الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

القانون الدولي يجعل الدول الكبرى سيدة الغاب وباقي الدول عبيدا لها

 

الدول القائمة في عالمنا اليوم وخصوصا الدول الكبرى لا يوجد في قاموسها، نوايا حسنة وتنافس شريف، وحسن الجوار، وحب الغير، وبوادر حسنة، وأعمال بريئة، أو أعمال خيرة أو أعمال نبيلة...

 

والسبب أن هذه الدول تبنت عقيدة وفلسفة الثورة الفرنسية كفلسفة للحياة، ولذا كانت العقيدة الرأسمالية التي تقضي بفصل الدين عن الحياة (العلمانية) هي عقيدة هذه الدول الكبرى، وهذا يعني أن هذه الدول تحارب وجود أي قيمة في الحياة غير القيمة المادية أي المنافع والمصالح المادية.

 

والمنافع تنعكس على السياسة الخارجية للدول الرأسمالية وخصوصا الكبرى منها على شكل استعمار عسكري أو فكري أو ثقافي أو سياسي أو كل هذه الأشكال معا، أي أنها تبني سياساتها الخارجية على أساس الاستعمار (المصلحة بكلمات مزركشة).

 

فالدول الكبرى هي الذئاب التي تنظر للعالم على أنه مكان للصيد والافتراس، ولذا فلا حدود لأطماعهم ولا لأهدافهم وغاياتهم. إلا أن تنافس هذه الدول الكبرى وتصارعها فيما بينها محكوم بقوة كل واحد منهم ونفوذه ومدى استطاعته على تنحية الذئاب الأخرى وإزاحتها عن منطقة صيده ونفوذه. وهذا الصراع فيما بينها على مركز الأسد أي على مركز الدولة الأولى في العالم هو ما يعرف بالموقف الدولي أو المسرح الدولي.

 

وأما القانون الدولي فهو بالحقيقة قانون للدول الكبرى الاستعمارية وخصوصا الغربية منها أوروبا وأمريكا. فبريطانيا وفرنسا هما من أوجدته وأمريكا بعد ذلك تبنته، وهو وإن أطلق عليه بأنه دولي إلا أنه لتنظيم مصالح الدول الكبرى فقط - وخصوصا منها أمريكا وأوروبا - وللحيلولة دون وقوع تنافس شديد بين هولاء الذئاب يؤدي إلى إخلال بالتوازن بينها كما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية. ولذا فالقانون الدولي هو أداة لمنع قيام حروب بين الدول الكبرى المستعمرة فيما بينها وهو قانون لتنظيم استعمارها للدول والشعوب الأخرى.

 

ويكون للدولة الأولى طبعا حصة الأسد لما لها من سيطرة على مؤسسات هذا القانون الدولي وبما تقوم به من دفع تكاليف موظفيه ومؤسساته ونفقاته كما تفعل أمريكا اليوم، فقد تصل نسبة إنفاق أمريكا على مؤسسات الأمم المتحدة ما يزيد عن سبعين بالمئة، وبالمقابل فإن أمريكا تسير القانون الدولي لحد بعيد ليتماشى مع مصالحها ومنافعها الاستعمارية في العالم، وخير دليل على ذلك شهادة بطرس غالي على قناة الجزيرة


وما قاله في هذا الصدد حينما سئل عن ما تريده أمريكا من مبعوث الأمم المتحدة، حيث قال: (تريد أمريكا منه أن يعمل لحسابها بنسبة مئة بالمئة).

 

ولذا فمن السذاجة في بعض الشعوب أو الدول الصغرى حال وقوعها في أزمات التوجه للقانون الدولي والمؤسسات الدولية من أجل العون والغوث، فهي بذلك كالنعاج التي استجارت بالذئب ليعينها على نوائب الدهر أو كالمستجير من الرمضاء بالنار! فيذهبون بأقدامهم لشباك الدول الكبرى وحبالها التي سرعان ما تلتف على رقاب هذه الدول والشعوب فتخنقها وتسلبها كل ما عندها من ثروات وخيرات.

 

وفِي اللحظة الذي يصبح القانون الدولي ضد مصالح الذئاب والمستعمرين فإنها تلقيه في سلة القمامة وتفعل ما تشاء كما فعلت أمريكا في غزوها للعراق 2003.

 

ولتحسين الصورة القيبيحة لهذا المبدأ الرأسمالي وتلك الدول الكبرى المستعمرة وذلك القانون الدولي الجائر المتمثل بالثالوث القاتل: هيئة الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد، من أجل تحسين صورة هذه المؤسسات الاستعمارية، فقد قامت هذه الدول بسن معاهدات وإنشاء منظمات غير حكومية مختلفة ومتنوعة ذات طابع إنساني في الظاهر لترقيع أعمال المؤسسات الأم ولتحسين الصورة الاستعمارية البشعة لها. ومن الأمثلة على ذلك الصليب الأحمر، وهيومن رايتس ووتش والمنظمات الحقوقية المتعددة، ومنظمات حماية حقوق الطفل والمرأة، وحقوق العمال والمساجين وأسرى الحرب، والأمثلة كثيرة على حقيقة عمل مثل هذه المنظمات غير الحكومية، ولكن نضرب عليها مثالا لتبين الهدف الظاهري (الإنساني) والباطني (الاستعماري) لحقيقة عملها:

 

منظمة قوس الغابة الفرنسية (لارش دي زو) التي أعلنت في 2007 اعتزامها جلب أطفال أيتام من السودان لتتبناهم عائلات فرنسية ولكنها لم تفصح عن طريقة جلبهم. وكانت الفضيحة هي محاولة تهريب 103 أطفال أعمارهم بين عام و9 أعوام خطفتهم المنظمة من مخيمات النازحين واللاجئين في دارفور وشرق تشاد. وهذا المثال هو غيض من فيض وقطرة من بحر للتدليل على عمل هذه المنظمات.

 

كما أنه لا وجود للشفافية والتنافس الشريف العلمي والاقتصادي ولا لحسن الجوار في قواميس الدول الكبرى أي معنى أو أي قيمة، بل إن الدول الكبرى تعتبر هذه المفاهيم هي سلاح الضعفاء الذي يخفون ضعفهم بمفاهيم خيرة كطريقة لحمايتهم وحماية وجودهم المهدد من الدول الكبرى.

 

وخير مثال على ذلك شركة هواوي التي تفوقت على نظيراتها الأمريكية في تكنولوجيا فايف جي، فجُنّ جنون أمريكا ولم تبقِ تهمة ولا كذبا إلا وألقته على هذه الشركة وعلى الصين، ومع أن التكنولوجيا ليس لها علاقة بالتجسس وفك الشيفرات إلا أن أمريكا حولت الأمر لمسألة أمنية وخوفت الجميع من التعامل مع الصين ومن إمكانية تجسس الصين على الدول عبر تقنية الفايف جي عبر شركة هواوي ووصل الأمر لإغلاق قنصليات وتوتر شبه عال بين البلدين ومناورات أمريكية من نقل جنود أمريكان من ألمانيا لكوريا الجنوبية 2020/07/29 لتزيد عدد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية من 28 ألف جندي إلى ما يزيد عن الثلاثين ألفا. هذا هو التنافس الاقتصادي الشريف في عرف الوحوش الكاسرة (الدول الكبرى)!

 

وما يهمنا كمسلمين أن نعلم بعض الأمور التي لا يستقيم الحال بدونها:

 

١- إن القانون الدولي هو قانون لصالح الدول المستعمرة ولتثبيت وترسيخ وتوسيع استعمارها لدول العالم وخصوصا دول النفط والثروات الهائلة أي دول عالمنا العربي والإسلامي. ولذا لا يجوز لنا أن نستجير بهم عند كل أزمة لأن هذا يغضب ربنا ولأن هذا يزيد من استعمارهم لنا. ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ﴾ ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.

 

٢- إننا كمسلمين اليوم بدون راعٍ وبدون حام وبدون قائد كالأغنام على مائدة الذئاب واللئام، ولذا لا بد لنا من إمام وخليفة راشد. «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ»، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ».

 

٣- إن حل مشاكلنا كمسلمين وإن الشفاء والدواء والعلاج في دستور الإسلام العظيم، وقد وضعه حزب التحرير في شكل قوانين ومواد مفصلة كدستور يصلح لتسيير الدولة على منهاج الله والنبوة وليس على منهاج قانون الدول الاستعمارية الكبرى، وبهذا فقط ننعتق من وصاية واستعمار الدول الكبرى لعقولنا قبل بلداننا وثرواتنا. ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾.

 

٤- إن الدول القطرية وحدود سايكس بيكو هي أس البلاء وسبب التفرقة وطريق لتركيع المسلمين لدول الاستعمار الغربي، وإن حكام هذه البلاد وأنظمتهم هي لإبقاء المسلمين وبلدانهم تحت رحمة دول الغرب.

 

هذا هو الداء وهذا هو الدواء. وصدق الله القائل سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور فرج ممدوح

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع