- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الصراع في اليمن بين أذناب بريطانيا وأتباع أمريكا إلى أين وصل؟
الجزء الأول (1)
إن دول الاستعمار لا يهمها إلا مصالحها فهي تتحرك بناء على هذه المصالح فكان من الطبيعي أن تغزو العالم وتزرع عملاء مرتزقة من أهل البلاد ليكونوا خدماً لها مقابل بقائهم في السلطة وهي تسندهم حتى إذا انتهى دورهم بحثت عن البديل ورمتهم في قارعة الطريق إما قتيل أو سجين أو شريد مهين...
اليمن هي إحدى الدويلات في بلاد المسلمين التي يحكمها عملاء للغرب، وهؤلاء الحكام يستمدون قوتهم من الغرب الكافر وليس من الأمة فهم موظفون وليسوا حكاماً.
احتلت بريطانيا عدن عام 1839م وخرجت منها بجيشها في 1967م وكان سبب خروجها هو الرأي العام الذي أوجدته أمريكا والاتحاد السوفيتي حول الاستعمار القديم وإعطاء الشعوب الاستقلال، إضافة إلى قيام أمريكا بتحريك رجالها مثل عبد الناصر الذي قام بتحريك جيش مصر في دعم الثورات ضد المستعمر القديم بريطانيا وفرنسا، ولكن بريطانيا لم تخرج من جنوب اليمن مكتوفة الأيدي بل سلمت الحكم للجبهة القومية الموالية لها، وتركت جيشاً من العملاء في الشمال والجنوب سياسيين ورجال مال وأعمال ومفكرين وفعاليات مؤثرة.
ظلت أمريكا تحاول أخذ اليمن حيث حاولت في الجنوب بعد 1963م عن طريق جبهة التحرير ففشلت، ثم استمالت في السبعينات الرئيس سالم رُبيع ولكن الإنجليز قتلوه، وفي الثمانينات استمالت الرئيس علي ناصر فحدثت حرب في 1986م بينه وبين رجال الإنجليز فخرج من عدن طريدا واستقر به المقام في سوريا أيام الهالك حافظ أسد عميل أمريكا، أما في الشمال بعد ثورة 1962م التي ساندها عبد الناصر ضد المملكة المتوكلية دخلت القوات المصرية وكان أول رئيس تحت رعايتهم عبد الله السلال، وفي بداية السبعينات استولى إبراهيم الحمدي على الحكم وكان من رجال أمريكا فاغتاله رجال الإنجليز، ثم في 1994م استمالت عميل الإنجليز علي سالم البيض الذي كان رئيس الشطر الجنوبي ولكن بعد الوحدة بين الشطرين 1990م تحت رعاية الإنجليز أصبح نائب الرئيس علي صالح، حيث أوعزت له أمريكا إعلان الانفصال وفك الارتباط خصوصا عندما بدأت العلاقة تسوء بينه وبين علي صالح بسبب أن صالح كان يقصي جناح علي سالم، فنشبت الحرب بينهما وانتهت بهزيمة علي سالم وسيطرة الماكر صالح على اليمن. وأنجح محاولاتها عن طريق حركة الحوثيين، فقد كانت ثورة شباط/فبراير 2011م فرصة كبيرة لظهور الحركة في ساحات التغيير فظهروا بقوة، ومن ثم دعمتهم أمريكا عن طريق المبعوث الأممي جمال بن عمر، فدخلوا مؤتمر الحوار الوطني وحصلوا على تمثيل يفوق حجمهم الحقيقي، وقبل توقيعهم على مخرجات الحوار انقلبوا عليه لأن المخرجات لم تعط أمريكا مرادها، مع العلم أن مخرجات الحوار هي مخرجات علمانية سافرة فضحت كل من شارك فيها وخصوصا أصحاب العمائم واللحى، ولكن الحوثي لم ينقلب على المخرجات من منطلق شرعي بل من منطلق مصلحي وإلا فهو شارك في كل اللجان التي صاغت هذه المخرجات المتهافتة، وفي أيلول/سبتمبر 2014م دخل الحوثيون صنعاء، عندها قسم الإنجليز أذنابهم إلى فريقين علي صالح وجزء من حزب المؤتمر ينخرط مع الحوثيين، والفريق الثاني عبد ربه منصور هادي والبقية الباقية من حزب المؤتمر إضافة إلى حزب الإصلاح، وأثناء هذا تم توقيع اتفاق السلم والشراكة بين الفرقاء عملاء الإنجليز وعملاء الأمريكان، ولم تلتزم به جماعة الحوثي، كل هذا ما كان ليحدث لولا:
1- دعم أمريكا الكبير للحوثيين وقد ازداد تأثير أمريكا في اليمن بعد هلاك عبد الله بن عبد العزيز العميل الإنجليزي وصعود عميل أمريكا سلمان بن عبد العزيز في السعودية.
2- ضعف الإنجليز دولياً أمام أمريكا، وانعكس هذا الضعف على عملائهم في البلد بالذات المؤتمر والإصلاح، بالرغم من كثرتهم ولكنهم كانوا أمام الحوثي أذلاء صاغرين أقزاما، سربلتهم العمالة بالخزي والعار، يعملون من تحت الطاولة.
ثم زادت قوة الحوثي بعد 2015/3/26م عندما بدأت عاصفة الحزم التي ضربت عملاء الإنجليز وحولت الحوثي من معتدٍ على الدولة ومؤسساتها في نظر الناس إلى معتدًى عليه، التف الناس حوله باسم الدفاع عن الوطن...
هذه المقدمة كان لا بد منها حتى تتضح الصورة، وسوف نتحدث على مراكز القوى المؤثرة في البلد ومن هي الجهة التي لها اليد الطولى فيها الآن:
أولاً: الجيش:
ظل الجيش تحت سيطرة ونفوذ رجال الإنجليز ولم يستطع الأمريكان اختراقه، وقد عمد الأمريكان إلى محاولات عن طريق عمل تأهيل للجيش بالدورات العسكرية ثم عمدوا إلى تأسيس ودعم إنشاء جهاز الأمن القومي في عام 2002م ودعم قوات مكافحة (الإرهاب)، وكانت تواجه هذه الأعمال بمكر من رجال الإنجليز الذين كان يرميهم علي صالح ليظهروا الولاء للأمريكان وهم في حقيقتهم إنجليز، حدث تصدع وخلاف بين رجال الإنجليز بعد 2006م حيث بدأ علي صالح الرئيس في ذلك الوقت بتهيئة الأجواء لجعل ابنه أحمد خليفة له، فجن جنون علي محسن الأحمر والشيخ حميد الأحمر، وعلي محسن من أخبث رجال الإنجليز وله تأثير على مشايخ القبائل وإضافة إلى أنه محسوب على حزب الإصلاح، وكان يشغل قائد الفرقة الأولى مدرع والمكون من 23 لواءً، وتعتبر القوة الثانية بعد قوات الحرس الجمهوري، حيث كان علي محسن يطمع أن يتولى الحكم بعد علي صالح وهذا الذي أدى إلى وجود خلاف بينهم، عمل علي صالح على تقوية قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجله أحمد علي صالح المكونة من 17 لواء، وعمل على إضعاف الفرقة الأولى مدرع حيث أشركها بالحروب مع الحوثي من 2004م إلى 2010 على فترات متقطعة.
وسوف نلخص الحالة التي وصل لها الجيش:
1- الخلافات بين رجال الإنجليز في وسط الجيش أدى إلى إضعافه وسهولة اختراقه أو تفكيكه، وكان السبب الرئيسي في هذه الخلافات هي الأطماع اللامحدودة للهالك علي صالح رجل الإنجليز الماكر.
2- هيكلة الجيش حيث حرصت أمريكا على أخذ هذا الملف لغرض اختراقه وإضعاف نفوذ الإنجليز، ثم عملت على تشتيت القوات وتغير مسمياتها ودمجها، ولم تنجح في إبعاد نفوذ الإنجليز ولكن أضعفته نوعا ما وذلك بإبعاد القيادات السابقة المرتبطة ارتباط ولاءٍ ونسب برجل الإنجليز علي صالح.
3- دخول الحوثيين صنعاء وتحالف علي صالح معهم، حيث مكنهم من دخول المعسكرات فنهبوا السلاح وحملوا الكثير منه إلى معقلهم صعدة، وقد كان يخيل إليه أنه بإشارة منه سوف يعيد السلاح. وصل الرجل إلى مرحلة من الثقة المفرطة بنفسه والتي أوقعته جثة هامدة بين أيديهم.
4- عاصفة الحزم حيث ركزت على تدمير معسكرات الحرس الجمهوري التابعة لعلي صالح، وأيضا استهداف قادة الحرس وخصوصا عندما ضربت القاعة الكبرى التي كان فيها عزاء، وقتل فيها قرابة 500 شخص كان معظمهم من حزب المؤتمر وقادة الجيش من الصف الأول والذي كان علي صالح يدير البلد بهم.
5- تفرق الجيش القسم الأول ظل تحت سلطة الحوثي الظالم وانخرط معه في القتال ضد التحالف واقتنع بأفكار الحوثي بسبب الدورات الثقافية المركزة التي تقوم بها الحركة الحوثية، والبعض قاتل مع الحوثي ليس قناعة ولكن لغرض الحصول على أموال خصوصا بعد توقف صرف الرواتب وهؤلاء يمكن تصنيفهم أنهم ليسوا مضموني الولاء للحوثي. والقسم الثاني من الجيش ذهب ليقاتل مع التحالف المجرم منهم من ذهب مع علي محسن في مأرب وما حولها وهؤلاء أغلبهم من الفرقة الأولى مدرع أو من حزب الإصلاح وهؤلاء لا زالوا إنجليز، والبعض ذهب للقتال في الشريط الحدودي مع مملكة آل سعود والدعم والتسليح مباشر عن طريق أمراء آل سعود وهؤلاء سوف يتم استقطاب جزء منهم للعمل مع الأمريكان عن طريق آل سعود، والجزء الأخير من هذا القسم ذهب للقتال مع الشق الآخر للتحالف مع الإمارات وانضم لقوات طارق صالح في الحديدة وهؤلاء تحت مظلة الإنجليز. والقسم الرابع والأخير هم المخلصون الذين أدركوا أن هذه الحرب لا تخدم الإسلام ولا المسلمين وأن أدوات الصراع عملاء للغرب الكافر.
هذا هو واقع الجيش في اليمن، ومن خلال النقاط أعلاه يلاحظ ضعف نفوذ الإنجليز على المستوى الذي كان عليه من قبل، وقوي فيه نفوذ الأمريكان ولكن لم يصل إلى مستوى قوة الإنجليز بعد ولكنه في تقدم مستمر، ولوحظ أن الجيش هو الأداة الفاعلة في الصراع، وسوف نظل ندعوهم إلى التوقف عن تنفيذ مخططات الغرب والعمل لنصرة دينهم، فإلى متى يظلون ينفذون إما مخططات أمريكا أو مخططات الإنجليز؟! حري بهم أن يدركوا ويعوا على هذا الصراع الذي قتل أبناءهم وجوّع أهليهم وأغضب ربهم وجعلهم يعيشون حياة ضنكا، فإلى العمل لنصرة العاملين المخلصين لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل لها حزب التحرير.
يتبع الجزء الثاني...
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الهادي حيدر – ولاية اليمن