الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
بريطانيا

التاريخ الهجري    20 من رجب 1440هـ رقم الإصدار: 1440 / 13
التاريخ الميلادي     الأربعاء, 27 آذار/مارس 2019 م

 

بيان صحفي

 

مهزلة بريكسيت هي أحد أعراض عجز الديمقراطية عن توحيد الناس

(مترجم)

 

الآن، بعد أن أثبتت المؤسسة البريطانية نفسها بقوة مادة للضحك في العالم، حيث تعتبر بريطانيا الآن رجل أوروبا المريض الجديد، وتجدَّد الاستهزاء بالإمبراطورية التي كانت يوما ما لا تغرب عنها الشمس: سيكون من الخطأ اعتبار أن هذا مجرد خطأ من طرف أو آخر. بل إن هذا هو أحد أعراض النظام الديمقراطي نفسه الذي لا قدرة له على توحيد الناس من أجل صالحهم، مما يؤدي بهم بدلاً من ذلك إلى الانقسام والبؤس للجميع، لحساب القلة المميزة.

 

إنها ليست مزحة بالنسبة للأشخاص العاديين المحرومين والمهملين في بريطانيا. لم تكن النخبة الثرية تشعر بالقلق في أي وقت مضى بشأن مقدار ما قد يكسبونه من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت)، في حين يتعين على عامة الناس الآن القلق بشأن مقدار ما قد يخسرونه. من غير المرجح أن يخسر الأثرياء في الواقع على أي حال، بينما من غير المرجح أن يربح بقية الناس في أي من الاتجاهين.

 

قبل استفتاء كاميرون المشؤوم لعام 2016، كان حزبه المحافظ منقسماً بين محبي أوروبا والمتشككين في أوروبا الذين يزدادون صخباً، والذين كانوا يشتركون في خطاب كراهية الأجانب الصادر عن حزب المملكة المتحدة المستقل. ما بدأ كبادرة غير مسؤولة لقمع المعارضة الداخلية في حزب المحافظين قد فضح الآن الكسور العميقة في المجتمع البريطاني، دون أن يبدو أنه يوجد في الأفق حل أو قدرة على توحيد الناس.

 

لقد خذلت الرأسمالية الشعب البريطاني، تماماً كما خذلت الفرنسيين والأمريكيين، الذين تحولوا إلى قادة غير أكفاء، شعبويين جاهزين لتلبية المطلب الشعبي للتغيير. هذه هي الدول الرأسمالية الرائدة في العالم، التي ترفع عالياً راية الديمقراطية، ولكنها غير قادرة على إنقاذ نفسها من الكارثة التي جلبها عليها نظامها.

 

الديمقراطية هي النظام الذي يوجد بالضرورة مجموعة من الأشخاص الذين لا يملكون، والمميزين الذين يتمتعون بالامتيازات، والمحرومين، والذين يتمتعون بالسلطة، والذين يرغبون في الحصول على القليل. إن حماقة الخيار الديمقراطي تعني أن تطلعات المحرومين ستزداد إلى درجة المطالبة بما لا يمكن للسياسيين تحقيقه، ولكن بوصفهم قادة شعبويين سوف يعدونهم به على أي حال.

 

لقد جزأت الديمقراطية البلاد بشكل قاس، وإنما أبرزت عملية بريكسيت هذا الانقسام فحسب. كان لدى معظم الناس قبل الاستفتاء وحتى بعده حاليا معرفة محدودة باتفاقيات التجارة الدولية والسوق الأوروبية المشتركة، ومع ذلك فقد طُلب من الجميع التصويت على بريكسيت بناء على المعنى الفني في الأساس، المتمثل في استمرار العضوية في الاتحاد الأوروبي. لم تتمكن مجموعات المصالح الكبرى من النخبة من مقاومة التلاعب بالوضع السائد حينئذ، مستخدمين وسائل الإعلام الخاصة بهم، لتوجيه القضية بعيداً عن الواقع الفني لعملية بريكسيت إلى الحجج المشاعرية الشعبية التي ليس لها أساس فكري ولا تستحق الاهتمام.

 

وهكذا، قدم النظام الديمقراطي المجزّأ الشيء الوحيد الذي يناسبه حقاً: المزيد من الانقسام. الفرصة للقيام بالنظرة العميقة الصعبة التي طال انتظارها، وهي التقويم الحقيقي للنموذج الديمقراطي بناء على أساسه وخواصه، وذلك لاستنتاج أنه نموذج لا يمكن أن ينجح، لذلك ينبغي النظر في بديل أفضل.

 

يُفصِّلُ النظام السياسي الإسلامي المصادر التشريعية التي تستمد منها القوانين لإدارة شؤون الحياة. في النواحي التي لا يكون فيها التشريع الإلهي إلزامياً، مثل المسائل الفنية التي تتطلب البحث، أو حيث يتم طلب رأي الناس، فقد سمح الشارع بالتشاور بين الحاكم والمحكوم. يسمى هذا التشاور بالشورى، وقد بينت الشريعة بالتفصيل كيف تتم هذه العملية؛ بمعنى الحالات المشروعة للتشاور، ومن يتم استشارته، ومتى يكون الرأي الذي يتوصل له بالشورى ملزماً للدولة ومتى لا يكون كذلك. فالشورى حول المسائل الفنية يرجع فيها إلى الخبراء في هذا المجال، وليس للشخص العادي مكان للمشاركة فيها. استشارات غير الخبراء في المسائل الفنية، وإلزام مجلس الأمة بالعمل برأيهم أمر غير مسؤول إلى حد كبير، ولا يتماشى مع إدارة شؤون الناس بطريقة كفؤة وعادلة، لأنه يفتح الباب للتلاعب، كما أظهرت عملية بريكسيت.

 

إن الخلافة، أعني الدولة الإسلامية التي تقام على منهاج النبوة، لا تضلل الناس بوعود المشاركة الزائفة، ولا تؤدي بهم إلى الانقسام والدمار بسبب التلاعب بهم من نخبة قوية تهتم بمصالحها الذاتية.

 

وصدق الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى

 

يحيى نسبت

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
بريطانيا
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 07074192400
www.hizb.org.uk
E-Mail: press@hizb.org.uk

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع