السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كتاب مفتوح من حزب التحرير / ولاية السودان
إلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني بخاصة، ولأهل السودان بعامة

 

 

 


انطلقت يوم السبت 2015/10/10م بالخرطوم، جلسات مؤتمر الحوار الوطني؛ الذي دعا إليه الرئيس البشير يوم الاثنين 2014/01/27م في خطابه المسمى بخطاب الوثبة، حيث دعا القوى السياسية، والحركات المسلحة للحوار عبر أربع قضايا هي: الهوية، والحريات، والفقر، والسلام، وهو يصوّر - أي البشير - أن معالجة هذه القضايا الأربع ستفضي إلى إصلاح الحكم وعلاج كل مشاكل السودان. وتنشط القوى السياسية تناغماً مع هذه الدعوة، ترسم الأحلام والأماني، وتضع الشروط، وتعقد مؤتمرات في باريس، وأديس أبابا، وغيرها، تستعين بالأجنبي وتضغط لتحقيق أهدافها، قبل أن تضيف الآلية التنسيقية العليا للحوار وآلية (7+7) بندين، هما الحكم والإدارة، والعلاقات الخارجية، حيث تقوم لجان المؤتمر بمناقشة ست قضايا هي: السلام، والهوية، والحريات والحقوق، والاقتصاد، والعلاقات الخارجية، والحكم والإدارة. وأعلنت الآليتان أنهما بصدد إنتاج وثيقة وطنية إستراتيجية رئيسية لدولة السودان، (صحيفة أخبار اليوم 2015/10/09م).


إننا في حزب التحرير / ولاية السودان نحب أن نبين للناس حقيقة الأمور، من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية:


ما هي خلفيات هذا الحوار الوطني، وما هو الذي يُراد تحقيقه عبره، وما هي حقيقة الأزمة التي يراد علاجها بهذا الحوار، وكيف تكون معالجة هذه المشكلات؟ وما هو رأي الإسلام في قضايا الحوار الست؟

 


أولاً: خلفية الحوار وحقيقة صاحب الدعوة:


بتاريخ 13 آب/أغسطس 2013م كتب كل من المبعوث الرئاسي الأمريكي السابق للسودان (برنستون ليمان)، ومدير برنامج القرن الإفريقي التابع لمعهد السلام الأمريكي؛ جون تيمن، كتبا ورقة بعنوان: (الطريق إلى الحوار الوطني في السودان)، أصدرها معهد السلام الأمريكي بالرقم (موجز سلام رقم 155)، ومما جاء في هذه الورقة: (لقد حان الوقت لأن يشرع السودان في حوار داخلي حقيقي، وعملية إصلاحية تؤدي إلى حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، وديمقراطية، وقادرة على السعي نحو عملية مصالحة مجدية بين السودانيين).


إن هذه الورقة تعبر عن السياسة الأمريكية؛ التي تريد إصلاح الحكم في السودان، عبر دعوة كافة الفرقاء للحوار، بعد أن أوصلت الحكومة الأمريكية رسالة مفادها، أنها لن تسمح بإسقاط النظام عبر العمل المسلح، وذلك عبر نفس الرجل المذكور سابقاً عندما كان مبعوثاً للسودان، حيث قال ليمان، في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 2011/11/03م: (بصراحة لا نريد إسقاط النظام، ولا تغيير النظام، نريد إصلاح النظام بإجراءات دستورية ديمقراطية)، وقال: (كما قلت، ليس في مصلحتنا إسقاط النظام في السودان، وزيادة المشاكل، تكفينا المشاكل الحالية. مصلحتنا هي تطوير النظام ديمقراطياً. نعم، ساعدناهم في الماضي بما فيه مصلحتنا، ومصلحتنا الآن هي استقرار في السودان، وفي جنوب السودان) الشرق الأوسط: السبـت 3 كانون الأول/ديسمبر 2011 العدد 12058.


وفي نفس السياق، أرسلت الولايات المتحدة، الرئيس الأمريكي الأسبق (كارتر)، ليلتقي بالبشير يوم الثلاثاء 2014/01/21م حيث صرح كارتر عقب اللقاء قائلاً: (ناقشنا آفاق حوار وطني شامل وديمقراطي وانتخابات 2015 وصياغة دستور جديد). ولبدء صافرة الحوار، قام البشير بعد ستة أيام فقط من هذا اللقاء، في 2014/01/27م بدعوة كافة القوى السياسية وحاملي السلاح إلى حوار وطني!


وفي 2015/08/25م قام المبعوث الأمريكي الحالي للسودان وجنوب السودان (دونالد بوث)، بزيارة إلى الخرطوم، حيث التقى بالمسئولين في الغرف المغلقة، وأحيط لقاؤه بسياج محكم من السرية، وتناول اللقاء بحسب البيان الصادر عن دونالد بوث، (ضرورة إجراء حوار سياسي وطني مفتوح لمعالجة الأسباب الجذرية للصراعات الداخلية المستمرة في السودان، بالإضافة لتحقيق ترتيبات لحكم أكثر شمولاً)، وذلك قبل أن يسافر إلى باريس ليلتقي، بمعية المبعوث البريطاني، والنرويجي، ومبعوث الاتحاد الأوروبي، ورئيس قسم الشؤون الإفريقية بوزارة الخارجية الفرنسية، ليلتقي بقيادة الجبهة الثورية (الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور)، في الفترة من 8-10 أيلول/سبتمبر 2015م، بغرض ضمها للحوار الوطني. (سودان تربيون 2015/09/11م).


من كل ذلك نخلص إلى (أن) هذا الحوار أمريكي المولد والمنشأ، فكيف يكون الحوار وطنياً، وقد أُتي به من وراء البحار، بل من العدو اللدود للأمة الإسلامية؛ أمريكا!! وهي التي تريد تحقيق مصالحها من خلال هذا الحوار، كما صرح بذلك (ليمان)، وذلك بإصلاح النظام القائم ومنع سقوطه!


ثانياً: ماذا يراد من الحوار الوطني؟


بالنظر إلى القضايا الأربع (الهوية، والحريات، والفقر، والسلام)، التي أثارها خطاب الوثبة، وحديث القوى السياسية عن التحول الديمقراطي، وحديث الساسة الأمريكان عن الديمقراطية والدستور، بالنظر إلى كل ذلك تتضح معالم ما يراد إنضاجه بطبخة الحوار الوطني وهو:


1- التأسيس لنظام علماني يحارب كل مظاهر الإسلام. وإن النظام الذي طالما ادعى أنه يعمل لتطبيق الإسلام عاد الآن يشكك في هوية البلد الإسلامية ويجعلها موضع نقاش بين أخذ ورد! مع أن أهل البلد مسلمون لا يرضون عن الإسلام وأنظمته بديلاً... إن هذا النظام يريد السير بالبلد للتحول نحو العلمانية المحرمة شرعاً وينخرط في تناغم عجيب مع أمريكا في حربها على الإسلام ووصفها إياه بالتطرف والإرهاب.


ويأتي تبني النظام لأفكار العلمانية؛ من نظام الحكم الديمقراطي؛ الذي يجعل التشريع للبشر بالأغلبية الميكانيكية، بدلاً عن المحجة البيضاء؛ تشريع رب العباد، الذي يؤخذ من النصوص الشرعية بقوة الدليل، ومن ذلك أيضاً، تقديس النظام لفكرة الحريات التي تعبّد الإنسان لشهواته ورغباته وأهوائه، بدلاً من فكرة التقيد بالحكم الشرعي، التي تعبّد الإنسان لخالقه اللطيف الخبير! لذلك فإن أمريكا تريد من المتحاورين، صياغة دستور علماني توافقي بإجماع أوسع للقوى السياسية في السودان.


إن الحديث عن الحريات، والحديث عن الهوية في بلد جل أهله مسلمون، يؤكد أن الحكومة تريد أن تتخلى عن شعارات الإسلام التي رفعتها، والتي لا ترغب أمريكا في سماعها، وأن يكون النظام علمانياً، كما هو حاصل الآن، وبذلك تظن الحكومة أنها حفظت ماء وجهها أمام الجماهير، وفي الوقت نفسه نفذت مطلوب أمريكا في التخلي عن شعار الإسلام.


2- الاستمرار في سقي شجرة تمزيق البلاد، وجني ثمارها المُرّة، بعد أن فصلت هذه الحكومة جنوب السودان بفكرة حق تقرير المصير، إرضاءً لأمريكا، هذه الفكرة التي شكّلت أخطر سابقة في تاريخ السودان، ثم عادت أمريكا هذه المرة، لسلخ دارفور، عبر فكرة الحكم الذاتي الموسع للإقليم؛ التي نصت عليها اتفاقية الدوحة. إن قبول دخول الحركات المسلحة براياتها وشعاراتها، تحت مظلة الحوار الوطني، والبحث في وضع دستور توافقي، والاعتراف بهذه الكيانات وخصوصيتها، (لهو) خطوة تخطوها الحكومة نحو التمزيق، ولها سابقة فصل جنوب السودان، وهي تمهد لذلك بالوضع الخاص لدارفور، عبر الدستور التوافقي؛ الذي يراد أن ينص فيه على أفكار الحكم الذاتي والفدرالية وغيرها. ومن ذلك مطالبة الحركة الشعبية قطاع الشمال بالحكم الذاتي لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، عقب اجتماعها في دار السلام - عاصمة تنزانيا - في الفترة من 7- 2015/10/12م (سودان تربيون 2015/10/15م).


3- إعادة إنتاج النظام العلماني الحاكم بصورة أكثر شمولاً، بتدعيمه بوجوه وأحزاب جديدة، وقواعد جديدة، ليتمكن النظام من السير في إكمال مخططات أمريكا، وكل ذلك تحت لافتة إصلاح الحكم والدولة.


هذا ما تريده أمريكا عبر هذا الحوار الوطني: العلمانية، ومزيداً من التمزيق!!


وهذا كله ينسجم مع مخطط أمريكا القاضي بتقسيم السودان إلى كيانات متعددة متنازعة فيما بينها.


ثالثاً: حقيقة الأزمة في السودان:


لا شك أن بلادنا تعاني من أزمة حقيقة، وللوقوف عليها ينبغي أن لا نخلط بين مظاهر تلك الأزمة وبين أسبابها.


فمن مظاهر الأزمة، حالة الفشل التي تعاني منها الدولة، وتتجسد في الآتي:


1- عدم حسم قضية الهوية عند الحكام والسياسيين، فهم يحرصون على إرضاء الغرب الكافر (أمريكا وبريطانيا وفرنسا)، فيأخذون منه الفكر السياسي، وأنظمة الحياة؛ من ديمقراطية، وحريات، وغيرها، وفي الوقت نفسه يضطرون لمخاطبة الناس بالإسلام لأن الأمة لا يحركها إلا الإسلام، فتراهم غير صادقين مع أنفسهم ويعيشون حالة من انفصام الشخصية، والتناقض المفضوح، مما يجعلهم يقومون بأعمال قذرة لدفع الناس في اتجاه تبني هوية عاطفية؛ مثل السودانوية، أو الأفريكانية، أو العروبة، أو غيرها من الروابط النتنة، ويسهلون بذلك أخذ أنظمة الحياة من الغرب الكافر دون مواربة.


2- غياب التصور المبدئي للحكم عند الأوساط السياسية التي تقود الأمة اليوم؛ من حكام وسياسيين، فلا يوجد عند هذه الأوساط السياسية أي تصور مبدئي لعلاج أي مشكلة من مشكلات البلاد، بل هم المشكلة الحقيقية، ونجدهم يحرصون على إرضاء بعضهم البعض، بتقاسم السلطة والثروة التي هي ملك لأهل البلاد.


3- تسوُّل هذه الأوساط للمعالجات عند الأجنبي بشكل دائم، إما عند العدو (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا)، أو عند أدوات العدو؛ مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية... وهذا هو الانتحار السياسي عينه.


4- تجريب الحكام، والأوساط السياسية، للمجرّب من الفكر السياسي الباطل؛ من فصل للدين عن الحياة، وتطبيق لأنظمة علمانية عقوداً من الزمان، تحت لافتات متنوعة (ديمقراطية، عسكرية شمولية، إسلام معتدل...)، والآن يريدون إعادة إنتاج النظام الفاشل نفسه من خلال الحوار الوطني.


5- لم تكتف هذه الفئة من النفعيين؛ من الحكام والسياسيين، بشجرة الشقاء (فصل الدين عن الحياة)؛ التي زرعوها، وتعهدوها، بل جاوزوا ذلك إلى أن جنوا منها ثمار الانفصال، وتمزيق البلاد؛ بإعطاء الجنوب حق تقرير المصير؛ الذي أفضى إلى انفصاله!!


6- أما الفقر، فإن هؤلاء الحكام هم من صنعوه صناعة بتسليم ثروات البلاد ومقدراتها للعدو، لما دخلوا طائعين مختارين في مصيدة الديون الربوية، فرهنوا البلاد والعباد لصندوق النقد الدولي، وروشتته اللعينة، وللبنك الدولي وسياسة القرصنة... يقول زافير فورتادو، ممثل البنك الدولي بالسودان: (الدين الخارجي الكلي للسودان يبلغ تقريباً 46 مليار دولار، وأصل الدين هو فقط 15% (حوالى 6.9 مليار دولار) من هذا المبلغ، أما 85% أي (39.4 مليار دولار) من الدين، فهي جزاءات عدم الدفع، وخدمة الدين (يعني الربا). (صحيفة التيار).


هذه هي مظاهر الأزمة السياسية في هذا البلد.


أما السبب الحقيقي الذي أنشأ كل هذه المظاهر، فهو عدم وضع الإسلام موضع التطبيق والتنفيذ، لغياب الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ الطريقة الشرعية لتطبيق أنظمة الإسلام، لذلك فإن حقيقة المشكلة هي أن الحياة التي نحياها اليوم في هذا البلد، ليست حياة إسلامية، وإن سكوت الناس عن هؤلاء الحكام والسياسيين الفاشلين، وعدم محاسبتهم على أساس الإسلام والتغيير عليهم، يعتبر معصية، ومشاركة لهم في الإثم، يقول الرسول ﷺ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» رواه مسلم.


رابعاً: المعالجات المبدئية:


إن واقع هذه الأزمة، وما وصلت إليه، يخبر بأن العلاج يجب أن يكون علاجاً جذرياً، وإن مبدأ الإسلام العظيم؛ الذي هو دين ومنه الدولة، وجميع أنظمة الحياة، يوجب على المسلمين العمل الجاد المجد، لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لذلك فالواجب هو:


1- الوعي على هذا الحوار الوطني، وإدراك أنه طعمة مسمومة، تريد أمريكا منه إعادة إنتاج الفشل، عبر نظام علماني، يسهّل تمزيق ما تبقى من السودان، ويبعد الإسلام عن حياة الناس.


2- النظر لكل القضايا بوصفنا مسلمين، نعتنق عقيدة هي دين، وأنظمة حياة، فلا نتبنى معالجات، ولا نقدم تصورات إلا على أساس الإسلام؛ الذي لا يطبق إلا بالطريقة الشرعية التي حددها الرسول ﷺ وهي الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.


3- الوعي على حقيقة الغرب الكافر (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا)، بوصفه عدواً طامعاً في بلادنا، فيجب قطع يده العابثة في هذا البلد. وتحريم الاستعانة به في النزاعات وقضايا البلاد.


4- إن العمل للتغيير الحقيقي، وتطبيق أنظمة الإسلام، يكون بالطريقة الشرعية؛ التي اتبعها الرسول ﷺ، وهي العمل الفكري السياسي، والصبر في هذا الطريق، لا العمل المادي؛ الذي فوق كونه مخالفاً للطريقة الشرعية، فإنه يرهن الإرادة للعدو، ويعجل بتنفيذ مخططاته في بلادنا، وما انفصال جنوب السودان عنا ببعيد.


خامساً: القضايا الست: رؤية على أساس الإسلام:


أولاً: قضية الهوية:


لم تتعرض الأمة الإسلامية لأزمة هوية منذ أن أقام النبي ﷺ الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة حيث حدد ﷺ هويتها بأنها الإسلام ونص على ذلك في وثيقة المدينة حيث جاء فيها عن المسلمين أنهم: (أمة واحدة من دون الناس)، ولم توجد أزمة الهوية إلا بعد أن هدم الغرب الكافر دولة المسلمين (الخلافة)، ومزق البلاد باتفاقية سايكس - بيكو إلى كيانات مسخ، لا تعبر عن المسلمين، مما استلزم طرح فكرة الهوية للمسلمين الذين يعيشون داخل هذه الدويلات الوطنية المشوهة، إمعاناً في فصلهم عن هويتهم الإسلامية، وربطاً لهم بتاريخ وتراث يناقض عقيدة الإسلام!


إن أهل السودان مسلمون؛ يعتنقون عقيدة الإسلام، وينتمون إلى خير أمة أخرجت للناس، يقول سبحانه وتعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ وأهل السودان يعتزون بإسلامهم، ويتطلعون للعيش في ظل أنظمة الإسلام وأحكامه، في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، جامعة خيري الدنيا والآخرة.


ثانياً: الحريات والحقوق:


إن فكرة الحريات هي فكرة سياسية غربية، حتّم وجودها نظام الحكم الديمقراطي؛ الذي يجعل السيادة للشعب، والشعب مصدر السلطات. وحتى يكون الشعب سيد نفسه، ويتمكن من ممارسة سيادته، وتسيير إرادته كاملة بنفسه، ليضع قوانينه وأنظمة حياته، وسائر تشريعاته، واختيار حكامه، كان لا بد - حسب الفكر السياسي للغرب الكافر - من الحريات العامة، وهي أربع: حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، وحرية التملك، والحرية الشخصية. وهذه الحريات هي الأساس عندهم للحقوق والواجبات.


إن فكرة الحريات الأربع هي فكرة باطلة، تناقض عقيدة الإسلام، لأن المسلم في أفعاله وأقواله ليس حراً يفعل ما يشاء، بل هو عبد لله سبحانه وتعالى، فلو بدّل دين الإسلام يُقتل، وهذا يناقض حرية الاعتقاد.


ولو جاهر المسلم برأي كفر، أو برأي مخالف للشرع، يمثل أمام القضاء الشرعي ليعاقب، وهذا يناقض حرية الرأي.


ولو تملك المال بأسباب غير شرعية؛ مثل الربا والقمار، فهو آثم، وذلك يناقض حرية التملك.


ولو خرجت المرأة في الحياة العامة كاسية عارية، تعاقب تعزيراً، وذلك يناقض الحرية الشخصية.


وهكذا فإن هذه الحريات التي يراد إقرارها في الحوار الوطني، تناقض عقيدة الإسلام جملة وتفصيلاً، ثم إن الإطار السياسي للغرب الكافر (نظام الحكم الديمقراطي)؛ الذي لأجله كانت فكرة الحريات هو أيضاً يناقض عقيدة الإسلام.


إن الأساس للحقوق والواجبات عند المسلمين، إنما هو الإسلام (كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس شرعي). ويحرم على المسلمين الأخذ من غير عقيدة الإسلام، يقول المولى عز وجل: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، ويقول المصطفى ﷺ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌٌّ» رواه مسلم.


ثالثاً: الحكم والإدارة:


إن نظام الحكم في الإسلام؛ الذي فرضه رب العالمين هو نظام الخلافة؛ الذي ينصّب فيه خليفة بالبيعة على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، للحكم بما أنزل الله، والأدلة في ذلك مستفيضة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، منها قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾.


أما أجهزة الحكم والإدارة في الإسلام، والتي دلت عليها الأدلة الشرعية، فهي: (الخليفة - المعاونون (وزراء التفويض) - وزراء التنفيذ - الولاة - أمير الجهاد (الجيش)- الأمن الداخلي - الخارجية - الصناعة - القضاء - مصالح الناس - بيت المال - الإعلام - مجلس الأمة).


رابعاً: الاقتصاد:


لا شك أن تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي على الناس، عقوداً من الزمان، هو الذي أوجد هذه الحالة؛ فالبلاد غنية بثرواتها، وأهلها يعانون من شظف العيش، والغلاء الطاحن، والفقر... ولا حل لهذه الحالة التي تعيشها الأمة، إلا في النظام الاقتصادي في الإسلام، ومن أبرز أفكاره:


• المشكلة الاقتصادية هي توزيع الأموال والمنافع، على جميع أفراد الرعية، وتمكينهم من الانتفاع بها، بتمكينهم من حيازتها، والسعي لها.


• ضمان إشباع الحاجات الأساسية لجميع أفراد الرعية، فرداً فرداً، إشباعاً كلياً، وضمان تمكين كل فرد من إشباع حاجاته الكمالية، على أرفع مستوى مستطاع.


• الملكية ثلاثة أنواع؛ ملكية فردية، وملكية عامة، وملكية دولة.


• التصرف بالملكية مقيد بإذن الشارع، سواء أكان تصرفاً بالإنفاق، أم تصرفاً بتنمية الملك، لذلك تمنع الشركات الرأسمالية، والربا، والاحتكار، والقمار، والغبن الفاحش...


• يمنع تأجير الأرض للزراعة مطلقاً، وكل من ملك أرضاً، يجبر على استغلالها، ويعطى المحتاج من بيت المال ما يمكنه من هذا الاستغلال، ومن يهمل الأرض ثلاث سنين، من غير استغلال، تنتزع منه الأرض وتعطى لغيره.


• كل ما كان من مرافق الجماعة؛ كساحات البلد، والطرقات، بالإضافة إلى المعادن العد التي لا تنقطع - كآبار البترول، وأيضاً الأشياء التي طبيعتها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها، كالأنهار، كل ذلك يعتبر من الملكيات العامة.


• لا تؤخذ من رعايا الدولة جمارك على ثغور البلاد، كما أن كل الضرائب غير المباشرة؛ التي تفرض اليوم على السلع والخدمات، هي حرام شرعاً، ومن قبيل أكل أموال الناس بالباطل؛ وهي من الأسباب المباشرة في الغلاء والفقر؛ الذي يعاني منه الناس اليوم.


• تضمن الدولة إيجاد الأعمال لكل رعاياها، كما تضمن نفقة من لا مال عنده، ولا عمل له، ولا يوجد من تجب عليه نفقته، وتتولى الدولة إيواء العجزة، وذوي العاهات.


• تمنع الدولة استغلال الأموال الأجنبية، واستثمارها في بلاد المسلمين، كما تمنع منح الأجنبي أية امتيازات.


• تصدر الدولة نقداً خاصاً بها؛ هو الذهب والفضة، ويكون مستقلاً، ولا يجوز أن يرتبط بأي نقد أجنبي.


هذه هي أحكام الاقتصاد في الإسلام، وهي فوق كونها تقضي على الفقر وتحقق رغد العيش والهناءة فإنها تقطع يد الغرب الكافر ونفوذ الاستعمار القديم والحديث، وتبني أمة مستقلة، ودولة عظمى، وتخرج الناس من الظلمات إلى النور.


خامساً: العلاقات الخارجية:


يراد بالعلاقات الخارجية بوصفها محوراً من محاور الحوار الوطني، علاج حالة العزلة التي تعاني منها الدولة، جراء سياستها الخارجية المتخبطة في كافة المحافل، خاصة بعد صدور قرارات مجلس الأمن؛ التي تمخض عنها تمزيق البلاد، وانتهاك سيادتها بعشرات الآلاف من العسكر، ووضعها تحت وصاية مجلس حقوق الإنسان، وعدم إقراض صندوق النقد الدولي، ومؤسسات التمويل العالمية للحكومة، مما أدى لتفاقم مشكلة النقد الأجنبي، بعد أن قدمت الدولة مصدرها الأساس للنقد الأجنبي (البترول) إلى الكافر؛ بفصلها لجنوب السودان عام 2011م، مما جعلها تلف حبل الإعدام حول عنقها بنفسها!!


إن العلاقات الخارجية للدولة المستعمَرة (التابعة)، لا يمكن أن تكون علاقات مستقلة، تبنى على مصالح الشعوب، بل هي حتماً مبنية على مصالح الدول الكبرى المستعمِرة، وضد مصالح الشعوب في هذه الدول الضعيفة، لذلك نرى على حكامنا هذه الحالة من التخبط، والنفاق، والاستخذاء للعدو الكافر.


إن أبرز ملامح السياسة الخارجية في دولة الخلافة، وهي دولة عالمية بعالمية مبدأ الإسلام العظيم، أبرز هذه الملامح هي:


• السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة. فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب ﺑﻬا الدولة.


• لا يجوز لأي فرد، أو حزب، أو كتلة، أو جماعة، أن تكون لهم علاقة بأية دولة من الدول الأجنبية مطلقاً. والعلاقة بالدول محصورة بالدولة وحدها، لأن لها وحدها حق رعاية شؤون الأمة عملياً. وعلى الأمة والتكتلات أن تحاسب الدولة على هذه العلاقة الخارجية.


• الغاية لا تبرر الواسطة، لأن الطريقة من جنس الفكرة، فلا يتوصل بالحرام إلى الواجب ولا إلى المباح. والوسيلة السياسية لا يجوز أن تناقض طريقة السياسة.


• الجرأة في كشف جرائم الدول، وبيان خطر السياسات الزائفة، وفضح المؤامرات الخبيثة، وتحطيم الشخصيات المضللة، هو من أهم الأساليب السياسية.


• يعتبر إظهار عظمة الأفكار الإسلامية في رعاية شؤون الأفراد والأمم والدول من أعظم الطرق السياسية.


• القضية السياسية للأمة هي الإسلام في قوة شخصية دولته، وإحسان تطبيق أحكامه، والدأب على حمل دعوته إلى العالم.


• حمل الدعوة الإسلامية هو المحور الذي تدور حوله السياسة الخارجية، وعلى أساسها تبنى علاقة الدولة بجميع الدول.


• علاقة الدولة بغيرها من الدول القائمة في العالم تقوم على اعتبارات أربعة:


أحدها: الدول القائمة في العالم الإسلامي تعتبر كأﻧﻬا قائمة في بلاد واحدة. فلا تدخل ضمن العلاقات الخارجية، ولا تعتبر العلاقات معها من السياسة الخارجية، ويجب أن يعمل لتوحيدها كلها في دولة واحدة.


ثانيها: الدول التي بيننا وبينها معاهدات اقتصادية، أو معاهدات تجارية، أو معاهدات حسن جوار، أو معاهدات ثقافية، تعامل وَفْقَ ما تنص عليه المعاهدات. ولرعاياها الحق في دخول البلاد بالهوية دون حاجة إلى جواز سفر إذا كانت المعاهدة تنص على ذلك، على شرط المعاملة بالمثل فعلاً. وتكون العلاقات الاقتصادية والتجارية معها محدودة بأشياء معينة، وصفات معينة على أن تكون ضرورية، ومما لا يؤدي إلى تقويتها.


ثالثها: الدول التي ليس بيننا وبينها معاهدات والدول الاستعمارية فعلاً كإنجلترا وأمريكا وفرنسا والدول التي تطمع في بلادنا كروسيا، تعتبر دولاً محاربة حكماً، فتتخذ جميع الاحتياطات بالنسبة لها ولا يصح أن تنشأ معها أية علاقات دبلوماسية. ولرعايا هذه الدول أن يدخلوا بلادنا ولكن بجواز سفر وبتأشيرة خاصة لكل فرد ولكل سفرة، إلا إذا أصبحت محاربة فعلاً.


رابعها: الدول المحاربة فعلاً «كإسرائيل» مثلاً يجب أن تتخذ معها حالة الحرب أساساً لكافة التصرفات وتعامل كأننا وإياها في حرب فعلية سواء أكانت بيننا وبينها هدنة أم لا. ويمنع جميع رعاياها من دخول البلاد.


• تمنع منعاً باتاً المعاهدات العسكرية، وما هو من جنسها، أو ملحق ﺑﻬا كالمعاهدات السياسية، واتفاقيات تأجير القواعد والمطارات. ويجوز عقد معاهدات حسن جوار، والمعاهدات الاقتصادية، والتجارية، والمالية، والثقافية، ومعاهدات الهدنة.


• المنظمات التي تقوم على غير أساس الإسلام، أو تطبيق أحكام غير أحكام الإسلام، لا يجوز للدولة أن تشترك فيها، وذلك كالمنظمات الدولية مثل هيئة الأمم، ومحكمة العدل الدولية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. وكالمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية.


سادساً: السلام:


يراد من كلمة السلام في سياق الحوار الوطني، حقن الدماء، وإيقاف الحروب التي كانت سابقاً على جبهة واحدة؛ هي الجنوب، حيث كان يغذيها الكافر المستعمر، بذريعة القتال بين المسلمين والنصارى، لكن المعالجات التي اتبعت تحت نفس اللافتة البراقة (السلام) أدت إلى فصل جنوب السودان، ونشر الاقتتال والاحتراب في جميع أنحاء البلاد، حيث توجد اليوم عشرات الفصائل، وهي في حالة تكاثر مستمر، تقاتل الحكومة، ويقاتل بعضها بعضاً أحياناً.إن هذا القتال الذي تدور رحاه اليوم هو ثمرة لعاملين اثنين هما: الظلم الواقع على الناس، وتدخل الغرب الكافر عبر دول الجوار، وعبر المنظمات المشبوهة، لإذكاء هذه الحروب، لأجل جرِّ أهل البلاد لموائد الحوار الملغومة، لتحقيق خطة الغرب الكافر في علمنة البلاد وتمزيق ما تبقى من السودان.


إن تطبيق نظام الإسلام العادل، وربط الناس برابطة الأخوة الإسلامية، وقطع أذرع الغرب الكافر المشبوهة والعابثة في بلادنا، من سفارات ومنظمات إنسانية، ومنظمات مجتمع مدني، كل ذلك كفيل بإيقاف هذه الحروب.


هذه هي رؤية حزب التحرير / ولاية السودان، وهي رؤية تعالج هذه الأزمة بمعالجات مبدئية، على أساس عقيدة الإسلام العظيم، رؤية ثابتة راسخة تدل عليها الأدلة الشرعية، ونعمل لإيصالها إلى سدة الحكم، بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى ثم بأمتنا؛ خير أمة، وأبنائها المخلصين من أهل القوة والمنعة، القادرين على إيقاف هذا العبث المدمّر لحياتنا.


أيها الإخوة المؤتمرون في مؤتمر الحوار الوطني:


ألم يأن لكم أن تخشع قلوبكم لذكر الله وما نزل من الحق! إلى متى تظلون منفصلين عن أمتكم؛ التي تتطلع إلى العزة والكرامة، في ظل أنظمة الإسلام وأحكامه!

وأنتم ترددون دعاوى الغرب الكافر، من معالجات وأنظمة منتنة؟


ألم يأن لكم أن تثوبوا إلى رشدكم وتجمعوا أمركم على العودة إلى الإسلام وأنظمته، بإعلان الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإنكم إن فعلتم ذلك، فقد أبرأتم ذمتكم، وأديتم الأمانة، وانتصرتم لأمتكم، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، وإن نكصتم على أعقابكم، وأعدتم إنتاج نفس النظام الذي يحارب الله ورسوله والمؤمنين، تكونوا قد جلبتم الشقاء، والضنك، لأهلكم، فإنكم عندئذ تكونون قد خفرتم ذمتكم، وخنتم الأمانة، وانتصرتم لعدوكم، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.


أيها المسلمون:يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلا يُنْكِرُوهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّة﴾، لقد طال صمتكم على هؤلاء الحكام والسياسيين العابثين بإسلامكم، وببلادكم وأموالكم وأعراضكم، وليس ثمة ضوء في النفق إلا بنصرة مشروع الأمة، ومساندته وتأييده، مشروع الخلافة العظيم؛ الذي يعمل له حزب التحرير بما يقوم به من توعية للأمة، وسهر على مصالحها، واستنصار بأهل القوة والمنعة. لقد آن لكم أن تنخرطوا في صفوف حزب التحرير، وتكونوا له عوناً وسنداً ونصرة، فهو طريق الخلاص الوحيد الذي لا خلاص غيره.


يا أهل القوة والمنعة في المسلمين:


إنا نستنصركم فانضموا لمن سبقوكم بنصرتنا، ونمدُّ إليكم أيديَنا فشدوا عليها والحقوا بأهل مَنَعتِنا، فقد أوشك الركبُ أن يسير فشاركونا الأجر والمسير ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾، ونحن مطمئنون بنصر الله ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

التاريخ الهجري :4 من محرم 1437هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 17 تشرين الأول/أكتوبر 2015م

حزب التحرير
ولاية السودان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع