الأربعاء، 25 شوال 1446هـ| 2025/04/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-04-23

 

جريدة الراية:

جولة السيسي الخليجية

توزيع أدوار بين أدوات المستعمر

 

 

في وقت يتعرض فيه أهلنا في غزة لأبشع عدوان من يهود منذ نكبة 1948، ويعاني أهل الكنانة من فقر مدقع وديون متراكمة وبيع ممنهج لثروات البلاد، يخرج السيسي في جولة خليجية شملت قطر والكويت، تروّج لها الأبواق الإعلامية على أنها تأتي في إطار "تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي"، بينما الحقيقة، في ميزان الوعي السياسي والشرعي، أنها جولة خيانة وتنسيق وظيفي بين وكلاء الغرب في بلاد المسلمين، لترسيخ النفوذ الاستعماري وخدمة أمن كيان يهود.

 

إن أول ما يجب كشفه للأمة هو حقيقة هذه الكيانات المسماة زوراً "دولاً مستقلة". فالسعودية والإمارات وقطر والكويت ليست دولاً بالمعنى الحقيقي، بل كيانات مصطنعة أقامها الغرب بعد هدم الخلافة العثمانية لتكون خطوطاً دفاعية عن مصالحه، وتسلمت أمريكا زمام بعض هذه الكيانات، في إطار توزيع الأدوار بين الدول الكبرى. ولذلك فإن اجتماع السيسي مع حكام الخليج لا يمثل "لقاء أشقاء"، بل هو اجتماع موظفين لدى سيد واحد، يتقاسمون تنفيذ تعليماته، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الإقليمي وتصفية قضية فلسطين وتمرير مشاريع الخصخصة والاستثمار الأجنبي.

 

ذهب السيسي ليعرض على الخليج ما تبقى من مصر للبيع؛ الموانئ، والمصانع، والمرافق، والأراضي، في مزاد تحت عنوان "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، وذلك ضمن مخطط أمريكي لربط اقتصاد مصر بالصناديق الخليجية التي يهيمن عليها الغرب، ليتم إحكام السيطرة على البلاد اقتصادياً بعد السيطرة عليها سياسيا وعسكريا. فكل "استثمار خليجي" هو استحواذ على أصول مصرية بأبخس الأثمان، وتحويل مصر من بلد منتج إلى مزرعة تباع وتشترى، وكل ذلك بإشراف وإملاء من المؤسسات الغربية التي ترسم سياسات الخصخصة، وتفرضها تحت عناوين زائفة مثل "الإصلاح الاقتصادي".

 

السيسي لا يبحث عن دعم اقتصادي لمصلحة الناس، بل عن تمويل لاستمرار نظامه الأمني، ولضمان جدولة ديونه المتراكمة للبنك وصندوق النقد الدوليين، مقابل ضمان ولائه السياسي لأمريكا وتنفيذ خططها في المنطقة. والدول الخليجية التي تمول نظامه، لا تفعل ذلك حباً بمصر، بل تنفذ توجيهات أسيادها في الغرب لتثبيت عميلهم في القاهرة، لأنه يخدم مشروعهم في محاصرة الإسلام وتصفية قضيته السياسية.

 

بينما تسفك دماء أهل غزة، يزور السيسي قطر والكويت مدعيا أن على جدول أعماله واهتماماته "نصرة غزة"، بينما في الحقيقة إن ما هو على جدول أعماله واهتماماته الكبرى هو نزع سلاح مجاهديها وإحكام التنسيق الأمني لمنع أي تحرك شعبي أو عسكري لنجدتها، وفرض تسوية أمنية سياسية تخدم بقاء كيان يهود. فدوره هو منع فتح المعابر، ومصادرة أي سلاح قبل أن يصل للمجاهدين، وتأمين الحدود لحماية كيان يهود من الجنوب، وقد بان للعيان دوره الخبيث وعلى لسان حلفائه يهود عندما صرحوا أن الوسيط المصري وضع شرط نزع سلاح المقاومة مقابل الهدنة والمساعدات، ما يدل على أنه تخطى مرحلة الوساطة فأصبح وكيلا عن يهود يتكلم بلسان حالهم، ويعبر عن رغباتهم ويعمل قطعا لحمايتهم. فالسيسي وحكام الخليج لا يتحركون بوصفهم قادة للأمة، بل بوصفهم ممثلين لمصالح المستعمرين، لا يعبؤون بدماء أهل غزة، ولا بمعاناة أهل مصر، ولا بفقر المسلمين، بل كل همهم هو رضا الغرب عنهم وبقاء عروشهم المهترئة.

 

هذه الجولة ليست منفصلة عن مشروع "التحالف الإقليمي" الذي تسعى له أمريكا، والذي يهدف إلى دمج كيان يهود في المنطقة، وتكوين محور أمني تحت قيادته ويضم مصر ودول الخليج والأردن والسلطة الفلسطينية بذريعة مواجهة الخطر الإيراني.

 

لقد أوجب الإسلام على الأمة أن تكون لها دولة واحدة، وخليفة واحد، وجيش واحد، لا حكومات متعددة وولاءات متفرقة. وكل هذه الكيانات القطرية، هي كيانات باطلة شرعاً، لا تمثل الأمة، بل تمثل سايكس بيكو وقرارات الاستعمار.

 

 يا أهل الكنانة: لا تنتظروا من السيسي وحكام الخليج أو غيرهم من حكام المسلمين أن يتحركوا لنصرة الإسلام، فهم أدوات المستعمر، وخدمه في بلادنا، وجنوده في حربه على ديننا. فإن الخلاص لا يأتي من تحت أقدام هؤلاء، بل من سواعد الأمة وجيوشها، إذا أعادت ولاءها لله ورسوله، وسارت خلف قيادة مخلصة تتبنى مشروع الخلافة بجد ووعي وبصيرة.

 

يا أهل الكنانة، يا أحفاد الصحابة والتابعين، يا أبناء أرض العقيدة والجهاد: إن السيسي لا يمثل مصر، ولا يمثل أهلها، بل يمثل أعداءها. يمثل من باعها في كامب ديفيد، ومن رهن قرارها في صندوق النقد، ومن جعل جيشها حارساً لحدود كيان يهود بدل أن يكون محرراً لبيت المقدس. فلا تنخدعوا بجولاته ولا بأكاذيبه. إن مصر ليست فقيرة، وإنما يُنهب خيرها لحساب الغرب، وتُباع مقدراتها للصناديق السيادية الخليجية بأمر من واشنطن.

 

وأنتم يا ضباط وجنود جيش مصر: ألا ترضون أن تكونوا كأنصار الأمس؟! ألا تتوقون إلى شرف النصرة؟! إن نُصرتكم لحملة الدعوة لإقامة الخلافة فرض من الله عليكم، وأنتم اليوم بين خيارين: إما أن تبقوا أداة في يد المستعمر لخدمة مصالحه، وإما أن تعودوا كما كنتم جنوداً لله، تحررون الأرض وتحملون النور.

 

﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

 

بقلم: الأستاذ سعيد فضل

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع