- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2022-06-22
جريدة الراية: كيان يهود يتحسس شرعيته
بينما الأمة تتجهز لاقتلاعه
في لحظة غفلة من الأمة تمكن الكافر المستعمر من هدم كيانها السياسي، وحصنها الذي تلوذ إليه، وركنها الشديد الذي تمتنع به من أعدائها، تمكن الغرب من هدم دولة الخلافة، وعاث في بلاد المسلمين فساداً وإفساداً، وأعمل خنجره المسموم في جسدها فقطعها بضعاً وخمسين مزقة، وللمحافظة على هذه الحالة من الفرقة والشرذمة، وتكريس الضعف والتناحر فيما بين تلك الكيانات المرتبطة في وجودها وسياستها به، زرع كيان يهود في قلب البلاد الإسلامية، فلم يكن اختيار فلسطين لتكون بؤرة الصراع اعتباطاً لما له من أبعاد عقائدية وتاريخية وسياسية.
رغبة يهود في تحقيق معتقداتهم الموهومة والزائفة كانت الدافع الأكبر لتلتقي المصالح الخبيثة، كي ينجح الغرب في استغلالهم واستخدامهم كأداة لضرب الأمة الإسلامية، ولأن الدول الاستعمارية الغربية تدرك تماماً استحالة قدرة يهود على البقاء، وخوض المواجهة بينما تحيط بهم شعوب الأمة الإسلامية كالبحر من كل جانب، فقد أسس لهم كيانهم في الأرض المباركة فلسطين، ومدهم بكل أسباب الحياة، ودعمهم بأقوى الأسلحة، وأعلى التقنيات المدنية والعسكرية، وأمن لهم حماية كاملة بواسطة الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين، مع التركيز على المحيط القريب فيما عرف بدول الطوق، التي تحيط بفلسطين كالسوار بالمعصم، وهي سوريا ولبنان ومصر والأردن، فضمن ارتباط تلك الأنظمة به مباشرة، تنفذ سياسته وتضبط حركة شعوبها بما لا يهدد وجود كيان يهود.
وحيث يبذل الغرب كل ما في وسعه من جهود لتأمين استقرار كيان يهود في المنطقة، فإن اتفاقيات التطبيع المعروفة باتفاقيات أبراهام، التي وقعت مع بعض الدول العربية كخطوة أولى لتشمل كافة الدول في المنطقة، تأتي تلك الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية في سياق تأمين كيان يهود، وفي نهاية فترة حكم ترامب في كانون الثاني/يناير 2021 كانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت عن إجراء تغيير في "خطة القيادة الموحدة" يقضي بنقل كيان يهود من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية، وهي خطوة تفتح الباب أمام كيان يهود لممارسة نشاطات عسكرية في المنطقة لا بوصفه عدواً ولكن بوصفه حليفاً وصديقاً، فيما يتم تمرير هذه الخيانات والمؤامرات بذريعة محاربة الإرهاب والتهديدات الإيرانية.
وكتطبيق عملي لهذه الخطوة، أُعلن مؤخراً عن نشر كيان يهود منظومة رادارية في مناطق بالشرق الأوسط بما فيها الإمارات والبحرين، وقد تزامن هذا الإعلان مع تقديم مشروع قانون للكونغرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يدعو وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إلى العمل على توحيد الدفاعات الجوية بين دول المنطقة العربية وكيان يهود، فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال: "أن مشروع القانون هو أحدث محاولة من جانب الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الدفاعي بين (إسرائيل) والشرق الأوسط بعد تطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية، بعد أن كانت هذه الحكومات معادية لـ(إسرائيل)". وفي إطار تلك الخطة الخبيثة الذي يحوكها الغرب الكافر ضد أمتنا الإسلامية، جاءت زيارة رئيس وزراء الكيان نفتالي بينيت، لتكرس حقيقة وقوف تلك الأنظمة في خندق كيان يهـود وفي صف أعداء الأمة الإسلامية التي يكيدون ضدها ليل نهار خوفاً على عروشهم وتثبيتا لكيان يهـود.
وبالنظر إلى واقع كيان يهود فقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالاً للشك أنه كيان ضعيف وهش لا يملك القوة والقدرة على حماية نفسه، إلا بما توفره له الأنظمة العميلة من حماية، بينما هو داخلياً كيان مفكك ومتناقض، وإذا أخذنا بالحسبان جغرافيا فلسطين فهي تمتد طولياً إلى 430كم وعرضياً تتراوح ما بين 50 شمالاً إلى 120كم كأقصى حد جنوباً، وحدودها مع الأردن تصل إلى 335كم، وهي الحدود الأطول والأكثر هدوءاً بفضل وجود النظام العميل في الأردن، أي أن الكيان لا يملك العمق الاستراتيجي الذي يمكنه من خوض معركة فاصلة وحاسمة في فلسطين، وهو ما يفسر سعيه لنقل معاركه إلى الخارج دائماً، ويفسر أيضاً سعيه لبناء سياج أمني لحمايته استباقياً، عبر بناء منظومة الدفاع المشترك، ونشر الرادارات في بعض البلاد العربية.
ورغم مرور كل هذا الوقت على تأسيس كيان يهود منذ 74 سنة، إلا أنه لا زال يفتقد إلى الشعور بالاستقرار والأمان، وهو في خوف من فنائه ملازم له ومتأصل في التفكير الجمعي والنخبوي فيه، فالعلاقة كانت دائماً مع الأنظمة الفاقدة للشرعية في بلادها أصلاً، ولم تكن لشعوب الأمة أن تقبل بوجود الكيان على أي أرض من بلادنا فكيف بوجوده في الأرض المباركة فلسطين؟!
ويؤكد هذا الأمر كثرة الحديث ومناقشة مستقبل ومصير الكيان، بل تحديد نهايته وهزيمته وقرب زواله، وقد كتب في ذلك الكثيرون وكان من أبرزهم رئيس وزراء يهود الأسبق إيهود باراك في مقالة كتبها في صحيفة يديعوت أحرونوت جاء فيها: "إن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي التجربة الثالثة وهي الآن في عقدها الثامن، وإنه يخشى أن تنزل بها لعنة العقد الثامن كما نزلت بسابقتها".
تصاعد التحركات لتأمين الحماية لذلك الكيان يعكس الشعور بتنامي مشاعر البغض والكراهية ضده، وتصاعد تحركات الأمة نحو إزالته والقضاء عليه، كما يؤكد فشل كل تلك المخططات التي حيكت من أجل تدجين الأمة وخلق بيئة حاضنة للكيان باعتباره جزءا طبيعيا من مكونات المنطقة.
إن الأمة الإسلامية تتوق إلى يوم المواجهة، وتتحضر للموقف الفاصل، ومتأهبة ومستعدة للبذل والتضحية من أجل إنجاز التحرير، وتطهير المسجد الأقصى من رجس يهود، وهذا أمر لا نشك فيه، ولكن على الأمة أن تزيد من جرعة الوعي لديها، فتوجه بوصلتها إلى جيوشها، تلك القوة المختطفة من الأنظمة العميلة الحاكمة في بلادنا، والتي توفر الحماية لكيان يهود، فصار لزاماً أن تبدأ خطة التحرير باستعادة الأمة لسلطانها المسلوب، وإجبار حكامها على التحرك وتحريك الجيوش نحو فلسطين، فإن أبوا فخلعهم واجب، وإقامة خليفة ينقاد للإسلام ويقودنا به واجب، حينئذٍ يفتح الطريق نحو فلسطين، وحينها يكون النصر قاب قوسين أو أدنى، ولسان حالنا يقول لكم: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
بقلم: الأستاذ خالد سعيد
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
المصدر: جريدة الراية