الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

 

2024-10-16

 

جريدة الراية: نعم، إنها حرب شاملة بين الإسلام والكفر

 

 

اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه "بوسعنا تجنب" اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، وذلك في الوقت الذي يقصف فيه كيان يهود معاقل حزب إيران في لبنان ويدرس الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدفه مؤخرا. وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض ردا على سؤال عن مدى ثقته بإمكانية تجنب اندلاع حرب شاملة في المنطقة "لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب شاملة. أعتقد أن بإمكاننا تجنبها"، قبل أن يستدرك قائلا "لكن ما زال هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به، كثير الذي يتعين علينا القيام به حتى الآن". (قناة الحرة، بتصرف، 2024/10/4م)

 

بعيدا عن موقف أمريكا السياسي، والتي تخشى من ضرر توسع الحرب على مصالحها، وأثر ذلك على مستقبل كيان قد يخطئ في تقدير مصالحه، كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن تجنيب المنطقة حربا شاملة، تزامنا مع عربدة كيان يهود وعلوّه في الأرض طوال عام منذ عملية طوفان الأقصى، وقد تكرر ذكر مصطلح الحرب الشاملة في جل وسائل الإعلام، نقلا عن قادة غربيين وخبراء دوليين وحتى بعض حكام المسلمين، حيث حذرت مصر والأردن والعراق في بيان مشترك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن كيان يهود يدفع المنطقة إلى حرب شاملة، مع مواصلته الحرب على قطاع غزة، وتصعيده القصف الجوي في لبنان (الجزيرة، 2024/09/25).

 

والحرب الشاملة هي الحرب التي يستعمل فيها أحد طرفي الحرب أو كلاهما معظم الثروات المادية والبشرية المتوفرة للمجهود الحربي، دون التفرقة بين المحاربين والمدنيين. ونتيجة لذلك يدفع المدنيون العزل جزءاً لا يستهان به من ضريبة الدم بالإضافة إلى الجيوش المتحاربة.

 

بهذا المفهوم، فإن الغرب الصليبي الحاقد قد خاض ضد أمة الإسلام حربا شاملة منذ تعمده إسقاط دولة الخلافة مطلع القرن الماضي، وفرض منظومة سايكس بيكو عن طريق الاستعمار والغزو العسكري المباشر الذي استدعى إراقة دماء العزل فراح ضحيته ملايين الأبرياء من المسلمين، قبل أن يترك للأنظمة العميلة دور رعاية مصالحه في بلادنا وفرض المنظومة الديمقراطية العلمانية بالحديد والنار، ولو استدعى ذلك قتل الشعوب وإبادتها، كما فعل حكام الجزائر في التسعينات أو طاغية الشام ومصر بعد ثورة الأمة ضد هذه الأنظمة العميلة الخاضعة للاستعمار. وقد أثبتت التجارب أن صناديق الانتخابات الديمقراطية، قد تتحول إلى صناديق ذخيرة حيّة إذا تعارضت توجهات الشعوب مع مصالح الاستعمار ووكلائه في بلادنا.

 

أما رأس الكفر أمريكا، التي يزعم رئيسها كذبا وبهتانا أنه يريد تجنيب المنطقة حربا شاملة، فإن سياستها الخارجية تقوم منذ نشأتها على صناعة الحروب وافتعال الأزمات وإشعال النيران، والقتل والدمار والاستعمار جزء من تكوينها الجيني وثقافة متأصلة فيها تستمد منها أسباب هيمنتها وبقائها، تحركها في ذلك عقلية الكاوبوي الأمريكي، الذي أقام مشروعه الرأسمالي العفن ومنتوجه الديمقراطي القذر على جماجم الهنود الحمر بعد عملية الإبادة الجماعية البشعة لأهل أمريكا الشمالية على يد الغرب الاستعماري، ليشارك السادة البيض في القضاء على ملايين الهنود الحمر بأبشع الوسائل وأخس السبل، حيث كانوا يتنافسون على ذبح الأطفال ورمي أشلائهم في النيران المشتعلة أمام أعين أمهاتهم.

 

ولذلك فإن أمريكا لديها سجل حافل بالجرائم ضد المسلمين منذ تزعمت الحرب الصليبية ضد الإسلام وقادت لواء الحرب الشاملة ضد المسلمين تحت غطاء مكافحة الإرهاب الذي تصنعه غالبا مخابراتها، فكانت جرائم حروب العراق الفظيعة وفضائح معتقلات غوانتنامو، ومن قبلها جرائم أفغانستان، وكانت هي راعية حروب الوكالة في السودان وبلاد الشام بل مشاركة فيها وسباقة إلى انتداب المرتزقة وتدريبهم تحت مظلة بلاك ووتر، يضاف إلى هذه الطعنات جراح غائرة في ميانمار وتركستان الشرقية فضلا عن شلال الدم المستمر في الأرض المباركة فلسطين على أيدي يهود لمدة 76 عاما، يحاول بعض المجرمين اليوم اختزالها في عام واحد محذرين بزعمهم من حرب شاملة، مع أنهم جميعا جنود في هذه الحرب الشاملة ضد الأمة لتركيعها وكبح جماحها، قادة كانوا أم وكلاء، وهي حرب الكفر ضد الإسلام، يخوضونها على جميع الأصعدة والجبهات والمستويات؛ سياسية واقتصادية وإعلامية، ضمن حرب عسكرية ونفسية توظف فيها أعتى الأسلحة وأحدث الوسائل التكنولوجية، ثم لم يتورعوا عن اعتبارها حربا عقائدية وجودية أثناء استهدافهم للإسلام ورموزه ومقدساته وأبطاله المجاهدين في فلسطين، ممن حملوا لواء صلاح الدين. وهو ما جاء على لسان الناطق باسم حكومة الاحتلال بعد أحداث طوفان الأقصى حين أكد بأن كيانه يخوض حربا وجودية.

 

وهذا أيضا ما أكده نتنياهو بنفسه خلال كلمة له في ذكرى السابع من تشرين الأول، حيث قال: "قبل سنة هاجمنا مقاتلو حماس ومنذ ذلك اليوم ونحن نشن الهجمات على 7 جبهات في حرب وجودية".

 

بل إن الرئيس الأمريكي نفسه، قد قال في هذا السياق إنه "لو لم تكن هناك (إسرائيل) لعملنا على إقامتها"، في منافسة لبريطانيا التي أنشأت هذا الكيان اللقيط واحتفلت بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور المشؤوم، مصداقا لقوله تعالى: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

 

كما صرح مانويل فال، رئيس الوزراء الفرنسي السابق معبرا عما يجول بخاطر العديد من القادة والساسة الغربيين، قائلا: "إذا سقطت (إسرائيل)، سقطنا نحن".

 

هكذا، يُرى أن ملة الكفر واحدة، وأنهم يحاربون المسلمين عن قوس واحدة، وأنهم يريدون دحر الإسلام ومنع قدوم مشروعه الحضاري في أكبر حرب حضارية شاملة عرفها التاريخ الحديث، تحارب فيها دول الكفر مجتمعة، أمة ليس لها دولة ترعاها وتذود عنها، ولذلك لا غرابة من انحيازهم التام ودعمهم غير المحدود لكيان يهود ولجرائمه المروعة على حساب الأبرياء من أهل فلسطين، قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾.

 

والسؤال الذي نطرحه هنا: إذا كان ما حصل لخير أمة أخرجت للناس من تنكيل وتقتيل في العراق وأفغانستان وليبيا والسودان وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، ومن ظلم وقهر على أيدي حكام الضرار ممن منعوا المسلمين وجيوشهم من نصرة المستضعفين ومن إقامة الدّين، فضلا عن حملات طمس الهوية وقتل العقيدة العسكرية الإسلامية في النفوس، إذا كان هذا كلّه لا يعد حربا شاملة في عرف قادة الاستعمار ووكلائه، فما هو شكل الحرب الشاملة التي يتحدثون عنها غير إفنائنا وذبحنا من الوريد إلى الوريد؟!

 

ختاما، لن يوقف مسلسل النزيف المستمر في جسد الأمة ويقتص لها من أمريكا وحلفائها الصليبيين ويقتلع كيان يهود ورؤوس الخونة الفاجرين إلا دولة الخلافة الراشدة التي يدعو إليها حزب التحرير، فهي التي تجهز الجيوش وتدك الحصون وترد كيد الأعداء إلى نحورهم وتردعهم وتلبي نداء أمة مشتاقة إلى نصر عظيم مبين، وإلى تحقق وعد الآخرة في يهود المجرمين الذين أعماهم علوهم وطغيانهم فظنوا أن لهم الأمر من قبل ومن بعد، مصداقا لقوله سبحانه: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾.

 

بقلم: المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع