- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-02-14
جريدة الراية: مآلات هجمات الحوثيين على السفن الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر
إن لجوء الحوثيين إلى استهداف السفن التجارية بالصواريخ، يعد الخطوة التالية، بعد فشلهم في الاستحواذ عليها وجرها إلى ميناء الحديدة، كما حدث مع سفينة ليدر جالاكسي، التي ترسو حتى الآن في ميناء الحديدة. أما استهداف المدمرات العسكرية فهو ليس سوى من قبيل استهداف الرأي العام المحلي، حتى يصدق بأن عداوة الحوثيين للأمريكيين حقيقية وليست زائفة.
في السابق تم بث صور للسفن المستهدفة، ما يكشف بأن الصواريخ التي تم استهداف السفن بها، عبارة عن صواريخ حارقة، تستطيع أن تحدث حريقاً في الأهداف التي تصيبها. بينما لم يتم عرض صور للمدمرة الأمريكية غريفلي بعد استهدافها، ما يعني أن القدرة التدميرية لتلك الصواريخ هي ذات قدرة تدمير متواضعة.
إن الأحداث في البحر الأحمر تكشف تفرد أمريكا بتشكيله من دون المشاورة مع أعضاء مهمين في الناتو كفرنسا وإسبانيا، واكتفاء أعضاء آخرين بالتمويل الذي لا زالت أمريكا تصر على رفع مدفوعات أوروبا منه إلى 4% بدلاً من 2% من ميزانيتها العامة، ما يعني أن أمريكا هي صاحبة المخطط، وغيرها هم شهود زور.
إن الأهمية البالغة لمضيق باب المندب بالنسبة للتجارة العالمية مؤثر وكبير، على مستوى كمية النفط الضخمة التي تعبر منه من الجنوب المنتج للنفط في اتجاه الشمال القائمة صناعاته عليه، وعلى مستوى عدد السفن التجارية التي تعبر منه. وإن أوروبا هي الخاسر الأكبر من تعثر الملاحة عبر باب المندب. وقد بدر منها نية احتلال اليمن لاستعادة دورها كاستعمار قديم. في الوقت الذي أعدت أمريكا نفسها بتبديل حركة السفن تجاهها عبر المحيطين الهندي والهادي، بدلاً عن المحيط الهادئ الذي اعتمدت عليه في السابق.
مع حضور أمريكا وبريطانيا في أحداث البحر الأحمر، إلا أن لكل منهما غايته في ظل الصراع الدولي بينهما على اليمن. فأمريكا معنية بتثبيت أقدام عملائها الجدد في اليمن والشرق الأوسط، فيما تسعى بريطانيا، لتقديم الدعم لمن تبقى من عملائها، فحضورها في تحالف حارس الازدهار هو من أجل الحفاظ على منصب رئاسة الوزراء في صنعاء ورئاسة مجلسي الشورى والنواب، وطارق محمد عبد الله صالح في المخا، وطابور طويل من العملاء حافظت عليهم بعد رحيلها الشكلي عن جنوب اليمن. فالهجمات الصاروخية والجوية التي تشنها أمريكا وبريطانيا، تعيد إلى الأذهان التحالف الذي قادته الرياض طوال تسع سنوات على الحوثيين في اليمن، وما انتهى إليه من بقائهم وعدم إزالتهم كما أُشيع.
أما الصين الحاضرة الغائبة، فقد غابت عن سفنها هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، معلنة بذلك عدم اشتراكها فيما يدور في قطاع غزة والعدوان على اليمن، مع أن عدوانها على المسلمين الأويغور في تركستان الشرقية "شينجيانغ" ظاهر للعالم أجمع. وحضورها بالتوسط عبر إيران لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والتي بدأ ظهورها العلني بتصريحات ضبط النفس عقب استهداف المدمرة يو إس إس غريفلي!
وإيران هي الأخرى حاضرة فيما يدور في البحر الأحمر بأسلحتها وأنشطتها العسكرية وتصريحات سياسييها.
إن هجمات الحوثيين المعلنة على السفن الأمريكية والبريطانية، المتبناة من وزارة الدفاع، والواردة على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع العميد يحيى سريع، تستهدف معنويات أتباعهم بشكل أساسي، وهي تصب في رفع معنوياتهم، وزيادة تصديقهم بأنهم يقاتلون أمريكا و(إسرائيل) كما في شعاراتهم، وأنهم مقدمون على اجتياح جزيرة العرب، وصولاً إلى الشام لتحرير فلسطين من أيدي يهود الغاصبين، عبر معركة الفتح الموعود، الذي تدفع أتباعها ترقب حدوثه، عبر دورات التدريب والتعبئة التي تعقد في أكثر من محافظة في اليمن، على غرار فيلق القدس في إيران!
إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر جاءت متزامنة مع هجمات مماثلة للحشد الشعبي في العراق وفي سوريا، ما يعني إعطاء فرصة لـ"محور المقاومة" بالظهور بقصد إشعال الشرق الأوسط بحرب طائفية واسعة، وليس في مواجهة الولايات المتحدة كما ورد في تصريح حسين عبد اللهيان وزير خارجية إيران، أن الرد الإيراني على التهديدات الأمريكية سيكون حاسماً ومباشراً!
إن الحل المؤقت الذي سارع كيان يهود لاستحداثه عبر الطريق البري الطويل من الإمارات عبر نجد والحجاز فالأردن ثم إليه، يكشف عن تورط المطبعين علانية على رؤوس الأشهاد، ولا يمكن أن يعوض عن الطريق البحري عبر البحر الأحمر، لقلة الحمولة وارتفاع التكلفة.
إن الدول الاستعمارية أمريكا وفرنسا والصين المالكة لقواعد عسكرية في جيبوتي تملك قدرة التأثير العسكري في المنطقة. وإن منطقة الشرق الأوسط بقوة مقوماتها؛ الإسلام، والثروات النفطية والمعدنية والبشرية، والموقع، توشك أن تستعيد عافيتها من بعد عثرة مائة سنة وتزيد من غياب حكم الإسلام عنها، فقد جن جنون من أسقطوا الخلافة، فهم يحاولون إعادة الاستعمار العسكري للمنطقة، للحيلولة دون حدوث ذلك، مستعينين بمن استعانوا بهم بالأمس من عرب ومن عجم، ما يوجب على المسلمين أن يحثوا الخطا ولا يتوانوا عن إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
بقلم: المهندس شفيق خميس – ولاية اليمن
المصدر: جريدة الراية