- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعة مكاشفة: وباء كورونا دروس وعبر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم أما بعد:
دعوة إلى ساعة مكاشفة ومحاسبة:
إخوة الإيمان، أيها المسلمون: يا من يتمسكون بالكتاب، يا رهط الأبرار، ونحن نعيش ذكرى هدم دولة الخلافة في الثالث من آذار عام 1924 ميلادية، وفي هذا الوقت العصيب، الذي انتشر فيه فيروس كورونا الذي أرعب العالم، وأصابه بالذعر والفزع والذهول، تعالوا إلى ساعة من المكاشفة والمحاسبة، وتقييم الذات، تعالوا إلى وقفة صدق في مقام الحق، تعالوا إلى لحظة استشراف علوية نسمو فوق ارتكاسات الحمأ والطين. تعالوا نقف بين يدي ربنا، نقيّم ما لنا وما علينا، ما قدمنا وما أخرنا، تعالوا فإن لهذه الوقفة ما بعدها، فاليوم مضمار وغدا السباق، يا قوم ما للعبث خُلقنا، وما ابتعثت أمتنا إلا لتظل مشغولة بجدية الحياة، وارتياد المعالي، وقيادة الركب، واكتساب الفضائل، فليخلُ كل منا بنفسه، ويعلُ في آفاق ذكرياته. هل مر بأحدكم يوم ذاق فيه طعم العزة؟ هل دنت فكانت قاب قوسين أو أدنى؟ ليت شعري هل هجرتنا أم تخلينا عنها؟ ألا ترون أن العذاب يُصب علينا صبا؟ أما ترون أن الفتن تحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم؟ ألا ترون أن يومنا أشد علينا من أمسنا؟ أما ترون أنا نفقد عزيزا غائبا عنا منذ تسع وتسعين سنة؟ لا طعم لحياتنا ولا لوجودنا بدونه، ألا ترون أن الشكوى والتشكي لا يردان حقا ولا يرفعان ضيما، ولا ينكآن عدوا؟ ألا ترون أننا بحاجة إلى عزم وإرادة، ومثابرة لتغيير هذا الحال؟ تعالوا بنا نستلهم الدروس والعبر الـمستفادة من هذا الحدث العظيم:
أولا: العالم قبل كورونا لن يكون كما بعده:
العالم قبل كورونا لن يكون كما بعده. ولا ننسى أن إرهاصات العالم الجديد، أو لنقل النظام العالمي المقبل، كانت قد بدأت أصلا قبل ظهور فيروس كورونا الذي وضع العالم أجمع على المحك، وأظهر نقاط الضعف ونقاط القوة عند بعض الدول. لا نريد أن نقول أبدا: إن جائحة كورونا لها دوافع سياسية أو استراتيجية أو اقتصادية، لكن الفترة التي سبقت الجائحة اتسمت بكثير من التوتر والصراع الخفي بين أمريكا والصين على قيادة العالم. والله تعالى نسأل أن يحسم هذا الصراع لصالح الإسلام وأهله، فيتحقق قول الله جل في علاه: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيداً﴾. [الفتح: ٢٨]
ثانيا: العالَم كله مُصاب بالذهول:
قائد أقوى جيش في العالم، وزير الدفاع الأمريكي، وقادة البنتاغون مسجونون بأمر الله تبارك وتعالى! اليوم أغلقت كل فنادق لاس فيجاس أكبر نوادي القمار في العالم، أغلقت شوارع، وحانات الدعارة بأمستردام التي يتجاوز دخلها عشرة مليارات دولار في العام. كل دول العالم أغلقت نوادي العراة، والشواذ، والنوادي الليلية، والحانات، وكثيراً من المطاعم. اليوم يجثو أكبر عدد من الطائرات خلال هذا التاريخ على الأرض. أعلن ترامب اليوم تخفيض سعر الفائدة إلى صفر بالمائة أي: ألغى ترامب الربا كما هو مقرر عندنا نحن في دين الإسلام. بورصة الأسهم فقدت خلال أسبوعين ستة عشر تريليون دولار. العالم كله أصبح يبحث عن النجاة!!
استوقفتني هذه الآية العظيمة قال الله سبحانه وتعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. [يونس: 24] وقال تعالى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً﴾. أين الذين ظنوا أنهم قادرون عليها؟ أين الجبابرة من فيروس لا يرى بالعين الـمجردة؟ أين الظلمة والـمجرمون والـمنافقون؟ خفتت أصواتهم ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾. [القصص: 75]، قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾. [الأنعام: 47] وقال الله عز من قائل: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِين﴾. [الشعراء: 4] ما أعظمك يا رب! وما أجلك! وما أعظم قدرتك!
ثالثا: عالم بريطاني يرى أن الفيروسات المميتة يتم بتدبير من أشرار:
ثمة كتاب مطبوع سنة 2006م بعنوان: "بناء الكون ومصير الإنسان" لصاحبه هشام طالب، ينقل صاحب الكتاب في صفحة 671 كلاما عن عالم فلك بريطاني توفى سنة 2003م، نشر هذا العالم كتابا اسمه: "ساعتنا الأخيرة". يقول هذا العالم البريطاني: "إن أهم الأخطار التي تهدد البشرية هي الفيروسات الـمميتة الـمعدلة وراثيا، وإن هذا يتم بتدبير من أشرار، أو نتيجة خطأ بشري، وإن عام 2020م سيكون عام الخطأ البيولوجي الذي يتسبب بموت مليون إنسان" وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. [الروم: ٤١].
قوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ هذه نتيجة! أما السبب فهو: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾، وأما الحكمة فهي: ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾، وأما الهدف والغاية فهي: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
رابعا: النظام الرأسمالي الجشع نظام لا إنساني:
حرص الإسلام على البر ومراعاة حقوق الناس على اختلاف أعمارهم وأحوالهم. روى أبو داود والترمذي وأحمد عن أنس بن مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس أن رسول الله e قال: «لَيْسَ منَّا مَنْ لَم يَرحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبيرِنا». وفي هذا الحديث يقول النبي e: «لَيسَ مِنَّا»، أي: ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا، «مَنْ لم يَرْحَمْ صَغيرَنا»، فيعطيه حقه من الرفق، واللطف، والشفقة، ويحتمل أن الـمراد صغير الـمسلمين، ويحتمل أن الـمراد صغير بني آدم؛ إذ العلة الصغر «ويَعْرِفْ حَقَّ كَبيرِنا» فيعطيه حقه من التعظيم والإكرام، إذ خُلُق أهل الإسلام رحمة الصغير، ومعرفة الحق للكبير، وخاصة إذا كان له شرف بعلم أو صلاح أو نسب زكي. إن تضخيم فيروس كورونا وتهويله إعلاميا من قبل النظام الرأسمالي الجشع والـمتوحش يهدف إلى التخلص من أكبر عدد من كبار السن؛ وذلك لأنهم يشكلون عبئا على الخزينة، وهم غير منتجين، وأما كبار الرأسماليين فيستغلون حالة الفزع التي يعيشها الناس يستثمرونها في تمرير أجندات سياسية لهم يرون أن هذا أنسب وقت لتمريرها. وحتى ندرك حقيقة تهويل الإعلام الدجال لمرض فيروس كورونا نشرت على الفيسبوك صورة أطفال جياع بدت أجسامهم هياكل عظمية من شدة الجوع، كتبت فوقها باللغة الإنجليزية العبارة الآتية: "فيروس الجوع يقتل حوالي ثمانية آلاف طفل يوميا، والـمصل الـمضاد لهذا الفيروس، والـمطعوم الخاص به موجود يدعى الطعام، لكنك لم تسمع بهذا في الإعلام، فهل تعرف السبب؟ لأن الجوع لا يقتل الأغنياء"، فتبا لها من رأسمالية دجالة، مترفة، عفنة، قذرة، جشعة، مجرمة، أهلكت الحرث والنسل، وطغت في البلاد، وأكثرت في الأرض الفساد، فعجل اللهم لنا وللبشرية جمعاء بالخلاص منها يا رب العباد آمين.
خامسا: انهيار بل محق الاقتصاد الرأسمالي الوهمي القائم على الربا:
قال الله تعالى في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: ﴿يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾. [البقرة: ٢٧٦] ورد في مقال في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: إن التراجع الأولي للاقتصاد الأمريكي خلال وباء كورونا الحالي ينبئ بأن الوضع سيكون أكثر حدة، وأكثر إيلاما مما كان عليه إبان أزمة عام 2008م. وأوضح الكاتبان الأمريكيان ديفيد لينش وهيثر لونغ في الـمقال، أن إجبار ثمانين مليون أمريكي على البقاء في الـمنازل حاليا تسبب في توقف غالبية الأعمال في الولايات الـمتحدة، وذكرا أن ملايين العمال الذين يتحولون للبطالة بسبب الانهيار الاقتصادي الناتج من كورونا، يفوق جهود الحكومة الفدرالية للاستجابة، مع إسراع مجلس الشيوخ أمس الجمعة لاستكمال العمل على حزمة الإنقاذ الـمالي التي وسع البيت الأبيض والـمشرعون الرئيسيون نطاقها بشكل كبير؛ لتزيد عن الـمبلغ الأصلي الذي كان مقترحا قبل أيام قليلة وهو تريليون دولار، وأشارا إلى أنه بمرور كل يوم، يتفاقم التوقف غير الـمسبوق للأعمال بقوة حيث تحاول الـمطاعم ودور السينما والـملاعب والـمكاتب حماية أنفسها من الوباء، ويرجح بنك "أمريكا ميريل لينش" أن تعلن وزارة العمل هذا الأسبوع أن ما يقرب من ثلاثة ملايين أمريكي قد يطلبون لأول مرة الحصول على مساعدة البطالة، وهو رقم يزيد عن أربعة أضعاف الرقم القياسي الذي سجل خلال أوج الركود عام 1982م.
سادسا: التحول المفاجئ في الاقتصاد الأمريكي ليس له مثيل في التاريخ:
ويضيف الكاتبان أن التحول الـمفاجئ في الاقتصاد الأمريكي ليس له مثيل في التاريخ. ففي بداية سنة 2020م كان هذا الاقتصاد يتوسع دون انقطاع منذ منتصف سنة 2009م، وبلغ معدل البطالة أدنى مستوى له منذ نصف قرن، وتوجهت سوق الأسهم نحو ارتفاع قياسي، والآن، يصرخ الاقتصاد، ويتراجع سوق الأسهم في هبوط حر. وقالت شركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى يوم الخميس إنها ستغلق مصانعها يوم 30 من آذار/مارس آذار الجاري، وتغلق شركة ماريوت - أكبر شركة فندقية في العالم - فنادقها وتسرح آلاف العمال.
سابعاً: ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين:
الـمؤمن دائم الصلة بالله، يؤمن أن الله تبارك وتعالى له ملك السماوات والأرض، وهو مالك كل شيء، يؤمن أن الله تعالى مالك النفع والضرر، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، وهو على كل شيء قدير. والـمؤمن في كل أموره يتوكل على الله قبل، وبعد، وأثناء الأخذ بالأسباب، يؤمن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه!!
إخوة الإيمان: كل شيء نخافه فإننا نفر منه فرارنا من الأسد، إلا الله تعالى فإننا لا نفر منه، بل نفر إليه. قال تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾. [الذاريات: 50] وقال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّـهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾. [التوبة: ١١٨]. فيروس لا يرى بالعين الـمجردة، وبقدرة إله عظيم قادر تحدى البشرية جمعاء، وشل حركتها، فوقفت عاجزة، وأصبح الـموت سريعا. ففروا إلى الله ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١] وحكّموا شرعه، قبل فوات الأوان؛ لتنالوا رضا الرحمن، والله الـمستعان.
قالوا: كورونا انتشر... قلت: كل شيء بقدر
قالوا: وباء خطير... قلت: ربي على كل شيء قدير
قالوا: سنغلق الـمساجد... قلت: سأظل لله ساجداً
قالوا: وما العمل؟... قلت: كل شيء عند الله بأجل
قالوا: وما الدواء؟... قلت: عليكم بالتوبة والعمل الصالح والدعاء
ثامناً: خذلان الدول لأهل الشام سيتبعه عقوبة توازي عظمة الخذلان:
يقول الشيخ عبد العزيز الطريفي فرج الله كربه: "خذلان الدول العظيم لأهل الشام سيتبعه عقوبة توازي عظمة الخذلان، سنة الله ماضية في خلقه، اللهم خص القادر، وارحم العاجز". ونقول: إن سكوت الـمسلمين عن تعطيل أعظم الفروض، وأوجب الواجبات؛ فرض إقامة دولة الخلافة، وتحكيم شرع الله، وسكوتهم عن ارتكاب وانتهاك الـمحرمات وأعظم الـمنكرات، تعطيل شرع الله والحكم بغير ما أنزل الله، وتقاعسهم عن نصرة إخوانهم الـمستضعفين في كل مكان فوق كل أرض، وتحت كل سماء... كل ذلك يستوجب غضب وسخط الله جل في علاه، وهو عقوق وعصيان لرب الأرض والسماء، فما أكثر العاقين بين الـمسلمين! عَقّوا أمهم الخلافة فلم يعملوا لإعادتها، ثم يدعون الله ربهم أن يرفع عنهم البلاء، ويكشف عنهم العذاب، فأنى يستجاب لهم؟ وهل يستجيب الله لعاق؟!
تاسعاً: يا جيوش المسلمين: أمكم الخلافة تناديكم فهل من مجيب؟
أيها الـمسلمون! إن أمكم الخلافة تناديكم، فهل من مجيب؟ يا جيوش أمتي انتفضي لتصنعي كرامة، قد عرفنا حجمنا يا ربنا، فارحم اللهم ضعفنا، فإن الكريم إذا قدر عفا، اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والـمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾؟ ألم يأن لهم أن يركلوا حكم الطاغوت، وأن يستبدلوا نظام الإسلام الذي هو خير، بالنظام الرأسمالي الذي هو أدنى؟ ألم يأن لهم أن يحملوا الإسلام للبشرية رسالة هدى ونور بدولة الخلافة الإسلامية؟ ألم يأن لهم أن يستنهضوا جيوشهم لتحرير فلسطين وإنقاذ مقدساتهم من أيدي يهود الغاصبين؟ ألم يأن لهم أن يكون دستورهم من لدن حكيم خبير؟ ألم يأن لهم أن يدركوا عظم تقصيرهم، واستهانتهم، وقعودهم عن العمل الجاد لإقامة دولة الخلافة؟
عاشراً: ألا يكفي مرور تسعة وتسعين عاماً على هدم دولة الخلافة؟
ألا يكفي مرور تسعة وتسعين عاما، أي ما يعادل 35145 يوما، دون دولة تجمع كلمة الـمسلمين، وتوحد طاقاتهم، وتذود عن أحكام الله، ودين الإسلام، دين البشرية جمعاء، ولا يكون ذلك إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟ أين الـمتباكون على إغلاق الحرم، ومنع إقامة الصلوات في الـمساجد؟ ما بالهم لم يبكوا أو يتباكوا على غياب حكم
الإسلام عن الوجود مدة تقرب من قرن من الزمان؟ وأيهما أحق بالبكاء - علما أن البكاء وحده في مثل هذه الأحوال لا يجدي نفعا - فلا بد من العمل الجاد الـمثمر والبناء؛ لأجل استعادة سلطان الإسلام، وإقامة دولة الخلافة التي تحكم بما أنزل الله؟ ألا استقيموا أيها الـمسلمون، استووا، ورصوا الصفوف، وأقيموا خلافتكم يرحمنا، ويرحمكم الله!!
حادي عشر: تطبيق الأحكام الشرعية دفعة واحدة دون تدرج:
إن الدين عند الله الإسلام، وإن الإسلام دين كامل، يجب وضعه كله في الحكم موضع التطبيق العملي دفعة واحدة دون أي تدريح. قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾. [المائدة: ٣] غير أن بعض من يدعون العلم ينادون بتطبيقه تدريجيا، وهذا يعني أن نطبق بعض أحكام الإسلام، ونترك بعضها الآخر دون تطبيق، أو أن نطبق أحكاما مأخوذة من غير دين الإسلام، والله تعالى يقول: ﴿وَمن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. [آل عمران: ٨٥] ويقول سبحانه: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. [البقرة: ٨٥]
لقد ثبت بالدليل القاطع إمكانية تطبيق الإسلام دون تدرج، فقد تم منع كل أشكال الرذيلة بقرار واحد دون تدرج. فيا أصحاب فكرة التدرج الذين يقولون باستحالة تطبيق الإسلام دفعة واحدة: ماذا تقولون الآن في تطبيق الحكومات قوانينها وقراراتها وأوامرها على شعوبها، فتلقى استجابة فورية بلا تدرج ودون اعتراض من معترض؟
ثاني عشر: مهما طال الليل، فلا بد من طلوع الفجر:
إن من سرى الليل الداجي تنبثق تباشير الصباح، وبعد الغروب شروق، ولكل ليل نهاية، ومهما طال ظلام الليل فلا بد من طلوع الفجر، وشروق الشمس التي تبدد الظلام وتنشر الدفء والضياء. فهل تصحو أمة الإسلام أمة الجهاد، فتهب عليها رياح النصر وتتزين لها رياض الجنة؟ اللهم أقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، واجعلنا من جنودها الأوفياء الـمخلصين.
﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾؟!
﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي
#كورونا
#Covid19
#Korona
1 تعليق
-
المقال رائع وطويل جدا.