الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

أحداث شارلي إيبدو تكشف هشاشة القيم الغربية

 


سحابة الإسلاموفوبيا السوداء تغطي سماء أوروبا هذه الأيام، مخلفة الهجمات الجبانة على المسلمين من حرق للمساجد في السويد واعتداء على نساء مسلمات في هولندا وأخرى في بلجيكا وهجوم واسع على مسلمي فرنسا، حيث تجاوزت هذه الاعتداءات أكثر من 50 حالة في غضون أيام قليلة، ناهيك عن الهاشتاغ (#اقتلوا جميع المسلمين)، والذي بات من الأكثر استخداماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.


إنه لمن السذاجة بمكان الظن بأن هذه الأحداث هي أعمال فردية من أناس منحرفين خارجين عن القانون أو تابعين للتيار اليميني المتعصب. إذ المتابعة الدقيقة للواقع تُظهر أن النخبة السياسية والثقافية في الغرب هي التي تغذي وتتبنى أجواء الإسلاموفوبيا. هذه النخبة جعلت بتضليلها، الهجوم على المجلة الساخرة، إعلان حرب على العالم الغربي وقيمه. وفي الوقت نفسه تتجاهل هذه النخبة سلسلة الهجمات المتتالية على المسلمين ومساجدهم ومقدساتهم، وترفض وصفها بالإرهاب أو أنها إعلان حرب على الإسلام وقيمه.


وقد صعَّدت وزيرة العدل الدنماركية من وتيرة الهجوم، حين قالت: "العدو الذي نواجهه قد أعلن الحرب علينا..." وأضافت: "عندما أقول (علينا) فإنني أقصد كل من في العالم ممن لا يُؤمن بالخلافة." صحيح أن أُفُقَ الساسة الغربيين ضيق عندما يتعلق الأمر بفهم حضارة غير الحضارة الغربية، إلا أن الوزيرة تدرك تماما بأن الخلافة مفهوم جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو نظام الحكم وشكل المجتمع في الإسلام. لذا فإن تصريحها يُعتبر استنفاراً إسلاموفوبيا يغذي الكراهية والاستقطاب في المجتمع. قال تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾.


ثم أضافت الوزيرة "...نحن مضطرون لإعطاء المخابرات والشرطة أدوات لم تكن بأيديهم سابقا، لأنه يتحتم علينا مواجهة الجهات الظلامية التي تعمل في الساحة." انتهى.


إن ردة فعل ساسة الغرب تجاه أحداث شارلي إيبدو مليئة بالمغالطات والازدواجية والاستنفار ضد المسلمين، وهي دليل واضح على ضعف قيم الغرب. فما فتئ هؤلاء السياسيون يصورون حدثا أمنيا (الهجوم على شارلي إيبدو) على أنه هجوم حضاري يهدد حضارة الغرب وقيمه وأسسه. في حين أن العاقل يعلم أن أسس المجتمعات لا تتهدد بموت سبعة عشر شخصا، بل أسس المجتمع تَثبتُ أو تنهار تبعاً لقوة وصدق وإنسانية تلك الأسس. والمفارقة العجيبة أن السياسيين الذين يتشدقون بأن أسس مجتمعاتهم قائمة على الإنسانية والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، هم أنفسهم الذين يسنون القوانين التى تسمح بتجريم وتكميم أفواه المعارضين، وتعطي أجهزة المخابرات صلاحيات واسعة في مراقبة المواطنين والتجسس عليهم، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، فيكونون هم أنفسهم من قام بهدم أسسهم المبدئية التي يَدَّعون قيامها على الحرية وحقوق الانسان. أية موضوعية وأية إنسانية تدعيها هذه الدول حين تجعل مِن سَبِّ الآخرين وإهانتهم قضية مصيرية تستفز من أجلها شعوبها.


يُساءُ إلى الإسلام وأهله الذين يزيدون عن المليار ونصف المليار بينما صحفيو شارلي إيبدو وأشخاص تافهون غيرهم يُوصفون بالأبطال ويُمتدحون على أعمالهم ويُعطَوْن الأوسمة والجوائز في ظل حرية التعبير، وفي الوقت نفسه يُطالب المسلمون بالولاء المطلق للقيم الغربية التي تقدس الحريات.


إن حرية التعبير هي فكرة فاشلة لا حجة لها، بل هي وسيلة سياسية يستخدمها أصحاب السلطة في مواجهة مخالفيهم. والأمثلة على ذلك كثيرة ولا يمكن حصرها؛ فمثلاً في الدنمارك فإن المؤسسات الدنماركية العامة، وكما أعلنت تعمل على محاربة الشريعة الإسلامية بالتقليل من أعداد الأشخاص المقتنعين بها والعمل على زيادة أعداد المخالفين لها. وكذلك ما قامت به فرنسا في العام الماضي من منع مظاهرات سلمية لدعم فلسطين، بحجة أنها تزعزع الأمن العام في فرنسا.


أيها المسلمون: إن الإسلام يأمرنا بمخاطبة غير المسلمين بالتي هي أحسن، ولكن هذا لا يعني القبول بإهانة الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك أمر عظيم يستوجب ردة الفعل التي تتناسب مع كِبَره، وهذا لا يكون إلا بإعادة سلطان الإسلام المتمثل بالخلافة، التي ستوقع العقوبات القانونية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية ضد البلد أو البلدان التي تسيء لمقدسات المسلمين.


أيها المسلمون: لا يجوز أن نضع رؤوسنا في التراب ونقبل أن يكون الإسلام متهماً، بل يجب أن نعتز بولائنا للإسلام، فهو الدين الحق، وهو الخلاص للناس جميعا. وإن الذين يطالبوننا بالإدانة هم أنفسهم من يرتكب أفظع الجرائم بحق البشرية. فهم الذين يقتلون المدنيين العزل والأبرياء في طول العالم الإسلامي وعرضه، من أفغانستان وباكستان إلى الصومال واليمن، ومن بورما والصين إلى العراق وفلسطين. وها هي سوريا ما زالت شاهدة على دعم الغرب لطاغيتها الذي تجاوزت جرائمه نصف مليون إنسان.


لذلك علينا أيها المسلمون الحرص على القيم الإسلامية والحفاظ على هويتنا في مواجهة الضغوط والأخطار التي تتهددها هنا في الغرب، فلسنا بحاجة إلى حرية التعبير المزيفة تلك، والتي يريدون فرضها علينا.


أيها المسلمون: نحن على يقين، ونريد للعالم أن يعرف، أن النطق والتعبير عن الحق وبالحق هو واجب علينا، سنقوم به ونلتزمه مهما كانت العواقب، وأن ديننا النقي يمنعنا مِن سَبِّ الناس وشتمهم بل ويطالبنا بكشف زيف الأفكار المضلِّلة، كحرية التعبير، ويأمرنا أن نوالي الله ورسوله والمؤمنين.


قال تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :22 من ربيع الاول 1436هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 13 كانون الثاني/يناير 2015م

حزب التحرير
اسكندينافيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع