- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الربيع العربي الثاني... إلى أين؟؟
(مترجم)
شمال أفريقيا وقع في خضم ربيعه العربي، حيث شهد أسابيع من الاحتجاجات للإطاحة بالديكتاتوريين الذين حكموا لعقود طويلة. فقد شعر الكثيرون بالإحباط من نتيجة الربيع العربي الذي بدأ في عام 2011. حيث شهدت تونس انتقالاً كاملاً بعيداً عن النظام السابق، لتوصل حركة النهضة التي أدارت ظهرها لحكم الإسلام، وها هو اليوم رجل بن علي قد عاد إلى السلطة. وفي مصر، تخلى الإخوان عن الحكم الإسلامي والجمهور انقلب عليهم لأن حكمهم كان يتسم بالفشل، مما أدى في النهاية إلى انقلاب عسكري، ولكن عاد الجيش إلى السلطة مرة أخرى. ودمرت المدن في سوريا واليمن وليبيا بسبب التدخل الأجنبي والحروب عليها، وخرج كثيرون من شمال أفريقيا مرة أخرى إلى الشوارع للمطالبة بتغيير حقيقي بسبب الدكتاتوريين الذين نهبوا البلاد.
خرج البعض إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير في السودان والجزائر في عام 2011، ولكن في كلتا الحالتين، كانت المظاهرات محدودة وتم سحق الجماهير في السودان. وهذا يدل بأنه في عام 2019، تعلم البعض الدروس من الربيع العربي بالحفاظ على جزء كبير من النظام الحالي من القادة العسكريين.
الجزائر تعتبر ثاني أكبر مساحة بين البلدان في أفريقيا، إلى جانب أنها تعتبر من أكبر السكان عددا بين الدول الست المجاورة للصحراء. والبلد موطن لاحتياطيات الطاقة القيّمة التي وفرت دفقاً ثابتاً من الصادرات التي تتدفق إلى جنوب أوروبا لعقود عدة، إلى جانب آلاف الأميال من ساحل البحر المتوسط الغني بالموارد. لكن على الرغم من كل هذه المزايا، هيمن الجيش على الجزائر الذي احتكر هذه الثروة. واستفادت الحكومات المتعاقبة أيضاً من ثروات الطاقة في البلاد، مما ترك البلاد تعاني من الفقر والحرمان، حيث يعيش 12 مليوناً من سكان الجزائر البالغ عددهم 40 مليون نسمة في فقر.
غيّر المستبد الهرم عبد العزيز بوتفليقة الدستور في عام 2008 لتعديل شرط تقييد ولاية الرئيس من فترتين فقط إلى أربع. على الرغم من السكتة الدماغية التي أصابته في عام 2013 وعدم ظهوره في الأماكن العامة، قدم بوتفليقة رسمياً ترشيحه لانتخابات نيسان/أبريل 2019 في آذار/مارس 2019. وكان هذا سبب خروج الجماهير بأعداد متزايدة إلى الشوارع للاحتجاج.
في السودان، استخدم عمر البشير الاختلافات القبلية لمصلحته الخاصة التي ضمنت عدم ظهور معارضة موحدة لحكمه. أعدم البشير كل أجندة أمريكا التي تضمنت فصل جنوب السودان. واستخدمت أمريكا العديد من الإغراءات والعقوبات للحفاظ على عمر البشير في خط السلطة.
وعلى الرغم من أن السودان ينعم بالموارد الطبيعية والثروة المعدنية، فإن معظم سكانه يعانون من الفقر. ولكن من خلال تسليم جنوب السودان، فقدت حقول النفط وأعد اتفاق يتقاسم عائدات النفط تاركاً للسودان عملة ضئيلة أو معدومة. في عام 2018، حاولت الحكومة إخفاء الوضع الاقتصادي القاسي بالإشارة إلى إزالة العقوبات الأمريكية. لكن الافتقار إلى العملة الصعبة أدى إلى إلغاء الدعم على الخبز، مما أدى إلى مضاعفة الأسعار وعدم السيطرة عليها. حاولت الحكومة طباعة طريقها للخروج من هذه المشكلة، الأمر الذي زاد الأمور سوءاً. وفي كانون الأول/ديسمبر 2018 اندلعت المظاهرات في العديد من المدن السودانية، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. وتحولت الاحتجاجات بسرعة من مطالب الإصلاحات الاقتصادية العاجلة إلى مطالبة عمر البشير بالتنحي. وفي شباط/فبراير 2019، أعلن البشير حالة الطوارئ وحل الحكومات الوطنية والإقليمية، واستبدل بها ضباط الجيش والاستخبارات. ثم زادت الاحتجاجات.
في كلا البلدين تدخّل الجيش وأزاح الحكام لاسترضاء المتظاهرين. ففي الجزائر، قام رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صلاح، بإقالة الرئيس فعلياً، قائلاً إنه لم يكن قادراً جسدياً على أداء دوره. وفي السودان في 12 نيسان/أبريل 2019، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، عوض بن عوف، تنازل عمر البشير. وفي كلتا الحالتين، قام الجيش بنقل الرجال الذين كانوا قوة متنفذة من أجل أن يُري أنه إلى جانب المتظاهرين وقدموا فترات انتقالية مع الجيش المسؤول. هذا هو النموذج المصري الذي استخدمه الجيش للحفاظ على موقفهم عندما أقالوا حسني مبارك في عام 2012.
يحتاج مسلمو كلتا الدولتين إلى ضمان أن ثورتهم يجب أن لا يتم اختطافها من القوى الأجنبية أو من الجيش الذي يدعي حماية مصالحهم. وهذا يتطلب منهم الاستمرار في المسار الحالي والدعوة والعمل من أجل تغيير كامل في النظام. وهذا يتطلب منهم أن يتوصلوا إلى مواقف مفصلة حول الانتقال إلى لا شيء غير الحكم الإسلامي.
في السودان بالفعل كان هناك تغيير وتطور شوهد عند الشعب الذي أطاح بعمر البشير، ويبدو أن الشعب لم يعد يقبل بالوجوه والأشخاص الذين يضعهم الجيش. وفي الجزائر، أراد المتظاهرون في الأصل أن يسحب عبد العزيز بوتفليقة ترشيحه لولاية خامسة، وأراد أن يتنحى رئيس الوزراء أحمد أويحيى. كما ويدعو الشعب الجزائري إلى تطهير هائل في حكومة العشائر الحاكمة، والمعروفة مجتمعة باسم البوفوار.
يبدو أن الربيع العربي الأول قد أفاد المسلمين، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان التغيير سيصل بنا إلى دولة إسلامية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان