الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مصطلح أهل السنة والجماعة الحلقة الثانية عشرة ظهور الشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مصطلح أهل السنة والجماعة

الحلقة الثانية عشرة

ظهور الشيعة

 

 

 

ثم ظهرت فرقة الشيعة، وقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عليا رضي الله عنه خرج من عند النبي r في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن! كيف أصبح رسول الله؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا، فأخذ بيده العباس رضي الله عنه فقال: أنت والله بعد ثلاثٍ عبد العصا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر، فإن كان فينا علمناه، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال علي رضي الله عنه: أما والله لئن سألناه فمُنعناها، لا يعطيناها الناس بعده[1]، وإني والله لا أسألها.

 

وكان جمع من الصحابة يرى أن عليا أفضل من أبي بكر وعمر وغيرهما، وذكروا أن ممن كان يرى هذا الرأي عمارا وأبا ذر وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، والعباس وبنيه، وأبي بن كعب، وحذيفة وغيرهم كثير.

 

قلنا: انشغل الناس في عهد أبي بكر وعمر وسنين من عهد عثمان رضي الله عنهم جميعا بالفتوحات ونشر الإسلام وتقوية شوكة الدولة الإسلامية وتوطيد أركانها، فنامت فكرة أفضلية علي، وحقه بالخلافة نومة طويلة، حتى ظهرت فكرة الوصية، ولقب علي بالوصي، يريدون أن النبي rأوصى لعلي بالخلافة من بعده، فعلي ليس الإمام بالانتخاب والبيعة لديهم، بل بطريق النص من رسول الله r، وظهرت فكرة العصمة لعلي والأئمة من بعده، فلا يجوز الخطأ عليهم، ولا يصدر منهم إلا ما كان صوابا، ثم طرحت مسألة بيعة أبي بكر وعمر وعثمان، فمن أتباع القول بالوصي من اقتصد واقتصر على القول بخطأ أبي بكر وعمر وعثمان ومن شايعهم وبايعهم برضاهم بأن يكونوا خلفاء مع علمهم بفضل علي وأنه خير منهم، ومنهم من غلا وتغالى فكفرهم وكفر من شايعهم وادعى أنهم جحدوا الوصية، ومنعوا الخلافة مستحقها، ومنهم من غالى وجعل عليا إلها، وهكذا ظهرت فرق الشيعة، فهم ليسوا فرقة واحدة.

 

وأهم فرقهم: الشيعة الزيدية، والإمامية الاثنا عشرية، فالزيدية أتباع زيد بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومذهبهم أعدل مذاهب الشيعة وأقربها إلى السنة، وكان زيد قد تتلمذ على واصل بن عطاء رأس المعتزلة، وهو يرى جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، فقال: كان علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر، ولكن - مع هذا - إمامة أبي بكر وعمر صحيحة، ولم يكن يرى الإمامة بالنص، ولم يكن يرى أن الوحي نزل بتعيين الأئمة،

 

وأما الإمامية فسموا كذلك لأن أهم عقائدهم أسست حول الإمام، وقد قالوا بأن محمدا rنص على خلافة علي، وقد اغتصبها أبو بكر وعمر، وتبرأوا منهما، وقدحوا في إمامتهما، والإمامية فرق متعددة لا تتفق على أشخاص الأئمة، منهم الاثنا عشرية، ومنهم الإسماعيلية، والإسماعيلية كفار باطنيون، أخذوا بمذهب أفلاطون وما نقله إخوان الصفا في رسائلهم، وشككوا في شعائر الإسلام ومفاهيمه، وتحللوا من الإسلام، وجعلوا الفلاسفة أنبياءهم،

 

وقد اتفقت تعاليم الخوارج والشيعة على أن خلفاء بني أمية مغتصبون ظالمون، فاشتركوا في مناهضتهم، سرا وعلانية، وتقية، وبما أن رموزهم التي يدعون لإمامتها من أهل البيت، فقد اتخذت الدولة الأموية والعباسية من بعدها موقفا صلبا في مناهضة أهل البيت.

 

ظهور المتكلمين، ونشأة القدرية

 

بدأ المسلمون في هذا العصر بالاحتكاك بالأمم الأخرى التي فتحها المسلمون، وكان عند هذه الأمم فلسفة ولاهوت، ومسائل كثيرة، فكانت بداية لظهور المتكلمين من قدرية ومن ثم معتزلة في عهد لاحق وهكذا.

 

ثم لما تسربت الفلسفة الهندية واليونانية واللاهوت إلى المسائل التي بحثها المسلمون إما للرد عليها وبيان موقف الإسلام منها، أو التفكير فيها ابتداء، ظهرت فرقة المعتزلة على يد واصل بن عطاء، والقدرية على يد غيلان الدمشقي، وأما معبد الجهني[2] فقد قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال: إنه تابعي صدوق لكنه سن سنة سيئة فكان أول من تكلم في القدر، وقتله الحجاج صبرا لخروجه مع ابن الأشعث.

 

وقد أخذ غيلان الدمشقي القول بالقدر عن سوسن النصراني، وقد قتل هشامُ بن عبد الملك غيلانَ بعد أن استفحل أمر مذهبه، وقد روي أن عمر بن عبد العزيز بلغه أن غيلان وفلانا نطقا في القدر، فأرسل إليهما، وقال: ما الأمر الذي تنطقان به؟ فقالا: وهو ما قال الله يا أمير المؤمنين، قال: وما قال الله؟ قال: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾ ثم قال: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ ثم سكتا، فقال عمر: اقرأا، فقرأا حتى بلغا من نفس السورة: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ... إلى آخر السورة، قال عمر: كيف تريان؟ تأخذان الفروع وتدعان الأصول؟ قال ابن مهاجر: ثم بلغ عمر أنهما أسرفا، فأرسل إليهما وهو مغضب، فقام عمر وكنت خلفه قائما حتى دخلا عليه وأنا مستقبلهما، فقال لهما: ألم يكن في سابق علم الله حين أمر إبليس بالسجود ألا يسجد؟ قال: فأومأت إليهما برأسي أن قولا: نعم، وإلا فهو الذبح، فقالا: نعم، فقال: أولم يكن في سابق علم الله حين نهى آدم وحواء عن الشجرة أن يأكلا منها فألهمهما أن يأكلا منها؟ فأومأت برأسي فقالا: نعم، فأمر بإخراجهما، وأمر بالكتاب إلى سائر الأعمال بخلاف ما يقولان وأمسكا عن الكلام، فلم يلبثا إلا يسيرا حتى مرض عمر ومات ولم يفد الكتاب وسال بعد ذلك منهما السيل"[3]

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك

 


[1] وهذا من دقة فهم الإمام علي كرم الله وجهه، فهو يعلم أن السلطان للأمة، تعطيه للخليفة بالبيعة، لذلك قال: لا يعطيناها الناس بعده.

[2] قال معبد الجهني: لاَ قَدَرَ وَالأمر أُنُفٌ، ونقلت كلمته لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما منبتة عن السياق الذي قيلت فيه، فظهر كأنها نفي للقدر في العقيدة، في حين أن السياق كان سياق الرد على الجبرية، إذ كانوا يشيعون بين الناس أن أمرَ الحُكم من القدر، ومعلوم أن الدولة الأموية التي كانت تشيع آراء الجبرية، كانت تفعل ذلك لتبرير وصول الحكم إلى بعض أمرائها مع وجود الأفضل، على اعتبار أن ذلك من القدر، ولتبرير قضية توريث الحكم، وكانت بدعة أنكرها معبد، وكلا الأمرين يقع في دائرة التكليف لا في العقيدة، فكان رد معبد من باب بيان أن الأمر في دائرة التكليف لا من دائرة القدر، يدل على ذلك أنه قال: والأمر أنف، قال الجوهري في الصحاح: وروضة أُنُفٌ بالضم، أي لم يَرْعَها أحد، وكأسٌ أُنُفٌ: لم يُشْرَبْ بها قبلَ ذلك، انتهى، وهذا يعني أن الأمر أي الحكم أُنُفٌ، ليس بولاية عهد، بل شورى، ولا علاقة له بالقدر. قال علي سامي النشار في نشأة الفكر الفلسفي في الإسلامي: إن الرجل كان يدافع عن شرعية التكاليف فقط، فنفى أن يكون القدر سالبا للاختيار، فانتهى مذهبه إلى ما انتهى إليه، انتهى، أي أن القدرية توسعت واختلف رأيها وخرج عن الأصل الذي دافع عنه الحسن البصري ومعبد الجهني، ويراجع كتاب مناهج الأدلة في بحث أسماء الله وصفاته للأستاذ هشام البدراني، فالشاهد هنا أهمية الاعتناء بالسياق الذي ورد فيه النص للحكم عليه، لا الدفاع أو محاكمة رأي معبد الجهني في المسألة فتلك فرقة انتهت، وآراء في بطون الكتب يحكم الله فيها.

[3] فجر الإسلام لأحمد أمين ص 308

 



لمتابعة باقي حلقات السلسلة

 

اضغط هنا

 

Cover

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع