- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2020-05-20
جريدة الراية: معاناة كشمير: أما لها من نهاية؟!
وقعت اشتباكات عنيفة بين مئات المتظاهرين والقوات الحكومية الأربعاء في الشطر الهندي من كشمير، بعد مقتل الشاب مهر الدين بير شاه، 25 عاما، بينما كان يقود سيارته عندما أطلقت عناصر من قوات هندية شبه عسكرية النار عليه بالقرب من نقطة تفتيش في ضواحي سريناغار، عاصمة كشمير المحتلة، وقد أطلقت النار عليه لأنه، وكما ادّعت الشرطة، رفض الوقوف على حاجز للتفتيش! بينما والده غلام نبي رفض ما أعلنته الشرطة وقال إن "ابنه قُتل بالرصاص بدم بارد". وجاء قتل الشاب مهر الدين وسط تصاعد التوتر في كشمير ذات الغالبية المسلمة، وبعدما ألغت نيودلهي الحكم الذاتي لكشمير وفرضت حظر التجول عليها منذ الأول من تشرين الثاني 2019، للسيطرة على الاضطرابات. ويأتي ذلك في ظل إغلاق تام في الهند لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجدّ، حيث تم نشر آلاف من عناصر الجيش والشرطة عند نقاط التفتيش للحد من التنقلات.
وفي الأسبوع الماضي، استشهد قائد العمليات في أكبر منظمة جهادية في كشمير، حزب المجاهدين، في 6 من أيار/مايو 2020، بعد اشتباك طويل مع القوات المسلحة التابعة للدولة الهندوسية الإرهابية، حيث شن مئات الجنود الهنود عملية عسكرية بعد تلقي معلومات من المخابرات عن أن رياض نايكو، قائد جماعة "حزب المجاهدين"، مختبئ في قرية بمنطقة بولواما بجنوب كشمير. وخلال الشهر ونصف الشهر الماضي، قتل الجيش الهندوسي الإرهابي ستة وثلاثين مجاهدا. وتشهد كشمير الهندية منذ 1989 مقاومة شرسة ومستمرة أودت بحياة أكثر من 70 ألف شهيد، وعلى الجانب الباكستاني، قتل جندي وسيدتان من باكستان إثر استهداف قوات هندية مراكز مراقبة وقرى في منطقة كشمير، واتهم بيان للجيش الباكستاني الهند بـ"انتهاك غير مبرر لاتفاق وقف إطلاق النار"، كما أسفر الهجوم أيضا عن إصابة طفل وسيدة أخرى.
وردا على هذه الجرائم التي قامت بها الهند بحق المسلمين في كشمير وخرق خط السيطرة الفاصل بين البلدين وقتل مسلمين على الجانب الباكستاني، استدعت الخارجية الباكستانية، دبلوماسيا هنديا للتعبير عن "احتجاجها ورفضها لخرق الهدنة الذي يهدد عملية السلام في المنطقة"! ويأتي هذا الرد البارد منسجما مع ما عودتنا عليه الحكومات المتعاقبة في باكستان، والتي لم تبادر يوما بأخذ إجراء ينسجم مع طبيعة الصراع بين البلدين، ويتناسب مع الطبيعة الجهادية لأهل كشمير وأهل باكستان على حد سواء، فأهل باكستان وكشمير نشأوا على حب الجهاد والقتال في سبيل الله، وانزرعت في نفوسهم العداوة للدولة الهندية، وهم يتحفزون لقتال الهندوس المحتلين لكشمير ولتحرير جميع المسلمين المضطهدين في الهند، وليس فقط تحرير كشمير، وكثير من أهل باكستان يعتبرون أنفسهم مهاجرين، هجّروا من بلادهم إلى باكستان بعد اقتطاع باكستان من شبه القارة الهندية وإنشاء دولة باكستان، بشطريها باكستان الحالية وهي الغربية وبنغلادش الشرقية، وما زال أكثر أهل أكبر مدينة في باكستان، كراتشي، والتي تعداد سكانها يناهز العشرين مليونا، ما زالوا يعتبرون أنفسهم مهاجرين، وما زالت عائلاتهم منقسمة بين البلدين، لذلك كان الحافز العقائدي والتاريخي عند أهل كشمير وباكستان كافيين لإعلان الحرب على الهند، ليس فقط لوضع حد لجرائم الهند بحق المسلمين في كشمير بل وبتحريرها وتحرير باقي المسلمين في جميع الهند من حكم الهندوس لهم.
إن واقع المسلمين في شبه القارة الهندية، ومنها باكستان وكشمير وبنغلادش ومعهم أفغانستان، واقع مؤلم، فهم من خير أمة للناس، وقد أثبتوا مرارا وتكرارا قدرتهم على مواجهة الصعاب وقدرتهم على قهر الغزاة، وتاريخ جهادهم ضد الاستعمار الإنجليزي شاهد على ذلك، فهم من أجبروا بريطانيا المستعمرة على الرحيل من المنطقة، وصحيح أنها نصّبت حكاما عملاء لها في المنطقة بدل استعمارها العسكري المباشر، ولكن كانت مجبرة على ذلك الخيار، من شدة ما لاقت من مقاومة شرسة، ومثال قهر أهل المنطقة للاحتلال السوفيتي في أفغانستان مثال آخر، والحقيقة أنه لم يواجه المسلمون يوما أي معتد عليهم في المنطقة إلا وتمكن المسلمون من هزيمته، وحتى في المعارك القصيرة التي جرت بين المسلمين في كشمير وباكستان وبين الهند، فقد كانت نتائجها كلها نصراً للمسلمين وهزيمة وصغاراً للهند، وما معركة مرتفعات كارجل إلا مثال على ذلك، حيث مني الجيش الهندي بالهزيمة النكراء أمام الجيش الباكستاني، ولولا خيانة نواز شريف وقائد الجيش برويز مشرف حينها، بأمر من أمريكا لهما، لتم تحرير كشمير حينها.
صحيح أن أهل كشمير في عناء واضطهاد شديدين على أيدي الهند منذ التقسيم في عام 1947، إلا أن الهند أيضا تخوض حرب استنزاف فيها، فخسائر الهند الاقتصادية كبيرة جدا، ومثال بسيط على ذلك، فقد خسرت الهند نحو مليار ونصف المليار دولار على مدار الشهور الثلاثة الأولى من فرض حظر التجوال الذي فرضته على كشمير في الأول من تشرين الثاني 2019، أما خسائرها العسكرية فهي أيضا كبيرة جدا، وتحسب خسائرها بحسب المعركة التي تخوضها، والأهم من هذه الخسائر في مواجهة الهند، هو ثقة المسلمين في المنطقة في قدرتهم على مواجهة الهند وإلحاق الهزيمة فيها، ولكن الذي يحول بينهم وبين تحقيق ذلك هم حكام المنطقة وخصوصا حكام باكستان، الذين يمارسون التخذيل والتضليل، في محاولة منهم لإقناع الناس بالعملية السلمية التي تريد أمريكا فرضها بين البلدين، حتى تتفرغ الأنظمة في كلا البلدين لمواجهة صحوة الأمة المتمثلة بالعمل الجاد لإقامة الخلافة على منهاج النبوة في المنطقة، ولمواجهة الصين، المنافس الأقوى لأمريكا في شرق وجنوب شرق آسيا، ولكن هيهات هيهات، فقد فشلت أمريكا ومن معها من الحكام في ثني المسلمين في المنطقة عن التحرر من قبضة أمريكا والهند ومن معهم من حكام المسلمين الرويبضات، وقد باتوا يحفظون، عن ظهر قلب، حديث رسول الله ﷺ الذي يبشّرهم بتحرير الهند وليس كشمير فقط، حيث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَزْوَةَ الْهِنْدِ فَإِنْ أَدْرَكْتُهَا أُنْفِقْ فِيهَا نَفْسِي وَمَالِي وَإِنْ قُتِلْتُ كُنْتُ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ» (رواه النسائي)
بقلم: الأستاذ بلال المهاجر - باكستان
المصدر: جريدة الراية