السبت، 02 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/10/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2024-08-28

 

جريدة الراية: المفاوضات على الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم

 

 

بعد اغتيال هنية وشُكر تداعت أمريكا لمنع التصعيد في المنطقة وبدأت مفاوضات سريعة للوصول إلى صفقة تهدئة في غزة، بدأتها باجتماع الدوحة بوساطة مصرية قطرية أمريكية والذي تبعته مداولات ثنائية واتصالات هاتفية بين الجانب الأمريكي وكيان يهود، ثم تبعتها مفاوضات في القاهرة، مع تمنع حركة حماس عن المشاركة في المفاوضات، مع حضور وفدها إلى القاهرة وغيابه عن الدوحة.

 

من جانبها أكدت حركة حماس يوم السبت، التزامها بما وافقت عليه في 2 تموز/يوليو والمبني على إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن وقرار مجلس الأمن، وذلك قبيل توجه وفدها إلى القاهرة. وقال القيادي في حركة حماس عزت الرشق، إن حماس تؤكد "التزامها بما وافقت عليه في 2 تموز/يوليو والمبني على إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن وقرار مجلس الأمن"، كما تؤكد "جاهزيتها لتنفيذ ما اتفق عليه، مطالبة بالضغط على الاحتلال وإلزامه بتنفيذ ذلك ووقف تعطيل التوصل لاتفاق".

 

أما من جانب يهود، فمع وجود الكثير من الاشتراطات والعراقيل التي وضعها رئيس وزراء يهود من قبل، من مثل عدم الانسحاب الكامل ونوعية الأسرى الذين سيفرج عنهم، وإبعادهم عن فلسطين، وحق الاعتراض على 100 منهم، وتفاصيل المراحل الثلاث وعدد الرهائن الأحياء والأموات في كل مرحلة، وغير ذلك من النقاط الكثيرة، إلا أنه مؤخرا برزت مشكلة بدت كبيرة وهي الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم.

 

فما هي حقيقة هذين المحورين وما أهميتهما للجانبين؟

 

أما محور فيلادلفيا، والذي يسمى أيضا محور صلاح الدين، فهو يقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وهو ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية كامب ديفيد، بين مصر وكيان يهود، الموقعة عام 1978، ويبلغ طوله 14 كلم. وتسمح هذه الاتفاقية لكيان يهود ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات التي يمكن نشرها على ذلك المحور، وذلك بهدف القيام بدوريات، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى. ووقع كيان يهود مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، التي حددت مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.

 

أما محور أو ممر نتساريم، فيبلغ طوله نحو 6 كيلومترات، من بداية حدود غزة الشرقية إلى ساحل البحر المتوسط، جنوب مدينة غزة، ما يجعله يفصل مدينة غزة وشمال القطاع عن المنطقة الوسطى وجنوب القطاع. وسمي المحور على اسم مستوطنة، كانت قائمة قبل 2005 في مكانه، وفي آب/أغسطس 2005، أجلى الجيش سكان نتساريم في إطار خطة فك الارتباط عن غزة.

أما من حيث أهمية المحورين، فبخصوص محور فيلادلفيا فإن يهود يعتبرون سيطرتهم وبقاءهم فيه ضروريا من أجل منع حركة حماس من تجديد ترسانتها من خلال أنفاق التهريب، إذ يعتبر يهود أن حماس تحصل على معظم أسلحتها من التهريب عبر الحدود بين مصر وغزة. وهو ما ترفضه مصر إذ تؤكد أنها دمرت بأيديها الآثمة مئات الأنفاق على جانبها من الحدود، قبل سنوات، وأقامت منطقة عازلة عسكرية خاصة بها تمنع التهريب.

 

أما بالنسبة لممر نتساريم، فإن يهود يرون أهمية بقائهم فيه لمنع حماس من نقل المسلحين (وربما المحتجزين) من الشمال إلى الجنوب والعكس، لذا فإنهم ينظرون إلى هذا المحور أيضا باعتباره نقطة محورية. لذلك صرح رئيس وزراء يهود بنيامين نتنياهو قائلا: "لن ننسحب من محوري فيلادلفيا ونتساريم تحت أي ظرف".

 

وبعد الضغوطات التي يبدو أن أمريكا تمارسها على يهود بخصوص المحورين وبعد الاتصال الهاتفي الثلاثي الذي جمع نتنياهو ببايدن وهاريس، يجري الحديث الآن عن قبول يهود الانسحاب من كيلومتر واحد أو أكثر من محور فيلادلفيا، وبدأت المساومات والمفاوضات على عدد النقاط والأبراج التي سيزيلها يهود والتي سيبقونها على خط فيلادلفيا.

أما بالنسبة لأمريكا فيمكن قراءة موقفها من خلال موقف مصر، فبخصوص محور فيلادلفيا ما زالت مصر تصر على انسحاب يهود الكامل منه، وتقول إن عمليات يهود على طول الحدود تهدد معاهدة السلام بين البلدين. ورفضت لغاية الآن فتح معبر رفح حتى يعيد كيان يهود الجانب الفلسطيني من المعبر في قطاع غزة إلى السيطرة الفلسطينية. بل إنها وفي ظل اشتداد الأزمة الإنسانية ونقص البضائع والمستلزمات للحياة في غزة، بقيت مصر مصرة على عدم فتح المعبر وعرضت استخدام معبر كرم أبو سالم بديلا عن معبر رفح، وهو معبر تجاري صغير يقع في النقطة الحدودية الثلاثية بين قطاع غزة ومصر وأراضي الداخل الفلسطيني المحتل، ويبعد نحو 4 كيلومترات من رفح، ويخضع تسييره للتنسيق المشترك بين مصر وكيان يهود.

 

وبالنسبة لأمريكا فما يهمها أنها لا تريد إعادة احتلال دائم لغزة، أو تقليص أراضيها، حتى لا يتمكن يهود من إنهاء مشروع حل الدولتين، ولذلك رفضت أكثر من مرة بقاء دائماً لقوات يهود وعبرت عن ذلك صراحة، ولكن كعادة أمريكا لا تهمها التفاصيل أو الجزئيات فهي صاحبة سياسة فن الممكن والبراغماتية العالية، بمعنى أنها ربما ستقبل بعرض تقليص أبراج المراقبة الحدودية أو الانسحاب الجزئي من كيلو متر أو اثنين، وتضغط على مصر لفتح المعبر تحت إدارة مشتركة كمخرج للأزمة.

 

وفي الجهة المقابلة تبقى حركة حماس وفصائل المقاومة، هل سيقبلون ببقاء يهود في محور نتساريم وببقاء جزئي في محور فيلادلفيا أم لا؟

 

ولكن المؤكد أن دور مصر ومخابراتها وقطر ومندوبيها ليس الوساطة أو التفاوض، فهما يمارسان الضغوط على حماس إلى جانب يهود وأمريكا. فقد قال مسؤول أمريكي كبير إن "الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الضغط على حركة حماس للتوصل إلى اتفاق مع كيان يهود". وهو ما يحصل بالفعل.

 

أما محور نتساريم فبقاء يهود فيه لا يشكل مشكلة لدى أمريكا إن قبلت حماس بذلك، وهو أمر مستبعد، لأن بقاء يهود في هذا المحور يعني فصل الشمال عن الجنوب والوسط، وبالتالي لن يستطيع المجاهدون أو ذووهم العودة إلى أماكنهم بسبب التفتيش الذي سيفرضه عليهم يهود، وهو ما سيشكل مشكلة بالنسبة للمجاهدين ويحول بينهم وبين قدرتهم على إعادة الانتشار والتموضع أو التخفي.

 

ولكن في ظل حالة التآمر الكبير والخذلان المشين من حكام المسلمين، ووقوفهم إما موقف المتفرج المشاهد لمذابح أهلنا في غزة، وتدمير البلد مربعا مربعا، وقتل أهلها وقصف مساجدها ومستشفياتها ودور الرعاية ومراكز الإيواء، وإما موقف المعاون والمساعد ليهود في حربهم الوحشية كأمثال مصر والأردن وقطر والإمارات وغيرهم، ممن يساعدون يهود في إحكام القبضة على غزة وأهلها ومجاهديها، ويمنعون جيوش المسلمين من التحرك أو الوصول إلى غزة لنصرتها ونجدتها.

 

وفي ظل توحش يهود على غزة ووقوف الغرب وعلى رأسه أمريكا معهم في حربهم وجرائمهم ودمويتهم، فإنهم بذلك يضعون غزة بين خيارين؛ إما الموت السريع أو الموت البطيء، فأعداء الله يهود ومن معهم من الأمريكان وحكام المسلمين العملاء قد حزموا أمرهم بأنهم يريدون القضاء على المقاومة والمجاهدين، وهم يريدون أن تؤول غزة إلى واقع كالضفة أو أضعف، بحيث لا يكون فيها إلا من يوالي يهود ويسهر على حمايتهم ويناضل من أجل خدمتهم، كواقع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

 

وما لم يتلطف الله بأهلنا في غزة ويعجل لهم بأهل قوة ونصرة من جيوش الأمة وضباطها، فإن القادم مزيد من الجرائم والوحشية والغطرسة. ويبقى مكر الله فوق مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، قال تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾.

 

 

بقلم: المهندس باهر صالح

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع