الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 Al Raya sahafa

 

2023-11-22

 

جريدة الراية: الكلمة باتت للشعوب والجيوش

فالحكام قد حددوا موقفهم المتخاذل تجاه غزة!

 

 

 

كما أنه لا يتصور من العبد أن يخالف سيده ويخرج عن أمره فإنه كذلك لا يتصور سياسياً من الدول العميلة، وهي الدول التي تحكمها أنظمة سياسية تتبع في سياستها الخارجية، والداخلية في بعض الأحيان، لدولة أخرى وتكون بالعادة من الدول الكبرى، كما هو حال الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، باستثناء تركيا وإيران اللتين تدوران في الفلك وَتَتَّبِعان في سياستهما الخارجية قاعدة المصلحة المشتركة مع الولايات المتحدة، وهذه الحقيقة السياسية باتت واضحة في ظل المجازر الحاصلة في قطاع غزة دون أن يحرك أولئك الحكام ساكناً، وذلك رغم أن استمرار هذه الإبادة يشكل خطراً على عروشهم من شعوبهم الغاضبة! ورغم أن الإبادة تحصل لشعب يعتبر امتداداً لأمة إسلامية موزعة في بلاد المسلمين!

 

نعم ربما لو حصل عُشر ما يحصل في غزة للصرب في شمال كوسوفو لكان موقف صربيا أقوى من موقف الدول العربية وبلاد المسلمين مجتمعة بخصوص غزة، وهذا لأن صربيا في واقعها هي دولة مستقلة سياسياً وتعتبر الصرب في كوسوفو امتداداً لشعبها، وقد اخترنا هذا المثال لدولة ضعيفة مثل صربيا لإظهار مدى حالة الضعف التي تعيشها بلاد المسلمين مجتمعة بشكل يتطلب تسليط الضوء على أن التبعية السياسية تتسبب في تجميد كل مقومات الدولة؛ العسكرية والبشرية والاقتصادية... مهما بلغت إن كان تفعيلها يعارض توجهات الدول الكبرى، بل ربما يتم تفعيلها بالاتجاه المعاكس فيتحرك الجيش لحماية الحدود بدل نصرة المظلوم، كما هو حاصل في غزة! حيث أمريكا تريد لكيان يهود إنجاز أهدافه العسكرية دون تدخل من أحد، خاصة مصر، وهذا التوجه السياسي الأمريكي أصاب مقومات مصر التي من المفترض أن تتحرك لوقف الإبادة الحاصلة، أصابها بحالة شلل كامل بل وجعلها جزءاً من المصيبة!! فأصبحت مصر رغم كل إمكانياتها العسكرية والاقتصادية والبشرية الضخمة، أصبحت في درجة سياسية أقل من دولة مثل صربيا تلك الدولة المغمورة في البلقان!

 

وهذا الموقف السياسي العاجز هو تعبير حقيقي عن حالة التبعية للغرب وخاصة أمريكا من قبل الأنظمة في بلاد المسلمين، وحتى تلك الدول التي ترسم سياستها الخارجية وفق مصالحها مثل تركيا وإيران ترى مصلحتها في تأمين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدم التصادم معها، وهي التي ترفض إلى الآن تدخل أي طرف في الصراع الحاصل، بل التدمير المستمر لقطاع غزة والإبادة بحق أهله، وذلك بتوجيه ودعم منها لكيان يهود، فانضمت تركيا وإيران بذلك إلى قطار العجز والشلل في الانتصار الحقيقي لأهل غزة!

 

وهنا كان لا بد أن يوجه الخطاب إلى جهة أخرى غير تلك الأنظمة والأوساط السياسية وعلى رأسها الحكام، وإن كانوا بداية لا يستثنون من الخطاب لشيء واحد فقط وهو أن عبوديتهم السياسية أمر اختياري وليس مثل الرق، فالحكام قادرون على اتخاذ قرار الانفكاك عن المنظومة الغربية بقرار واحد وسريع، وهذا عكس العبد الذي لا يملك الانفكاك والتمرد على سيده الذي اشتراه، وهذا أمر يثير الغضب، فهذا النوع من العبودية الاختيارية هو أسوأ من العبودية التي تباع وتشترى! وبناء على ذلك كان لا بد من خطاب سياسي موجه لهؤلاء الحكام يطالبهم بالانفكاك عن الغرب ودوله واتخاذ الموقف الصحيح في السياسة الخارجية كما تمليه الأحكام الشرعية في بلاد الإسلام والمسلمين، ولكن بعد عقود من التخاذل والتآمر وشلالات من الدماء كان الجواب واضحاً في كل مرة من تلك الأنظمة وهو: لن نخرج عن طوع أسيادنا من الأمريكان والإنجليز إلى أن تقوم الساعة! وهنا كان لا بد من الانتقال الفوري في الخطاب للأمة وجيوشها.

 

قد يقيس البعض الجيوش على الحكام فيقول هم عملاء وليس فيهم خير، وهذا قياس سياسي كارثي، فالحاكم بوسطه السياسي هو التابع للغرب، أما الجيش فهو مؤسسة تنفيذية في الدولة وارتباطه ليس مع السيد الأمريكي وإنما مع النظام الذي يوجهه دائماً تحت عنوان وشعار وذريعة مصالح الدولة التي تكون في كثير من الأحيان ترجمة مخفية لمصالح السيد وليس مصلحة الدولة! وهنا نتحدث عن الجيش كمؤسسة وليس بعض القادة أو ما يعرف بعظام رقبة النظام الذين قد يكون لهم ارتباط مباشر مع السيد، وهذه المؤسسة بواقعها الموضوعي تمثل جزءاً حيوياً من الأمة؛ فأفرادها هم من أبناء الأمة وأهل البلد، فالجيش ليس شركة أمنية من المرتزقة؛ فجيش مصر من أهل مصر وليس من شرق أوروبا أو أمريكا اللاتينية... وهذا الفهم السياسي الواضح يوجب علينا في ظل التخاذل الحاصل والواضح تجاه أهلنا في غزة من قبل الحكام العملاء الذين يرفضون الانفكاك عن الغرب رغم الدمار والإبادة الحاصلة... يوجب أن يتوجه الخطاب مباشرة للأمة والجيوش فَيُظهر لها عمالة النظام ويطالبها بالتحرك لإسقاطه ونصرة أهل فلسطين، وهذا التحول السياسي والانقلاب العسكري طبيعي عندما يتضح للشعوب الحرة عمالة النظام وخيانته، فكيف الحال والحديث عن شعوب حرة ومسلمة يوجب عليها دينها وأحكام ربها أن تسقط الطغاة وأن تجعل سلطانها في يدها والسيادة لشرعها!

 

وفي ظل هذه الخسة والعمالة واللامبالاة من الأنظمة بأمة الإسلام المكلومة وشعوبها النازفة كما هو حاصل في غزة أصبحت كلمة الفصل عند الشعوب لتقولها وتحرك الجيوش، وهذا يوجب على الشعوب أن تنقل الإحساس والحرارة التي عندها للمؤسسة العسكرية بكل الوسائل والأساليب المتاحة بالتزامن مع التحدي والمحاسبة العلنية للنظام، وعندها من الطبيعي أن يتشجع بعض قادة الجيش غير المفصول بشكل كامل عن الأمة ومشاعرها وأحاسيسها، للتحرك والتمرد على النظام الذي ظهرت خيانته للدين ولمصالح الدولة والشعب، ومن ثم تجاوز الحدود لنصرة أهل فلسطين وغزة، وهو مستند للرأي العام عند الشعب، وهذا يكون على مستوى التحرك لنصرة أهل فلسطين بشكل سريع وفوري كما يوجب الشرع، قال تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، أما على مستوى إسقاط النظام وإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة تضع الإسلام باعتباره مبدأ ينظم شؤون الناس والدولة وكل ما يتعلق بهما، فهنا لا بد من إعطاء النصرة من المؤسسة العسكرية لحزب التحرير الذي يمثل الجهة السياسية الوحيدة القادرة على إقامة دولة الخلافة ويملك التصور الكامل والواضح لها في كل جزئية من جزئياتها، وعندها فإن كل قضايا المسلمين سوف توضع على طاولة الشرع والجهاد وعلى رأسها قضية فلسطين.

 

 

بقلم: د. إبراهيم التميمي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع