الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2024-04-24

 

جريدة الراية: زيارة السوداني إلى واشنطن تكريس للاحتلال وتوسيع لهيمنته على العراق

 

 

وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 15 نيسان/أبريل 2024 دعوة لرئيس حكومة العراق محمد شياع السوداني لزيارته، وجاءت هذه الدعوة في ظروف صعبة تمر بها المنطقة وتشغل واشنطن، أبرزها الحرب في غزة والتوتر بين إيران وحلفائها من جهة وكيان يهود من جهة أخرى، وقد "وصف مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون موارد الطاقة جيفري بيات زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لواشنطن بالناجحة" (الحرة واشنطن).

 

وتأتي هذه الزيارة قبيل نهاية ولاية بايدن، فهي مهمة بالنسبة للحزب الديمقراطي حيث الاستعدادات جارية على قدم وساق لكسب الانتخابات الرئاسية القادمة، لتعتبر ما تم الوصول إليه من تفاهمات سياسية وعسكرية وعلى رأسها الاقتصادية، فقد توجت هذه الزيارة بمكاسب اقتصادية كبيرة.

 

وأتت هذه الزيارة الآن بعد أن استطاعت الولايات المتحدة بقياده الحزب الديمقراطي أيضا قبل 10 سنوات إبان رئاسة أوباما في كسر ظهر القوى العسكرية والسياسية التابعة للإنجليز من خلال استغلال تنظيم الدولة في تحطيم كل أذرع المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي الممولة من قطر وغيرها من دول الخليج، فتأتي اليوم لتكمل سيطرتها العسكرية بعد تحجيم القوى الموالية لإيران والتي كانت بالأمس القريب خير معين في إنهاء تنظيم الدولة، فتضيف إلى هذه المكاسب العسكرية مكاسب اقتصادية كبيرة جدا.

 

فقد أوضح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان له في 18 نيسان/أبريل 2024، تمكين شركات أمريكية كبرى متخصصة في مجال النفط والغاز وأخرى في الكهرباء، كما عقدت اتفاقيات أخرى مع شركات إماراتية لتشغيل ميناء الفاو، وصينية لإنشاء مصفى الفاو بسعة 300.000 برميل يوميا. فهذه الاتفاقيات مع كبرى الشركات الأمريكية تعمل على تشغيل المنطقة اقتصاديا موفرة فرصا للعمل مغرية لأهل العراق، ما يترك أجواء من الفسحة الاقتصادية على المدى المنظور، وهذا ليس من أجل راحة أهل العراق بل هو سياسة الجزرة المشغلة للشعب عن حقيقة الاحتلال الناهب للثروات، فما هذه الاتفاقيات إلا لتمكين الشركات الأمريكية الكبرى من مقدرات الأمة والسيطرة عليها، فما تعطيه بيدها اليمنى تأخذه بيدها اليسرى أضعافا مضاعفة.

 

إن هذا الإشغال الاقتصادي لأهل العراق يمكّن الولايات المتحدة من السيطرة العسكرية ليستتب الأمر لها بشكل كبير، فما تشهده المنطقة من صراع في غزة يشكل مصدر قلق كبير لأمريكا، فهي بحاجة لتأمين قواعدها في العراق وتثبيت وجودها بشكل لا يؤثر على أمنها واستقرارها فيه، لذا كان لا بد من تثبيت التفاهمات الاقتصادية هذه إضافة إلى الأمنية.

 

أما بالنسبة للملف الأمني فقد أكد هذا اللقاء استمرار الوجود الأمريكي في العراق بل وترسيخ وجوده، ففي الوقت الذي تتبجح به الحكومة العراقية في بحثها إنهاء وجود التحالف العسكري الأجنبي في العراق، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي كما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية: "هذا الملف محسوم من الطرفين العراقي والأمريكي، والحكومة العراقية جادة بنسبة 100% في هذا الموضوع، ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يجامل بهذا الموضوع أو يناظر فيه"، تأتي الحكومة العراقية وتعلن عن شراكة استراتيجية دائمة وشاملة بين واشنطن وبغداد، وعلى كل المستويات ومن بينها حتى الجوانب الثقافية والصحية، كما جاء ذلك في تغريدات السفيرة الأمريكية في بغداد.

 

ولا يخفى على كل مطلع على واقع ما يسمى بحركات المقاومة في العراق الموالية لإيران وللحرس الثوري بالتحديد فإنه بعد مقتل سليماني وما تبعه من تصفيات لقادة هذه المقاومة لاحقا، استطاعت أمريكا تحجيم تحرك هذه الحركات وترويضها وأن تحذو حذو طهران في الصبر الاستراتيجي، فقد قالت هيئة الحشد الشعبي العراقية في بيان عاجل إن انفجاراً حدث في قاعدة كالسو العسكرية في ناحية المشروع طريق المرور السريع شمال محافظة بابل، وأضافت الهيئة أن الانفجار جاء نتيجة قصف استهدف القاعدة وهو قصف نفذته طائرات أمريكية. (صحيفة الدستور، 20 نيسان/أبريل 2024)، ورغم اتهامهم لأمريكا بالقصف إلا أن المنطقة لم تشهد ردا سريعا على هذا الاعتداء، لذلك فإن بقاء القواعد العسكرية الأمريكية ضامن لإبقاء أجنحة الولائيين مقصوصة.

 

وخلاصة القول: لم يكن هذا اللقاء بين السوداني وبايدن لقاء متكافئا، فهو لقاء بين محتل متغطرس وعميل ذليل، وهو لم يكن حوارا بل أوامر وإملاءات أمريكية، وما نقلته الفضائيات والإعلام وهي تصور نجاح هذا اللقاء، كذب وتضليل، ففي الوقت الذي يعلن الرئيس الأمريكي في مستهل حديثه عن دعمه الكامل والشامل لكيان يهود، لا نسمع ردا من السوداني يبين لبايدن الجرائم التي قام بها هذا الكيان المسخ في حق النساء والأطفال والشيوخ من أهل غزة، بل يكتفي بقوله: "قد نختلف في بعض التقييمات للقضية الموجودة حاليا في المنطقة، لكننا نتفق على مبادئ القانون الدولي وعلى القانون الدولي الإنساني"!

 

وعليه فإن ما عاد به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من اتفاق كرس الوجود العسكري الأمريكي أكثر فأكثر لأن المشاريع الاقتصادية التي تسعى الولايات المتحدة في تمريرها وإرسائها تحتاج إلى الحماية، وهي لا تثق بغيرها لضمان حماية هذه الشركات الاستثمارية، وبهذا الاتفاق قام السوداني بتوسيع الهيمنة الأمريكية العسكرية مضيفا لها هيمنه اقتصادية وسياسية.

 

أيها المسلمون: إن هذه الأعمال لا تخرج العراق، ولا غيره من بلاد المسلمين، من أزماته، فهيمنة الكافر عليه وعلى سائر بلاد المسلمين إنما تمعن في إغراقه بالأزمات، وهذا ما حرمه الله سبحانه وتعالى على المسلمين بقوله تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. ولن يزحزح هذا الكابوس عن صدور الأمة إلا دولة الخلافة الراشدة، فبها أمان المؤمنين، وخلاص البشرية من جشع الرأسمالية وإجرام القيم المادية.

 

﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

 

 

بقلم: الأستاذ وائل السلطان – ولاية العراق

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع