السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
ثورة الشام تدخل مرحلة التمحيص

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ثورة الشام تدخل مرحلة التمحيص

 

 

 

يقول تعالى في محكم تنزيله: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ ويقول جل وعلا: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾. ومعنى يمحص: يختبر، وقيل: يطهر، أي من ذنوبهم. ومنه: اللهم محص عنا ذنوبنا، أي خلصنا من عقوبتها. وقيل: التمحيص التخليص. يقال: محصه يمحصه محصا إذا خلصه، فالمعنى: ليبتلي المؤمنين ليثيبهم ويخلصهم من ذنوبهم، ويمحق الكافرين أي يستأصلهم بالهلاك. (من كتاب الجامع لأحكام القرآن).

 

هكذا دخلت ثورة الشام مرحلة حاسمة كنا وكل المخلصين ننتظرها منذ زمن؛ دخلت في مرحلة التمحيص والتمايز. فقد كثر اللغط حولها والهرج والمرج فيها، وتكاثرت الأيادي؛ بين مؤيد ومساير وساكت ومعارض، بين ماسك للعصا من منتصفها وبين لاعب على كثير من الحبال، بين طالب للعون من الله وحده وبين طالب للعون من الله ومن الغرب أو طالب للعون من الغرب فقط أو منبطح تحت أقدامه، بين رافع لراية الإسلام ومُعلٍ لواء رسول الله ﷺ وبين مستحيٍ من رفعه ومكتفٍ بجمعه مع علم وضعي أو آخر رافض لراية الرسول ورافع لعلم سايكس بيكو.

 

هكذا تمايزت اليوم الصفوف وبدأت تتضح صورة أولئك، الذين يرضون الناس بكلمات رنانة جوفاء، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾، فقد أجبرت ثورة الشام خلال مسيرتها الطويلة الكثير من العلمانيين على التمسح بعباءة الإسلام، وفضحت الكثير من "الإسلاميين" المختبئين وراء مذهبهم التوفيقي الذي يجمع بين الإسلام والكفر ويريدون تقديمه للناس على أنه الإسلام المطلوب، كمثال تونس الآن وحزب نهضتها المتآلف مع العلمانيين. ذلك لأن ثورة الشام اتضحت فيها الصورة عند عامة أهلها وصار مقياسهم هو ما يرضي الله ورسوله فقط. فمن كانت مواقفه منضبطة بهذا المقياس تم قبوله من الناس ومن كان غير ذلك رفضوه ورفضوا كل ما يطرحه، فليس عجيباً رفض الناس في سوريا لنموذج الغنوشي الذي تنكر لمشروع الخلافة الإسلامية وتمسك بالديمقراطية الغربية، وليس عجيباً أن يحتار الغرب مع المخلصين من أبناء ليبيا الذي أراد حملهم على التفاوض والتوقيع على نموذج الغنوشي بينما يرون أن ثورة الشام قد سبقتهم وسارت أمامهم بشموخها وتطلعها للسماء فاستلهموا منها رفضهم لإرادة الغرب، نسأل الله لهم الثبات والاستمرار في ذلك.

 

لقد أشكل على عامة الناس مواقف أولئك الذين مزجوا بين الحق والباطل في ثورة الشام ووقفوا في المنطقة الرمادية، فصاروا يصفون أنفسهم بأنهم "إسلاميون" ولكن مواقفهم تكذبهم! فهم حين يقارعون النظام البعثي العلماني في سوريا يرسلون خطابهم إلى الخارج فحواه أننا نوافق على نظام علماني يشبه هذا الذي نقارعه ولكن بوجوه جديدة. وعندما يتحدثون للداخل يتحدثون بلسان عربي مبين أننا نريد نظاماً إسلامياً بل ونرفض ديمقراطيتهم وعلمانيتهم. فلم يتضح للعامة ما حقيقة توجهاتهم، فالأمة بطبيعتها تحب الإسلام وتميل له، ويدغدغ مشاعرها كل من يتحدث بلغة دينها ويردد آيات من قرآنها. فكانت الحاجة ماسة لمزيد من الضوء على هؤلاء كي يحكموا عليهم حكماً واضحاً قطعياً لا لبس فيه. فجاءت هذه المرحلة لتكون الحاسمة والباترة والقاطعة لكل شك بيقين المقياس الشرعي الثابت. فلم يعد بعد اليوم هناك مكان لمن يمتدح من يشارك في الرياض أو في نيويورك. ولم يعد بعد اليوم عذر لمن تعذر أنه شارك في جنيف وفي موسكو وأُكل يوم أُكل الثور الأبيض، فخُدع واستُغل. وكما قال أحمد طعمة مؤخراً: ما كان ينبغي لنا أن نشارك في جنيف ولا أن نشكل حكومة..! (زمان الوصل 19/11/2015).

 

هنا زمان الصدع بكلمة الحق دون مواربة، لنقول إن كل من شارك في مؤتمر الرياض إنما يسير في المخطط الأمريكي الذي يصر على إبقاء نظام الأسد الأمني مع تغيير بعض الوجوه الكالحة لوجوه أقل كلاحةً، إذن هو يوجه لثورة الشام وأهلها طعنة نجلاء في الظهر ستصبح بعد 18/12/2015 وبكل وقاحة طعنة في الوجه دون خجل ولا وجل. ونقول لهم قول الله تعالى: ﴿قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

 

فيا من اجتمعتم في الرياض اليوم وستجتمعون قريبا عند عمكم سام، لا تكونوا أول الناكثين إن كنتم يوماً من أوائل المضحين، ولا تبيعوا ما لا تملكون فالأمة تتطلع إليكم لأنها تحسن الظن بكم، لكنها ستدوس بأقدامها دون تردد كل خوان أثيم.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس هشام البابا

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع