بدأت صباح أمس بمباني ما يسمى بمحكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات المرافعات الشفهية لدى محكمة التحكيم الدائمة لحسم النزاع حول حدود منطقة أبيي بين الحكومة والحركة الشعبية.

وإزاء هذا الذي يحدث في لاهاي نود أن نبين ما يلي:

1/ إن ترسيم الحدود داخل أقاليم البلد الواحد هو عمل إداري، فإعطاؤه الصبغة الدولية، والذهاب بالقضية إلى محكمة دولية يعني عملياً أن السودان أصبح دولتين متنازعتين على الحدود بينهما.

2/ إن هدف الغرب المستعمر وبخاصة أمريكا المسيرة لعملية التقسيم وقبلها بروتوكول أبيي هدف استعماري يتعلق بالثروات والنفط في تلك المنطقة.

3/ لا يجوز بحث من هو أسبق إلى المنطقة "الدينكا أم المسيرية" المهم هو أنهم موجودون في بلد واحد هو السودان، وامتلاك الأرض في الإسلام لا يكون على أساس القبيلة، وإنما على الأساس الفردي، قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»، وقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم: «مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ ، فَهِيَ لَهُ»، أما المراعي فهي ملكية عامة لجميع رعايا الدولة. إن أخطر ما فعله الإنجليز في السودان عندما كانوا يحتلون أراضيه؛ هو اعطاء الأرض على أساس الحواكير؛ أي داراً للقبيلة، وقد ظهر فساد هذا العمل واقعياً، فوق كونه مخالفاً لأحكام الإسلام المتعلقة بالأرض.

4/ إن الحكم في الإسلام مركزي، أما الإدارة فتقوم على الأساس اللامركزي حيث تقسّم البلاد التي تحكمها الدولة إلى وحدات تسمى كل وحدة ولاية، وتقسّم كل ولاية إلى وحدات تسمى كل وحدة منها عمالة... وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم، فقد كان يولي الامارة في البلدان محدداً المكان تحديداً بيّناً، فقد ولى عمرو بن حزم اليمن، كما ولى العلاء بن الحضرمي على البحرين كما ولّى غيرهما. وقد سارت الدولة الإسلامية طوال تاريخها على هذا المنوال؛ كان يقوم على أمرها ولاة وعمال، وكانت كل البلاد التي تحكمها دولة الخلافة تُملّك الأرض للأفراد وتترك المراعي والساحات وغيرهما من الملكية العامة يستفيد منها رعايا الدولة جميعاً.

إن رهن إرادتنا إلى الغرب الكافر فوق كونه مخالفة للشرع، فهو يعطيه الفرصة لتحقيق حلمه القديم بفصل جنوب السودان، ومن ثم إبقاء منطقة أبيي محل صراع تصبح ذريعة للتدخل، فنجعل سلطاناً للكافر علينا كما هو حادث اليوم، يقول عز وجل: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا}. ثم ان التحاكم إلى محاكم الغرب الكافر لا يجوز شرعاً لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا}.

عليه، يجب سحب القضية من محاكم الكفر العالمية وإعادة الأمر إلى نصابه بحل القضية على أساس الإسلام والعمل على إبقاء البلاد وحدة واحدة وعدم السماح بتمزيقها وتفتيتها، وذلك برفض كل الاتفاقيات التي بُنيت على الباطل وأولها اتفاقية نيفاشا؛ أس البلاء ومصيبة المصائب.

 

إبراهيم عثمان (أبوخليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير

في ولاية السـودان