يثقون به ويريدون تطبيقه ونشره وفرضه على الآخرين، لهذا أوجدوا مدخلاً قانونياً لتوقيف القرارات وليس إلغاءها، حتى يصدق عليها المشرّعون عندهم فيصبح لا ضير ولا مانع منها. إن هؤلاء شربوا وتشربوا هذا المبدأ ويعون وجهه القبيح، لكن متى يدعو هذا غيرهم للتفكير بالحلول الجذرية التي تعجل بالقضاء على هذا المبدأ العفن؟!


أخيراً: علينا نحن المسلمين أن نعي أن الإسلام العظيم يجب أن يسود على وجه الأرض، ونعمل من أجل ذلك، ولا نركن لغيرنا بأن يوجهنا ويفرض علينا ما لا يوافق فطرتنا ولا يقنع عقلنا السليم. علينا أن ندرك أن الإسلام يرعب أعداءه ويجعلهم يتخبطون ويقفون له بالمرصاد في كل خطوة يخطوها للعودة للحكم. علينا أن نعلم علم اليقين أنه لولا الاقتراب المتسارع لعودة الإسلام بأن يطبق في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، لما وجدنا أعداءه يقفون أمام كل باب يحاولون صده عن الحكم وإيصاد الباب في وجهه، لكننا أقرب إلى غايتنا بنشر الإسلام في ربوع الأرض كلها أكثر مما يظنون، وأفعالهم تسهل مخاض الوليد القادم بعون الله تعالى (الخلافة الراشدة على منهاج النبوة)، وإننا لنراه قريباً وهم يرونه بعيداً، وستدور الدوائر على البغاة الظلمة بفضل من الله سبحانه وتعالى.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح - أمريكا

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع