- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كيان يهود هو كيان غاصب لأرض إسلامية
يحرم الاعتراف به أو التطبيع وعقد الاتفاقيات معه
إنّ الحديث عن كيان يهود من ناحية شرعية حديث عن حالة فريدة في العلاقات الدولية، إذ إنه صحيح أنّ كيان يهود يستوي مع غيره من الدول الاستعمارية الكافرة كأمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والهند من حيث إنهم من الكفار الحربيين فعلا وأنهم يحتلون بلادا إسلامية، وأنهم أجرموا وما زالوا يجرمون بحق المسلمين ومقدساتهم، وأنهم يعادون الإسلام بكل صلافة ووقاحة، ولكن لكيان يهود ميزة إضافية جعلته يختص بمحظورات إضافية تتعلق به دون غيره، وهذه الميزة أنه كيان قائم كليا على أرض إسلامية، وبدون هذه الأرض أو هذا الاحتلال فإنه منعدم غير موجود، ولذلك كان أي شكل من أشكال العلاقات الدولية أو المعاملات معه تضفي عليه شرعية مرفوضة ومحرمة شرعا.
أما أنّ كيان يهود مثله مثل أمريكا والهند وبريطانيا وفرنسا وروسيا هم من الكفار الحربيين فعلا فهذا أمر واضح لكونهم يحتلون بلادا إسلامية ويحاربون المسلمين، والعلاقة مع الكفار الحربيين الأصل أن تكون هي الحرب، لقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [سورة التوبة: 36] وقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [سورة التوبة: 123].
والدولة المحتلة لبلد إسلامي يجب قتالها وإخراجها من البلاد، لقوله تعالى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.
والدولة المحاربة بالفعل لا تعقد معها أية معاهدة قبل الصلح، ولا يعطى الأمان لأحد من رعاياها إلاّ إذا جاء ليسمع كلام الله، أو جاء ليكون ذمياً يعيش في بلاد المسلمين، بخلاف الدولة الحربية غير المحاربة بالفعل فإنها تعقد معها المعاهدات التجارية وحسن الجوار وغير ذلك، ويعطى رعاياها الأمان لدخول البلاد الإسلامية للتجارة أو النزهة أو السياحة أو غير ذلك.
أما الميزة الإضافية لكيان يهود المحتل للأرض المباركة فلسطين، فهو أنه لا وجود له إلا بهذا الاحتلال، فهو ليس كيانا قائما بذاته كالهند سواء احتلت كشمير أم لا فهي موجودة، أو كروسيا سواء احتلت الشيشان والقوقاز والقرم أم لا فهي موجودة، بل بدون فلسطين لا وجود لكيان يهود، ولذلك كان أي تعامل أو علاقة معه تعني الاعتراف بوجوده وشرعيته، وهو حرام شرعا.
فالصلح أو الهدنة المؤقتة تجوز مثلا مع أي دولة محاربة فعلا إن كانت لحاجة أو لضرورة أو لمصلحة المسلمين مؤقتا لأسباب تتعلق بالسياسة الحربية أو ميزان القوى، ولكنها لا تجوز مع كيان يهود، لأنها تعني الاعتراف بشرعية احتلاله لفلسطين وهو حرام.
وإن كان الحديث عن التطبيع وبناء العلاقات مع كيان يهود، فهي أشد إجراما، لأنها تجمع بين الحرام والخطورة على قضية فلسطين، فالتطبيع هو أكبر أماني الاحتلال، لأنّ الغاية من إيجاد كيان يهود في فلسطين كانت أن يكون خنجرا مسموما وسرطانا خبيثا في خاصرة الأمة الإسلامية يحول دون وحدتها ويفت في عضدها ويعيق تحررها من الاستعمار وأراد الغرب لكيان يهود أن يكون قاعدة متقدمة في وسط العالم الإسلامي لتكون منطلقا له حينما يجد الجد وتنطلق الأمة في مسيرتها نحو التحرر الحقيقي من ربقة الاستعمار، لذلك بذل الغرب من خلال خططه وأدواته العملاء من الحكام والمفكرين والسياسيين جهودا كبيرة متواصلة وعبر عقود من أجل دفع العالم الإسلامي لقبول هذا الجسم الغريب والسرطان الخبيث في خاصرتها، تحت حجج وذرائع شتى، وليس آخرها التصدي للبعبع الإيراني في العالم الإسلامي. وغذ الحكام وأزلام الغرب الخطا نحو دفع المسلمين والهيئات والحركات نحو التطبيع والقبول بهذا الكيان الغاصب للأرض المباركة فلسطين، وغيبوا عن الساحة الوعي والخطاب كل معاني التحرير أو خلع الاحتلال من جذوره من الأرض المباركة فلسطين، وطفت على السطح مصطلحات التعايش والقبول بالأمر الواقع والوضع الراهن وكأن الاحتلال قضاء الله الذي لا مفر منه!
إن مخطط الاستعمار فيما يتعلق بفلسطين أن يرسخ فيها كيان يهود ويجعل لهم السلطان عليها، وهذا أمر مهد له من خلال ابتكار وصناعة منظمة التحرير الفلسطينية ووليدتها السلطة الفلسطينية التي أراد لها الغرب أن يتم اختزال المسلمين فيها لتكون الممثل لقضية فلسطين، تمهيدا للاعتراف بكيان يهود وترسيخ وجوده باتفاقيات سلام وخيانة باطلة. ورأى الاستعمار أنّ هذا لا يتم بكماله إلا إذا شارك السلطة والمنظمة حكامُ العرب والمسلمين، وأشركوهم في إضفاء الشرعية على كيان يهود والاتفاقيات الخيانية معه، وفي خداع المسلمين المحبين لفلسطين، مسرى نبيهم e، بإيهامهم أنّ أهل القضية المصطنعين قد قبلوا السلام والتعايش مع الاحتلال فلا بد لباقي المسلمين من القبول أيضا بما قبل به أهل القضية!! حتى يفضي ذلك إلى أن تصبح البلاد الإسلامية مسرحا وملعبا لدسائس وخبائث يهود، يفسدون فيه ويعينون الحكام على شعوبهم لدوام الاستعمار، ويرسخون الكفر فيها.
من هنا أتت أهمية التطبيع في خطط الاستعمار، فهو بوابة الفساد والإفساد الجديدة للبلاد الإسلامية، وهو أحد أركان خطة ترسيخ الاحتلال للأرض المباركة فلسطين، ومن هنا أتت خطورة التطبيع الذي يمكن وصفه بمسمار يُدق في نعش قضية فلسطين، وقبل ذلك ومعه، فهو حرام شرعا لأنه يعني الاعتراف بشرعية الاحتلال الباطل.
من ضمن الكذب والتضليل الذي يمارسه حكام المسلمين على شعوبهم لتبرير التطبيع مع دولة يهود، الادعاء بأن في التطبيع مصلحة اقتصادية وتحقيقاً للاستقرار السياسي في المنطقة، وهذا الادعاء كذب وتضليل عن الحقيقة، فهو فوق أن التطبيع مع أي محتل لا يجوز، وهو أشد حرمة مع دولة يهود، كما تقدم ذكره، ولا يوجد مصلحة للمسلمين في الحرام، مهما ظن البعض أو توهم بوجود مصلحة فيه، فوق ذلك فإن الواقع يكذّب هذا الادعاء، فأين الرخاء الاقتصادي الذي جنته مصر من توقيع معاهدة التطبيع مع دولة يهود في "كامب ديفيد" منذ عام 1978؟! وأين الرخاء الاقتصادي الذي جنته الأردن من توقيع معاهدة "وادي عربة" منذ عام 1994؟! بل أين الرخاء الاقتصادي الذي جناه أهل فلسطين منذ توقيع منظمة التحرير بقيادة الخائن الأكبر ياسر عرفات "اتفاقية أوسلو" الخيانية منذ عام 1993؟! لقد تحولت كلا الدولتين، مصر والأردن، منذ توقيعهما للاتفاقيات التطبيعية مع كيان يهود، تحولتا إلى حارس لأمن دولة يهود، ومرتع سياحي وإفساد ليهود، ولم ينتفعا بأي مصلحة اقتصادية، بل أصبحتا تنفقان من اقتصاديهما على الحفاظ على أمن يهود، وسلامة من يأتي من يهود سائحا للقيام بكل الكبائر السماوية، إضافة إلى أن كلا الدولتين أصبحتا جسرا لعبور يهود ومخابراتهم ينفذون من خلالها لباقي البلاد الإسلامية، أما الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنه منذ توقيع اتفاقية أوسلو، ارتفعت نسبة البطالة بين الناس حتى أصبحت أكثر من 50%، وارتفع الغلاء فيها، حتى أصبحت تلك المناطق رابع أغلى منطقة معيشة في العالم! لقد كان الأولى بحكام الضرار ومن يشد على أيديهم الأخذ بشهادة رب العالمين قبل التمادي بكذبهم وتضليلهم، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾ [النساء: 53].
أما الادعاء بأن التطبيع مع كيان يهود يحقق الاستقرار السياسي في المنطقة، فهذا أيضا تضليل، فكيان يهود كدولة الهند، لا تحمل إلا كل ضغينة على الإسلام والمسلمين، وذلك أيضا بشهادة رب العالمين القائل: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: 82]، ومن كان هذا حاله لا يمكن إلا أن يعيث في الأرض الفساد ويمكر للذين آمنوا، وهكذا فعلت دولة الهندوس وما زالت تعيث فسادا في كشمير، وتقوم بالعمليات الإجرامية في أفغانستان وباكستان، وكذلك الأمر بالنسبة لكيان يهود، الذي لم يحترم اتفاقياته مع حكام العرب المطبعين معه، حيث قام باغتيال العديد من المخلصين والعلماء والخبراء في العراق وتونس والخليج وغيرها، وقد قام بهذه الجرائم وهو لم يتمكن بعد في المنطقة، فماذا سيفعل بعلماء وخبراء القوة العسكرية والنووية في باكستان إن تمكن من التطبيع مع حكامها؟!
أما قضية فلسطين فحلها الشرعي الوحيد هو أن يتم تحريرها من الاحتلال بكامل ترابها، دون مساومة أو مفاوضة أو سلام، ويحرم عقد اتفاقيات السلام أو تقاسم الأراضي بينهم وبين المسلمين، بل يجب أن يتم تحرير كل شبر فيها ليعود إلى حظيرة الإسلام والمسلمين، ففلسطين أرض إسلامية خراجية فتحها فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحررها القائد البطل صلاح الدين الأيوبي وحافظت عليها الخلافة عبر عقود مديدة، وروت ثراها دماء آلاف الشهداء والأبطال ممن شاركوا في فتحها وتحريرها والحفاظ عليها، وهي أمانة في عنق الأمة الإسلامية إلى يوم الدين، يجب أن يوفوها حقها؛ بالعمل على تحريرها وتطهيرها من رجس يهود المحتلين.
لذلك وجب على كل المسلمين أن يحاربوا التطبيع مع كيان يهود، وأن يتصدوا لكل محاولات بناء العلاقات معه، مهما كان شكلها، وأن يدعو الجيوش ويحرضوهم على الخروج إلى قتال يهود لتحرير فلسطين من رجسهم، وتخليص المسلمين من شرورهم. ولا يتصور أن يتحقق ذلك تحت قيادة هؤلاء المهرولين للتطبيع مع كيان يهود من حكام المسلمين، بل يكون ذلك تحت قيادة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي يعمل لها حزب التحرير والتي بشّر بقيامها e، ويدعو المخلصين من الضباط في جميع جيوش المسلمين لإعطائه النصرة لإقامتها، وحينها تجيّش دولة الخلافة جيوش المسلمين لتحرير فلسطين وكشمير وباقي بلاد المسلمين المحتلة، كما قال رسول الله e: «تُقَاتِلُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِيَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الحَجَرِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ» (رواه البخاري).
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان