- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2023-01-11
جريدة الراية: مشروع دستور دولة الخلافة
أحكام شرعية منطبقة على واقعها
(الحلقة الثالثة والأخيرة)
نظام الحكم في الإسلام يقوم على أربع قواعد: القاعدة الأولى هي السيادة للشرع وليست للشعب، السيادة للشعب من أفكار الحضارة الغربية الديمقراطية، التي جاءت نتيجة الحل الوسط بين رجال الدين والمفكرين، والذي قضى بفصل الدين عن الحياة وعن السياسة، وعليه قالوا إن الشعب هو الذي يحدد الأنظمة، بحيث يختار من يمثلونه حتى يضعوا له أنظمة الحياة، والتي تكون عرضة للتناقض والتفاوت والتأثر بالبيئة، فيكون الحكم اليوم في مسألة ما أنها ممنوعة، ثم يستدير عليهم الزمان فتصبح مباحة، كقضية المثلية التي يُروج لها دستور تسييرية المحامين، ودستور نداء أهل السودان.
القاعدة الثانية: السلطان للأمة فهي التي تختار من يحكمها بالإسلام وتبايعه على تطبيقه. أما السلطان في هذا البلد فهو مغتصب منذ دخول جيوش كتشنر وإلى اليوم، فالمستعمر صنع أحزابا وسلمها الحكم وظلت تحكم بأنظمته. والمؤسسة العسكرية لن تعقد في هذا البلد تسوية يتم فيها تسليم السلطة لشخص من خارجها، ويراد للقوى السياسية أن تلعب دور (الكومبارس) ويظل القابض على الأمور من وراء الستار هو الجيش، ومن ورائه أمريكا.
هذا سيناريو يتكرر في بلاد المسلمين فيتم تسليم سلطة منقوصة لشخص حتى يفشل وينقلبوا عليه من جديد، والتسوية تسير على هذا الأساس. المادة 65 في مشروع دولة الخلافة، الخليفة هو قائد الجيش وهو الذي يعين رئيس الأركان ويعقد لكل لواء أميراً ولكل فرقة قائداً. ليس هنالك جيش منفصل ناهيك عن أن تكون هنالك منظومة من الجيوش متعددة الولاءات مختلفة المشارب، هذا غير موجود في ظل الخلافة التي جيشها واحد، حتى الشرطة تخرج من الجيش وتدرب تدريباً خاصاً.
القضاء في دولة الإسلام متفرد عن هذه المنظومة العقيمة التي تستلزم عند رفع القضية أن تدفع مالا، وكلما كان مطلب القضية كبيراً، كان المال كثيراً، ناهيك عن السنين في المحاكم. المادة 75 تتحدث عن القضاء وهو إخبار بالحكم على سبيل الإلزام. المادة 77 القضاة ثلاثة؛ القاضي الذي يتولى الفصل في الخصومات بين الناس في المعاملات والعقوبات. والمحتسب الذي يفصل في المخالفات التي تضر الجماعة وهي للقضايا التي تحصل في الشارع، الآن تسير في السوق تلقى الشارع ثلاثة أرباعه يأخذه الفريشة مثلا تأتي حملات النظام العام من حين لآخر ولا تعالج هذه القضية! تؤخذ أموال الناس وممتلكاتهم ويضيعونها!
أما الثالث فهو قاضي المظالم وهو الذي يفصل في الخصومات بين الناس وبين الدولة سواء أكان الذي ارتكب الخصومة هو من الحكام أو من موظفي الدولة، ولذلك لا يوجد في الإسلام حصانات، أما هذه الدساتير فتعج بالحصانات وتجعل من الناس المعنيين بتنفيذ القانون فوق القوانين! حتى في أمريكا الدولة الأولى لا يحاكم الرئيس في المحكمة إنما يحاكم في الكونجرس، فإذا كانت الأغلبية لحزبه خرج بريئا! أما في الإسلام فيمثل خليفة المسلمين لأي فرد من عوام الناس أمام القاضي. فهل هنالك نظام أعدل وأكرم من هذا النظام؟
هنالك في النظام الاجتماعي المادة 114 تعطى المرأة ما يعطى للرجل من الحقوق ويفرض عليها ما يفرض عليه من واجبات إلا ما خصها الإسلام به أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود والمعاملات وأن تملك كل أنواع الملك وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها.
المادة 115 يجوز للمرأة أن تعين في مناصب الدولة والقضاء ما عدا قضاء المظالم لأن قضاة المظالم من مناصب الحكم ولأن النبي ﷺ قال «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»، وأن تنتخب أعضاء مجلس الأمة وأن تكون عضوا فيه، وأن تشترك في مبايعة الخليفة.
أما النظام الاقتصادي فلا يتحدث عن تسخير ثروات البلاد للشركات العابرة للدول حتى تنهب الثروات وتبقي الناس على حالة الفقر كحال هؤلاء الحكام مع الأسف! إن هذا البلد إذا انعقدت فيه تسوية وأقيمت فيه حكومة لرأى الناس ثروات البلد تنهب جهارا نهاراً، والآن يرى ويسمع الناس ذلك كالحديث عن مشروع الهواد الذي أعطي للإمارات وليته أعطي لها فقط بل ليهود. ويتحدثون عن الشركات التي تنهب الذهب والناس على حالة الفقر هذه.
المشكلة الاقتصادية في المادة 124 هي توزيع المال على جميع أفراد الرعية وتمكينهم من الانتفاع به وتمكينهم من حيازته والسعي له. فالسودان غني بموارده لكن التشريعات والأنظمة تحول بين الناس وبين الحصول على الثروة وتفتح البلاد على مصراعيها للشركات الناهبة لهذه الثروات. المادة 125 يجب إشباع جميع حاجات الناس الأساسية لجميع أفراد الرعية. والحاجات الأساسية هي المأكل والملبس والمسكن، والعلاج والتعليم والأمن، هذه الست إذا انعدمت من الإنسان فلا يكون الإنسان بشرا، لذلك دولة الخلافة تضمن إشباع الحاجات الأساسية للناس. فنحن لسنا كالرأسماليين يكثرون من الثروة فيأخذ أحدهم 99% منها ويترك 1% لبقية الناس! الله سبحانه قضى أن لا تكون دولة بين الأغنياء فقط، ففي ظل الخلافة يُضمن إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية، والملكيات في الإسلام ثلاث: ملكية فردية خاصة، وملكية دولة، وملكية عامة، والملكيات التي تنهب الآن تعتبر ملكية عامة لكل الناس من ذهب وبترول وغيرها من المعادن العد التي لا تنقطع.
بقلم: الأستاذ المحامي حاتم جعفر (أبو علي)
عضو مجلس حزب التحرير في ولاية السودان
المصدر: جريدة الراية