- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
سبب رفض (التوطين) هو حقد طائفي دفين وعنصرية بغيضة
تتكرر تصريحات بعض المسؤولين ضد اللاجئين في لبنان سواء أهل فلسطين أو المهجرين من أهل الشام، ويزداد التضييق عليهم، لا سيما أهل سوريا، بحيث يعاملون من قبل السلطة معاملة إرهاب وإذلال واعتقال، وسبب هذه المعاملة السيئة هو سعي بعض النافذين في السلطة لإعادة الاعتبار لصورة المجرم بشار سياسيا من خلال اتصال السلطة اللبنانية مع نظامه، وتشكيل دعم بشري له حتى يستفيد منه في زيادة قواته المسلحة التي تتهالك وتتناقص بشكل لافت، كما إن سبب رفض (التوطين) عند البعض الآخر هو أن دين هؤلاء اللاجئين هو الإسلام، ولو كانوا من غير دين لما كانت معاملتهم بهذه الطريقة ولعمل من أعمى الحقد بصيرته وختمت العصبية على قلبه ويتبجح برفض (التوطين)، لعمل على توطينهم وإعطائهم كافة حقوقهم، والدليل على ذلك هو توطين عشرات الآلاف من الأرمن ولهم نواب ووزراء داخل السلطة، وكذلك تم توطين النصارى من أهل فلسطين منذ تهجيرهم منها.
وأما ما يذكره بعض المسؤولين بأن سبب رفض (التوطين) لأنه يؤدي إلى خلل ديموغرافي في لبنان فغير صحيح، لأن الأكثرية السكانية في لبنان لصالح المسلمين، وغير المسلمين هم أقلية منذ زمن بعيد، وقد حافظ المسلمون عليهم في سائر بلدان العالم الإسلامي منذ مئات السنين، ولم يهجروا من بعض بلادنا إلا بعد دخول الغرب إليها واحتلالها. كما إن الزعم أن (توطين) أهل فلسطين يؤدي إلى ترك القضية الفلسطينية هو كذب مكشوف، لأن قضية فلسطين هي قضية إسلامية ويجب أن تعود كما كانت جزءا من بلاد المسلمين، ولن تتحرر فلسطين بحرمان المهجرين من أهلها من أبسط حقوقهم!
فالمهجرون المسلمون لم يتسببوا بسفك دماء الأبرياء من أهل لبنان في الحرب الأهلية، وليرجع كل مسؤول إلى تاريخه وسترون المجرم الحقيقي.
ومما يحز بالنفس أن كثيرا من أهل لبنان يسافرون إلى العديد من دول العالم ويعملون على تحصيل حقوقهم كافة، وحتى المهجرين من أهل الشام نجد أن الكثير من الدول تستفيد من خبراتهم وقدراتهم، كألمانيا وغيرها. فبإمكان لبنان الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم كافة بعيدا عن إرهابهم وإذلالهم واعتقالهم وإعادة تهجيرهم إلى ما فروا منه، وفي الواقع إن كثيرا من أهل لبنان استفادوا من أهل الشام بكافة المجالات ولكن هذه الاستفادة عشوائية تحتاج إلى تنظيم من قبل السلطة، وأن الممارسات العنصرية والطائفية تجاههم يجب أن تتوقف.
أيها المسلمون في لبنان: إن المهجرين من أهل فلسطين ومن أهل سوريا هم إخوانكم ولا يجوز لكم أن تتميزوا عنهم بناء على رابطة وطنية، فما يجمعكم معهم هي رابطة الدين التي تعلو الرابطة الوطنية المنحطة والرابطة القومية الرجعية، كونوا كصحابة رسول الله e الذين جمع بينهم الإسلام ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ إذ كانوا أعداء فألف الله بين قلوبهم بالإسلام، ولا تنخدعوا بتصريحات بعض المسؤولين الحاقدين على إخوانكم فهؤلاء يرفضون إعطاء الحقوق للمهجرين لأنهم مسلمون.
وأختم برسالة إلى غير المسلمين في لبنان:
لقد عشتم مع المسلمين مئات السنين في ظل دولة تحكم بشرع الله من الخلافة الراشدة إلى الخلافة الأموية فالخلافة العباسية ثم الخلافة العثمانية، وبعد تآمر الغرب على الخلافة العثمانية وتفتيت العالم الإسلامي وغياب حكم الإسلام قلّت أعدادكم في الشرق وتم تهجيركم من بعض البلاد كما تم تهجير الكثير من المسلمين أيضا، فالإسلام حماكم والغرب هو الذي هجركم فلا تنخدعوا بالغرب وخبثه، وكونوا مع من يحميكم ويحافظ عليكم، واعلموا أن المهجرين من المسلمين ليسوا أعداءكم، وأن حرمانهم من أبسط الحقوق هو ظلم يجب أن ترفضوه.
وأخيرا: فإنني هنا لا أدافع عن مجرم سواء أكان من أهل لبنان أم من أهل فلسطين أم من أهل سوريا، فالمجرم يجب أن يعاقب ولو كان من مكة، والمظلوم يجب أن يُنصر ولو كان من روما، ولكن من المعيب أن يتم تصوير جريمة ما يرتكبها مجرم فتنسب لأهل بلده وخاصة إن كان من المهجرين المسلمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الشيخ الدكتور محمد إبراهيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان