- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")
جواب سؤال
معنى المطلوب الخبري في تعريف الدليل
إلى: ابو حنيفة
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأمير الجليل حفظك الله ورعاك،
جاء في تعريف أدلة الأصول: هي ما يتوصل بها إلى العلم بمطلوب خبري... وجاء في تعريف أدلة الفروع: ما يُتوصل بصحيح النظر فيها إلى مطلوب خبري ... انتهى. ما المقصود بـ "مطلوب خبري"؟
هل الأمارة تشمل المسألة التي دل عليها الدليل دلالة قطعية، وعلى المسألة التي دل عليها الدليل دلالة ظنية بعد بذل الوسع في فهم الدليل واستنباط دلالته على تلك المسألة؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إن الدليل في عرف الأصوليين هو "ما يمكن التوصل به إلى العلم بمطلوب خبري" وهو عند الفقهاء "الذي يمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري".
وقد ورد مصطلح "مطلوب خبري" في التعريفين كليهما تحرزاً من المطلوب التصوري... ولفهم معنى "مطلوب خبري" يرجع إلى أصحاب الاصطلاح، وهم يفرقون بين نوعين من المطلوب: المطلوب التصوري والمطلوب الخبري... أما المطلوب التصوري فهو تصور حقيقة الشيء في الذهن بتعريفه...
مثلاً: أنت عندما تقول "الكون" ككلمة مفردة، وتقول "مخلوق" ككلمة مفردة، فتصورك لمعنى الكون وماهيته، وتصورك لمعنى "مخلوق" وماهيته هو داخل في المطلوب التصوري... فالمطلوب التصوري هو من قبيل المفرد... لكنك بعد تصور معاني هذه الألفاظ المفردة فإن قمت بنسبة أحدها إلى الآخر نسبة يَدْخُلها التصديق والتكذيب فقلت مثلاً: "الكون مخلوق" فأنت هنا أسندت خبر "المخلوق" إلى "الكون" أي أخبرت عن الكون بأنه مخلوق، وبعبارة أخرى أنك أثبت هذه القضية وصدقتها، أي حكمت عليها بالصدق، وهذا هو المطلوب الخبري، وسمي مطلوباً خبرياً لأنه من قبيل الإسناد الخبري بجملة اسمية أو بجملة فعلية، وهو من قبيل المركب وليس من قبيل المفرد...
ومثلاً الخمر حرام، فمعرفتك بمعنى المفردات، كل واحدة وحدها يكون تصوراً، أي أن تعرف معنى الخمر بأنه الشراب المسكر، فهذا التعريف لا يعني الحل أو الحرمة أي لا يفيد حكماً، بل هو تصور للمعنى في الذهن... وكذلك أن تعرف معنى الحرام بأنه الممنوع فلا تعني هذه الكلمة المفردة حكما بل هي تعريف وهو تصور في الذهن... وهكذا كل كلمة مفردة فتعريفها وحدها دون ربطها بغيرها هو مطلوب تصوري.
ولكن إذا أسندت واحدة إلى أخرى فقلت الخمر حرام... فإذا صدقت بهذه القضية "المركب"، فحكمت بأن الخمر فعلاً حرام، أو كذبت بهذه القضية بأن الخمر ليس حراماً، فإن هذا يسمى في الحالتين مطلوباً خبرياً.
ومثلاً: زيدٌ قائمٌ. فإذا عرفتَ معنى زيد بأنه شخص معين، وقائم أي واقف على رجليه، فهذا يسمى تصوّرا. فإذا حكمتَ بأن زيدا قائم أي صدقت بمضمون هذه القضية، أو حكمتَ بأن زيدا ليس بقائم أي كذبت بمضمون هذه القضية، فهذا يسمى كذلك مطلوباً خبرياً.
إذن المطلوب الخبري مبني من مطلوبين تصوريين، فأنت أولاً تتصور حقيقة شيء ما في الذهن أي تفهم واقعه، ثم تتصور حقيقة شيء آخر في الذهن أي تفهم واقعه، ثم تنسب أحد الشيئين إلى الآخر نسبة إسنادية خبرية أي بجملة اسمية أو فعلية فتحكم عليها بالإثبات أو النفي، بالتصديق والتكذيب، بالصواب أو الخطأ، بالتنفيذ أو عدم التنفيذ، فتكون هذه النسبة الإسنادية هي المطلوب الخبري...
والمطلوب الخبري هو من قبيل المركب ويُتوصل إليه بالدليل، سواء أكان دليلاً قطعياً أم ظنياً، عقلياً أم نقلياً، فقولك "الكون مخلوق" مطلوب خبري توصلت إليه بالدليل... وقولك الخمر حرام مطلوب خبري توصلت إليه بالدليل... وقولك زيد قائم مطلوب خبري توصلت إليه بالدليل ...
وأما المطلوب التصوري فهو من قبيل المفرد وهو لا يتوصل إليه بالدليل، بل هو فهم واقع الكلمة المفردة ومعناها فمثلا:
الكون مخلوق يحتاج إلى دليل لإثبات ذلك لأنك تسأل: ما دليل أن الكون مخلوق؟... لكن لا تسأل: ما دليل الكون؟ لأن هذا لا يستقيم... ولكن يمكن أن تسأل: ما معنى الكون أو ما هو تعريف الكون؟
وبناء عليه قيل في تعريف الدليل عند الأصوليين: الذي يتوصل به إلى العلم بمطلوب خبري... وعند الفقهاء: الذي يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري... وذلك تحرزاً عن المطلوب التصوري لأنه لا يحتاج إلى دليل بل إلى معرفة المعنى أي معرفة واقعه.
وأما سؤالك عن الأمارة... فإن الفقهاء لا يفرقون بين الدليل والأمارة، فالدليل عندهم يشمل القطعي والظني، أي ينطبق على المسائل القطعية والمسائل الظنية... وأما الأصوليون فمنهم من يفرق بين الدليل والأمارة، فالدليل عند هؤلاء هو ما يكون فقط قطعياً، أما ما كان ظنياً فلا يسمى دليلاً بل يسمى أمارة... وعليه فإن الأمارة في عرف الأصوليين لا تكون إلا في المسائل الظنية ولا تشمل المسائل القطعية...
وللعلم فإنه في اللغة تسمى الأمارة أحيانا علامة إذا كانت لا تنفك عن الشيء المدلول عليه كدلالة الألف واللام على الاسم فلا تنفك عنه، فهي علامة عليه. أما إن كانت تنفك عن الشيء المدلول عليه كالغيم بالنسبة للمطر فهي تسمى أمارة، والدليل خلاف الأمارة والعلامة.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
26 من شعبان 1437هـ
الموافق 2016/06/02م
رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك:
رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس:
رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر:
رابط الجواب من موقع الأمير
3 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
بوركت كتاباتكم المستنيرة الراقية، و أيد الله حزب التحرير وأميره العالم عطاء أبو الرشتة بنصر مؤزر وفتح قريب إن شاء الله
-
جزاكم الله خيرا وسدد الله خطاكم