المكتب الإعــلامي
المركزي
التاريخ الهجري | 2 من ذي القعدة 1445هـ | رقم الإصدار: 1445هـ / 037 |
التاريخ الميلادي | الجمعة, 10 أيار/مايو 2024 م |
بيان صحفي
في ظل انتشار الشذوذ الجنسي وثقافة الانحلال
شبكاتٌ إجرامية تستهدف الأطفال في لبنان
هزّ لبنانَ خبرُ كشف الشبكة الإجرامية الشاذة (عصابة التيكتوك) التي تستدرج القصّر والأطفال، وتعتدي عليهم وتغتصبهم، وتتاجر بهم في حفلات ماجنة جماعية! ووفق المعلومات الأمنية فقد يصل عدد ضحايا هذه الشبكة من القاصرين إلى العشرات وما زالت تفاصيل الجريمة تتوالى فصولاً، وبأسماء تُعد في عالم التواصل الإلكتروني أسماء لامعة وذات شهرة كبيرة بالإضافة إلى أسماء أخرى ما زالت قيد الكتمان. هذه الشبكة الإجرامية ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة في ظل انتشار ثقافة الانحلال والشذوذ الجنسي في بلادنا؛ ففي العام 2016 استفاق لبنان أيضا على فضيحة مماثلة لهذه الفضيحة باستغلالها وسوئها حيث أوقفت الأجهزة الأمنية أكبر شبكة للاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، وعُرفت بشبكة "شي موريس" والتي احتجزت نحو 75 فتاة من لبنان وسوريا لسنوات عديدة للاتجار بهن. ومنذ العام 2016 وحتى العام 2024 ما زالت جلسات المحاكمة في قضية "شي موريس" في مراحلها الأولى في محكمة الجنايات نتيجة الإضراب في القطاع القضائي وأيضا هشاشة هذا القطاع بسبب التدخلات السياسية فيه.
ووفق أرقام جمعية "حماية" تعرّض نحو 1932 طفلا في لبنان إلى العنف من الفترة الممتدة من كانون الثاني إلى أيلول في العام 2023. إن جرائم الاستغلال الجنسي، خاصة ضد الأطفال، واحدة من مشاكل عدة أظهرت الاضمحلال الأخلاقي وفساد القيم المجتمعية في لبنان الذي ينتشر فيه إدمان الخمور والمخدرات والدعارة والانتحار والفساد واغتصاب الأطفال وغيرها من المآسي التي تنهش مجتمعات القرن الـ21 الرأسمالي. هذا النظام الرأسمالي الفاسد والمفسد الذي لم يتسبب بتدمير الطفولة فحسب بل بتدمير البشرية جمعاء، فالناظر إلى واقع مجتمعاتنا اليوم يلمس حجم التحديات والمخاطر التي نعاني منها على مختلف الأصعدة نظرا لدخول الأفكار الغربية وتأثير المفاهيم الخطرة على سلوكيات حياتنا، ما أفرز واقعا أليما يشكل في الحقيقة أزمة خطيرة وتحديا حقيقيا يواجه مكونات بلادنا الإسلامية، فلسان حالنا يتلخص في الآية الكريمة: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
هذا الحال هو بسبب فصل الدين عن الحياة، أي إلغاء حاجة الإنسان إلى الدين وإلى القوانين الربانية وفصله تماماً عنها بحجة الحداثة والحريات، فكانت النتيجة ما نلمسه اليوم من حيرة وضياع وانتشار الفراغ الروحي والملل والإحباط والاكتئاب والضياع والانتحار بين الأطفال والشباب ليس في لبنان فقط بل في العالم بأكمله.
هذا وتحتل جريمة الاتجار بالبشر المرتبة الثالثة من التجارة العالمية التي تُدر أرباحاً طائلة حول العالم، حيث تتصدر تجارة الأسلحة تليها تجارة المخدرات، وتُقدر الأمم المتحدة عدد ضحايا الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم بنحو 27,6 مليون شخص.
إن كثرة هذه الجرائم وارتفاع أعداد الضحايا يثبت لنا فشل الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل التي لم تُروّج في بلادنا ولم تُفرض على مجتمعاتنا إلا لنشر الفاحشة والرذيلة مع غياب قانون العقوبات الرادع، فعمّ البلاء وضاعت الأجيال بل ضاعت كل الحقوق الإنسانية، فها هي منظمة الأمم المتحدة وتبعاتها كاليونيسيف أبعد ما تكون عن الاهتمام بالطفل إلا في إطار "الشكليات والتبرعات والعمل التطوعي ويوم عالمي للطفل ولا ننسى ذكرها للإحصائيات السنوية".
إن الحديث عن "حقوق الطفل" يجب أن يكتسي صبغة البحث الجاد عن أحكام وقوانين تضمن لكل طفل على وجه الأرض أن يحيا حياة كريمة، ولا مجال للسماح بأن يترك الطفل للتهديدات أو للمعاناة، ومثل هذه الأحكام والقوانين لن ينتجها العقل البشري بل هي أحكام شرعية حددها خالق الإنسان والكون والحياة، تضمن لكل إنسان حقوقه سواء أكان راشدا أم طفلا، ذكرا أم أنثى. فالخالق وحده العالم بخلقه الخبير بما يحتاجون إليه وبما ينتفعون به، قال تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾. ومن أهم حقوق الطفل وجود دولة تحافظ على حقوقه وحمايته بما يرضي الله، وترعى شؤونه وتلبي احتياجاته الضرورية والمعنوية والمادية والخدمات الطبية، وتوفر له أجواء إيمانية تمنعه من الانحلال والضياع.
أمام كل هذه الوقائع المؤلمة التي بيناها لا يسعنا إلا أن ندق ناقوس الخطر ونعلن النفير كأهل وأولياء أمور في المرتبة الأولى وكحملة دعوة للعمل الحثيث في محاربة كل المفاهيم الفاسدة والأفكار الهدامة التي تطال اللبنة الأولى والأهم في مجتمعاتنا ألا وهي الأسرة، لقوله عليه أفضل الصّلاة والسّلام: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ»، وكان ﷺ يحثّ أصحابه بقوله: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ».
فواجبكم أيها الآباء الانتباه والتيقظ لما يراه أبناؤكم وللمواقع التي يرتادونها على الإنترنت ومواقع الدردشة الفارغة التي تضيع الوقت بما لا يفيد أبداً، وسلحوهم بسلاح العقيدة الإسلامية الصحيحة القوية الراسخة التي تجعلهم يميزون بين الحلال والحرام، والتي تبني فيهم الشخصية الإسلامية المميزة، يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
القسم النسائي
في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المكتب الإعلامي لحزب التحرير المركزي |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0096171724043 http://www.hizb-ut-tahrir.info/ |
فاكس: 009611307594 E-Mail: ws-cmo@hizb-ut-tahrir.info |