بسم الله الرحمن الرحيم
لن تخفي كلمات أوباما الوجه الاستعماري القبيح لأمريكا
الأربعاء 4 يونيو\حزيران 2009
قال المحارب الأروبي، نابوليون بونابارت، إثر احتلاله لمصر في إطار سعيه للهيمنة على العالم، فيما قاله للناس: "سيُقال لكم أنّني أتيت للقضاء على دينكم، فلا تصدّقوا ذلك... إن احترامي لربكم، ولرسوله وللقرآن أعظم من احترام المماليك لهم."
لقد رحّب البعض بالخطاب الذي ألقاه باراك أوباما في مصر على أنه وجهة جديدة في السياسة المتبعة تجاه العالم الإسلامي. ورغم الانطباع الإيجابي لهذه الخطوة تجاه العالم الإسلامي، فإن أعمال حكومته تظهر نفس العنجهية التي أبدتها إدارة بوش. فهو لا يختلف عن بوش، الذي تحدّث بكراهية صريحة، إلا باستعماله "القوة الليّنة" والمجاملة الشخصية لستر نواياه. دعونا، بدل من الشعارات، نتطرّق إلى الحقائق:
فيما يخص باكستان: لقد نجحت إدارة أوباما، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكمها، في تشريد 3 ملايين لاجئ، وذلك من خلال دفع نظام زارداري الفاسد لشن حرب في منطقة سوات. كما صرّح أوباما قبل تسلّمه السلطة بأن باكستان تعتبر أخطر منطقة في العالم، وقال بأنّه مستعد لقصف إسلام أباد إذا توجّب عليه ذلك. فالذي يقود سياسته في المنطقة هو محاولته ضمان موطئ قدم لأمريكا في أفغانستان وباكستان، إلى جانب محاربة مقاومة ذات شعبية، غير أنّه قرّر التضحية بجنود باكستان بدلا من جنود أمريكا. كما شاهدنا أدلة على استعمال خدع قذرة تشبه تلك التي طبقتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية (السي آي إي) في العراق وأمريكا الوسطى، وذلك بغية بث الانشقاق والكراهية بين المسلمين، بالإضافة إلى إبقاء أوباما على هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية في باكستان."
فيما يخص فلسطين: يدّعي أوباما أنّه يريد رُؤية تنفيذ "خارطة الطريق" نحو ضمان إقامة دولة فلسطينية. ويبدو الناس إيجابيين تجاه ذلك لأنه يريد تحدّي السياسيين الإسرائيليين المعادين لذلك. ولكن الذي ينساه الناس، في خضم هذه الدعاية حول "خارطة الطريق"، هو أنّ ما يسمى بالدولة الفلسطينية لن تكون سوى سجن مشهّر به، يحرسه فلسطينيون بدلاً من الإسرائيليين، لأن إسرائيل ستحتل المنطقة من جديد، إذا لم يُحافظ على أمنها على الشكل الذي يرضيها."
فيما يخص دعم (اسرائيل): لقد عيّن أوباما رام إيمانويل، وهو ابن إرهابي اسرائيلي من إرغون، كرئيس موظفي البيت الأبيض. وقال إيمانويل: "إنّ أوباما لا يحتاج إلى تأثيره من أجل "توجيه سياسته في صالح إسرائيل". وهذا صحيح، لقول أوباما قبل انتخابه بأنه "علينا الحفاظ على التزامنا تجاه علاقتنا الدفاعية الفريدة مع اسرائيل من خلال تمويل كامل للمساعدات العسكرية ومواصلة العمل في برنامج السهم (آرو) وبرامج الدفاع الصاروخية المتعلقة به". كما قال ما لم يقله رئيس أمريكي من قبل بأن "القدس ستظل عاصمة لإسرائيل ويجب أن تبقى غير مقسمة." وقد استجاب للمجزرة الإسرائيلية في غزة بقوله "إنّ أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل. وسندعم دائما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات حقيقية."
فيما يخص غوانتانامو والتعذيب: لقد وعد أوباما بإغلاق معتقل غوانتانامو، وتوقّع غالبية الناس وضع حد للمحاكم العسكرية. ولكن العديد من سجناء غوانتانامو سيظلون محتجزين في أماكن أخرى. كما قرّر الحفاظ على المحاكم العسكرية المثيرة للجدل. ورغم أنه تحدّث كثيرا عن منع السي آي إي من اللجوء إلى التعذيب، فقد قرّر عدم ملاحقة أي من الذين قاموا بالتعذيب في الماضي، ولم يرفض استعمال معلومات تم الحصول عليها بالتعذيب في مناطق أخرى من العالم."
فيما يخص السجن دون محاكمة: صرح أوباما في شهر مايو\أيار 2009 بأنه يدعم الحجز غير المحدود دون محاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية. واستعمل كلمات شبيهة بأسلوب بوش قائلا بأن هناك "أناساً شديدي الخطورة" يجب أن يبقوا محتجزين حين لا تتوفر أدلة كافية لمحاكمتهم."
فيما يخص دعم حكام طواغيت ومجرمين في العالم الإسلامي: يقدم أوباما نفس الدعم الذي قدمه سابقوه للحكام الطواغيت والمجرمين في العالم الإسلامي. وقد وصف في لقاء صحفي مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مبارك، فرعون مصر الذي يعذب ويقمع معارضيه، قائلا "إنه حليف قوي للولايات المتحدة...إنه قوة استقرار وخير في المنطقة". كما أنه مدح "سلام مبارك الدائم مع اسرائيل" الذي يشمل فرض حصار على أهل غزة لمنعهم من الحصول على المساعدة والمعونات الإنسانية."
على المسلمين أن لا ينخدعوا بكلمات أوباما. إنّ الولايات المتحدة الأمريكية دولة رأسمالية. فمؤسساتها موجّهة نحو الحفاظ على قوة أمريكا عبر العالم، حتى وإن استدعى الأمر استغلال الآخرين في سبيل ذلك. وهي موجّهة نحو القضاء على أي منافس لأمريكا في العالم، وإن أدى ذلك إلى أن يعيش الناس في ظل الاحتلال والطغيان. فالسياسات والمصالح الأمريكية الأساسية لن تتغير أبدا بغض النظر عن من هو على رأس البيت الأبيض سواء أكان بوش أو أوباما أو غيرهما.
السبب الحقيقي من وراء قيام أوباما بهذه اللّفتات هو تحسين صورة أمريكا التي أفلست على المستويين الاقتصادي والأخلاقي. فقد كُشف نظامها الاقتصادي بأنه بيت من ورق قابل للانهيار في أي لحظة. ورغم وعودهم بإنشاء الثروة للتخفيف من الفقر، فقد جعلوا الفقر حقيقة يعيشها يوميا المليارات من الناس. كما كُشفت نبرة الاستعلاء الأخلاقية حول نظامها السياسي، الديموقراطية وحقوق الإنسان، على أنها ليست سوى أكاذيب، حيث شرعت في قتل وسجن وتعذيب الناس دون قيد أو حد.
إنّ الذي يحاول أوباما القيام به هو سعي يائس للحيلولة دون نشوء بديل ومنافس في العالم الإسلامي. فقد تنبأت أجهزة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إي) بأن العالم سيشهد قيام دولة خلافة جديد في العالم الإسلامي وذلك بحلول سنة 2020!
ولن تأتي هذه الدولة بالإرهاب الذي جاءت به أمريكا، ولكنها دولة ستضع حداً للاحتلال وتجلب السلام والاستقرار للعالم الإسلامي. دولة ستدافع عن شريعة الله (سبحانة وتعالى)، وكرامة رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وسلامة رعاياها.
إنّ المطلوب من المسلمين عبر العالم بأسره هو المواصلة في العمل، اقتداءً بسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، من أجل خلع الحكام الفاسدين الذين يتودد لهم القادة الغربيون، وإقامة الكيان القائد للأمة المسلمة، ألا وهي دولة الخلافة، من جديد."
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور:55]
التاريخ الهجري :11 من جمادى الثانية 1430هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 04 حزيران/يونيو 2009م
حزب التحرير
بريطانيا