- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نواصل حديثها مع عقدة الخوف:
-الإيمان بالله والاستقامةُ على ما أمر، قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
العقدة الكبرى والعقد الصغرى
الحلقة الثانية والثلاثون
نواصل حديثنا مع عقدة الخوف:
-الإيمان بالله والاستقامةُ على ما أمر، قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن الخوف من غيره، (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، ونهانا عن الخوف من الناس حتى لو اجتمعوا علينا، فقال سبحانه: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، فالمؤمنون الصادقون لا يخافون الناسَ ولو اجتمعوا عليهم، ليقينهم بالله تعالى وحفظِه لهم، فيزدادون إيماناً بالله ويقيناً به. وأن التخويف إنما هو من الشيطانِ، والذين يستجيبون للشيطان إنما هم أولياؤه، ونهينا عن الخوف من الناس، وأمرنا أن نحصر خوفَنا في الله سبحانه.
ومدح أنبياءه عليهم الصلاة والسلام أنهم يخشون الله ولا يخشون أحداً سواه، قال اللهُ سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا).
وأخبرنا سبحانه وتعالى أنه قد يبتلي عبادَه بالخوف وبغيرِه مما يكرهون، ويعلّمنا سبحانَه بالموقفِ الصحيحِ الواجبِ علينا اتخاذُه حيالَ هذا الابتلاء بأنه الصبرُ، والإكثارُ من قول: إنا لله وإنا إليه راجعون، التي فيها الجواب الصحيح عن العقدة الكبرى، وأننا أولاً وآخراً مخلوقون لله وعائدون إليه، وله سبحانه أن يفعل ما يشاء، وهو الحكيم الخبير، قال عزَّ وجلَّ: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). والثمرة من هذا الموقف العظيم هو الرحمةُ من الله سبحانه وتعالى لعبادِهِ المبتَلَينَ بالخوف وغيره، بل وصفهم بأنهم هم المهتدون.
والموقف الصحيحُ من المسلمين في المجتمع الإسلامي تجاهَ أيِّ أمرٍ من الأمنِ أو الخوف ليس إذاعتَه وإحداثَ البلبلةِ والإرجافَ، بل أن يُرَدَّ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حال وجوده، وإلى أولي الأمر من المسلمين بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، قال الله سبحانه: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً). والمؤمنُ التقي النقيُّ الصادقُ المتوكّلُ على الله لا يخشى الناسَ، ولا يخافُ لومهم، ولا يحسب لهم حساباً تجاهَ ما أمرَ القيامُ به، فالمؤمنون الأتقياء الذين يعملون الصالحات لا يخافون لومةَ لائم.
وقد ضربَ لنا اللهُ سبحانه وتعالى أروعَ الأمثلة على الخوف في قصة موسى عليه السلام، فقد قال لأمه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)، لم يقل لها خبئيه، احرسيه، بل قال لها: ألقيه في اليم، ولا تخافي ولا تحزني. ولما أرسل الله سبحانه موسى عليه السلام إلى فرعون قال إنه يخاف أن يقتله، وقد قتل منهم نفساً، فلننظر إلى الموقف في الآيات: (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى، قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ، قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ)، ولما أسرى بقومِه وتوجّه نحو البحر أمّنه الله سبحانه وتعالى فأمره أن يضرب لهم طريقاً في البحر يبساً، فلا يخافَ أن يدركوه ولا يخشى شيئاً: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى). فما دام اللهُ سبحانه وتعالى مطلعاً على عبادِه وأحوالهم، وعالماً بما يحصلُ معهم، ويسمعهم ويراهم، ويرعاهم، فممَّ الخوفُ إذن؟
الخوف الحقيقيُّ هو من اللهِ تعالى، والخوفُ من غضبِه، والخوفُ من عذابِهِ، وليس من أي شيءٍ في الدنيا، فيبقى الخوفُ دافعاً للإنسانِ أن يستمسكَ بالله تعالى، ويستمسكَ بأمرِهِ وبما أوجبَه وفرضَه، ويجتنبَ ما نهى عنه، يهرب منه مثل ما بين المشرق والمغرب، فينال الأمنَ الدائم، والطمأنينةَ المستمرةَ التي لا تنقطع، ويستمرُّ إحساسُه بالقربِ من اللهِ تعالى، فلا يتطرقُ إليه خوف.
كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
أبو محمد – خليفة محمد - الأردن