بسم الله الرحمن الرحيم
الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك
إلى متى تظل بلادنا ساحة للصراع الدولي؟!
تم التوقيع يوم الأحد 2021/11/21م على الاتفاق السياسي بين أداتي الاستعمار الدولي في السودان؛ البرهان وحمدوك، وقد جاء الاتفاق في أربع عشرة نقطة تعيد ترتيب المشهد السياسي لصالح العسكر، يجيء ذلك بعد انقلاب البرهان على حمدوك، ووضعه في الإقامة الجبرية بتاريخ 2021/10/25م، وقد سارعت أمريكا، وبريطانيا، وأدواتهما الإقليمية، وغيرها من الدول بالترحيب بهذا الاتفاق.
إننا في حزب التحرير/ ولاية السودان نوضح الحقائق الآتية:
أولاً: إن تخطي المدنيين المرتبطين بالاستعمار الأوروبي، وبخاصة بريطانيا، للخطوط الحمراء، ومطالبتهم برئاسة المجلس السيادي، ووضع الأجهزة الأمنية في يد رئيس الوزراء ليعيد ترتيبها، وهيكلتها، وتصفيتها من النفوذ الأمريكي، ووضعها في خدمة النفوذ الإنجليزي، كل ذلك هو الذي عجّل بانقلاب البرهان الذي رتبه له، وأشرف عليه المبعوث الأمريكي (جيفري فيلتمان) في زيارته للسودان التي اختتمها مساء 2021/10/24م.
ثانياً: لقد راهن المدنيون بقيادة حمدوك على الشارع والضغط الدولي، في إجبار البرهان على التراجع عن انقلابه، فكان ذلك رهاناً خاسراً! فكيف لمن سام الناس خسف العذاب سنتين كاملتين، يطبق النظام الرأسمالي الجائر، بتعليمات مباشرة، وروشتات جاهزة من الغرب الكافر العدو، كيف لهكذا حاكم أن يتوهم خروج الشارع لنصرته؟ فكان الخذلان، وكانت الاستجابة لكل تظاهرة أضعف من التي سبقتها. أما الضغوط الدولية فقد كانت ضعيفة، لأن أمريكا رفضت توصيف تصرف البرهان بأنه انقلاب، فقد صرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس قائلاً: "إن الولايات المتحدة تعتبر ما حدث في السودان هو سيطرة عسكرية، وإن كلمة "انقلاب" تحتاج إلى تقييم قانوني" (قناة الحرة 2021/10/26)، وأيضاً صرح فيلتمان بأنه يقبل بحكومة مدنية بحمدوك أو بدونه، قائلاً: "نؤكد على ضرورة استعادة الجماهير للشراكة بقيادة حمدوك أو بدونه" (العربية نت 2021/11/02م).
ثالثاً: عندما وصلت الرسالة بأن استجابة الشارع صارت ضعيفة، وأن الطبخة الأمريكية قد نضجت، عادت إلى الخرطوم مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية مولي في، في الفترة من (14-2021/11/16م)، وقد جاء في بيان للسفارة الأمريكية في الخرطوم، الذي أوردته وكالة الأناضول أن غرض الزيارة هو: "لدعم التوصل إلى حل الأزمة في البلاد وعودة حمدوك إلى منصبه". فبين ترتيب فيلتمان للانقلاب، وبين وصول مولي جرت مياه كثيرة تحت الجسر، حتمت أن يخفض عملاء الإنجليز، وبخاصة حمدوك سقفهم، ورضوا بعودته رئيساً للوزراء، ليعمل تحت إشراف مجلس السيادة والعسكر بحسب الاتفاق السياسي، ويسكت عن المطالبة برئاسة مجلس السيادة وهيكلة الأجهزة الأمنية.
إن بلادنا صارت ساحة للصراع الدولي بين قطبي الاستعمار القديم (بريطانيا) ويمثلها حمدوك ودعاة المدنية، وبين الاستعمار الحديث (أمريكا) وتمثلها قيادات المؤسسة العسكرية، وإن فكرتي المدنية والعسكرية هما من أدوات هذا الصراع، فهما وجهان لعملة واحدة هي العقيدة العلمانية؛ عقيدة فصل الدين عن الحياة، وجلب الشقاء، وضنك العيش، وتركيز نفوذ الكافر المستعمر، ونهب ثروات البلاد وخيراتها. هذه هي الحقيقة كالشمس في رابعة النهار، ولا عزاء للسذج والبسطاء والمغرر بهم.
أيها المخلصون من أهل القوة والمنعة: إن ذمتكم لن تبرأ أمام المولى سبحانه وتعالى إلا بأخذ الحكم من هؤلاء العملاء الذين أفسدوا الحياة، وأذلوا العباد، ونصرة حزب التحرير الذي يعمل في الأمة ومعها ليقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ التي تقتلع نفوذ الكافر المستعمر، وتطبق الإسلام صافياً نقياً، وتصلح ما أفسدته حضارة الغرب الكافر في أرجاء المعمورة، وإن ذلك لكائن بكم أو بغيركم، فاستجيبوا لعز الدنيا وفلاح الآخرة.
أيها الأهل في السودان: يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، وإن الخطوة الأولى في التغيير إنما هي الوعي على حقيقة الواقع، وعلى مبدأ الإسلام العظيم بوصفه عقيدة، وأنظمة حياة تطبقها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهلمّ إلى مشروع نهضتكم على أساس الوحي العظيم الذي صاغه حزب التحرير لأجل دراسته، وحمله، ونصرته، وإيصاله لسدة الحكم، ففي ذلك خيرا الدنيا والآخرة.
التاريخ الهجري :17 من ربيع الثاني 1443هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2021م
حزب التحرير
ولاية السودان