- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-04-24
جريدة الراية: فضح الدور الوظيفي للنظام في الأردن
قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، إن الهجوم الإيراني على الاحتلال (الإسرائيلي)، كشف للمرة الأولى عن "قتال جيش عربي إلى جانب (إسرائيل)". وأوضح هيرست في مقال بميدل إيست آي، أن "الشيء الأكثر غباء الذي فعلته مصادر أمنية (إسرائيلية) يوم الأحد، هو التبجح علناً بشأن التعاون الذي حصلت عليه من سلاح الجو الأردني الذي ساعدها على إسقاط الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز".
وبحسب القناة 12 اليهودية فقد شاركت قوات جوية أمريكية وبريطانية في إسقاط الأهداف الإيرانية، ودار حديث أيضاً عن مشاركة فرنسية بسيطة من خلال تسيير دوريات في المنطقة، لكن الأمر الذي ضجت وسائل التواصل الإلكتروني بشأنه هو ما قيل عن تعاون بعض الدول العربية وتحديداً الأردن في التصدي للهجمة الإيرانية.
إن مشاركة الأردن كانت واضحة جدا مع دول عربية أخرى، لكن النظام الأردني فتح مجاله لكل الدول للدفاع عن كيان يهود، ولعلنا نقف عند بعض النقاط المهمة حول هذا الموضوع:
أولا: لِماذا لم تضرب إيران كيان يهود من خلال حزبها أو أذرعها من لبنان أو جنوب سوريا والطريق لها مفتوح وهي تعلم أن الأجواء الأردنية ستكون بالمرصاد لها؟!
من المعلوم أن كيان يهود يحاول توسيع رقعة الحرب في المنطقة فقام بالاحتكاك بإيران من خلال قصف قنصليتها في دمشق حتى يفرض على النظام الإيراني الدخول بالحرب من خلال ضرب ما يعتبر أرضاً إيرانية، وقد سبق وحاول لكن ردود فعل النظام الإيراني الذليلة حالت دون تحقيق ما يريد فقام بضربها ضربة تفرض عليها الرد لأن الأمر تعلق بسيادتها وهيئتها ونظرة حلفائها لها.
لكن الرد الإيراني تأخر جدا من حيث الزمان، بل إن إيران أبلغت الولايات المتحدة بسقف الرد حيث (قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن طهران أبلغت واشنطن أن هجمات إيران ضد (إسرائيل) ستكون محدودة وللدفاع عن النفس. وأوضح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خلال اجتماع مع سفراء أجانب في طهران يوم الأحد، "إن إيران أبلغت الولايات المتحدة أن هجماتها ضد (إسرائيل) ستكون "محدودة" وللدفاع عن النفس". وأضاف عبد اللهيان أن "طهران أخطرت جيرانها قبل 72 ساعة من الهجمات على (إسرائيل)"، وأكد المسؤول الإيراني أن طهران أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار ودول المنطقة، قبل 48 ساعة).
ثانيا: أما لماذا لم تضرب من خلال حزبها في لبنان أو المليشيات التابعة لها في الشام فيعود لأمور منها:
1- إن تدخل حزب إيران سيكون موجعا جدا وذريعة ليهود لتوسعة الحرب وضرب لبنان ضربة قوية، ففي "تهديد رسمي للسلطات اللبنانية بغية دفعها إلى ضبط الحدود جنوباً، أكدت (إسرائيل) أنها تحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي اعتداء ينطلق من أراضيها". وقال متحدث باسم جيش كيان يهود "كل اعتداء ينطلق من لبنان نحو سيادتنا تتحمل مسؤوليته الحكومة اللبنانية".
2- تدخل مليشيات إيران قد يحْمِل كيان يهود على توجيه ضربات قوية ليس فقط لأذرع إيران بل للنظام السوري المتهالك فقامت إيران بالأمر وبسقف محدود جدا حتى لا تعطي اليهود سبباً للرد لبُعد المسافة وقدرة النظام الإيراني على تحمل الضربة مع الدعاية له داخلياً فاختيرت الأردن لتكون ممراً للضربات الإيرانية.
أما سبب اختيارها الأردن فيعود للأسباب التالية:
1- طول المسافة وبُعدها بحيث يتمكن يهود وحلفاؤهم من التصدي لها وعدم دخولها أجواء فلسطين المحتلة، وهذا البعد يجعل الضربة ضعيفة جدا لا أثر لها ويمكن التصدي لها بأريحية تامة من خلال القواعد العسكرية الأمريكية والغربية وسلاح الطيران الأردني، بخلاف جنوب لبنان أو جنوب سوريا.
2- ضرب العلاقة المأزومة أصلا بين النظام والشعب الأردني خاصة بعد حرب غزة، ولأن واضع هذا الهدف يعلم قطعاً الدور الوظيفي للنظام بحماية يهود وأنه لن يقف محايدا وإلا فقد سبب بقائه.
يقول هيرست: "وتفاخرت مصادر عبرية بأنه تم اعتراض صواريخ متجهة إلى القدس على الجانب الأردني من غور الأردن، وأخرى بالقرب من الحدود السورية". وتابع هيرست: أن "الرسالة التي أرادت (إسرائيل) إيصالها هي أنه على الرغم من الأمر الظاهر، فإن (لإسرائيل) حلفاء في المنطقة مستعدون للدفاع عنها". وعلق هيرست: "لكن هذه لعبة حمقاء إذا أرادت (إسرائيل) الحفاظ على النظام الملكي الأردني الضعيف، ومحاربة تيار الرأي العام الراغب في اقتحام الحدود". وأوضح: "ربما كان الأردن ذا وجهين في الماضي، وقد قام الملك حسين بتمرير معلومات استخباراتية إلى صديقه الذي يدخن السيجار، رئيس الوزراء السابق الراحل إسحاق رابين". وأردف: "لكن هذه هي المرة الأولى التي أتذكر فيها أن الجيش الأردني، الذي لا يزال يحمل اسمه الأصلي منذ وقت التحرير من الإمبراطورية العثمانية باسم "الجيش العربي"، انضم بالفعل إلى القتال لحماية حدود (إسرائيل)، وهذا خطأ كبير". وخلص هيرست إلى أن الاحتلال ربما يحتفل بحقيقة أن لديه حلفاء حقيقيين، "لكنه بذلك يقوض شرعية أصدقائه بشكل قاتل".
فيبدو أن الإنجليز أدركوا هذا الفخ فقام النظام يدافع عن موقفه القذر بحجج واهية وأطلق أذنابه للحديث عن مؤامرة إيرانية وأنه من حقه الدفاع عن سيادته وأجوائه. ويبدو أنه تناسى كم مرة انطلقت طائرات يهود لضرب جنوب سوريا وضرب العراق والمفاعل العراقي!
وهذا الأمر جعل الناس تدرك معنى الدور الوظيفي للنظام ومدى قوة علاقته مع يهود وليس فقط التآمر على غزة وكل قضايا الأمة بل بمشاركة حقيقية للدفاع عن يهود، ما زاد من غضب الناس على النظام بشدة فقام يزور المناطق والناس ويجمع حوله أراذل القوم، لكن الأمة كشفته وانفضح دوره بشكل كبير جدا. بل تجد الإعلام العبري وبعض وسائل الإعلام العربية ركزت على هذه النقطة سواء بغباء وعنجهية أو بقصد.
وختاما فإن النظام في الأردن هو توأم الوجود والعلاقة والبقاء مع كيان يهود، وهذه الحقيقة أصبح يدركها الناس وسيكون لها أثر كبير على النظام في قادم الأيام.
بقلم: الأستاذ عبد الحكيم عبد الله
المصدر: جريدة الراية