- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مباحثات جدة بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي إلى أين؟
لما رأت بريطانيا أن الرئيس هادي الذي يقع تحت الأسر الأمريكي عن طريق السعودية، والتي تمارس عليه الضغوط لتنفيذ أجندتها باسم إعادة الشرعية لحكومته، لما رأت بريطانيا ذلك أوعزت للمجلس الانتقالي وقواته عن طريق الإمارات سحب البساط من تحت أرجل حكومة هادي وذلك بالانقلاب عليها عن طريق قوات الانتقالي، تلك القوات التي عملت الإمارات على إعدادها وتدريبها وتسليحها ودفع رواتبها مستغلةً مراسيم تشييع جنازة أبي اليمامة إلى مثواه الأخير بمقبرةٍ قريبة من قصر معاشيق، وانشغال النظام السعودي بموسم الحج.
بعد أن تم بسط سيطرة المجلس الانتقالي على أكثر المحافظات الجنوبية تدخلت السعودية وقامت بدعم قوات هادي حتى انقلب الحال رأساً على عقب، وكادت قوات هادي أن تستعيد كافة المحافظات الجنوبية التي استولت عليها قوات الانتقالي، لولا تدخل الطيران الحربي الإماراتي والذي قام بضرب القوات الحكومية التابعة لهادي مما أدى إلى توقفها عن دخول مدينة عدن بل وانكسارها وسيطرة قوات المجلس الانتقالي من جديد على محافظة أبين بالإضافة إلى محافظتي لحج والضالع وكذلك عدن في تمثيلية مشتركة بين الأجنحة البريطانية التي كانت نتيجتها إراقة الدماء بين الطرفين وتدمير السلاح الذي يجب أن يوجه نحو أعداء الأمة لتحرير المقدسات التي يدنسها أعداء الإسلام ليل نهار وعلى مرأى ومسمع من حكام الأمة.
لم تبق السعودية مكتوفة الأيدي لما حدث لقوات هادي، ولكنها غيرت أسلوب التعامل مع المجلس الانتقالي وذلك من أسلوب التهديد والأعمال العسكرية إلى الأعمال السياسية، فقد وجهت للمجلس الانتقالي الدعوة الأولى إلى جدة للحوار مع حكومة هادي ولكنها لم تحقق أي اتفاق، فقامت بتوجيه الدعوة له للمرة الثانية للحوار بعد الأحداث الدامية الأخيرة، ذلك في محاولة منها للهيمنة على الزبيدي ومجلسه كما فعلت مع هادي وحكومته، ومع أن هذا ليس بالأمر السهل لأن بريطانيا وراء تشكيل هذا المجلس بسبب وقوع هادي تحت هيمنة السعودية، ولذلك فلن تسمح بأن يقع في الحفرة التي وقع فيها هادي من جديد، لكن عدم التوصل إلى نتائج أو بوادر اتفاق بين المجلس الانتقالي وحكومة هادي يفشل مساعي السعودية، وقد تظهر عدة سيناريوهات ومنها أن تتدخل بريطانيا مباشرة فتُجري محادثات مع أمريكا تتعهد لها بدفع المجلس الانتقالي للتفاوض مع الحوثيين لإيجاد حل يكون للحوثيين فيه نصيب ذو شأن في الحكم بجانب المجلس الانتقالي وحكومة هادي، وهذا ما كان متزامناً مع إطلاق الحوثيين لمبادرة المصالحة الوطنية مع كافة الأطراف، وتم عقد جلسات غير مباشرة، ولكن الملاحظ إلى الآن التعتيم الشديد عما آلت إليه نتائج مباحثات جدة وهذا يبين مدى صعوبة احتواء السعودية للموقف ولكن في المجمل صار للمجلس الانتقالي شأن بعد الأحداث الأخيرة وهذا لصالح الإنجليز.
هذا في حال وصول أمريكا وبريطانيا إلى اتفاق، أما في حال عدم وصولهما إلى اتفاق فقد يستمر الصراع الدولي الأنجلو أمريكي - وهذا ما تريده بريطانيا - سعياً لحسم الصراع عسكرياً لإفشال اتفاق السويد وتحرير مدينة الحديدة ومينائها من قبضة الحوثيين وفرض الحل السياسي الذي تريده، واستعادة النفوذ البريطاني على اليمن من جديد كما كان سابقاً. كما أنه في حالة عدم سيطرة أحد الأطراف على اليمن كاملاً فقد يصل الحال إلى التقسيم والتشظي الذي يزيد من معاناة أهل اليمن فوق معاناتهم وفرقةً فوق فرقتهم، ولن ينهي معاناتهم إلا عودتهم للحل على أساس عقيدتهم التي تجعلهم إخوة متحابين بدلاً من كونهم أعداءً متناحرين.
أما ما يعتصر له القلب كمداً فهو ما تقوم به دول الكفر في بلاد المسلمين من استخدام أهلها ومنهم أهل اليمن كوقود لحروبها بالوكالة تكون فيها خسارتها صفرية، وتحقق مصالحها في بلاد المسلمين من خلال تلك الدماء الزكية التي كان الأحرى بها أن تزهق في جهاد الكفار والمنافقين حين تحمل دعوة الحق والنور والهدى للعالم أجمع تحت راية الإسلام ضمن دولة الخلافة على منهاج النبوة لتكون في عليين عند مليك مقتدر. قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله القاضي – ولاية اليمن