- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")
جواب سؤال
دخول "لا" على الفعل "زال"
إلى تامر الحج محمد
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله، ملاحظة الى آدمن الصفحة: استخدمت كلمة "لا زال"، لا تستخدم مع المضارع أما مع الماضي فيصبح المعنى "دعاء بعدم الزوال" وهي من الأخطاء الشائعة... والصواب "ما زال" في المضارع "لا يزال"... اتمنى أن تتقبل نقدي... بوركت جهودكم ومسعاكم وحفظكم الله وحفظ شيخنا القائد وأعزه ونصره.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
اطلعت على ملاحظتك حول دخول "لا" على الفعل "زال" وأنك تقول أن لا النافية لا تدخل على الفعل الماضي إلا إن كانت من باب الدعاء. وفي البداية فإنه لأمر جيد أن يهتم الشاب باللغة، ولكن يحسن أن يستوفي الموضوع من جوانبه. وجواباً على ملاحظتك أقول:
1- إن الفعل "زال" ومضارعه "يزال" يختلف عن الأفعال الماضية الأخرى فإن دخول لا النافية على الفعل الماضي "زال" تؤدي المعنى نفسه الناتج عن دخول لا النافية على الفعل المضارع "يزال" أي لا يكون الموضوع دخول لا النافية على فعل ماض بل كأنها دخلت على الفعل المضارع، فإذا قلت "لا زال فلان جالساً" فإن المعنى الماضي قد قلب إلى المضارع فكأنك تقول "لا يزال فلان جالساً"، وهذه الميزة في الفعل "زال" مع لا النافية تكاد لا تكون مع الأفعال الماضية الأخرى وأكرر الحديث عن "زال-يزال". وبناء عليه فإن لا النافية تدخل على "زال" دخولاً عادياً للدعاء وغير الدعاء:
أ- أما للدعاء فكأن تقول لصاحبك: لا زلت بخير.
ب- وأما لغير الدعاء فكما في الحديث: أخرج أبو بكر الفريابي المتوفى "301 هـ" في كتابه "القدر" حديث نافع عن ابن عمر قال: قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا زَالَ يُصِيبُكَ فِي كُلِّ عَامٍ وَجَعٌ مِنْ تِلْكِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أَكَلْتَ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: «مَا أَصَابَنِي شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا وَهُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيَّ وَآدَمُ فِي طِينَتِهِ». وواضح هنا أن "لا زال" ليست للدعاء.
2- ومن الجدير ذكره أن خبر لا زال يكون ملازماً لاسمها وفق مقتضى الحال، سواء أكانت الملازمة طويلة أم قصيرة: يقول أحمد الحازمي في كتابه شرح ألفية ابن مالك (ابن مالك المتوفى: 672هـ)، يقول: (ومعنى زال وأخواتها تدل على ملازمة الصفة للموصوف مذ كان قابلاً لها، اتفق النحاة على أن هذه الأربع كلها بمعنى واحد "زال، وبرح، وفتئ، وانفك" بمعنى واحد يدل على ملازمة الصفة للموصوف، الصفة الذي هو خبرها، للموصوف الذي هو اسمها، لكن كل ملازمة بحسب الجملة، "لا زال زيد عالماً" الأصل في الاتصاف بالعلم أنه مدة بقائه منذ أن شم رائحة العلم إلى أن يموت هذا الأصل فيه. "لا زال زيد قائماً" هذا ينفك عنه في وقت دون وقت... "لا زال زيد صائماً" في وقت الصيام، وأما إذا جاء المغرب انتهى الوقت...) انتهى
وكما ترى فأهل اللغة يستعملون "لا زال" استعمالاً عادياً للدعاء وغير الدعاء.
2- الأفعال الماضية الأخرى:
أ- يكون الدعاء هو الغالب في دخول "لا" عليها، فتدعو على العدو بقولك: لا نصره الله.
ب- يكون استعمالها للنفي مع لا نادراً على اعتبار أن الماضي قد وقع فلا معنى لنفيه، وفي هذه تختلف عن زال لأن دخول لا النافية على زال يقلبها للمضارع فتكون بمعنى لم يزل، وأما الأفعال الماضية الأخرى فتبقى ماضية بدخول لا عليها ولهذا كان استعمالها للنفي مع لا نادراً، ولكنها تقع للنفي في حالات محددة منها:
- تكون للنفي إذا كررت مثل ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾.
- تتردد بين النفي والتحضيض إذا سبقتها الفاء ولم تتكرر لفظاً وتلتمس قرينة للترجيح مثل: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾، فيمكن فهمها على النحو التالي:
- · للنفي كما جاء في "معانى القرآن للأخفش (المتوفى: 215هـ)": (وقال سبحانه ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ أي فَلَمْ يَقَتْحِمْ )... وكما جاء في تفسير "الكشاف" للزمخشري (المتوفى: 538هـ) حيث اعتبرها للنفي وأنها مكررة في المعنى فقال: (.. فإن قلت: قلما تقع "لا" الداخلة على الماضي إلا مكررة، فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح؟ قلت: هي متكررة في المعنى، لأن معنى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ أي فلا فك رقبة، ولا أطعم مسكينا. ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك...)... وكما جاء في مغني اللبيب عبد الله بن يوسف "ابن هشام" (المتوفى: 761هـ) حيث يقول: (وَأما قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ فَإِن لَا فِيهِ مكررة فِي الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى فَلَا فك رَقَبَة وَلَا أطْعم مِسْكينا لِأَن ذَلِك تَفْسِير للعقبة قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ)...
- · للتحضيض:
- جاء في كتاب معاني القرآن للكسائي المتوفى (189هـ) صفحة 248 في سورة القيامة:
(... وقوله تعالى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾... معناه أفلا اقتحم العقبة أي فهلا اقتحم فحذف ألف الاستفهام.) انتهى.
- وجاء في تفسير "أبو محمد سهل التُستري" (المتوفى: 283هـ): (قوله تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ قال: أي فهلا جاوز الصراط والعقبة دونها...) وجاء في تفسير الطبري وابن كثير بالمعنى نفسه كذلك أي "هلاَّ"، وأورد القرطبي في تفسيره المعنيين بمعنى "لم" وبمعنى "هلاَّ".
والخلاصة:
1- تدخل "لا" على "زال-يزال" دخولاً عادياً للدعاء وغير الدعاء.
2- قلما تدخل "لا" على الأفعال الماضية الأخرى على اعتبار أن الماضي قد وقع فلا معنى لنفيه.
3- ولكنها تدخل على الأفعال الماضية في حالات معينة محددة ومن هذه الحالات: إذا تكررت، وإذا سبقتها الفاء.
4- وبذلك فما أورده الأدمن من القول "الصراع لا زال قائماً في تركيا" هو صحيح.
هذا مدى علمي في المسألة وفوق كل ذي علم عليم.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
19 ذو الحجة 1437هـ
الموافق 2016/09/21م
رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس
رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر
رابط الجواب من موقع الأمير
3 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
جزاكم الله خيرا
-
دوما شعلة عطاء ما شاء الله، نفع الله بكم العالمين يا أميرنا وبارك فيكم وفي محبيكم ومناصريكم