- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")
جواب سؤال
القواعد من النساء
إلى نسرين بوظافري
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤال شيخنا الجليل، بارك الله فيك وزادك الله بسطة في العلم وعافية في البدن، أود أن أسأل عن تفسير قوله تعالى في سورة النور، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾. من هن القواعد من النساء بالضبط؟ وما هي الأحكام الخاصة بهن؟ هل "لا يرجون نكاحا" المقصود بها عامل السن؟ وما هو المقياس العمري إن كان كذلك؟ أم مرتبط بالتغير الفيسيولوجي الذي يطرأ على المرأة والمعروف بسن اليأس وهذا غير محدد. جازاكم الله خيرا ونصر بكم.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
بالنسبة لسؤالك عن ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ في الآية الكريمة، فإليك ما يلي:
1- كما تعلمين فإن طريقة التفسير هي أن يُعمد إلى الحقيقة الشرعية أولاً، فنبحث إن كان هناك تفسير ورد في نص شرعي، فإذا وجدنا أخذنا به، وإن لم نجد فنعمد إلى اللغة لأن القرآن نزل باللغة العربية ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾... ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، وكما أعلم فليس هناك نص شرعي ورد فيه تفسير "القواعد من النساء" لذلك نعمد إلى اللغة في تفسير كلمة "القواعد".
حسب اللغة فإن "القواعد" تستعمل للنساء، جمع كلمة "قاعد"، فنقول امرأة "قاعد" ونساء "قواعد"، ويكون المعنى "قعود" من الكبر، أي بسبب كبر السن، فامرأة "قاعد" أي هي متثاقلة لكبر سنها، أما إذا قصدنا أنها امرأة جالسة، فنقول في اللغة امرأة "قاعدة" ولا نقول "قاعد"، ولذلك فإن معنى "القواعد من النساء" أي المتثاقلات لكبر سنهن، وبعبارة أخرى العجائز من النساء اللاتي قعدن عن متع الحياة من حيض وولد وزوج، بمعنى لا تشتهي ولا تُشتهى للزواج، على أن تكون قعدت عن الحيض وعن الولد، أي ليست امرأة شابة لا تريد الزواج، ولا امرأة في سن اليأس كما يقولون، أي انقطع الحيض فلا تلد، ولكنها تُشتهى أو تشتهي الزواج، ليس كذلك لأن سن اليأس قد يبدأ بعد الأربعين أو الخمسين... وهي تشتهي أو تُشتهى للزواج. وهكذا فيكون معنى ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ في الآية الكريمة:
النساء العجائز اللاتي "قعدن" عن الحيض والولد، واللاتي لا يرجون نكاحاً، فلا تشتهي الواحدة منهن الزواج، ولا تُشتهى للزواج... هؤلاء النساء هن "القواعد".
وتوضيحاً لمعنى "القواعد" في اللغة وفي التفاسير فإني أذكر لك ما يلي:
أولاً: معنى "القواعد" في اللغة إذا تعلقت بالنساء:
- جاء في لسان العرب:
(وقَعَدَتِ المرأَةُ عَنِ الْحَيْضِ والولدِ تَقْعُدُ قُعوداً، وَهِيَ قَاعِدٌ: انْقَطَعَ عَنْهَا، وَالْجَمْعُ قَواعِدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: هُنَّ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ الأَزواج. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة قاعِدٌ إِذا قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ، فإِذا أَردت القُعود قُلْتَ: قَاعِدَةٌ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْقَوَاعِدُ مِنْ صِفَاتِ الإِناث لَا يُقَالُ رِجَالٌ قواعِدُ؛ الْقَوَاعِدُ: جَمْعُ قاعِدٍ وَهِيَ المرأَة الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ، هَكَذَا يُقَالُ بِغَيْرِ هَاءٍ أَي أَنها ذَاتُ قُعُودٍ، فأَما قَاعِدَةٌ فَهِيَ فَاعِلَةٌ مِنْ قَعَدَتْ قُعُودًا، وَيُجْمَعُ عَلَى قَوَاعِدَ أَيضاً.) انتهى
- جاء في تاج العروس (9/ 49)
(و) من الْمجَاز: القَاعِدُ من النساءِ (الَّتِي قَعَدَتْ عَنِ الوَلَدِ و(عَن) الحَيض و(عَن) الزَّوْجِ)، والجمْعُ قَوَاعِدُ. قَالَ ابْن الأَثير: القواعِدُ: جمع قاعِدٍ، وَهِي المرأَةُ الكبيرةُ المُسِنَّةُ، هكذا يُقَال بِغَيْر هاءٍ، أَي أَنها ذاتُ قُعُودٍ، فأَمَّا قاعِدةٌ فَهِيَ فاعِلَة من قولِك (قَدْ قَعَدَتْ قُعُوداً)، وَيجمع على قواعِدَ أَيضاً.) انتهى
ثانياً: معنى "القواعد" في التفاسير:
- جاء في تفسير القرطبي:
(سورة النور (24): آية 60]
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) الْقَوَاعِدُ وَاحِدَتُهَا قَاعِدٌ، بِلَا هَاءٍ، لِيَدُلَّ حَذْفُهَا عَلَى أَنَّهُ قُعُودُ الْكِبَرِ... الْقَوَاعِدُ: الْعُجَّزُ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ التَّصَرُّفِ مِنَ السِّنِّ، وَقَعَدْنَ عَنِ الْوَلَدِ وَالْمَحِيضِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
- وجاء في تفسير النسفي:
(مدارك التنزيل وحقائق التأويل (2/ 519)
{والقواعد} جمع قاعد لأنها من الصفات المختصة بالنساء كالطالق والحائض أي اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن {مّنَ النساء} حال {اللاتي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً} يطمعن فيه...
ثالثاً: والخلاصة هي أن القواعد من النساء هن العجائز اللاتي قعدن لكبر عمرهن عن الحيض، والولد فلا تحمل ولا تلد، وكذلك قعدت عن الزوج فلا ترجو نكاحاً أي لا تشتهي الزواج ولا تُشتهى له... أي قعدت عن كل هذه الأمور.
آمل أن يكون الموضوع قد اتضح، والله معك.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
05 ربيع الأول 1438هـ
الموافق 2016/12/04م
رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير على غوغل بلس
رابط الجواب من صفحة الأمير على تويتر
رابط الجواب من موقع الأمير
3 تعليقات
-
بارك الله جهودكم شيخنا الفاضل وجزاك عنا كل خير
-
جزاكم الله خيرا و بارك جهودكم
-
دمت صرحا من صروح السياسة والفقه والابداع والتألق مع وافر الصحة والعافية