- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى "أصحاب العقول": اتركوا إدارة الكون لخالق الإنسان والحياة والكون
لا شك أن العالم اليوم يعاني من فشل سياسي واقتصادي واجتماعي على كل المستويات. هذا الفشل يتمثل في تبلد فكري يظهر في انقلاب الموازين ورداءة الحكم على القضايا والأحداث، وفي انعدام إحساس يظهر في قساوة القلوب، والواقع ظلام؛ ظلم وقتل وفقر وجهل وكُفر بالخالق عز وجل، وتشتت وضياع حقوق، فالأرواح البشرية رخيصة، ويكفي أن تتابع الأخبار أو تتابع أحداث البلاد الإسلامية أو فقط تراجع ما تمر به من وقائع في حياتك اليومية لتفهم أن هناك كارثة كبيرة قد ألمت بالإنسانية؛ ومع أن هذا العصر الحالي يسمى بعصر الحداثة والانفتاح والتكنولوجيا والتطور العلمي والرفاهية الاقتصادية (هذه الصورة الوردية المزيفة التي رسمتها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة) بينما يعلم جميع البشر بأن حقيقة الواقع المعاش أنه مُعتم ومُعدم؛ وهذا العصر ليس عصراً حديثاً بل هو عصر الحكم الجبري الرأسمالي البغيض. فالسبب في ذلك الواقع المرير الذي دمَّر البشرية والأرض والسماء هو أن من يدير شؤون العالم اليوم مدير فاشل ومستبد لا يفقه من احتياجات الإنسان والحياة والكون إلا إقصاء الخالق عز وجل عن حياة الإنسان. إن الذي يحكم ويتحكم بالعالم اليوم وحش مفترس يركض وراء إشباع شهواته ورغباته باسم الحريات والديمقراطيات؛ إنه وحش الرأسمالية العلمانية الغربية الذي ابتدعه العقل البشري، عقيدته كفر بالله عز وجل وأنظمته المجتمعية تسير بحسب قوانين من وضع البشر. لذلك لم يكن غريباً أن لا يفقه هذا المبدأ المتوحش الإرهابي إلا مصلحته ومنفعته، وهو مبدأ يربي شخصيات مغرورة لا ترى في جميع البشر إلا أنهم وُجدوا على سطح الأرض ليعيشوا حياة الانحلال وارتكاب الفواحش والجرائم. هذا المبدأ الكافر الذي لا يفهم إلا في العلمانية واللادينية وعِلمُه الذي ينشره للبشرية عِلم "الأنا" والأنانية والفردية التي تقوم على المصالح والمنافع المادية على حساب الضعفاء، فالبقاء للأقوى، والثقافة الغربية التي نشروها في بلاد المسلمين ثقافة الظلم والإرهاب والعنف والقمع والتسول وتربية الكروش والالتصاق بالعروش. هذا المدير مدير فاشل أثبت أنه في قمة الغباء لا يعرف كيف يستخدم عقله بالطريقة الصحيحة، والدليل أنه يتحدى خالقه! فهو كالثور الهائج في محلٍ جميع ما فيه مصنوع من الزجاج، يدعي أنه يعلم ما فيه صالح البشرية لكن غاب عنه أنه لا يستطيع معرفة كيفية إرساء القيم الكاملة والمفاهيم الصحيحة... فما هو الحسن وما هو القبيح؟ وما هو الحلال وما هو الحرام؟ وما الذي يفيد الإنسان والحياة والكون وما الذي يضرهم؟ ما هو المقياس الصحيح الذي يجب على الإنسان أن يقيس عليه أعماله وأقواله ليجد الحلول الصحيحة لمشاكله وليُنظم علاقاته؟ هل المقياس يمليه عليه العقل أم تشريع خالق العقل؟! هذه الإجابات لن تجدها عند الناس فما يراه أحدهم خيراً يراه آخر شراً وما يراه أحدهم حسن يراه آخر قبيحاً وهكذا، بالتالي فالعقل البشري فاقد للقدرة على معالجة القضايا الإنسانية لأنه مليء بالتناقضات وتؤثر عليه الاختلافات وهوى النفس ويعجز عن الإحاطة بكامل ما تحتاجه البشرية جمعاء لتدير شؤونها ولترعاها أحسن رعاية وأنسب إدارة تصلح للجميع وتحقق العدل وتضمن الحقوق وتحدد الواجبات. إن ذلك المدير الفاشل اليوم هو الكُفر، واسمه فصل الدين عن الحياة - العلمانية الوقحة التي تنكرت للخالق عز وجل والتي أقصت رب العباد عن إدارة الإنسان والحياة والكون بحجة أن العقل البشري صالح لعملية التشريع، ولكنه في واقعه سيضع القوانين التي تخدم مصلحة من يضعها فقط، هذا واقعٌ ومن صفات البشر التي نعلمها جيداً وأخبرنا الله تعالى بها:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [سورة المعارج: 19-23].
فالعقل البشري مخلوق خلقه الله عز وجل وكرم به الإنسان الذي اصطفاه على سائر المخلوقات لحمل رسالة الإسلام العظيم والنهضة بالبشرية بالعيش في حضن حياة مجتمعية إسلامية سعيدة ومطمئنة وفي كنف دولة الخلافة الإسلامية التي تُطبق القوانين الربانية الشرعية على جميع الناس والحياة والكون، وهي السبيل إلى الخروج بالبشرية من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، فالعقل البشري خلقه الله تعالى قادراً على حل العقدة الكبرى والاهتداء إلى وجوده سبحانه ثم أخبره بأن عليه العيش ضمن الحدود الشرعية وطاعته في التقيد بالأحكام الشرعية في كل شؤون الحياة. فالعقل البشري ناقص وعاجز وقدراته محدودة، فكيف يقدر على وضع قوانين كافية ومناسبة وصحيحة ليدير البشرية والعالم بأحسن شكل؟! إن النهاية الحتمية لإدارة أصحاب العقول لشؤون الإنسان والحياة والكون وتحديهم لحقيقة الخلق بأن الإنسان مخلوق لخالق عظيم وبدلاً عن الخضوع لإرادة وإدارة الله رب العالمين هو ما نلمسه اليوم من ظلم وفسوق وكفر، فهذا واقع البشر، فأهواؤهم تتغلب عليهم إلا من كان وقافاً على حدود الله تعالى؛ المؤمن الذي عرف الله تعالى حق معرفته والذي أقام إيمانه على أساس العقيدة العقلية الصحيحة التي تقنع العقل وتوافق الفطرة الإنسانية وتقيد بحكم الله ورسوله عليه الصلاة والسلام في كل مناحي الحياة في كل أنحاء العالم.
والبشرية تُعاني لأن هؤلاء ظنوا أن العقل البشري قادر على تجاهل حقيقة وجود الخالق عز وجل وتجاهل حقيقة سبب الخلق واغتروا بأنفسهم وظنوا أنهم قادرون على وضع نظام حياة يتحكم في أمور الناس وأنهم قادرون على تنظيم العلاقات وتوزيع الحقوق وتحديد الواجبات ومعالجة المشاكل والقضايا ورعاية شؤون مليارات المخلوقات والكائنات الحية؛ جراثيم وميكروبات ونباتات وحيوانات وأجرام وكواكب ونجوم وجبال وبحار وأراضٍ ورياح وأمطار... وملايين البشر، الذكر والأنثى، من أعمار مختلفة ولديهم قدرات على التفكير متفاوتة ومتأثرين ببيئات مختلفة وأعمالهم وأقوالهم وعقلياتهم ونفسياتهم وشخصياتهم...، فانتهى بهم الحال إلى الفشل والانحدار بالبشرية إلى أسفل سافلين! لكن الله تعالى خالق المخلوقات هو وحده جل وعلا من يعلم ما يحتاجه الإنسان، وكيف يجب أن تكون الحياة، وما الذي يُسيِر الكون، ووحده من يستطيع أن يدمر كل العالم أو يتركه، وهو فقط بيده الملك يهبه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء وبيده الحساب، يوم الحساب تذعن له السماوات والأرض وجميع المخلوقات طوعاً أو كرهاً:
قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ * أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ * أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَٰنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ * أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ [الملك: 14-26].
وقال جل وعلا: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ * ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ * قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: 23-29].
هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع الذي خلق الله تعالى العقل البشري وجعل فيه المقدرة على معرفة أنه مخلوق لخالق، وأخبره عن سر وسبب الخلق، فالله تعالى خلق الخلق لسبب وذكر ذلك السبب وفرض على الإنسان أن يتفكر في عقيدته وكل ما عجز العقل البشري عن إدراكه قد أخبر الله تعالى الإنسان به عن طريق الوحي لسيدنا محمد e في القرآن الكريم والسنة الشريفة وعلى الإنسان التفكر والتدبر وإدراك الواقع على حقيقته، وذلك يُرسخ عند العبد مفهوم العقيدة الإسلامية التي يجب أن تصبح القاعدة الفكرية التي يبني عليها العقل البشري جميع الأفكار والمفاهيم الأخرى المتعلقة بشؤون الإنسان والحياة الدنيا والآخرة:
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]. وقال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ [محمد: 19].
وعلى الإنسان أن يتعلم وأن يعبد الله على علم وأن يطيعه بتطبيق قوانينه، وفي تجاهلها إثم عظيم وغرور وكفر، فهذه القوانين قوانين ربانية وأحكام شرعية مستنبطة من القرآن والسنة. إذاً لقد وضع الخالق عز وجل حدا وخطا أحمر واضحا لتقف عنده العقول البشرية، ألا وهو عدم التشريع، فالعقل البشري يعجز عن التشريع لكنه قادر على التفكر والتدبر والإحساس بالواقع، وقادر على الإخلاص في البحث عن الحقائق وعلى قراءة الواقع على ما هو عليه فعلياً، ولديه القدرة على فهم الإسلام عقيدة ونظاما، وللمسلمين إن طبقوا الإسلام يصبحون سادة العالم ويقودونه ويُسيِّرونه وفق الأحكام الشرعية، وواجب العقل البشري أن يتحرى عن مصدر القوانين فإن كانت من رب العالمين عليه أن يتقيد بها، لكنه أبداً لا يسن القوانين ولا يشرع، فكيف يُشرع من كان ناقصاً وعاجزاً ومحدوداً، فالله تعالى هو وحده المُشرع وهو وحده القادر على وضع قوانين لإدارة جميع شؤون البشر وسائر الكائنات، ولقد حذر الله تعالى عباده مِن تجاوز حدوده:
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 189-191].
وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾ [الأحزاب: 36].
وعليه يجب على أصحاب العقول أن يدركوا بأن قمة الغباء هي في اتباعهم للقوانين الوضعية وتركهم للقوانين الربانية! وأن قمة الكفر والغرور في فصل الإسلام عن الحياة وما في ذلك من تحدٍّ وتعدٍّ على سيادة الشرع وعلى الله ورسله وكتبه وأنها منازَعة لله تعالى في مُلكه! وأن الحل والكرامة والعِزة والنهضة في جعل أنظمة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليم والخدمات ورعاية شؤون الرعية والحقوق والواجبات كلها تقوم على الأحكام الشرعية العادلة وحدها، وجميع الناس والمجتمع والدولة يخضعون لحكم الله تعالى فقط، وهكذا يتحقق معنى العبودية الذي أراده الله تعالى:
قال تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40].
إن العالم اليوم يعيش في صراع فكري مرعب في حرب بين الحق والباطل؛ بين نظام الإسلام وأنظمة الكفر؛ بين المطالبات بإسقاط أنظمة المجرمين حكام المسلمين الطواغيت الذين يخضعون للغرب الكافر المستعمر الذي يحكمونهم بالقوانين البشرية من خلال "البرلمانات التشريعية" وبحجة الديمقراطية، ليستمروا في فسادهم وأذية الشعوب التي ثارت على الظلم وعلى أنظمة الكفر، وبين المطالبة الحقيقية بتطبيق الإسلام وجعل الأحكام الشرعية مواد للدستور والقوانين في دولة الخلافة الراشدة التي تحكم العالم بالإسلام وتنهض بالبشرية من القاع؛ بالانعتاق والتحرر من عبودية المصالح إلى العبودية لخالق البشر. ومع كل يوم يمر يقترب المسلمون من الله تعالى ويعيشون هويتهم الحقيقية فهم أحباب سيدنا محمد e الذين ثاروا اليوم على أعداء الإسلام في شتى بلاد المسلمين، منها سوريا ومصر وليبيا وتونس والجزائر والسودان وحتى فرنسا ثارت على منظومة العقل البشري الرأسمالية العلمانية الظالمة، فالثورة ثورة على أصحاب العقول الأغبياء والضالين والمغضوب عليهم وأذنابهم. فالحكمة وكل العقل في أن يختار الإنسان صف الله تعالى ليفوز في الدارين وذلك قمة السداد والثبات. نسأل الله تعالى النصر القريب.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان