الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

التعامل مع البنوك (الإسلامية)

إلى عبد الكريم زيد

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،

هل البنوك الإسلامية تعمل على الشريعة الإسلامية في طولكرم ومحافظات الضفة؟

هل يجوز إيداع النقود فيها أم هي مجرد أسماء لتغطية الأعمال الربوية؟ وكيف نتأكد من ذلك؟

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أولاً: لقد سبق أن أجبنا على مثل هذا السؤال أكثر من مرة! في 2010/8/20، 2011/3/5... وأعيد عليك ما يلزم لسؤالك من تلك الأجوبة:

 

[إن العقود في الإسلام، غير معقدة، وغير مجهولة، بل هي ميسرة ومعلومة، ومبيّنة في الشرع بشكل واضح:

 

1- فالبائع لأي سلعة يجب أن يكون مالكاً لها، ثم يعرضها للبيع، فيراها المشتري، وإن قبل تم العقد، وإلا بقيت السلعة عند صاحبها. وعدم صحة بيع السلعة غير المملوكة لبائعها لا يجوز في الإسلام، ومن الأدلة في ذلك:

 

عن حكيم بن حزام قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَبِيعُهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَبِيعُهُ مِنْ السُّوقِ»، فَقَالَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أحمد. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أبو داود.

 

2- ومثل هذا لو أراد الخليفة أن يوزع الملكية العامة على الناس، أو أن يوزع عليهم طعاماً من ملكية الدولة، وعرف كل واحد نصيبه، فلا يجوز له أن يبيع نصيبه مسبقاً قبل أن يستلمه من الدولة.

 

وهذا ما كان عليه أصحاب رسول الله :

 

- أخرج مالك عن نافع أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ابْتَاعَ طَعَاماً أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ، فَبَاعَ حَكِيمٌ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: (لَا تَبِعْ طَعَاماً ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ).

 

- وأخرج مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ صُكُوكاً خَرَجَتْ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ طَعَامِ الْجَارِ، فَتَبَايَعَ النَّاسُ تِلْكَ الصُّكُوكَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا، فَدَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالَا: (أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ؟ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَا: هَذِهِ الصُّكُوكُ تَبَايَعَهَا النَّاسُ ثُمَّ بَاعُوهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا. فَبَعَثَ مَرْوَانُ الْحَرَسَ يَتْبَعُونَهَا يَنْزِعُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ وَيَرُدُّونَهَا إِلَى أَهْلِهَا).

 

3- ولكن ظهرت في بلاد المسلمين مؤسسات تتحايل على الشرع، وتسمي نفسها "إسلامية" مثل البنوك المسماة "إسلامية"، فهي تتعامل بالحرام ولكن ليس بطريقة ربوية كما تتعامل البنوك الأخرى، بل هي تسير بطريقة محرمة أخرى:

 

أ- فإذا ذهبت إلى بنك عادي تريد قرضاً، فإنه يعطيك بفائدة ربوية معينة. وإذا ذهبت إلى بنك يسمى "إسلامياً"، وأردت قرضاً، فهو لا يعطيك هذا دون زيادة، لأنه بنك أي ليس مؤسسة تساعد الناس لله، فهو يريد زيادة، ولكن ليست صريحة كما يفعل البنك العادي، لأن البنك اسمه إسلامي! فلا يريد التعامل بالربا المحرم تحريماً يعلمه حتى عامة الناس، وإنما يقول لك: لماذا تريد القرض؟ فتقول: لأشتري سيارة أو سلعة معينة... ولا أملك ثمنها، فيقول لك: حسناً، نحن نشتريها وندفع ثمنها نقداً، ونبيعها لك بالتقسيط بزيادة كذا، ويبرم الاتفاق معك قبل أن يشتريها البنك، أي أن البيع بين البنك وبينك بالتقسيط، قد أبرم ووقع العقد وأصبح ملزماً قبل أن يشتري البنك السلعة، وبالتالي فأنت ملزم بأخذها بعد أن يشتريها البنك، أي أن عقد البيع قد أبرم قبل امتلاك البنك لها، فأنت لم تشترها بعد أن ملكها البنك وعرضها عليك فتوافق أو لا توافق، إنما هنا أنت لا تستطيع رفضها لأنها أصلاً اشتريت لك وليس للبنك، فهو بيع ما لا يملك، وهو لا يجوز شرعاً... لكن لو كان للبنك معرض سيارات مملوكة له ويعرضها للناس، ويبيعها لمن يريد بالتقسيط لصح البيع، غير أن البنك ليس تاجراً بالمعنى المعروف، بل هو بنك يريد ربحاً على الأموال التي يدفعها، فبدل أن يأخذ زيادة ربوية لا تتفق مع اسمه "إسلامي" فهو يحصلها وأكثر منها بمعاملة غير شرعية وهو بيع ما لا يملك المُحرَّم في الإسلام!

 

ب- إنهم يسمونها "مرابحة" وهي ليست كذلك فبيع المرابحة شرعاً أن تكون مالكاً للسلعة وتعرضها للبيع، فيأتي المشتري ويساومك على السعر فتقول له أعطني ربحاً على ما اشتريته بكذا، فيوافق بعد أن تطلعه على السعر الذي تكلفته بشرائها ويطمئن بذلك، فيدفع لك هذا السعر والربح عليه الذي اتفقتما عليه، وكما ترى فالسلعة مملوكة للبائع عند عرضها على المشتري. وواضح أن هذا غير ما يتعامل معه البنك المسمى إسلاميا أو المؤسسات المشابهة.

 

ج- وأحياناً يسمونها "وعداً" وليس "بيعاً" وهذه مغالطة! وهو قول غير صحيح، لأن الوعد أو المواعدة غير ملزم، ولكنه في معاملة البنك ملزم، فالاتفاق أبرم قبل أن يملكها البنك. ولذلك لا يستطيع الرجل أن يقول للبنك بعد أن يملك البنك السيارة، يقول له لا أريد الشراء، هذا لا يمكن أن يكون في معاملة البنك، لأن العقد قد تم قبل شرائها، وهو ملزم وليس وعداً، وأما الوعدُ بالبيع أو بالشراء فهو بطبيعة الحال غير ملزم.

 

إن الوعد بالشراء هو غير ملزم، وإنما العقد بالإيجاب والقبول هو الملزم، وهذا قد تم بين البنك والرجل قبل أن يملك البنك السيارة، والذي تم بينهما هو عقد بيع ملزم للرجل، فالبيع فعلاً وعملياً قد تم بين البنك والرجل قبل أن يحوز البنك السيارة، بدليل أن البنك عندما يملك السيارة لا يستطيع الرجل أن يرفض الشراء، وهذا خلاف الأحكام الشرعية التي بيَّنت ووضَّحت البيع في الإسلام.

 

د- وأحيانا يطلقون عليه شراء وليس بيعاً، وأن الرجل هو آمر بالشراء فيقول للبنك اشتر لي سيارة... فهذا كذلك قول مغلوط، لأن هذه المعاملة بهذه الصفة وكالة، أي أن الرجل وكّل المصرف في أن يشتري له سيارة بمبلغ كذا، مقابل أجرة معينة للبنك كوكيل بالشراء... والذي يتم ليس هكذا، لأن السيارة تُسجَّل باسم البنك، فهو المشتري لها من معرض السيارات، وهو يبيعها بالتقسيط للرجل، وتبقى مسجلة باسم البنك حتى يسدد الرجل ثمنها المسمى تقسيطاً، فهي لا تُسجَّل باسم الرجل، والمصرف وكيله في الشراء مقابل أجرة معينة، بل هي غير ذلك تماماً... فهي ليست وكالة من جميع النواحي، ولو كان الرجل قادراً مالياً، ويريد توكيل المصرف ليشتري له سيارة بأجرة كذا، لو كان قادراً مالياً على ذلك لما لجأ إلى البنك، بل لِما هو أفضل منه خبرة في الشراء، وأخف منه أجرة...

 

ولذلك فما يسمونه بيعاً على هذا النحو لا يجوز.

 

والخلاصة أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً.

 

وقد أعجبني تعليق أحدهم حول البنوك الإسلامية، فقال إن البنوك العادية تستقطب أموال الناس الذين لا يهمهم التعامل بالربا، فيبقى المتديِّنون الذين لا يتعاملون بالربا، وبقيت أموالهم خارج البنوك العادية، فكانت البنوك المسماة "إسلامية" هي المصيدة لأموال المتدينين بأن تستغلها هذه البنوك بطريقة غير الربا الذي يعرف عامة الناس تحريمه، تستغلها بطريقة معاملات غير شرعية، ولكن يسهل إقناع البسطاء أنها من الشرع كأن يبحث لها عن اسم في الشرع كالمرابحة مثلاً، وهي ليست واضحة كالربا بل قد يجهلها كثير من المتدينين فيظنون جوازها.] انتهى.

 

ثانياً: أما سؤالك عن وضع المال أمانة عند هذه البنوك... فقد أجبنا على مثل هذا السؤال في 14/10/2012 وهذا نصه:

 

[الوسيلة إلى الحرام حرام، نعم تُطبق على كل فعل، سواء أكان عملاً فردياً يقوم به الشخص من جانب واحد أم كان عملاً من طرفين، أي عقداً من العقود... وإنما الفارق هو أنه عند قيامك أنت بالوسيلة التي تؤدي إلى الحرام فأنت مسئول عن هذا الحرام، وعندما تكون طرفاً في عقد فيكون الحرام واقعاً على الطرف الذي سلك الوسيلة التي تؤدي إلى الحرام، وإذا كان الطرفان سلكا هذا المسلك فالإثم عليهما.

 

ووضعك أمانة، أي حساباً جارياً دون فائدة ربوية في بنك، فإنه إذا غلب على ظنك أن البنك سيستعمل حسابك الجاري في الربا فلا يجوز أن تضع هذه الأمانة "الحساب الجاري" عند البنك، غير أن البنوك تفرق بين الأمانات بفوائد ربوية وبين الحساب الجاري دون فوائد ربوية، أما الأول الذي يوضع بفائدة فهو يستعمل في الربا ولا شك في ذلك، وأما الحساب الجاري فقد يستعمل، وقد يكون من حسابك الجاري أو من حساب غيرك، وذلك لأن الحساب الجاري معرَّض للسحب في أي وقت يريده صاحبه... ولذلك هو أشبه بوضع أمانة عند فاسق، فإذا كنت مضطراً لذلك فلا شيء عليك، والإثم عليه إذا استعمل الأمانة في غير وجهها ما دمت لم تعلم بذلك أو ترضى. وهكذا البنك فإذا علمت أنه يستعمل حسابك الجاري في الربا فلا يجوز.

 

وبطبيعة الحال فالأفضل أن لا تضعه في البنك أو عند الفاسق.

 

لكن هذا كله إذا كان البنك صحيح الانعقاد كأن كان ملكية فردية أو ملكية دولة، أو شركة إسلامية، أو شركة مساهمة منعقدة عند أصحابها... وليس شركة مساهمة ذات عقد باطل، وإلا فالتعامل معه لا يجوز في جميع الحالات.] انتهى.)

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

01 محرم الحرام 1443هـ

الموافق 2021/08/09م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على  الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع