الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
جواب سؤال: الخبر والإنشاء في أصول الفقه

بسم الله الرحمن الرحيم

 (سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")

جواب سؤال

الخبر والإنشاء في أصول الفقه

إلى: Hamzeh Shihadeh

 

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ورد في كتاب أصول الفقه للشيخ تقي الدين تغمده الله برحمته وكذلك في كتاب الكوكب المنير لابن النجار رحمه الله وكتب أخرى بأصول العقيدة، ورد التفريق بين الخبر والإنشاء، وذكر في الكتابين مثال عن الطلاق والظهار أنه إنشاء كما ذكر العلامة ابن النجار وآخرون أن أصل الظهار هو خبر سؤالي: أشكل علي الفهم والتفريق بين الخبر والإنشاء!!

 

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

نعم ورد في الشخصية الثالث عن الخبر والإنشاء، وكذلك ورد في الكوكب المنير، وورد أيضاً عن الطلاق والظهار والمسألة كما يلي:

 

1- الخبر هو الكلام المركب الذي يقبل التصديق والتكذيب حيث إنه يخبر بشيء ولا يطلب شيئاً... وأما الإنشاء فهو الكلام المركب الذي لا يقبل التصديق والتكذيب، بل يقبل الأداء وعدم الأداء، وذلك لأنه يطلب أداء شيء، ولا يخبر بشيء.

 

والكلام المركب يعني أنه جملة إسنادية، مسند ومسند إليه، اسمية أو فعلية... وذلك لأن المركب في اللغة هو ما دل جزؤه على جزء المعنى، مثلاً "قام زيد" فهو جملة فعلية من فعل وفاعل، وكل جزء من أجزائها "قام" و "زيد" يدل على جزء من معنى الجملة "قام زيد"... وهكذا الجملة الاسمية مثل "هذا البيت جميل" فكل جزء من أجزاء هذه الجملة يدل على جزء من معناها.

 

ثم إن هذا الكلام المركب إذا كان يقبل التصديق والتكذيب حيث إنه يخبر بشيء ولا يطلب شيئاً فهو الخبر مثل (جاء حسن من المدينة)، فهذا خبر يمكن أن يصدق أو يكذب، فتُصدق أن حسن جاء أو تكذب أن حسن جاء حسب الأدلة لديك، وفي الوقت نفسه لا يطلب شيئا.... وهكذا.

 

وأما إذا كان لا يقبل التصديق والتكذيب فلا يخبر بشيء وإنما يقبل الأداء وعدم الأداء، أي أنه يطلب أداء شيء، فهو الإنشاء مثل (قم فصلّ)، فهذا ليس خبراً يصدق أو يكذب، بل هو طلب القيام بالصلاة، أي طلب أداء شيء، والمخاطب بذلك يؤدي الصلاة أو لا يؤدي الصلاة حسب الأدلة المتوفرة لديه... وهكذا.

 

كما أن الطلب الذي يستفاد من التركيب بذاته، أي بوضع اللغة إذا كان على وجه الاستعلاء من الأعلى إلى الأدنى، أي طلباً حقيقياً، فهذا هو الأمر، وهو محل استنباط الأحكام الشرعية... أما إن كان على غير هذا النحو كالاستفهام والالتماس والتنبيه وما يندرج تحته كالترجي والتمني... إلخ فهذه لا تكون محلاً لاستنباط الأحكام الشرعية وتفتقر إلى القرينة حتى تكون. وكل هذا مفصل في الشخصية القسم الثالث في أقسام الكتاب والسنة - الأمر والنهي...

 

2- هذا من حيث أصل الخبر والإنشاء في اللغة... ولكن يمكن أن يستعمل الخبر للطلب بقرينة وهو ما يسمى في الفقه (خبر في معنى الطلب)، مثل قوله سبحانه ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾، فهو من حيث اللغة خبر ولكنه يفيد الطلب أي يحرم على المسلمين أن يمكِّنوا الكافرين من أن يكون لهم سبيل على المسلمين... وكذلك فإن الكلام  المذكور أعلاه عن الإنشاء هو من حيث أصل الإنشاء في اللغة، ولكن يمكن أن لا يفيد الإنشاء الطلب الحقيقي مثل (ألا ليت الشباب يعود يوماً) فهذا إنشاء لكنه لا يفيد الطلب الحقيقي بل هو للتمني.

 

والأحكام الشرعية تستنبط في الغالب من النصوص على وجه الإنشاء الذي يفيد الطلب مثل قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، وأحياناً من الخبر الذي في معنى الطلب مثل قوله تعالى ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾... وهذا معنى ما ورد في الشخصية: "... ثم إن الكتاب والسنة ينقسم كل منهما إلى خبر وإنشاء، ولكن الأصولي إنما ينظر في الإنشاء دون الأخبار لعدم ثبوت الحكم بها غالباً..."

 

هذا عن الفرق بين الخبر والإنشاء... وعن كون استنباط الأحكام الشرعية هو غالباً من النصوص الإنشائية التي تفيد طلباً حقيقياً وأحياناً من النصوص الخبرية على أن تكون هناك قرينة تجعلها خبراً في معنى الطلب. وكل هذا لأن تعريف الحكم الشرعي هو: (خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد على الاقتضاء أو الوضع أو التخيير) أي هو طلب من العباد على وجه ما، ولذلك فإن لم يكن في النص دلالة تفيد الطلب كما وضحناه أعلاه فلا يكون هذا النص محلاً لاستنباط الحكم الشرعي.

 

3- أما عن سؤالك عن الطلاق والظهار وهل هو في باب الخبر أو الإنشاء فبيان ذلك هو على النحو التالي:

 

أ- الطلاق:

 

جاء في الشخصية الثالث ص 161: (صيغ العقود كـ«بعتُ»، وكذلك الفسوخ كـ «فسخت، وأعتقت، وطلقت» وأمثالها، إنما هي للإخبار لغة، أي هي في أصل اللغة للإخبار وليست للإنشاء، وأما في الشرع فقد تستعمل للإخبار، ولكنها إن استعملت في الشرع لإحداث حكم كانت منقولة للإنشاء وليست للإخبار)

 

وجاء في كتاب الكوكب المنير: (وَدَلِيلُ الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ صِيغَةَ الْعَقْدِ وَالْفَسْخِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّا اقْتَرَنَ مَعْنَاهُ بِوُجُودِ لَفْظِهِ، نَحْوُ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَأَعْتَقْت وَطَلَّقْت وَفَسَخْت وَنَحْوِهَا مِمَّا يُشَابِهُ ذَلِكَ، مِمَّا تُسْتَحْدَثُ بِهَا الأَحْكَامُ إنْشَاءً).

 

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الأَلْفَاظَ الصَّرِيحَةَ فِي الطَّلاَقِ هِيَ مَادَّةُ (طَلَّقَ) وَمَا اشْتُقَّ مِنْهَا لُغَةً وَعُرْفًا، مِثْل: طَلَّقْتُكِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمُطَلَّقَةٌ.)

 

ومعنى ذلك أن صيغ العقود من حيث اللغة هي أخبار، فمثلاً إذا كان رجل يبيع ثياباً فتقدمت منه وقلت له بكم هذا الثوب فقال بعشرين فقلت اشتريت، فكلمة اشتريت فعل ماض يفيد خبراً بأن الشراء تم في الماضي مع أنها في العقد هنا تنشئ شراءً حالاً وليس في الماضي أي أن كلمة اشتريت هي لغةً خبر عن شراء حدث في الماضي ولكنها استعملت هنا في إنشاء عقد الشراء حالاً وهذا معنى ما ورد في الشخصية (إن استعملت في الشرع لإحداث حكم كانت منقولة للإنشاء)، ومعنى ما ورد في الكوكب المنير (...أن صيغة العقد والفسخ ونحوهما... مما تستحدث بها الأحكام إنشاء).

 

ومثل هذا كل صيغ العقود فمثلاً إذا قال رجل لامرأته (إني طلقتك)، فكلمة طلقتك هي فعل ماض يخبر عن طلاق مضى أي أنها لغةً خبر ولكن إذا استعملت في الشرع لإحداث حكم الطلاق فإنها تكون نقلت إلى الإنشاء وهكذا...

 

ب- الظهار

 

ورد في مختصر التحرير شرح الكوكب المنير أن هناك خلافاً في كون الظهار خبراً أو إنشاءً وقال: (قَالَ الْقَرَافِيُّ: قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنْشَاءٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَشَارَ إلَى كَذِبِ الْمُظَاهِرِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ قَالَ: وَلأَنَّهُ حَرَامٌ وَلا سَبَبَ لِتَحْرِيمِهِ إلاَّ كَوْنُهُ كَذِبًا... لَكِنْ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْشَاءٌ خِلافًا لَهُ؛ لأَنَّ مَقْصُودَ النَّاطِقِ بِهِ تَحْقِيقُ مَعْنَاهُ الْخَبَرِيِّ بِإِنْشَاءِ التَّحْرِيمِ. فَالتَّكْذِيبُ وَرَدَ عَلَى مَعْنَاهُ الْخَبَرِيِّ لا عَلَى مَا قَصَدَ مِنْ إنْشَاءِ التَّحْرِيمِ...)

 

والذي أرجحه هو أن الظهار لغةً هو خبر، هذا صحيح، ولكنه استعمل هنا في الشرع لإحداث حكم الظهار ومن ثم نقل إلى الإنشاء، فقول الرجل لزوجته "أنت علي كظهر أمي" هو إخبار من ناحية الصيغة لكن المقصود به هو إنشاء حكم أي تحريم زوجته عليه وليس الإخبار عنها...

 

آمل أن يكون موضوع الخبر والإنشاء قد اتضح الآن...

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

12 من رمضان 1437هـ

الموافق 2016/06/17م

 

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك:facebook

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس:Googleplus


رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر: Twitter

 

رابط الجواب من موقع الأمير

 

 

3 تعليقات

  • om raya
    om raya السبت، 18 حزيران/يونيو 2016م 16:25 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

  • Khadija
    Khadija السبت، 18 حزيران/يونيو 2016م 14:06 تعليق

    دوما شعلة عطاء ما شاء الله، نفع الله بكم العالمين يا أميرنا وبارك فيكم وفي محبيكم ومناصريكم

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 18 حزيران/يونيو 2016م 10:07 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع