الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

 

هل يجوز للمرأة الكافرة تولي القضاء الشرعي؟

إلى Husam Y Dawoud

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. شيخنا العزيز أرجو أن يتم الله أمره على يدكم وأن يكرمنا بدولة الخلافة عما قريب، وما بذلك على الله بعزيز.. وهنا أرغب بأن أعرف حال قيام دولتنا هل ستتولى امرأة كافرة قضاء شرعيا؟

 

لدي سؤال، ورد في كتاب النظام الاجتماعي صفحه ٩١ أنه يجوز للمرأة تولي القضاء لعموم لفظ الحديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، وقال هذا يدل على جواز أن تكون قاضية... خطر ببالي أن المرأة الكافرة أو الكتابية يجوز لها تولي القضاء... ولم أجد نصاً فيما مضى أن غير المسلمة تولت القضاء في الإسلام مما سبق.. ما دلالة ذلك؟ وهل يجوز للمرأة الكافرة تولي القضاء الشرعي؟ وأقصد هنا الأحوال الشخصية؛ زواج، وطلاق... وقد كنا عرّفنا القضاء بأنه إخبار بالحكم على وجه الإلزام... فهل يكون عدم الاعتقاد بالحكم وجه الإلزام؟ وفي الختام أرجو أن يتسع صدرك للسؤال وأن يصلني جواب شاف. ودمتم بألف خير وأسال الله العلي القدير أن يحفظكم من كل سوء.

 

أخوكم حسام داود فلسطين

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

يبدو أنك تشير إلى النص التالي في كتاب النظام الاجتماعي باب "أعمال المرأة":

 

(... إلا أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى الحكم، فلا تكون رئيس دولة، ولا معاوناً له، ولا والياً، ولا عاملاً، ولا أي عمل يعتبر من الحكم، لما رُوي عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله ﷺ أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لنْ يُفْلِحَ قومٌ ولَّوا أمرَهُمُ امرأةً» أخرجه البخاري. وهذا صريح في النهي عن تولي المرأة الحكم في ذم الذين يولون أمرهم للنساء. وولي الأمر، هو الحاكم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ فولاية الحكم لا تجوز للنساء، أما غير الحكم فيجوز أن تتولاه المرأة. وعلى ذلك يجوز للمرأة أن تعين في وظائف الدولة، لأنها ليست من الحكم وإنما تدخل في باب الإجارة، فالموظف أجير خاص عند الحكومة، وهو كالأجير عند أي شخص أو شركة، ويجوز لها أن تتولى القضاء لأن القاضي ليس حاكماً وإنما هو يفصل الخصومات بين الناس، ويخبر المتخاصمين بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام. ولذلك عرف القضاء بأنه إخبار بالحكم على سبيل الإلزام. فالقاضي موظف وليس بحاكم، فهو أجير عند الدولة كسائر الأجراء. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قد ولى الشفاء - امرأة من قومه - السوق أي قاضي الحسبة الذي يحكم على المخالفات جميعها. على أن قضية كون المرأة يجوز أن تكون قاضياً متعلقة بنص الحديث وتطبيقه على واقع وظيفة القاضي، فإن انطبق حديث النهي على تولية المرأة الأمر على القضاء كانت توليتها القضاء لا تجوز، وإن لم ينطبق عليها فلا يصلح الحديث دليلاًعلى منعها من القضاء. وبالنظر للحديث نجد أن الرسول قد ذمَّ القوم الذين ولوا أمرهم امرأة، جواباً على ما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم امرأة، فهو تعليق على خبر، وبمقام الجواب على السؤال. فهو خاص في موضوع الخبر لا في غيره، وموضوع الإخبار هو الملك أي رئاسة الدولة، والتعليق كان على ذلك، فهو خاص في موضوع رئاسة الدولة، وما في معناها وهو الحكم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن النهي منصب على الولاية العامة، لأنها هي ولاية الأمر. هذا هو معنى الحديث وما يدل عليه. أما موضوع القضاء فهو عمل يختلف عن عمل الخليفة، وعن عمل الوالي. فعمل الخليفة وعمل الوالي هو تنفيذ الحكم مباشرة من قبله سواء رفعت القضية إليه، أو رفع حكم القاضي إليه، أو لم يرفع إليه أحد قضية، ولكنه رأى هو مخالفة للشرع، فإنه يحاكم المخالف دون مدع وينفذ الحكم عليه فهو منفذ. أما القاضي فإنه لا يستطيع أن يحكم إلا إذا وجدت دعوى، بأن رفع أحد الدعوى إليه، وكان هنالك متداعيان. فهو يقضي إذا وجد ادعاء، ولا شأن له إذا لم يوجد من يدعي. وفي حالة نظره في القضية إنما يخبِر عن حكم الشرع في القضية على سبيل الإلزام، وليست له سلطة التنفيذ مطلقاً، إلا إذا عُين حاكماً وقاضياً، فحينئذ ينفذ بوصفه حاكماً ويقضي بوصفه قاضياً. وعلى ذلك فواقع القضاء غير واقع الحكم، فلا ينطبق الحديث على القاضي...) انتهى.

 

إن سؤالك يا أخي غير واضح وفيه أمور مختلطة، فهل تسأل عن حكم أن تتولى الكافرة القضاء الشرعي بالنسبة للمسلمين أي لتقضي بين المسلمين؟ أو أنت تقصد حكم أن تتولى المرأة الفصل بين الكفار من أهل دينها في مواضيع الزواج والطلاق التي أجاز الشرع تمكينهم أن يقضوا فيها وفق أديانهم؟

 

1- أما بالنسبة للحالة الأولى وهي القضاء بين المسلمين فإنه لا يجوز للمرأة الكافرة أن تكون قاضياً بين المسلمين في أية مسألة من المسائل كما أنه لا يجوز للرجل الكافر أن يكون قاضياً بين المسلمين في أية مسألة من المسائل وذلك لأن من شروط القاضي شرعاً أن يكون مسلماً سواء أكان رجلاً أم امرأة، لقوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ ففيه نهي جازم لأن التعبير بـ"لن" التي تفيد التأبيد، هو إخبار بمعنى الطلب، وما دام الله قد حرم أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل فإنه يحرم أن يجعلوا الكافر قاضياً يقضي بينهم، إذ في القضاء سبيل على المسلمين. وقد ذكرنا شرط الإسلام بالنسبة للقاضي في أكثر من موضع من كتبنا، فمثلاً:

 

- في كتاب الأجهزة باب "شروط القضاة":

 

(ويشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون: مسلماً، حُراً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، فقيهاً، مدركاً لتنزيل الأحكام على الوقائع.) انتهى.

- في كتاب مقدمة الدستور الجزء الأول:

 

(المادة 78: يشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون: مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، فقيهاً، مدركاً لتنزيل الأحكام على الوقائع. ويشترط فيمن يتولى قضاء المظالم زيادة على هذه الشروط أن يكون رجلاً وأن يكون مجتهداً.

 

دليلها ما سبق من دليل قاضي القضاة، إلا أنه لا يشترط في القاضي الذي يفصل الخصومات ولا قاضي الحسبة أن يكون رجلاً، بل يجوز أن يكون امرأة؛ لأنه ليس بحاكم وإنما هو قاض، أي هو مخبر عن الحكم الشرعي وليس منفذاً له؛ ولذلك لا ينطبق عليه حديث: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» أخرجه البخاري فإن ذلك في الولاية وهي الحكم، وسبب الحديث حادثة تمليك فارس عليهم امرأة ملكاً. عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله ﷺ أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» أخرجه البخاري. فسبب قول الحديث موضوع معين جاء صريحاً في نص الحديث وهو الحكم أي السلطان، والقضاء ليس سلطاناً، فيكون الحديث خاصاً بالحكم ولا يشمل القضاء...) انتهى.

 

2- وأما بالنسبة للحالة الثانية فإن الشرع قد أجاز للدولة أن تمكِّن أهل الذمة من القضاء فيما بينهم وفق أديانهم في أمور الزواج والطلاق وملحقاتها... فلا يكون القضاة المسلمون هم الذين يحكمون بينهم حسب الشرع الإسلامي ولا حسب شرائعهم، بل الحكم بينهم يكون من قبل قضاة منهم أي من غير المسلمين، ولكن لا تفرد لهؤلاء القضاة محاكم خاصة، بل تكون لهم غرف قضاء داخل مباني محاكم الدولة ويكونون تابعين من ناحية إدارية لمحاكم الدولة، ولا يترك أمر تعيين القضاة لهم بل يكون ذلك بترتيب من الدولة، فالدولة هي التي تعين لهم قضاة منهم يحكمون بينهم في أمور الزواج والطلاق وما يلحق بها، وفق أديانهم وشرائعهم، كما أقر ذلك الشرع.

 

فإذا كانت شرائعهم تجيز لهم أن تقضي بينهم امرأة في أمور الزواج والطلاق فيمكن أن تُعيَّن نساء كافرات من بين القضاة الذين تعينهم الدولة للقضاء بين أهل الذمة، أي يمكن أن تكون المرأة الكافرة في هذه الحالة قاضية تقضي بين أبناء دينها وفق شرائعهم...

 

آمل أن يكون هذا جواباً على تساؤلاتك، والله أعلم وأحكم

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

23 ذو القعدة 1441هـ

الموافق 2020/07/14م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع