السبت، 11 رجب 1446هـ| 2025/01/11م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2024-12-11

 

جريدة الراية: من يغذي نار الفتنة بين المغرب والجزائر؟

 

 

 

في تصريح خطير، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في لجنة برلمانية مساء الجمعة 2024/11/08 إن الجزائر تريد جر منطقة المغرب العربي إلى التصعيد العسكري والحرب. وجاء هذا التصريح الذي تناقلته وسائل الإعلام المغربية مثل "أخبارنا" وجريدة "يا بلادي"، خلال تقديم الوزير مشروع الميزانية القطاعية لوزارة الخارجية للسنة المقبلة في البرلمان بالرباط مساء الجمعة، وقال "هناك مؤشرات تدل على رغبة الجزائر في إشعال حرب بالمنطقة والدخول في مواجهة عسكرية مع المغرب".

 

وتابع الوزير كلمته أن المغرب لاحظت تسجيل إشارات خطيرة من طرف الجزائر بمحاولة الانتقال من دبلوماسية وسياسة التصعيد إلى المواجهة العسكرية. وفسر بأن إقدام الجزائر على الحرب قد يكون نتيجة النجاحات التي يحققها المغرب في ملف الصحراء الغربية بحصوله على اعترافات دول ومنها فرنسا التي أكدت سيادة المغربي على هذه الأراضي.

 

وتمر العلاقات بين الجزائر والمغرب بأزمة خطيرة، والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة وكذلك الأجواء والحدود البرية مغلقة. وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون قد صرح منذ سنتين أن قطع العلاقات كان هو الحل لتفادي وقوع الحرب. (رأي اليوم، 2024/11/09)

 

لا يخفى على كل متابع، حقيقة الأزمة المفتعلة بين المغرب والجزائر طوال السنوات بل العقود الأخيرة، حيث يصر حكام البلدين على التصعيد وتوتير الأجواء على حساب إرادة الشعوب ومصالحها، إمعانا في تقسيم بلاد الإسلام لصالح الكافر المستعمر الذي يتربص بكامل المنطقة ويتعامل معها كمجموعة حضارية واحدة، يخشى نهضتها وتحركها الواعي على أساس الإسلام لأن في ذلك نهايته المحتومة.

 

ومعلوم أن قضية الصحراء الغربية هي صناعة أمريكية بالأساس لتكون بؤرة توتر تستغلها أمريكا للتدخل في أفريقيا للتأثير في شئون الدول التابعة لأوروبا "بريطانيا وفرنسا"، والنفاذ من هذه البؤرة إلى تلك الدول، وذلك بعد أن وجدت في حركة بوليساريو لاستقلال الصحراء فرصة للولوج إلى المنطقة من خلال إبرازها ودعمها وجعلها صداعا في رؤوس عملاء أوروبا. وهكذا، ظلت أمريكا تتعامل مع هذا الملف برويّة ودون عجلة، كي تعد طبختها السياسية المسمومة على نار هادئة، في حين تبقى أوروبا على أعصابها تجاه تزايد بؤر التوتر في المنطقة على غرار تحركات حفتر في منطقة غدامس الحدودية أو تحركات الجيش المالي جنوب الجزائر أو تحركات جبهة البوليساريو المتزايدة والمقلقة، وبخاصة بعد أن فقدت بريطانيا نفوذها التاريخي في كل من ليبيا وتونس وسُحب البساط من تحت أقدام فرنسا في منطقة الساحل الأفريقي.

 

يُضاف إلى هذا كله تلك الخطوة التي أقدم عليها ترامب، أسابيع قليلة قبل مغادرته البيت الأبيض، حيث أعلن عن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية، تزامنا مع استئناف الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع كيان يهود، مع تلويح الخارجية الأمريكية بالعمل على تحديث الخرائط المتعلقة بالمغرب لتعكس قرار الاعتراف بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، وكان ذلك بمثابة الطعم لملك المغرب الغارق في أوهام السيادة المزعومة والرافض لحصول الجزائر على منفذ على المحيط الأطلسي.

 

هذه الخطوة، ظلت عالقة في عهد الرئيس بايدن، فظل يراوح مكانه دون اتخاذ أي خطوة عملية في هذا المسار، ولكنه ظل يسكب الزيت على نار الفتنة الحاصلة بين الجزائر والمغرب، فيحاوط أطراف الأولى كي يسهل اتهامها لاحقا بالفشل في احتواء التصعيد وخاصة من جبهة البوليساريو، ويقوم بتسليح الثانية، ليدخل كلاهما في سباق تسلح محموم، ترجم بالأرقام عبر ما كشف موقع إنسايدر مانكي الأمريكي، المتخصص في التصنيفات، عن تصنيف جديد لسنة 2024 وضع خلاله القوات المسلحة المغربية ضمن قائمة بأقوى الجيوش النظامية في العالم من حيث القوة المدفعية، إذ حل الجيش المغربي في المركز العشرين عالميا، كما نقل الموقع خبر "موافقة واشنطن، في نيسان/أبريل الماضي، على بيع أنظمة صواريخ مدفعية للمملكة في صفقة بلغت قيمتها 524 مليون دولار". في المقابل أعلنت الجزائر عن تخصيص 25 مليار دولار أمريكي للدفاع ضمن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2025، فيما وصف بأضخم ميزانية عسكرية في تاريخها، بما يحافظ على تفوقها العسكري في المنطقة.

 

وبحسب صحيفة "إل بابيس" الإسبانية، فقد انخرط المغرب والجزائر لسنوات في سباق تسلح مكلف، ففي السنوات الخمس الماضية، كانت حيازتهما للأسلحة تمثل 70% من جميع صفقات أفريقيا، ولا تستبعد الصحيفة، أنه في هذا السياق المسموم، أن تؤدي دوامة الاستفزازات إلى نوع من المواجهة العنيفة.

 

هذه الأموال الطائلة، التي تنفق من أموال دافعي الضرائب من أبناء الشعوب المسحوقة في المنطقة، يُراد من خلالها تكريس واقع الفرقة والانقسام بين المسلمين، بدل تحريك الجيوش نحو التحرير، حتى وصلت الخيانة بالحكام إلى التنسيق العسكري مع العدو زمن الحرب، تحت عنوان السيادة الوطنية التي لم تجلب لهم غير الخزي والعار ولبلدانهم غير الخراب والدمار وتغلغل نفوذ الاستعمار.

 

إذ يبدو أن فرنسا قد استشعرت عودة ترامب الذي وعد بتكريس مغربية الصحراء، فراحت تعمل من جهتها داخل هذا المربع السياسي، وتصب الكثير من الزيت على نار الفتنة، بتقوية المغرب على حساب الجزائر، من خلال مناورات عسكرية أقحمت فيها غواصتها النووية وعقد صفقات تجارية وعسكرية بلغت 10 مليارات يورو، وإعلان اعتمادها لخريطة جديدة للمغرب بعد زيارة لماكرون وُصفت بالتاريخية.

 

أما النظام الجزائري بنسخته الحالية فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، حيث واجه العداء الفرنسي المعلن والموقف الروسي المتعلق بقضية الصحراء في مجلس الأمن، بفتح الأبواب أمام الناتو وأفريكوم، فأرسلت الجزائر جنودها إلى جانب جنود المغرب للمشاركة في تدريبات التمرين البحري المشترك "فينيكس إكسبرس 24"، التي افتتحت صبيحة 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في تونس تحت قيادة أفريكوم وإشراف قائد الأسطول السادس الأمريكي، واستقبلت في اليوم الموالي وفدا عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، يرأسه فرناندو أدولفو غوتييراس، رئيس المجموعة الخاصة بحوض البحر الأبيض المتوسط، وكان ملف الصحراء الغربية من بين النقاط المطروحة في هذا اللقاء.

 

وهكذا، نجد الحكام المتخاصمين رحماء على الكفار أشداء بينهم، يخشون غضب أمريكا، خوفا على عروشهم المهتزة، لا على مصالح شعوبهم التي وضعوها وراء ظهورهم، فلا يستحيون من تسخير جيوش الأمة لخدمة أجندة أعدائها بدل توحيدها على أساس الإسلام، ولا من امتهان ضباطنا وجنودنا تحت إمرة أمريكا شريكة كيان يهود في جرائمه اليومية ضد أهلنا في الأرض المباركة، مسرى رسول الله ﷺ، ليصدق فيهم وفيمن سايرهم وسكت عن خياناتهم قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.

 

 

بقلم: المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع