الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2023-06-14

 

جريدة الراية: ما يجري في مفاوضات جدة

هل يسفر عن نيفاشا جديدة؟!

 

 

 

يعلم أهل السودان والعالم أجمع أن اتفاق نيفاشا المشؤوم كان نذير شر لتمزيق السودان، فقد لعبت فيه أمريكا لعبتها وأظهرت فيه خبثها ومكرها وقذارتها السياسية عبر عملائها في السلطة آنذاك (نظام البشير - الحركة الشعبية) فقد أشعلوا حرب الجنوب ودهنوها بالصبغة الجهوية والعنصرية وبثوا الكراهية بين أهل الشمال والجنوب بشكل قذر ثم أوهموا أغلب أهل السودان أن هذه الاتفاقية لإيقاف الحرب وبث الأمن والسلام، إلا أن أجندة الاتفاقية كانت واضحة وهي تمزيق السودان عبر العملاء. حيث سلحت أمريكا الحركة الشعبية بقيادة عميلها جون قرنق الذي كان ضابطا في القوات المسلحة السودانية. كما أوصلت عميلها البشير إلى السلطة لتنفيذ هذه المهمة القذرة، ولم تكن عمالة الطرفين لأمريكا تخفى على متابع ومراقب للشأن السياسي في البلاد، فقد اعترف البشير قبل خلعه بسنتين، في برنامج "قصارى القول" على قناة روسيا اليوم في 2017/11/21م أنه تلقى تدريبات على يد المخابرات المركزية الأمريكية عندما كان قائداً لسلاح المظلات أثناء حكم الرئيس نميري، وأكد في لقاء مع موقع سبوتنيك الروسي في 2017/11/25م أن أمريكا هي وراء فصل الجنوب، وأنها تريد تقسيم السودان إلى 5 دول، حيث قال: "الانقسام هذا كان بضغط وتآمر أمريكي والخطة هي تدمير السودان وتقسيمه إلى خمس دول، هذه هي الخطة الأمريكية". وأكد ذلك وزراء الخارجية في عهد البشير، حيث قال غندور يوم الخميس 2017/4/31م: "إن فصل الجنوب كان في الأساس مؤامرة، لكننا قبلنا بها، ويرون الآن نتائج". وقال وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في برنامج حوار مع قناة فرانس24 بتاريخ 2018/11/21م: "ساعدنا أمريكا في حل أكبر معضلة في المنطقة وهي مشكلة جنوب السودان".

 

وقد كان القائم بالأعمال الأمريكي كوتسيس موجوداً في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، يلتقي بمن شاء، ويحاور ويقدم الطعام ويلتقط الصور، بالرغم من أن المناطق العسكرية محرم على الأجانب دخولها! لكنه في يوم الأحد 2019/4/14م، التقى حميدتي بالقائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم، ستيفن كوتسيس، بالقصر الرئاسي بالخرطوم، حيث أطلعه حميدتي على التطورات بالبلاد، والأسباب التي أدت إلى تشكيل المجلس العسكري الانتقالي. (الأناضول 2019/9/15م)، كما التقى البرهان المبعوث الأمريكي للسودان، دونالد بوث، 2019/7/15م، بالقصر الجمهوري، وتناول تطور المباحثات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير للتوصل لاتفاق لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. (موقع آر تي الروسي).

 

وفي يوم الأحد 2020/2/2م اتصل وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو بالبرهان، وأكد المجلس السيادي أن رئيسه تلقى دعوة رسمية من بومبيو عبر الهاتف لزيارة أمريكا، وأن البرهان قال إنه سيلبي الدعوة قريبا. (الجزيرة نت)، وفي يوم الاثنين 2020/2/3م، أعلن مكتب رئيس وزراء كيان يهود أن نتنياهو التقى البرهان في عنتيبي بأوغندا، وأنهما اتفقا على بدء حوار من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين. (بي بي سي). وفي يوم الاثنين 2020/11/30م، اتصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالبرهان وبحثا تطورات الوضع في إثيوبيا، حسب بيان لمجلس السيادة. (الأناضول). ونشرت صحيفة الانتباهة في 2020/4/28م، تقريراً بعنوان: "السودان: بومبيو يهاتف البرهان.. سياسة الابتزاز الأمريكي، والدفع إلى حافة الهاوية". وفي يوم 2020/10/26م، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا بعنوان: "أمريكا تكافئ السودان على ثورته بالابتزاز"، جاء فيه أن ابتزاز أمريكا للسودان من أجل التطبيع مع كيان يهود يرقى إلى مستوى التنمر على دولة لا يتوقع أن يقيم يهود معها العديد من العلاقات التجارية أو الدبلوماسية. وفي 2019/12/13م، نشرت الغارديان مقالة أخرى بعنوان: "إذا انهار الحكم المدني بالسودان فواشنطن تتحمل المسؤولية"، كتبها أليكس دي وال المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس الأمريكية، وكان مما جاء في المقالة: "إذا انزلق اقتصاد السودان إلى الانهيار التام وفشلت حكومته المدنية، فإن هذا الانهيار سيُكتب عليه (صنع في أمريكا)".

 

فقد بارك القائم بالأعمال الأمريكي كوتسيس استلام البرهان وحميدتي للسلطة، والتقى بالرجلين، ولم يسم ذلك انقلابا على البشير. كما أشرف المبعوث الأمريكي جيفري فيلتمان على انقلاب أكتوبر 2021م بقيادة البرهان وحميدتي والتقى الرجلين قبل ساعات من الانقلاب، ولم يشجب ولم يستنكر كعادة أمريكا عندما يخالف الأمر هواها. كما لم تسم أمريكا ذلك انقلابا ولم تجرمه ولم تتخذ خطوات لتقويضه، ما يعني أنها راضية عن هذا الانقلاب بل وتعاملت مع البرهان وحميدتي بعد الانقلاب بشكل طبيعي حيث رفعت مستوى التمثيل الدبلوماسي من قائم بأعمال السفارة إلى سفير في ظل انقلابهما، فعينت السفير جون غودفري، وهذا في شأنه قصص وحكايات!!

 

فالرجل جاء كأنه حاكم على السودان وليس سفيرا فأصبح يجوب البلاد طولا وعرضا دون اعتراض من البرهان وحميدتي، فالتقى بكل قيادات المجتمع ومنظماته وإدارات أهلية، ولجان مقاومة وفنانين بل ودخل البيوت والتقى النساء والأطفال والكل يشكو له الحال ويحدثونه عن مشاكل البلاد ليساهم في حلها تحت سمع وبصر قادة العسكر والمدنيين! وكان من أعجب تصريحات هذا السفير قوله "جئت لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السودان".

 

أما مولي في مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، فهي المشرفة على مفاوضات جدة، وكانت تلتقي البرهان وحميدتي بشكل دائم وتنشر أهم نقاط اللقاء في موقع السفارة الأمريكية بالخرطوم في فيسبوك.

 

لقد هيأت أمريكا لاتفاق جدة بأعمال سياسية واضحة للعيان حيث كان تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في البدء أن هذه الحرب في الخرطوم شأن داخلي. ثم أصبح دائم الاتصال أثناء الحرب بـالبرهان وحميدتي. ثم طالبهما بهدنة لمدة 48 ساعة. ثم طالب بهدنة لإجلاء الرعايا الأمريكان ثم رعايا الدول الأخرى. ثم طالب بحماية البعثات الدبلوماسية. ثم طلب من الطرفين الجلوس للتفاوض في جدة، والأغرب والأعجب أن أمريكا طلبت من الدول الأخرى عدم التدخل في المفاوضات بحجة أنه شأن داخلي، ولا يدري أين موقعها هي من هذا الشأن الداخلي؟!

 

الآن أمريكا تقود المخطط نفسه حيث تعالت الأصوات الجهوية والعنصرية نفسها التي مهدت بها أمريكا لفصل الجنوب عبر عملائها. والآن تخوض مفاوضات كما فعلت في نيفاشا. فهل سيسمح أهل السودان بتكرار ما حدث في الجنوب؟!

 

إن أمريكا وبريطانيا وروسيا وكل الدول الاستعمارية هي الشر الذي يجب أن يواجهه أهل السودان، فقد طغت هذه الدول في البلاد فأكثرت فيها الفساد، وليس هناك علاج لمشاكلنا وحل لقضايانا إلا بالرجوع للنظام الحكيم الذي كشف كيد أعدائنا ومؤامراتهم، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.

 

فكيف لنا نترك هذه التحذيرات الإلهية لنتبع هوى المستعمرين فننفذ مؤامراتهم؟!

 

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى عند الخلاف بالرجوع إلى شرعه والاحتكام إليه، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾، والرجوع إلى شرع الله يدعونا إلى إقامة سلطان الإسلام وتطبيق أحكامه بجعل السلطان للأمة لتقيم بيعة شرعية لخليفة يقيم الدين ويطبق شرع رب العالمين، فهلا وعت القيادات المخلصة لهذا الأمر العظيم وأعطت النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟

 

بقلم: الأستاذ محمد جامع (أبو أيمن)

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع