بسم الله الرحمن الرحيم
الاستهانة بالمسلمين تجاوزت كلّ الحدود في لبنان
وبات لحمهم وكرامتهم أرخص ما في البلاد
انتشرت يوم الأحد 2015/06/21 مقاطع فيديو وصور يظهر فيها رجال أمن في سجن رومية يمارسون التعذيب والإذلال لعدد من السجناء الإسلاميين، كالوحوش تفترس فريستها. أقلّ ما فيها إرغام أحد المعتقلين على تقبيل حذاء الجلّاد بعد رفسه على وجهه، وضربه بعصا غليظة على أعضائه التناسلية، فما فوق ذلك من صنوف التعذيب والأذى من ضرب فسّخ جلود المعتقلين، واستهزاء بالإسلام والجنّة التي وعد الله بها عباده المتقين، وسبّ ربّ العالمين، إشعارًا بأنّ تعذيب هؤلاء السجناء هو حرب على ربّهم سبحانه وتعالى! ناهيك عن تعريتهم وشتم أعراضهم بما يخجل المرء من ذكره! والجدير ذكره أنّ الذي تسرّب ما هو إلّا رأس جبل الجليد، فإنّ ما رآه الناس مدّته ثوان معدودة، بينما ممارسات الضرب والجلد في هذه العملية تحديدًا قد استغرقت أيّامًا عدّة، أُجبر السجناء خلالها على المبيت في موجة صقيع قاسية وهم عراة، وحُشروا مجموعات في زنازين ضيّقة لا يتمكّنون فيها من الجلوس أو النوم بسبب ازدحامهم. ومنهم من أصيبوا بأزمات صحّية نقلوا على أثرها إلى المستشفى، بل ومنهم من منع عنه العلاج، حتّى إنّ بعضهم فقد بصره. بل إنّ أخبارًا تسرّبت عن جرائم أخرى تنأى عنها الوحوش... وإجبار بعضهم على العواء وشتم نفسه!
وبعد هذه التسريبات اعترف الوزير المشنوق بما كان قد أنكره منذ شهرين، وصرّح أنّ هذه المشاهد هي نتيجة للعملية الأمنية التي أمر بتنفيذها في المبنى "د" في السجن، والتي أعقبتها أخبار عن عمليات تعذيب وحشية مورست على السجناء، لكنّ الوزير والحكومة وأركان تيار المستقبل حينها تستّروا على الموضوع وتكبّروا على الناس. كذب حينها وزير الداخلية ونفى أن يكون قد حصل أيّ مكروه يُذكر تجاه السجناء! بل قال إنّها كانت عملية أمنية نظيفة! والآن الوزير نفسه يعترف بما جرى، ثمّ يمنّ على الناس أنّ وضع هذا البلد تجاه التعذيب هو أفضل من بلاد أخرى! فتراه تارة يقول إنّ هذا الأمر لا بدّ منه، وتارة يقول إنّه تصرُّف أفراد، وتارة يقول إنّه خرج من يده، وتارة أخرى يقول إنّه يتابعه بدقّة!
والآن وبعد أن فضحه الله وأصبح الخبر رأي العين، ها هو ومعه الحكومة ومِن خلفِهما تيّار المستقبل يسعون جاهدين لخداع الناس من جديد، محاولين الالتفاف على القضية، وجعلها قضية خطأ فردي من قبل عناصر أمنية متفلّتة! بينما القاصي والداني من أهل هذا البلد، بل من أهل البلاد الأخرى والجمعيات الحقوقية الدولية والإعلام الدولي يعلمون أنّ سياسة التعذيب في هذا البلد هي سياسة منهجية تتمّ تحت أعين السلطة ورجالاتها. وقد صدر في هذا الخصوص عدد من التقارير الحقوقية الدولية التي تدين السلطة وأجهزتها، وتكشف سوء الحالة الإنسانية للمعتقلين في لبنان، لا سيّما المعتقلين السياسيين، والذين جُلُّهم - إن لم يكن كلّهم - هم من الإسلاميين. بل إنّ عددًا من حالات التعذيب قد انتهت بموت سجناء.
يا أهل لبنان
إنّ حكامًا كهؤلاء يتستّرون على عمليات التعذيب المنظّم في أقبية الأمن ليسوا جديرين بتسلّم زمام أمر هذا البلد. فهم إمّا عاجزون عن ضبط أجهزتهم، وإمّا يرعَون سلوكها هذا، وفي كلا الحالين فإنّ الأمر يندى له الجبين. فإن كانت حكومة هذا البلد ممسكة بزمام أمر الدولة فتلك مصيبة، وإن كانت الأمور متفلّتة منها فالمصيبة أعظم.
أيّها العقلاء من أهل لبنان
فكّروا مليًّا في مصير هذا البلد وهذا الشعب وخذوا على أيدي حكّامكم، وأوقفوا العربة عن الانزلاق أكثر في اتّجاه الهاوية. فإنّ المسلمين هم سواد هذه البلاد وأصلها، وإنّ العبث بدينهم وكراماتهم لن يولِّد إلّا أحقادًا تتمكّن من النفوس، بل إنّها قد تصل بالبلاد إلى الانفجار مجدّدًا، وقد جرّبتم نار التقاتل من قبل. وإن أبسط ما يجب أن يراعى في الحكم هو أن تصان كرامة الإنسان مهما كان دينه أو أصله، قال الله تعالى: ﴿ولقد كرّمنا بني آدم﴾. فاسمعوا وعُوا قبل فوات الأوان.
أيّها المسلمون في لبنان
هل كان لمثل هذا الجلّاد الحاقد أن يجرؤ على إرغام مسلم على تقبيل حذائه لو كان لكم دولة تقذف الرعب في قلبه؟! لقد كان ملوك الأمم يخشون الدولة الإسلامية قبل أن يخشاها جندهم. ولن يعود هذا العزّ إلّا بعودة أيّام العزّة، أيّام الخلافة على منهاج النبوّة، فإنّكم تعلمون أنّنا قوم أعزّنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا الله.
أيّها المسلمون في لبنان
يومًا بعد يوم يظهر لكم قصور هذا الكيان عن تلبية تطلّعاتكم. ويومًا بعد يوم تدور عليكم دائرة التاريخ لتؤكّد أنّ هذا الكيان لم يكن يومًا راعيًا لمصالحكم، ولن يكون. فقد أنشأته فرنسا لتحويلكم إلى أقلّية بعد أن كنتم أنتم أهل البلاد ومادّتها، والآن سلّط الغرب عليكم حلف أقلّيات في هجمة شرسة جديدة يشنّها عليكم.
وعليه فإنّ خلاصكم يكمن في وحدتكم مع أهليكم في بلاد الشام وما حولها والالتحام بأمّتكم في كيان سياسي مهيب، تكون فيه السيادة لشرع الله وعدله لا لشرائع المشرّعين، ويكون السلطان فيه سلطانكم لا سلطان فجّار لا يرقبون فيكم إلّا ولا ذمّة. الخلافة الراشدة على منهاج النبوّة هي المخرج الوحيد من أزمة الكيان اللبناني وسائر أزمات الأمّة. فارنوا بأعينكم إلى ما وراء حدود هذا الكيان الفاشل الصغير وضمّوا جهدكم إلى جهود إخوانكم من أجل أمّة عظيمة في دولة عظمى.
التاريخ الهجري :5 من رمــضان المبارك 1436هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 22 حزيران/يونيو 2015م
حزب التحرير
ولاية لبنان