السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان

التاريخ الهجري    21 من ربيع الاول 1430هـ رقم الإصدار: 2 / 30
التاريخ الميلادي     الثلاثاء, 17 آذار/مارس 2009 م

الحقوق في الأعراف اللبنانية يحرم منها مستحقّوها وتمنح لغيرهم

 

أعلن تحالف 14 آذار في احتفاله في بيال وثيقة تضمنت نقاطاً عدة لا تخرج عن كونها تكراراً جديداً لشعارات كثر تردادها، لسنا هنا في صدد التعليق عليها كلها، إلا أن من بينها بندين يُظهران مفارقة تستحق الوقوف عندها وإيضاح الموقف منها. وليس هذا التعليق من باب المساهمة في التجاذب بين طرفي الصراع كما جرت العادة في هذا البلد، بل على قاعدة أن الشيء بالشيء  يذكر، ولا سيما أن الموضوع محل التعليق ليس محل نزاع بين هذين الفريقين؛ للأسف.

أما أول هذين البندين: فهو البند الذي ينص على "الالتزام الصارم بمنع توطين الإخوة الفلسطينيين في لبنان، وإقرار اقتراح قانون التعديل الدستوري الذي تقدم به نواب 14 آذار بشأن هذا الموضوع منذ أكثر من ستة أشهر والذي يشترط إجماع المجلس النيابي لتعديل المادة الدستورية المتعلقة بالتوطين".

وأما ثانيهما: فينصّ على "الالتزام بقضية الانتشار اللبناني في العالم ... وتحقيق المساواة في الواجبات والحقوق مع المقيمين، وفي مقدمها حق الاقتراع الذي يجب أن يكون متاحاً لكل مغترب في مكان إقامته، والعمل على تسهيل استعادة المنحدرين من أصل لبناني لجنسيتهم اللبنانية".

البند الأول ينفي بشكل صارم حق مئات الألوف من البشر الذين ولدوا في لبنان من آباء ولدوا في لبنان أيضاً، من أن يتمتعوا بأدنى الحقوق التي يتمتع بها أي إنسان، من حقوق التملك وممارسة كافة الأعمال والمهن والوظائف العامة والتعلم والطبابة المجانية... مع أن هؤلاء وإخوانهم من سائر أهل لبنان هم جزء من مجتمع واحد، ويشتركون معاً بجوامع مبدئية وثقافية ولغوية واجتماعية وتاريخية.

والبند الثاني يعطي الحق لملايين الأشخاص الذين ولدوا من آباء -بل من أجداد- غادروا لبنان منذ عدة أجيال وباتوا لا يمتّون بصلة إلى أهله، لا ثقافياً ولا لغوياً ولا اجتماعياً ولا حتى مصلحياً... تعطيهم الحق في أن يتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها أهل البلاد الذين ولدوا وأمضوا حياتهم فيها!

لماذا؟! بكل بساطة: بسبب الحفاظ على التوازن الطائفي -ويسميه البعض تخفيفاً للّهجة التوازن الديمغرافي- في لبنان، بل يراه البعض إعادة لشيء من التوازن الذي اختل خلال العقود التي أعقبت إنشاء فرنسا الكيانَ اللبناني.

 

إن هذا التناقض الذي يُفْرط في إعطاء أشخاص حقوقاً لا يفتقدونها ولا يشعرون بالحاجة إليها، ويفَرِّط في حقوق آخرين حُرموا الحدّ الأدنى من حقوقهم الإنسانية، هو، فضلاً عن كونه مخالفاً لكافة الأعراف والقوانين في دول العالم، أحد أسوء إفرازات الأعراف السياسية الطائفية للكيان اللبناني الذي أنشئ لرعاية شؤون القبائل الطائفية مـمَثَّلة بزعمائها، بدل أن يرعى شؤون الناس الذين يعيشون مستقرين فيه بوصفهم بشراً لهم حق العيش الكريم. قال تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم). وكذلك هو أحد الإفرازات الكريهة للفكرة الوطنية الدخيلة التي قسّمت الأمة الواحدة وحوّلت الناس عن الولاء لأمة تنتشر في أرجاء المعمورة إلى الولاء لكيانات قطرية اصطنعها المستعمر بعد قضائه على دولة الخلافة عقب الحرب العالمية الأولى.

إذا كان التوطين يتضمن معنى أن يتنازل أهل فلسطين المهجرين قسراً عن فلسطين لصالح اليهود الغاصبين، فنحن بالتأكيد نرفض هذا التنازل بأشكاله كافّة وتحت أية ذريعة، لأن الله تعالى يقول: (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم). إلا أن رفض هذا المعنى الذي يتضمنه التوطين لا يجوز أن يكون مدخلاً لمعاملة أبناء المهجرين من أهل فلسطين بوصفهم غرباء وضيوفاً ثقالاً، إذ فضلاً عن كون أهل لبنان وفلسطين جزءاً من أمة واحدة لا تفصل بينها أية فواصل حقيقية، عدا الحدود السياسية المصطنعة، فإنهم يشتركون معاً في عيش واحد على رقعة أرض واحدة منذ ما يقرب من ثلاثة أجيال. فالواجب هو أن يرفع الظلم والجور عن هذا الفريق من الناس الذين قضوا أعمارهم وهم يكتوون بنار النكبات ويتقلبون على أشواك القمع، وأن تلغى جميع القوانين التي تميز في الحقوق بين أناس يحملون أوراق "الجنسية اللبنانية" من أهل لبنان وبقيتهم الذين لا يحملون هذه الأوراق.

 

وختاماً نذكر الذين يؤمنون بآيات الله بقوله سبحانه:

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

 

وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا أيـُّها الناس، ألا إنّ ربّكم واحد، ألا إنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيّ على عجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلاّ بالتقوى، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم».

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية لبنان
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: +961 3 968 140
فاكس: +961 70 155148
E-Mail: [email protected]

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع