باتت السياسة المعادية للإسلام من قبل السلطات الروسية تتضح أكثر فأكثر. فالكرملين لا يريد أن يعترف بعجزه عن وقف انتشار الإسلام، والسلطات المحلية لا تملك فكرة عن كيفية إرضاء الكرملين في هذه القضية، ويظهر ذلك بوضوح في تتارستان على سبيل المثال لا الحصر.

ففي الرابع عشر من شباط/فبراير 2013م كانت هناك موجة جديدة من المداهمات والتفتيش لبيوت مسلمي تتارستان. وفي هذه العملية تم القبض على بعض سكان نابريجناي تشلني من بينهم نساء كبيرات في السن بتهمة التطرف. ففي الصباح الباكر اقتحمت أجهزة الاستخبارات عشرات البيوت ممن اشتبهت بعلاقتهم بتنظيم نودزهولر المحظور في روسيا.

عمليات الدهم السابقة كان هدفها ترويع المسلمين وإلا فمن الصعب تفسير سبب قيام كتائب من رجال مسلحين ومقنعين باقتحام بيوت نساء عجائز، وكانت نتيجة هذه المداهمات أو بالأحرى (غنيمة) هذه المداهمات مصادرة الآلاف من الكتب الإسلامية.

من الواضح أن السلطات المحلية تعلم أن المسلمين في تتارستان لا يمثلون تهديداً لعامة الناس ولا للحكومة ذاتها لكن هذه السلطات عليها أن تنفذ إرادة الدوائر الاتحادية في الكرملين التي تنتهج سياسة معاداة الإسلام، وهكذا ففي شهر كانون الثاني/يناير المنصرم تم إغلاق مسجد الإخلاص في قازان تحت ضغط هذه الدوائر، واستمروا في محاولة توجيه تهم جنائية ضد إمام المسجد.

هم يحاولون اتهام مسلمي قازان بتنظيم رالي سيارات ترفع الرايات واللافتات الإسلامية والذي حدث في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2012م، التهمة تستند إلى الجزم بأن هذه الرايات واللافتات هي من سمات حزب التحرير. ولأن هذا الحزب محظور في روسيا فإنهم يحاولون حظر كل المظاهر الإسلامية التي يستعملها. وهذا أمر ليس مستغرباً في روسيا في الآونة الأخيرة حيث تم اعتبار الحجاب والحج من مظاهر التطرف.

هذه السياسات المعادية للإسلام من قبل الكرملين تعرضت أيضاً للمهاجرين؛ فمنذ أسبوع تم وضع إعلان في مسجد بولجار في قازان من قبل المكتب الاتحادي للهجرة FMS يُعلم المسلمين بأنهم سيقومون بالتدقيق في الجوازات أسبوعيا. وهكذا فإن المهاجرين المسلمين يُنَبَّهون لكونهم غير مرغوب بزيارتهم للمسجد ويتم ترحيلهم على أساس انتمائهم الديني.

الكرملين ليس السباق في عدائه للإسلام فهذه الأفعال ضد المسلمين هي ذاتها التي استخدمها وجهاء قريش في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقريش في محاولتها وقف دعوة الإسلام لفقت أيضاً تهماً للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم والمقارنات التالية توضح وجه الشبه:

• الاتهام بالجنون: يسمونه اليوم التعصب الديني.
• الاتهام بالسحر: تطور هذا الاتهام ليصبح اتهام بتحويل جثث الأموات إلى كائنات حية وهو ما يسمى بـ "الأموات الأحياء".
• انكار دين الأجداد: يسمى اليوم العمل على تقويض أسس الدولة أو رفض الإسلام التقليدي.
• وتهمة إيجاد الشقاق في قريش: يقابلها اليوم الطعون غير الدستورية.
والقائمة تطول...

الآن أعمال علماء مسلمين عالميين مشهورين توسم بالتطرف ويحاولون اعتبار راية رسول الله صلى الله عليه وسلم تطرفاً، وعلى هذا الأساس ستبنى التهم الآن ضد نساء مسلمات كبيرات في السن في تشلني نابريجناي وضد الأئمة والمصلين في مسجد الإخلاص.

إنها محاولة لتصوير المسلمين على أنهم أشرار يحاولون تدمير أسس "القرشية" الحديثة ويحاولون إيجاد رأي عام ضد الإسلام. السلطات تأمل في إقناع العوام بأن عليها أن تحارب بضراوة ضد التطرف مما يمكنها من محاربة انتشار الإسلام مع ضمان حصانة لقوات الأمن والمسؤولين الحكوميين. وهذه الحصانة في اعتقادهم سترهب المؤمنين.

هذا الوضع مشابه تماماً لما تعرض له أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية من حياتهم. حيث حاول المشركون إجبار المسلمين على ترك معتقداتهم باستخدام وسائل متنوعة من الإيذاء لأولئك الداعين إلى دين الله تعالى، لكن قوة إيمان المسلمين وصبرهم في سبيل الدعوة -طاعة لرب العالمين- أعانهم ومكنهم من الثبات والبقاء في ذلك الوقت العصيب، وبعدها أذل الله الكفر وأعز دين الحق ودخل من تبقى من قريش في دين الله أفواجا.

حقاً إن هذا مثال كافٍ للمسلمين ليحاولوا أن يكونوا كأسلافهم الأنقياء وليستمروا في بذل كل الوسع في نشر الإسلام قال الله تعالى:

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) [محمد: 7]

المكتب الإعلامي لحـزب التحـرير في روسيا